الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتصاب الثورات العربية نتيجة عجز التيار الليبرالي

محمد حسن فلاحية

2011 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


في قراءة أولية لما تشهده المنطقة من تغيير ماراتوني يمكن لأي متتبع أن يقع في خطأ فادح إذا ما أجرى مسحاً شاملاً على الأحداث الراهنة وأن يسبر في قراءة تأريخ التيارات الإسلامية في الشرق الأوسط والعالم أجمع منذ نشأة هكذا تيارات ولحد هذه اللحظة .
هنالك عدة نقاط لابد من الإشارة اليها بصورة سريعة للوقوف على متغيرات المرحلة التي تشهده جغرافيا الدول العربية:
النقطة الأولى: يرى العديد من المتابعين للربيع العربي و في مقدمتهم من يشكك في جدوى الثورات ويستنكف من اطلاق صفة الثورة عليها مكتفياً بوصفها عملية احتجاج أو فوضى أو ما شابه ذلك ؛ أن مايحصل في الدول العربية هو عبارة عن عملية انتقالية لثورة مشابهة للثورة التي شهدتها ايران عام 1979 والتي قد وئدت بعد سرقتها من قبل المتطرفين الإسلاميين الشيعة في إيران واليوم ما يحصل في الدول العربية تكرار لتجربة إيرانية قد تم سرقة هذا المسعى من قبل السلفيين والإخوان وحلفاءهم في المنطقة العربية.
النقطة الثانية:الإسلام السياسي الذي نجح في استثمار المتغيرات السياسية في المنطقة ، سمّه ما شئت سرقة واختطاف أو تكتيك ناجح و تنظيم للتيارات الإسلامية ،استطاع بكل جدارة أن يركب موجة التغيير وهذا يدل في نفس الوقت على فشل الحركات التحررية والليبرالية الأخرى التي عجزت في الوصول الى قلب الجماهير وتقاعست في التحدث باسم المواطن بعيداص عن انتماءه الديني أو الإيديولوجي والتهويل من خطر الإسلاميين حفز الشعب في خوض المغامرة. كذلك غان تشتت أصوات الليبراليين و أضف الى كل هذا التركة السيئة التي خلفتها أحزاب وحكومات تدعي الليبرالية في منطقة الربيع العربي عبارة عن فشل لليبراليين أكثر مما يعكس نجاحاً للإسلام السياسي والذي سوف لن يعمّر أكثر مما عمّرته الأحزاب الليبرالية السابقة لو سارت الظروف كما عليه الآن.
النقطة الثالثة: الثورات العربية في بداية انطلاقتها لم تحمل أي شعار ديني وكان السلفيون أنفسهم متعاطفون مع الأنظمة السابقة فعلي سبيل المثال فإنّ سلفيي مصر حتى آخر لحظة من أن ينفض حكم مبارك انفاسه الأخيرة كانوا يدعمونه ويحذّرون من الخروج على ولي الأمر وكما أنّ الحركة الشعبية العربية المطلبية لم تحمل شعارات الإسلاميين مثل تحرير الأقصى وما شابه ذلك وإنما كانت مطالبة تعكس معاني الديمقراطية والحرية وإنّ من أوقد شرارة الربيع العربي في تونس بجسمه "محمد بوعزيزي" قد انتحر بالمفهوم الديني وهذا عمل منافٍ تماماً لأصحاب الفكر الديني فكيف يمكننا اتهام الربيع العربي بالتوجه الإسلامي بعد اختطاف أو سرقة هذه الثورة أو حتى حسن تنظيم التيارات الإسلامية وتراجع الليبراليين وفسحهم المجال للإسلاميين ونحن لم نلحظ حضورهم سوى بعد السقوط وهذا ينطبق على الغنوشي وحركته في تونس التي دخلها بعد أن أصبحت الساحة أمنة .
النقطة الرابعة: حول مدّعى البعض بأن الثورة الإيرانية كانت تمثل تيارات متطرفة إسلامياً ومحاولة البعض قياسها بما يجري في المنطقة من نجاح للتيارات السلفية على أنهم يمثلون التيار المتطرف الإسلامي أيضاً هناك عدة تساؤولات تطرح بهذا الخصوص وهي أنّ خميني لم يكن أصلاً نموذجاً للتيار الديني المتطرف لوضعه بنفس الكفة مع التيارات الدينية التي نجحت في مصر وتونس والمغرب وأنّ التيار الشيعي المتطرف الذي حكم إيران منذ مايزيد على ثلاثة عقود كان ولا يزال تياراً انتهازياً بما تحمل الكلمة من معنى وليس نموذجاً قابلاً للقياس باإسلام السياسي بما للكلمة من مغزى ساسيولوجياً .
فقد حارب تيار الخوميني التيارات الشيعية اليسارية منها والمتطرفة أمثال"الحجتية ، مجاهدي خلق ، حزب الفرقان و كل من يخرج عن طاعته في الحوزات الدينية والشارع السياسي الشيعي في إيران " فحصول المتشددين في طهران على مقاليد الحكم لم يأت بسبب انتخابات نزيهة بقدر ما حصل عبر القمع والقتل والتهديد في حين حصل الإسلاميون - رغم اختلافنا الشاسع معهم - على السلطة في دول الربيع العربي في ظل انتخابات نزيهة حكمت على نزاهتها المنظمات الدولية إذن هنالك فارق كبير بين ما حصل في إيران وما يحص في الدول العربية الآن وإن كانت النتيجة مشابهة في نظر البعض بسبب فوز الإسلاميين .
وملخص القول إذا ما اردنا استسقاء النتيجة من كل ما يحدث هو ما علينا الإ الإقرار بالفشل بعيداً عن الإسقاطات التاريخية في أنّ فوز الإسلاميين لم يأت من فراغ لأن الشعوب العربية مذهبية في طبيعتها ولا تحب الخروج على التقاليد والأعراف وأن الليبراليين بسبب سوء تصرفاتهم وعدم تنظيم أنفسهم فقدوا السلطة وهم كانوا الصوت المرتفع فيها ومن ضحى بوجه السلطة الساقطة في حين أخمدت أصواتهم بسبب كسرهم حواجز الأعراف وتبني بعضهم للنهج المتطرف منه الخلاعي أو السياسي وعدم مواءمة الظروف والإستعجال بالوصول للاهداف المرجوة بصورة متدرجة ومدروسة هذا ما أفقدهم كل شئ وأعطى غيرهم ما لايستحقه واغتصبت السلطة من جديد وظل الليبراليون متفرجون لا يمكنهم انقاذها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا