الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محبتي ليست للبيع

إيمار محمد سلوم
(Imar Salloum)

2011 / 12 / 7
الادب والفن


1
لا أستطيع في غمرة المشاعر الوطنية والقومية والدينية إلا أن أحني رأسي الصغير الذي لا يتسع لكرامتي، وأنظرَ إلى هذه السماءِ المضرّجةِ بالفقر والعوز وبعضِ غيماتٍ من الحرية الآتية إلينا بقواريرِ الخيانة... لا أستطيعُ إلا أن أُغرِّدَ خارجَ المآتمِ وبعيداً عن تلكَ الثكالى والأيامى، وأولئكَ الذين يتلونَ القداساتِ والصلواتِ الجنائزية... فحتى الحزنُ لم يعدْ كافياً للحزنِ... لأن الموتَ الآنَ بقدميهِ المتسختينِ يدحرجُ هذه الحياةَ، ويُنَصِّبُ النسيانَ حارساً لجثثِ الضحايا... هل يُتخَمُ الموتُ حقاً؟!!! إذاً لمَ لا يرحلُ عنَّا؟!!! ألأنَّ القليلينَ منا فقط يغرِّدونَ خارجَ المآتمِ وبعيداً عن أنفسهم؟!!!

2
امرأةٌ تسرِّحُ دمَ زوجِها الأسودِ، كَلَيلٍ غريبٍ، وطفلٌ يجرحُ المرايا التي كنّا نتباهى أنّها لا تظهرُ من نحنُ، وعجوزٌ يدَّعي الخرفَ، يقرأُ في كتابِ الربِّ عن الانتقام والجحود، ويغمزُ للموتِ أن يدخلَ، وبقايا من جنودٍ سقطوا عربوناً للألمِ القادمِ، والوطنُ دوماً في خيَمِ العزاءِ يصبُّ القهوةَ، ويحفظُ وجوهَ الحاضرين!!!

3
بتُّ لا أقوى على الخوف... قبلَ مُدةٍ كانَ لهُ طعمٌ آخرَ، كنتَ أشعرُ به دون أن يسقطَ رأسيَ سهواً، ودونَ أن يصلبني صديقٌ أو أخٌ... قبل مدةٍ، كانتْ بقايا الإنسانِ فيَّ ماتزالُ عالقةً في حنجرتي وفي كعبيَّ.. بعضُ نثراتٍ منها على أناملي، والقليلُ القليلُ في جفنيَّ... الآنَ لا أقدرُ أن أخافَ، فقد صارَ الخوفُ مُبلّلاً بالدمِ وقيحِ الجرحى (الأعداءِ) الذينَ استطاعوا أن يوقظوا الصرخةَ في ظلِّ الموتِ، وأن يتجلَّدوا بالحريةِ كلما إخوتهم ينادونهم بالأعداء!!!

4
والآنَ، بعضُ أصدقاءٍ جميلينَ، وبعضُ قطراتٍ من الأملِ تنزُّ من سقفِ كلماتنا الإسمنتية، وبعضُ حنينٍ للآتي، وشتاتٌ من وطنٍ في حقيبة النكرانِ أحفظُهُ... الآنَ، نقيمُ طقساً للرحيلِِ والمشقَّةِ وجنونٍ لذيذٍ يحفظُنا من كرهِهم لنا، أولئكَ الذينَ نُحبُّ... الآنَ، بكلِّ فخرٍ أقولُ إنني أنتمي لي، ولي فقط... فما قيمةُ الأوطانِ إن كانتْ لا تنتمي لنا... أشكرُ الآلهةَ أنني على كفافِ حبيَّ أعيشُ، رغمَ أنكَ لم تعلمني إلا الكراهيةَ والبغضاء... وسأظلُ أحبُّ ولو قالوا: هذا "الشهيدُ" سقطَ سهواً؛ وضحكوا بعدها كثيراً...

5
ولكنني – للأسفِ – لا أأتمنكَ عليَّ... فاعذرني إن أحببتكَ يا وطنُ من بعيدٍ دونَ أن تراني... فمحبتي – على خلافِكَ - ليست للبيع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بوح جميل
عبدالغني زيدان ( 2011 / 12 / 8 - 13:40 )
ولكنني – للأسفِ – لا أأتمنكَ عليَّ... فاعذرني إن أحببتكَ يا وطنُ من بعيدٍ دونَ أن تراني... فمحبتي – على خلافِكَ - ليست للبيع...
عبارة قاتلة رائعة اه لو انك بفقرة جديدة طرزتي هذه العبارة على اعلام الوطن العربي
نتمنى من بعد قطرات الامل ان ينهمر علينا الامل

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟