الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشخص

جقل الواوي

2011 / 12 / 6
كتابات ساخرة


في بدايات الإنتفاضة السورية كان الهجوم كاسحا على"المعلقات" الكبيرة و التماثيل النصفية و الربعية و النافرة و كذلك الغائرة للرئيس حافظ الاسد، كان "التنكيل" بالتماثيل يتجاوز التكسير الى التفتيت ثم الإلقاء على أقرب قارعة، الصور نالت نصيبها ايضا من التمزيق و الحرق و الإختراق و التشوية بإضافة آذان و ذيول،كانت المظاهرات تنطلق لتتجمع تحت نصب أو إطار كبير مضاء بالكهرباء أو حول تمثال ضخم و لا تنفض المظاهرة قبل ان يتم إنزال الرئيس المعلق داخل إطار أو الواقف على عمود حجري الى الأرض ليتحول بين الأيدي و الأقدام الى حطام متناثر، و عندما خلت أو كادت المناطق من الصور و التماثيل تطور الهجوم على الشخص الى إبتكار شتائم شخصية تلعن الأرواح و لا توفر الأجساد ثم طفت الى السطح شعارات "شخصيه" لا تتعلق بالديمقراطية و لا بالحرية .

تكاد تتحول هذه الإنتفاضة الى تحرك "مشخصن" يستهدف كيانا أو "شيئا" واحدا بذاته و لا تريد سواه،يعبر عنه الهجوم الذي يتخذ طابعا شخصيا و كم هائل من التعليقات التي تتوجه و كأنها "بريد مسجل يفتح بالذات"، و توجيه الغضب المنظم الى التماثيل و الصور و أختصار المطالب الى مجرد "إعدام الرئيس" قد يبدو مثل هذا السلوك سطحيا و يبتعد عن روح الثورات و محاولات التغيير السياسي،هذه النظره يمكن أن تكون صحيحة إذا قرأت بمعزل عن "ثقافة الفرد" التي بذرها النظام و ركز عليها بتوجيه كل "كشافاته" الإعلامية الى شخص الرئيس و عزله عما يحيط به بجدران عالية من "الإعجاب" الذي تحول الى قداسة.

بعد "الحركة التصحيحة" بسبعة اشهر فقط عقد حزب البعث مؤتمره القطري الخامس،ابتكر المؤتمر المذكور شعار "قائد المسيرة" و برر الأمر بأن "الشعب" و ليس البعثيين فقط "ألتفوا" حول الرئيس و " رفضوا ان يتزحزحوا من حوله قيد انمله". وقائد المسيرة ليس وساما أو ميداليه أو نوط مما يتم منحه للبارزين، و إنما هو "ماركة مسجله" حصرية بهذا الشخص تأخذ شكل "حذاء السندريلا" بحيث لا تناسب أحدا آخر.و من قائد المسيرة أنطلق مسيرة "الشخص" الذي فرش ظله على كل شيء و تحول الى "قبوات" غطت السماوات،فتصدر نشرات الأخبار و ظهر اسمه و صورته في كل أرجاء الوطن على الكتب و الدفاتر المدرسية و الطوابع و العملة الكبيرة و "الحقيرة" القيمة و منح ألقاب يستعصي حصرها و بعضها يثير السخرية لفرط سذاجتها كالعامل الأول و الفلاح الأول.سُخر لهذا الضخ جهاز إعلامي إحتكاري تابع عمله على مدار الساعة،حتى وصل الأمر الى إستخدام الشاعر الجواهري الذي مدحة الرئيس بقصائد تعادل بجودتها أشعار ابو تمام و البحتري.

تلونت سورية باسمه، و "أنى حولت وجهك تراه"، واقفا أو قاعدا أو مشيرا بيده بحكمة سقراط و نظرة غاندي في عينيه، أصبح ذكره يثير "المشاعر الوطنيه" و إطلالته تفتح الشهية "للتحرير"، و تحولت عملية "تركيب" تمثال له الى "طقوس" و مراسم، رسمه الملون خلف كل مكتب و تمثاله النصفي فوق كل طاولة و على أقواله تفتتح المؤتمرات وورشات العمل "النضالي"، طغى "الشخص" على النظام و على الحزب و طفا فوق الدولة و الوطن، و اصبح "بؤرة" كل الاشياء، و عندما طعن في السن أصبح "الأب القائد". حَقن الشخص بهذا الهلام حولة الى منطاد كبيرة ربض في سماء الوطن "كغيمة شباط"

ورث الشخص الجديد "شريط الدي إن أ" مع كل ألقاب الشخص الراحل، و اثبت القائمون على "الشخصنة" وعيا "فيلولوجيا" و بتاثر عميق بالقديس "فالنتاين" تحول شعار "قائد المسيرة" الى شعار سهل الهضم ينطقه اللسان برشاقة و يحمل "طاقة تعبيرية مهولة" هو شعار "منحبك". ضمير المخاطب في الشعار الجديد تقديره "أنت"، يجبرك على تجسيد "الشخص" الذي تحب امامك و تقبض على تلابيبه ليبقى ضمن مدى الرؤية لتبثه كل لواعج الوجد، لم يبرر مبتكروا الشعار الجيد شعارهم، فتركوه لينتشر فوق القمصان و اللافتات و لكنه رغم التركيز لم يتجاوز القماش.

"الشخصنة" التي بدأ بها النظام و اصر عليها كسياسة وحيدة إنقلبت عليه شتائم و إهانات بالجملة و شعار يثير الفزع يقول "الشعب يريد إعدام الرئيس".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس