الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اما العلانية .. واما تجارة الاكفان

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2011 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية




قاعة صفية يزيد عدد الطالبات فيها على 40 طالبة، ومعلمة تقود ناصيته إلى بر الحياة متوسطة الغرفة الصفية بقامتها المتوسطة الطول، وحديث بالأرقام يتدفق بتفاعل بين الطالبات ومعلمتهم، مرة بصخب ومرات أخرى بإصغاء. لمادة الحساب رونقها عن غيرها من المباحث الدراسية، خاصة في حال استخدامنا مفاهيم الزيادة والنقصان والقسمة، كم نحتاج الزيادة في إطالة عمر السعادة والعمر، وكم نحتاج أن نطرح من حياتنا كل ما يعكرها من مشاكل وانفعالات تؤثر على حالتنا الصحية، وكم نكون سعداء لو أننا نقتسم بذار الخير مع غيرنا ممن يسكنون حولنا.
في هذا العالم الذي نعيش ثمة انتكاسات لا حصر لها، انتكاسات على شكل الربيع الذي لطالما انتظرناه بصبر أوشك على النفاذ، يلح سؤال تكاد بدائل الإجابة عليه أن تكون متساوية في الاختيار، في وسط اختلط فيه الحابل بالنابل، وواقعنا هذا مثال على هذه الفوضى غير الخلاقة. لا ادري إن كنا ما زلنا نملك محاولة النهوض بحافز اللحاق بالوقت المناسب قبل فوات الأوان وقبل ترسيخ مبادئ الكراهية والاضطهاد بشكلها الديمقراطي الذي بدأت ملامحه ترتسم بوصول السلفيين لدفة الحكم ومحاولتهم تغيير وجهة الواقع.
على ارض الواقع شيء ما يشبه غرفنا الصفية ولكن بفائض الصخب على الإصغاء،وبفارق أن المعلمة تقلص دورها لصالح طباخين عددهم فاق العدد، أصبحنا نحتكم لإعلام مأجور برأي الغالبية، فيما أصبحت مراكبنا لا ترسو في ميناء، كثير ما تجد الكثيرين منا، يتنقل بين جهة وأخرى لا قاسم مشترك فيها، في الصباح نهلل للثورات التي أطاحت برؤوس طال أمدها على كرسي الحكم، وأمل بالوصول إلى رؤوس أخرى، وفي المساء لا ندري كيف ينقلب حالنا ونطرح فكرة الربيع العربي لصالح نظرية المؤامرة التي يستشعرها الكثيرون متمثلة بحسب الغالبية، بدنو خطر سايكس بيكو جديدة، وإنعاش فكرة تقسيم الدولة إلى دويلات عدة بهدف إشاعة الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.
كان وزير الدعاية بول جوزيف غوبلز احد اخطر الشخصيات التي قامت عليها عظمة العهد النازي يقول " اكذبوا وكرروا الكذب إلى أن يخيل للناس جميعا انه الصدق ".
وعصرنا هذا مثال صارخ على زيف الواقع الذي نعيش، وكأننا أصبحنا جميعا تلاميذ غوبلز، لا سبيل لنا إلا أن نكذب ونتحرى الكذب، احد المرشحين للانتخابات المصرية الأخيرة، استخدم صورتين في دعايته الانتخابية حيث وضع صورا له وهو مرسل اللحية وصورا أخرى من دون لحية، فكان يلقب بالشيخ في الأحياء الفقيرة، والأستاذ في المناطق المتقدمة حضاريا.
كأفراد ما الذي يساعدنا على العيش بسلام إذا كنا لا نستطيع أن نميز بين الكذب والصدق، ربما يكون الحل بالعلانية من جانب كافة الأجهزة الحكومية ووسائل الإعلام كضمان وشرط أساسي لامتثال الشعوب، وخضوعهم للقانون العام، وليس استسلامهم خوفا من البطش والاستبداد. يقول الفيلسوف ايمانويل كانت : أن العلانية تعني توافق الأخلاق والسياسة معا، ولبلوغ هذه الغاية لا بد أن يكون هناك انسجام وتوافق بينهما.
هناك عبارة جذبتني وكانت استفسارا من طبيب لمريض تجاوز عمره الثمانين، إذ قال الطبيب : "إن قلبك فذ في قوته " فأجابه: لا عجب فأنا لا استعمل قلبي قط، ولكن في خضم ما يجري على ارض الواقع ورواج تجارة الأكفان هل نستطيع أن نتجاوز بالعمر ولدينا ذلك القلب السليم.
نحتاج إلى العلانية لأننا أصبحنا لا نعرف إن كنا نميل إلى هذا أو إلى ذاك، في ظل تناحر إعلامي وشطط من جهتنا نحن الأفراد في تمييز الغث من السمين، معظم هذه الأفكار سيطرت علي وأنا اقرأ بحث بعنوان، كل الطرق تؤدي إلى الصحة، مع أن الواقع يقول إن كل الطرق تؤذي في الصحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عن العلانيّة
رعد الحافظ ( 2011 / 12 / 5 - 17:56 )
عندما تسألين أيّ سويدي , لماذا تُعلنون كلّ تفاصيل حياتكم ؟
يجيبونا / العلانيّة أفضل حلّ لمواجهة الذات وأخطائها , فإن كنتَ تخجل من عملٍ ما , فلا تقم بهِ فدائماً هناك بدائل معقولة !
أكدّت لي هذه الحقيقة عن الشعب الأمريكي الدكتورة وفاء سلطان , قبل ان تُجري معي حوار نفسي لسبر أعماق الشخصيّة العربيّة وتناقضاتها
قالت لي / كلّ أمريكي بمجرد تعرفك عليه بعد 5 دقائق يكلمّك عن تفاصيل عملهِ ويومهِ وعائلته , ليس لديهم مايخجلون منهُ تقريباً , فهم متصالحين مع أنفسهم
***
عندنا القضية تختلف تماماً , يقولون لنا / وإستعينوا على حوائجكم بالكتمان
ومنذُ نعومة أظفارنا يحملونا ذنوب الكون كلّهُ , ينام الطفل وهو يفكر بالثعبان الاقرع وناكر ونكير وما سيفعلونه بهِ ,في جميع الأحوال ههههه
***
لأجل هذا كلّهِ ترين سيدتي عبلة ,كلّ تناقضات الدنيا في شخصيتنا الشرقيّة خصوصاً المسلمة
فأيّ ثورات ركبها المشايخ البغاة ؟ وايّ مباديء يتغنون بها ليل نهار ؟ إنّهم في طريقهم لجمع المفسدتين / الدين والسلطة
فكيف سيوفقون بينهما ونحنُ نعلم جميعاً أنّ الأكاذيب تتصارع فيما بينها أيضاً , وليس مع الحقائق فقط ؟
تحياتي لجهدكِ


2 - العلانية مرة اخرى
عبله عبدالرحمن ( 2011 / 12 / 5 - 19:02 )
الاستاذ رعد الحافظ تحياتي اليك بشأن العلانية انا معك في كل ما ذهبت اليه ذلك ان التصرف الجائر هو الذي لا نستطيع الجهر به وهذا عادة ما يكون على مستوى الافراد والحكومات. نخفي الحقيقة حتى لا نثير اعتراض الجميع وهذا يمس الاخلاق بشكل مباشر فترى اننا نفاوض بالسر ونقود معاركنا بالسر ولكننا نخفق في العلن وعلى مرأى الكل المشكله تكمن في التلاسن الجائر في القاء التهم جزافا كأنظمة وكشعوب حتى باتت الارض التي نقف عليه رخوة في كل لحظة نجد انفسنا في حالة تورط وفي حالة من عدم الثبات على رأي واحد والسبب الكذب المباشر من جهات عدة شكر كبير وتحياتي اليك


3 - تطور ملحوظ
سيمون خوري ( 2011 / 12 / 6 - 11:58 )
العزيزة عبلة المحترمة تحية لك في هذا المقال الجميل هناك تطور مهم وملحوظ في مستوى كتاباتك. وهي تكشف عن شخصية مفكرة تملك أدواتها المعرفية بشكل جيد.أتفق معك أن الإنتخابات الحرة لوحدها لا تكفي لكي يصبح مجتمعاً ما ديمقراطياً. الإنتخابات جاءت بهتلر كما جاءت بغيره في عالمنا العربي وفي غزة مثلاً إذا لم تجري عملية نقلة ثقافية في المجتمع فإن ورقة الإقتراع ليست أكثر من ورقه لوصول قوى مناهضه لمبدأ وحقوق المواطنة والديمقراطية أيضاً. نحن الأن على ما يبدو نعيش عمليه إكراه للتاريخ وإجباره بالعودة الى الوراء الى غابر عصره اللاذهبي . مع التحية لك والتقدير.


4 - الاستاذ الاغلى سيمون خوري
عبله عبدالرحمن ( 2011 / 12 / 6 - 18:51 )
الاستاذ الاغلى سيمون خوري كل تحياتي، ربما لا تحبني ان اتوجه اليك بالشكر ولكنني لا استطيع الا ان افعل ذلك . اسعدت كثيرا بما قلته عني وانني اسير الى الامام كما تريدني . يا لروعتك وانت تقول بأنك تتفق معي نحن من يتفق معك وحتى نقدسك لابداعك . في النفس يظل امل بالربيع العربي امل بالغد وامل بالعصر الذهبي كل التقدير والحب اليك

اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-