الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل الشتاء

خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)

2011 / 12 / 7
الادب والفن


كعادتي استيقظت مبكرة جدا هذا الصباح على الساعة الثالثة وسعدت لكوني إستعدت ملكة النوم بعد صراع حلّ أسابيع لديّ بين الحياة و الموت والذي يأخذ النوم أحد أشكاله (الموت)، ففضلت إيواء الفراش في ساعات الظلام الأولى بالضبط وكما يفعل الدجاج لتدارك الأمر المتفاقم الذي لم يعد يجدي معه شئ .
إحتسيت القهوة متلذذة بيوم جديد ، أو ظلام جديد إذ لم يغادرنا الليل بعد ولم يحلّ النهار كذلك . نظرت من نافذة غرفة النوم لأرى رذاذا من الماء ينسكب على الرصيف و الطريق يغسلهما في رفق و هدوء وخطر ببالي أن ألتحق بالموكب احتفالا بفصل الشتاء الذي حلّ بجو غير معهود .
فتحت النافذة ،كان الطقس دافئا كما لو أننا لم نغادر الصيف بعد ، إذ ناذرا ما يقع عندنا مثل هذا الخلط فتقرر الفصول المكوث عوض الرحيل إلى مكان بعيد آخر .
إستنشقت الهواء الطريّ الذي كان يعبق به المكان . . كل المكان، وانتبهت إلى أنه نادرا ما يُسمع هدير سيارة وهي تمر مسرعة باتجاه العمل والحقيقة أن جنوب لندن يتمتع بالمساحات الخضراء الكثيرة وبقلّة السكان ،وأنه حان موعد الفرص الناذرة و خطر ببالي أن أغادر البيت للإستمتاع ، واهتديت إلى وجود مكان ما بداخلي يجعلني في أمسّ الحاجة إلى الإنبثاق والخروج .
إنتابني إحساس عارم بالحرية ،أجل الحرية متدفّقا من الداخل منسكبا نحو الخارج في انتظار لحظة القرار ،أي لحظة أغلق فيها الباب ورائي دون رجعة.
ألقيت نظرة أخرى حيث لاتزال الأشياء كما كانت عليه ،لكن شيئا ما أثار انتباهي ألا وهواختفاء الثعالب كما لو أنها حسمت في الأمر و لم تعد ترغب في الخروج ليلا بحثا في القمامات عن طعامها كما هي عادتها ،إذ ما فتئت تجفّ هزيلة لا تكاد أقدامها تحملها إثر التهميش الذي تتعرض له دون شفقة .
"إنه موضوع يهمني للغاية إذ  ما الذي يجعل كائنات كهذه تخاصم البشر ولا ترغب في رؤيتهم حتى ؟" ، انتفضت قائلة في نفسي ، أجل إنه موضوع يخصّني و تذكرت حين كنت أترك بقاي الدجاج واللحوم بالحديقة ليلا ليتسلّل الثعلب خلسة في إطار معركته المستمرة مع الحياة .
نعم ، البناء المتكاثر المتناثر جعل مثل هذه المخلوقات تتوارى عن الأنظار ،فبأي حق يتوسع هؤلاء لينقرض الآخرون دون أن يثير ذلك ذعر أحد ؟ و إلى أين نحن ذاهبون ؟ خصوصا و أن من يشاركنا المكان ـ كالثعلب ـ مسالمون لا رغبة لديهم في إيذاء أحد ؟
كل هذا جعلني أفكر في بارانويا الكائن البشري المسكين ، الذي في الحقيقة هو من يحتاج إلى العطف أكثر من غيره .
استلمت فيما مضى ـ ولست أدري لماذا ـ رسائل تحذير من البلدية لأجل حفظ بقايا الطعام بأماكن محكمة الإغلاق ،لا بل ارتفعت حرارة إدارة " الصحة و
الوقاية " و أخذت تبتكر يوما عن يوم صناديق بلاستيك متنوعة الأشكال و الألوان ل "الروسيكلاج " بحجة القضاء على تكاثر الفئران .
لا زال الظلام ملحا و لم أعد أذكر سوى حلم التسرب باتجاه الخارج على أن يتدبر الثعلب أمره عملا بالقانون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟