الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الوشاية ام خريف المثقف

كامل عبد الرحيم السعداوي

2011 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في أحايين كثيرة يبدو كتاب خريف المثقف لمحمد غازي الأخرس وكأنه تقرير أمني لمخبر واش حيث يكشف لنا عن بعض أسماء المثقفين ( الخونة ) ويحتفظ بأخرى ويلمح بغيرها في عملية يفترض فيها إعادة النظر بالثقافة العراقية وهي تخرج مثخنة الجراح مكسورة الجناح من بين دخان وخرائب حروب وحصار واحتلال وكذلك احتراب داخلي عبرت عنها صراعات سياسية سال فيها دم كثير وهو مكتوب أصلا على شكل مقالات إذا لم أكن مخطئا نشرت اغلبها في موقع إيلاف الاليكتروني مما افقده سلفا وحدة الموضوع والإستراتيجية المنشودة من كذا أعمال ولكن من متابعتنا لمشروع الأخرس الثقافي المعبر عنه بشكل أساسي كأعمدة شبه يومية تنشر في تلك الصحيفة وغيرها ندعي بان هذا المشروع متضافرا مع زملاء له يشكل أو سيشكل الخطاب المهيمن للطبقة السائدة و المتنفذة تلك الطبقة التي بدأت تدرك أن الإيديولوجية الاسلاموية غير كافية لتحديث وإعادة إنتاج سيطرتها أو قرصنتها بتعبير أدق لمقدرات الشعب وثرواته وبالرغم من أن الأخرس يبدأ هجومه على الايدولوجيا ويلمع خطابه بشذرات من بورديار مرة وغيره مرات كل ذلك لا يمنع من حصولنا في النهاية على خطاب منقوع بالايدولوجيا وحتى مفاتيح مفاهيمية مثل ( الضد النوعي ) أو (القتل الرمزي ) لا تحجب هذا الغبار الإيديولوجي وهو باعتماده على ثنائيات قطبية مثل الصراع القومي الشيوعي وأدب الداخل والخارج ومنفيي السبعينات والتسعينات يحاول جاهدا توزيع خصومه لإضعافهم ثم تصفيتهم من اجل ثقافة مناطقية هابطة يكون مكان اشتغالها هو ذات البيئة المنتجة لعوامل قوة الطبقة النافذة والسائدة عبر تعويم قاموس شعبوي سطحي دأب الأخرس على تسويد عموده اليومي في جريدة العالم سابقا والصباح حاليا بأجراسه ومفرداته ..
إن تحميل الصراعات السياسية بين القوميين والشيوعيين وزر انحطاط الثقافة العراقية هو لعمري أمر له أكثر من محمل صدق وهو بداية جيدة وان أصبحت تقليدية جدا ولكن زاوية النظر وكيفية تفكيك هذا الصراع وتاريخيته وخواتيمه هو الفاعل المهم فنحن اليوم نعيش عصر الأسئلة الكبيرة لأننا نحيا مراحل التأسيس وان كان هذا التأسيس جاء بعد خراب عبثي ونحن نتحدث طبعا عن العراق وربما عن العراق فحسب ربما سأفاجىء السيد الأخرس بأنني سأذهب ابعد منه وأقول إن احد أهم عوامل الانحطاط في الثقافة العراقية يعود إلى التنافر و اللااتساق بين الانتشار الكثيف لشعبية الحزب الشيوعي في طول العراق وعرضه في خمسينيات وستينات والنصف الأول من سبعينات القرن المنصرم وبين تهافت خطابه السياسي والثقافي وبين الجبن أو التردد فيما يتعلق بالسلطة والاستماتة على الهيمنة الثقافية وما فعله حزب البعث هو اقتفاء الأثر الحافر على الحافر و سأورد مثلا من هو المسؤول عن المد العالي للشعر الشعبي سيما نسخته المستخذية و السحاقية والتي ما انفكت تثير غبار حروب وبطولات زائفة من المسؤول غير الحزب الشيوعي و مالذي فعله حزب البعث سوى شراء بعض الشعراء الشعبيين الشيوعيين واستبدال إسناد بنادق الدخان من كتف لآخر .. اليوم هو للأسئلة الكبيرة والإجابات المفتوحة والبدايات الجادة وليس وقتا للوشاية والنميمة و التسقيط المجاني , يتحدث الأخرس في الصفحة 112 عن فاروق يوسف لينتهي بوصف الشاعر خزعل ألماجدي بالشاعر ألبعثي هذا الشاعر الذي أصدرت جريدة الصباح عنه وهي ذات الجريدة التي يكتب فيها محمد الأخرس عموده اليومي أصدرت عنه ملحقا مخضلا بالدموع لا يمكن وصف شاعر كبير وباحث مهم في الحضارة الرافدينية بمثل هذا الوصف أذا كان دافعنا نقدا بناءا .ان أهم سمة طاغية على ألثقافة ألعراقية ومنذ ثلاثينيات واربعينيات ألقرن الماضي ولحد ألآن هو في ألحقيقة ليس ألصراع بين ألتيارين ألقومي والماركسي و لا في ألصراع ألحالي بين ثقافة أسلاموية وأخرى حداثوية وضعية ولكن سيادة ثقافة جدانوفية أي ثقافة ألقاموس ألصغير والمختصرات ألتسقيطية وللإنصاف ومن أجل ألبحث ألعلمي ألهادف فان من دشن هذا ألقاموس هو ألحزب ألشيوعي ألعراقي وما فعله ألبعث هو فقط استعارة هذا ألقاموس وإيجازه بمجموعة من الولاءات ألعمياء ولازال هذا ألقاموس ألصغير فاعلا في ثقافتنا لحد ألان..
ومن ضمن ألثنائيات التي يتناولها ألسيد ألأخرس ثنائية كنعان مكية / إدوارد سعيد وثنائية سعدي يوسف /سامي مهدي لينهي كتابه بثنائية جنائزية يتخلى فيها عن أية موضوعية أقصد ثنائية فهد /كامل شياع .
كان مشروع كنعان مكية ألسياسي والثقافي يتلخص في أعمال ألحفريات والتنقيب في ألبنى ألخفية للطغيان ونظام ألقمع ألذي مثلته تجربة ألبعث في ألسلطة لأربعة عقود تقريبا ولكن وعلى عكس ألعادة فأن ألصحيح لا يصح دائما وهذا ينطبق على مشروع كنعان مكية والذي كان يطمح إلى تعريف جديد للهوية ألعراقية ربما لأنه لم يأخذ بنظر الاعتبار عوامل ألكف و الإعاقة ألتقليدية في المجتمع ألعراقي والذي تعرض إلى عوامل تعرية قاهرة بسبب القمع والحروب والنتيجة للأسف هي نهاية تغريبية لهذا المشروع تجلت بركنه فوق رفوف الإهمال .
وفي ثنائية سعدى وسامي لا ينجح غازي كثيرا في أخفاء بعض مظاهر الإعجاب الذي نشاركه إياه ببعض قصائد سامي مهدي ولكنه لسبب لا يخفى على اللبيب فانه يستثني هذه الثنائية من مرجعيتها المتمثلة في الصراع القومي /الماركسي ليحيلها الى مجرد سعار طائفي .
وفي الأخير يفقد السيد الأخرس بعضا من أعصابه فيقول (دعونا من محاولات تجميله المستمرة) وهو كالعادة يشير إلى الحزب الشيوعي العراقي والى تراثه بالتحديد وبتواضع أقول إنني اتفق مع الأخرس وغيره بان يشمل النقد الجاد الذي نحن بأمس الحاجة إليه كل المقدسات والتابوات بما فيها شخصيات مثل فهد وكذلك دور الحزب الشيوعي الملتبس في ثقافتنا ولكن ألا يجب أن يكون ذلك ضمن قائمة أولويات ومنهج ينير ويفضح المسكوت عنه وحتى اللامفكر فيه مثل ما يسميه المفكر عبد الكبير ألخطيبي وليس عبر استسهال رموز سوف لا نجد من يدافع عنها وبدلا من أن نضع فهد بمواجهة ميشيل عفلق هل يجروء السيد الأخرس أن يضع فهد بمواجهة السيد محمد باقر الصدر أنا أفضل أن نضعه أي فهد في البداية بمواجهة جعفر أبو ألتمن وعبد الفتاح ابراهيم وكامل الجادرجي وكذلك داوود الصائغ وهذه هي الأسئلة المجدية وغير المتهكمة وفي النهاية نرى أن نتساءل قبل أن نضع جسد الثقافة العراقية على دكة التشريح : أية ثقافة نريد؟ أتلك التي تنشد المتعة والجمال وتدفعنا للتمرد والثورة ضد كل ما يحط من قيمة الإنسان ويقيد حريته ورفاهيته أم ثقافة الوشاية ؟ .

كامل عبد الرحيم السعداوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف