الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا وقطر والجامعة العربية....نقاط على الحروف

عليان عليان

2011 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


سبق وان قلت في مقالة سابقة أن النظام السوري يتحمل مسؤولية تطور الأوضاع إلى ما آلت إليه، جراء لجوئه إلى الحل الأمني واستمراره فيه في مواجهة الحراك الشعبي في سوريا منذ أكثر من ثمانية أشهر، وأن لجوئه إلى هذا الحل هو الذي سهل مهمة المتآمرين على سوريا النظام والوطن والدولة، الذين هم تحت يافطة الديمقراطية وحقوق الإنسان – وهم منها براء- يستثمرون الوضع الراهن لتصفية حسابات قديمة تتصل بعلاقة سوريا مع إيران ودعم مقاومة حزب الله والفصائل الفلسطينية، وبموقفها من قضية التسوية وعدم توقيعها حتى اللحظة معاهدة مع الكيان الصهيوني، عبر توفير دعم سياسي ومالي وتسليحي لبعض القوى المناهضة للنظام.
وقلت كما غيري أن الحل في ظل عناد النظام وتماسكه وفي ظل استمرار زخم الحراك الشعبي في سوريا وتصاعده يكمن في الحوار على قاعدة عناوين وثوابت لا مناص منها، وأبرزها التداول السلمي للسلطة وإعادة هيكلة أجهزة الأمن السورية بحيث ينحصر دورها فقط في خدمة الشعب والدولة" وليس النظام"، دون التدخل في حياة المواطنين والتنكيل بهم، ومعاقبتهم على مواقفهم وآرائهم المعارضة وانتماءاتهم السياسية.
لقد استبشر الجميع خيراً بالمبادرة العربية التي أعلن عنها مجلس وزراء الجامعة العربية في الثاني من تشرين ثاني الماضي، والتي دعت إلى إلغاء المظاهر المسلحة في المدن ووقف العنف والإفراج عن المعتقلين في السجون السورية، ومن ثم الشروع في حوار تحت رعاية الجامعة العربية.
لكن هذه المبادرة – رغم أن الوقت من دم - ظلت لأكثر من أسبوع بدون آليات لتنفيذها! إذ انه في ظل حالة الاشتباك الدموي بين الطرفين المتصارعين في سوريا، لا يستطيع أي طرف وقف العنف بدون تدخل حكيم من طرف ثالث.
وعندما تم وضع الآليات في اجتماع الجامعة العربية في الحادي عشر من الشهر الماضي في إطار بروتوكول محدد اشتمل على إرسال مراقبين تمت صياغته بطريقة توحي بأنها مقصودة لدفع النظام السوري إلى رفضه، خاصة عندما يشتمل على خبراء من دول صديقة دون أن يحدد من هي الدول الصديقة!! وعندما يرفض تقديم أسماء هؤلاء المراقبين للنظام السوري، ويرفض ختم جوازات سفرهم في مطار دمشق وعندما يتحدث عن الذهاب لمنظمات الأمم المتحدة في إشارة مسبقة للتدويل.
وعندما تقدم النظام السوري باستفسارات وتعديلات، بعضها معقول والبعض الآخر غير معقول، بدأ مسلسل التهديد بالعقوبات في اجتماع الحوار التركي- العربي في المغرب في السادس عشر من الشهر الماضي إذا لم يوقع النظام السوري على البروتوكول كما هو بدون زيادة أو نقصان وفق مهل زمنية محددة، لتصل الجامعة العربية بعد ذلك تباعاً إلى تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وفرض العقوبات الاقتصادية على النظام، الذي سيتضرر منها الشعب السوري أكثر من النظام نفسه.
ومن يتابع بحيادية دور الجامعة العربية ومبادرتها لحل الأزمة السورية المستفحلة يكتشف بسهولة عدة مسائل أبرزها:
أولاً: أن مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسه دولة قطر بشخص رئيس وزرائها حمد بن جاسم، هي التي تقود الجامعة العربية وان نبيل العربي- أمين عام الجامعة- لا يعدو كونه مترجماً ومنفذاً لما ترتئيه القيادة القطرية الجديدة للعالم العربي.
ثانياً: أن المبادرة العربية لحل الأزمة رغم وجاهة وصحة ما ورد فيها إلا أنها لم تكن مطروحة للتطبيق العملي، بل مجرد كمين لعزل النظام السوري خاصة أن أية مبادرة تفقد قيمتها إذا لم تضع آليات وإجراءات عملية وحيادية لتطبيقها.
ولا يخفى على مراقب محايد أنه وفي ظل التغييب المتعمد لهذه الآلية لعدة أيام وفي ظل صياغة الآلية تالياً " البروتوكول" بطريقة غير متوازنة استمر سفك الدماء في سوريا من قبل النظام، واستمر الجيش المنشق والمجموعات المسلحة بعملياتها العسكرية ضد مؤسسات النظام، على نحو استثمرته قطر لتعلن تباعاً من خلال قناة الجزيرة أن النظام فاقم من عمليات القتل، رغم ادعائه بالموافقة على المبادرة العربية.
وثالثاً: أن من يتابع التصريحات المتكررة لساركوزي وكاميرون وكلينتون وبايدن وأوغلو وأردوغان وغيرهم، بشأن فقدان الرئيس الأسد لشرعيته وأن ساعة رحيله أزفت، يكتشف أن هذه التصريحات وغيرها جاءت متناغمة مع قرار تعليق الجامعة العربية لعضوية النظام السوري في الجامعة العربية، وفرض العقوبات عليه والتهديد بالتوجه للمنظمات الدولية لتأخذ دورها، ولا يخفى على أحد أن المقصود بالمنظمات الدولية هو أولاً وأخيراً مجلس الأمن وهذا ما أفصح عنه رئيس الوزراء القطري مؤخراً.
رابعاً: وبات واضحاً أن قطر بحكم دائرة علاقاتها العامة مع ألوان سياسية عديدة في الدول العربية، وبحكم استعدادها المستمر للضخ المالي أصبحت رأس الرمح للإدارة الأميركية لاحتواء الثورات العربية وتوجيهها الوجهة التي لا تتعارض مع المصالح الغربية والأميركية على رأسها، ولا يمكننا أن نستوعب أن قطر التي تضم في جنباتها قاعدة العيديد الأميركية، أصبحت قاعدة متقدمة لدعم الثورات العربية بالمال والسلاح.
ولا يمكننا أن نستوعب أن قطر وغيرها من دول الخليج حريصة على بذر بذور الديمقراطية في الدول العربية الأخرى، فكيف يكون لها ذلك وهي من أكثر الدول المنافية والمعادية للديمقراطية ولحقوق الإنسان ولا يوجد بها حتى الآن، لا انتخابات ولا مجالس نيابية ناهيك أن العديد من ممارسات بعضها تنمي للقرون الوسطى.
خامساً: أن الجامعة العربية في ظل انشغال مصر الثورة بقضاياها الداخلية وخشية العديد من الدول، من اندلاع الثورات فيها أصبحت ممراً إجبارياً لتدويل الأزمة السورية، باتجاه الذهاب لمجلس الأمن لتلعب الإدارة الأميركية لعبتها في احتواء الثورات العربية.
واخيراً: لا يخالجني أدنى شك بأن الحل الوحيد ولا حل غيره يكمن في تغيير ديمقراطي جوهري في سوريا، يستند بشكل رئيسي على وضع دستور جديد يسمح بالتعددية السياسية على أساس التداول السلمي للسلطة من بوابة صندوق الاقتراع، ووفق قوانين ديمقراطية عصرية للأحزاب والانتخابات والإعلام ، لكن لا يخالجني أدنى شك أيضاً أن بعض أطراف المعارضة دخلت في اللعبة الأميركية وفي المشروع الأميركي، وإلا كيف نفسر تصريحات رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون لصحيفة " وول ستريت جورنال" الأميركية وغيرها، أنه في حال الوصول للسلطة فإنه سيقطع العلاقة مع حزب الله وإيران وحركة حماس وسيعمل على تطوير العلاقات مع الدول الغربية.
ولا يخالجني أدنى شك أن هذا البعض المتماهي مع طروحات المعارض السوري المرتهن لواشنطن رفيق الغادري الذي ينادي برفع العلم الإسرائيلي فوق سماء دمشق، لو أتيحت له فرصة حكم سوريا سيكون جاهزاً لتوقيع معاهدة مع الكيان الصهيوني ، لكن الشعب السوري بانتمائه القومي الأصيل، وبموقفه التاريخي الملتزم بالمقاومة ضد العدو الصهيوني، وبكافة قضايا الأمة، قادر على فرز الغث من السمين وقادر على الفرز بين تلاوين المعارضة، ولن يكون بمقدور أحد اللعب في ثوابته القومية والوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Poker menteur
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 12 / 7 - 14:37 )
تحليل منطقي واضح مفهوم مبسط حيادي...ولكن السلطة الحالية السورية اليوم, تحارب عدة جبهات, داخلية متفرقة, لغايات متفرقة, منها الشرعي, ومنها غير الشرعي الذي استغل غياب السلطة القوية العادية حتى يحل مكانها قوة قرصنة وبلطجة ونهب وسلب وخطف واغتيالات بثمن.. وجبهات معارضات مختلفة, ملتزمة بعلاقات وتمويل خارجي. أمريكي ـ قطري ـ تركي ـ سعودي.. وحتى لوجيستيكي فرنسي... بالإضافة إلى جميع طاقات قنوات تلفزيونية كالـ الجزيرة والعربية و BBC و France24
وكل طرف اليوم لديه أجندات لحماية مؤخراته...وانقلبت المصلحة العامة والمطالب المبدأية من حريات طبيعية وانتخابات وإصلاحات... إلى لعبة بوكر كذاب كلفته أكثر من خمسة آلاف قتيل من قوات الجيش و الأمن والمدنيين ,, تحركها مصالح ومغازلات ومنافع جيوستراتيجية.. بعيدة كل البعد عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان السوري.
مع تحية مهذبة...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


2 - مؤامرة قذرة ومفضوحة
اكرم ابراهيم ( 2011 / 12 / 7 - 22:56 )
لماذا يتم قمع وقتل المتظاهرين المسالمين فى البحرين والسعودية ولا تجد احد يدافع عنهم؟ وفى حالة سوريا تجد غالبية -الممالك العربية- تسرع لنجدة المعارضة - المسلحة تسليحا جيدا - حسب تصريح هيلارى كلينتون والتى طالبتهم بعدم القاء السلاح مع العلم ان هذه المعارضة تهاجم المدنيين قبل العسكريين؟اين الشفافية .الجامعة العربية فقدت مصداقيتها
فالمؤامرة واضحة المعالم اعلاميا وسياسيا وعسكريا وماليا باعترافهم السافر والفج وهناك تربيطات مع
دول عربية تدعم الاخوان المسلمين الخونه والسلفيين الارهابيين . .فهذا مخطط مسبق ومعد من سنيين.
اذا كان الغرب همه الديموقراطية كما يقول فما رأيه فى الحريات والديموقراطية وحقوق الانسان فى قطر والسعودية؟ انهم آخر من يحق لهم انن يتكلموا عن . الحريات والديموقراطية فهذه الاشياء من المحرمات عندهم ولذا يجب طرد قطر والسعودية من هذه لجنة الجامعة العربية. .
ارجوا من الاخوة السوريين ان يسرعوا بخطة الاصلاح حتى يتم تفويت الفرصة على المتآمرين ولو كانت المعارضة جادة لقبلت الحوار (انا اشك انها تقبل به-)بدون شروط مسبقة وبضمانات

اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني