الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات الربيع العربي ، ودور القوى اليسارية التقدميه .

حامد حمودي عباس

2011 / 12 / 7
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


بمناسبة حلول الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن ، دعاني الاستاذ فواز فرحان مشكورا للمساهمة في حوار حول دور القوى اليسارية التقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي .. وللاسف الشديد فانني ، ولظروفي الخاصه ، لم استطع الاطلاع على تلك الدعوة في حينها ، والالتزام بآخر موعد لارسال المساهمة وهو الخامس من الشهر الحالي ، غير انني لا أجد ضيرا من الكتابة حول هذا الشأن الحيوي والهام .
لقد اصبح من اليسر بمكان ، تشخيص ثوابت المهام السياسية والتعبوية الجماهيرية ، الملقاة على عاتق القوى اليسارية ليس في البلدان التي شملها ما يسمى بالربيع العربي فحسب ، وانما في كافة بلدان المنطقة حيث يتواجد هناك حراك سياسي يجد فيه اليسار حيزا للنشاط .. إذ يمكن القول ، وبثقة تامة ، أن القوى اليسارية في المنطقة العربية ، هي فقط المعول عليها في إحداث التغييرات الجذرية باتجاه زرع بذور التقدم وبناء الدولة المستندة على أسس تقدمية مدنية ، دولة لا يشوه معالمها التطرف الديني السلفي ، والسائد حاليا كنتاج عرضي لما حدث من ثورات .
ولكن .. أين هو اليسار من حال كهذه ؟ .. ماذا فعل في بلد كالعراق مثلا أو مصر وماذا سيفعل في ليبيا وتونس ، أين هو في سوريا وما هي ملامح وجوده ؟ .. تقول الخارطة التي افرزتها الأحداث ، بانه لا يملك خطا بيانيا واضحا على الارض ، في حين تتوفر له كافة الامكانات التي توفرها الحريات الجديدة ، لأن يظهر ، ويتفاعل مع غضب جماهيري محتدم ليقول كلمته ، يحرض ، ويتظاهر ، متميزا عن باقي الحركات السياسية الداخلة في ميادين الثوره ..لقد كنت سابقا وقبل أن تمتزج حركتي بحركة الجماهير بسبب وجودي خارج بلدي ، أميل الى التردد في ركوب الفكرة القائلة بأن اليسار قادر على التأثير في حركة الجماهير ، محملا هذه الاخيرة جريرة وقوعها تحت سقف الحرمان ، وبكونها لا تريد ان تتغير، ولا تتقبل الانجرار الا وراء قوى الاسلام السياسي صاحبة المصلحة الحقيقية في ابقائها في خندق التخلف واللاوعي .. ولكنني اصبحت بفعل الاختلاط اليومي بشرائح واسعة من الناس ، اميل ميلا حادا نحو تصديق الفكرة التي نادى بها الكثيرون ، ومنهم الكاتب المتمرد العفيفي الاخضر ، والتي مفادها ان على قوى اليسار ان تتخلى كليا عن مبدأ التحالف مع الاسلام السياسي واعتماد سلوك تركه وحيدا في ساحة اتخاذ القرار ، حيث سيفشل حتما في النهاية بالقيام بمهامه كراعي لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وعلى اليسار ان يبقى مكلفا بدور المعارضة الفاعلة ، وليست الخائفة والمنافقة والمتردده .. على ذلك اليسار أن يتوحد ، وأن يتحرك ببسالة متناهية لفضح نوايا واخفاقات الحكومات المعتمدة على المد الديني المتطرف ، وعليه ايضا أن يدفع بأدواته الاعلامية داخل البناء الجماهيري المسحوق ، والوصول الى جذور ذلك البناء لخلق رفض مؤثر من داخل خلايا الشعور بالعوز وقلة الخدمات واهتراء القوانين .
رغم تسارع الاحداث في المنطقة ، ووجود ما يمكن الاعتماد عليه في تشييد صرح لمعارضة يسارية موحده ، لم نسمع ولحد الان عن تجمع لقوى اليسار في بلدان الربيع العربي كي نرى من خلاله صرحا يدعونا للثقة بفاعلية تلك القوى ، عدا عن ملتقيات يتيمة ذهب ريحها بمرور الوقت ، وما يؤلم حقا ، فان أية دعوة مخلصة لوحدة القوى التقدمية يصار الى تهميشها وقتلها في المهد ، بل ومقاطعة اصحابها ثقافيا خوفا من المزاحمة غير الموجوده ..
بكلمة واحدة .. فان اليسار في منطقتنا لم يعد له خيار غير أن يسلك الاتي :
1- ان يركن فورا ، وبدون ابطاء ، الى لملمة شتات فصائله ، وان يصار الى عقد مؤتمر موحد يجري فيه تشخيص سليم لطبيعة المرحلة الحالية والمستقبليه ..
2- وضع استراتيجية فاعله ، تشمل العمل بشكل قطري منفرد كل في بلده ، واخرى تعنى بتوحيد اطراف الحراك وعلى كافة المستويات ضمن الكيان العربي العام .
3- اتخاذ القرارات المركزية حيال الزحف الاسلاموي باتجاه السلطه ، جراء دعم غير مسبوق للجماهير من خلال صناديق الاقتراع .. والقيام بمراجعة موضوعية لمجمل السياسات المتخذه من قبل القيادات التاريخية لليسار ، وفي مقدمته الاحزاب الشيوعية في الوطن العربي ، بهدف معرفة الاسباب الحقيقية لفقدان القوى التقدمية مراكزها وتأثيراتها بين الجماهير ، رغم العمق التاريخي لوجودها وضخامة الارشيف الفكري لها ، ورغم امتلاكها خزينا ثقافيا وبأحجام تعترف بسعته حتى الاحزاب المعاديه .
4- استثمار بوادر الغضب بين صفوف الجماهير ، والتي اظهرته وستظهره حتما السياسات المبتوره لقوى الاسلام السياسي ، حيثما ظهرت معالم القصور التام في تشييد البنية الاقتصادية وعدم القدرة على التجانس مع مظاهر العولمة والمدنية من قبل السلفيين والمتطرفين ، وبيان وفضح السلبيات من موقع المعارضة الشجاعة وطويلة النفس .

بدون ذلك .. ستبقى المسافات طويلة بين الواقع والحلم .. وسيتراجع دور القوى التقدمية في بلداننا والى الخطوط البعيده .. وحينها لا ينفع الندم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ حامد حمودى عباس
محمد حسين يونس ( 2011 / 12 / 12 - 04:51 )
اولا احيي تواجدك في هذه الاحتفاليه التي كانت السبب في ظهورك .. ثانيا اؤيد تماما اهمية عدم التعاون أو مساندة أو وقف معارضه الاسلام السياسي خصوصا أنه في بعض الحالات مثل مصر لا يمثل اسلاما و لا سياسه انماهم مجموعه من الهبيشه اللي علي باب الله طلبا للحسنه من السعوديه او الوهابيه او الخلايجه و الامريكان .. النقطه الاخيرة ان اليسار اليوم قد ينفتح لاستيعاب كل القوى الليبراليه المطالبه بحقوق الانسان و تطبيق توصيات الامم المتحدة بهذا الخصوص .. شكرا مع تحياتي


2 - سبقتني يا استاذ يونس
محمد البدري ( 2011 / 12 / 14 - 15:13 )
تحية لك ايها الفاضل العزيز استاذ حمودي عباس علي مقالك الذي حدد حدود الخريطة وكيف ستسقط قذائف الاسلاميين في البحر وعندها وبعد نفاذ ذخيرتهم - المنتهية الصلاحية من زمن طويل اصلا - سوف يكون هناك كلام آخر وفعل مختلف. وعلي اليسار الذي لازالت الليبرالية بالنسبة له رجسا من عمل الشيطان ان يتحالف معهم وليتعلم الدرس كيف ان كثير من قواه ضاعت منه واصبحت ضمن قوي الاسلام السياسي وكيف ان بعضا منه ممن تربحوا تحت هيمنة الفساد واصبحوا يدعمون السلفية الاسلامية بمناقشتها من داخل النصوص الدينية باعتبر ان وقفت يوما مع العدل أو الحرية. فليبرالية حقيقية خير من اسلام ينهب ويسرق باسم الله ولا يمكن معارضته. كان هناك يسار ساذج وكان هناك فساد متغول تربت قوي الاسلام السياسي في حضنه وترعرعت. عند هذه النقطة فانني احيي اخي حسين يونس الذي سبقني ووفر علي كتابة ما تفضل به هو في تعليقه رقم 1. تحية لك وتقديري واحترامي وشكري لمقالك الواضح الصريح.

اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة