الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُقدِّمات ثورات الشُّعُوب العربِيّة

السموأل راجي

2011 / 12 / 7
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


الإضراب العامّ في 6 أبريل/نيسان 2008 في مِصر ، سيدي إيفني في المغرب الأقصى في صيف 2008،إنتفاضة الحوض المنجميّ في تونس من فبراير/شباط 2008 إلى يوليو/تمّوز من نفس السّنة،الحراك الجنُوبِيّ في اليمن،أحداث ومُواجهات بنغازي في 17 فبراير 2006،مخاض حراك يُوازِي بين السّلاح والعصيان في فلسطين المُحتلّة،حراكٌ سُورِيٌّ في الدّاخِل والخارج وبداية تشكُّل مشهد سياسِيّ عراقِيّ البعض من مُكوّناته يرفع التّغيير على قاعدة التّحرير،تعديلات دستُورِيّة تُدخَل على الدّستثور الجزائرِيّ تمهيدًا لعُهدة رئاسِيّة ثالِثة لبوتفليقة وإستياء من قوى سِياسيّة،التّمهيد لإنتخابات "قومِيّة" في السّودان تنتهي لصراع تفجّر في صِيغٍ عسكريّة في نواحي عديدة من البلاد وتجذّر المعارضة المُسلّحة في دارفور وحراك واسع جنُوبِيّ يُؤدّي للإنفصال في سنة 2011،......،مُقدّمات إستعصت على أشباه النُّخَب والمُخربِشِين من ذوي المُيُولات الماسُونِيّة أو أتباع الإيديولوجيا السّاقِطة تارِيخِيًّا أي الليبراليّة وإستحال في أذهانِهِم إدراكها بعد أن بشّر أنبِيائهم وأولِياء نِعَمِهِم بنهاية التّاريخ وقَبْر الثّورات وإنتصاب مُحرّك صدِئ لن يعمل للتّاريخ الهنتنغتُونِيّ:"صراع الحضارات".

كُنتُ كتبت من قَبل عن "الثّورات وسُقُوط الأقنعة" كَاشِفَةً عن وُجُوهٍ إحترفت العُواء على صفحات النّت مُتحدِّثَة عن جُبن الشُّعُوب العربيّة أو عن سلامة قاعدة "كما تكونون يُولَّى عليكم" ومُهلّلِين لنهاية مقولات العدالة الإجتماعِيّة والدّيمقراطِيّة الشّعبِيّة وموت مفاهيم الإقتصاد السّياسي وعلُوم الإجتماع وحتّى زوال الصّراع الطّبقِيّ فأجابهُم هدير ميدان التّحرير وشارع الحبيب بورقيبة وساحة الشّهداء ورحاب الحُريّة ولا تزال التّسميات تتكاثر حتّى سدّت أفوَاهًا لم تُفتَح إلاّ مع الإعلان عن نتائج إنتخاباتٍ جرّبتها شُعُوب خُدِّرت لعُقُودٍ ونسيت معنى الإقتراع وتشكّلت لديها رُؤيةً ضبابِيّة فعل فيها البترودولار المستود من مافيات واشنطن وعصابات باريس فجاءت بنتائج لن تكون إلاّ مُؤقّتة بحُكم المُؤشّرات العالية للمآزق الإجتماعِيّة الخانقة ودلائل إنتفاضات ثانِية تُصفّي الحساب نهائِيًّا مع شُقُوق اليمين بتعفّنه النّيوليبرالِيّ أو الظّلامِيّ ولا فرق بينهما إلاّ في أذْهانٍ مُتبلِّدة تُعاني الفقر المعرفِيّ أو الجهل السّياسِيّ أو هي تلعب لُعبتها القديمة المكشُوفة في التّعمِيَة والتّمويه وتحويل وجهات الصّراع من مجالاته الإقتصاديّة/الإجتماعِيّة وواجهاته السّياسِيّة إلى الهُراء والغُثاء الأحوى عن تفاهة ديانةٍ بعيْنِها أو العلمانِيّة المُرادفة في عُقُولهم للإلحاد الصّرف لا لحُريّة المُعتقد وفصل السّياسة عن الدّين ولكُلٍّ منهما مجاله.

تعلّقت الأذهان لدى العديد من الأصدقاء والرّفاق بما حدث في أكتوبر 1917 في روسِيا أو في أقطارٍ أخرى تحدّدت فيها الخيارات بإنحياز السُّلطة القائمة على أنقاض سُلطَةٍ مُطاحٌ بها للعُمّال والكادحين وحلم فيهم البعض حتّى بلينين عربيّ أو سوفياتات تُعلن من عاصمة من العواصم المُحرَّرة من نَيْر الطُّغيان المدعوم إمبريالِيًّا فأصابتهُم سحابةً كالحة السّواد بصُعُود فيالق التّأسلُم السِّياسِيّ لحُكُوماتٍ بعضها مُؤقّت وبعضها لترتيب الأعمال والقاسمُ المُشترك بينها غباء أعضائها وإسنادهم من عواصم النّهب العالمِيّة وهرولتها نحو التّشادُق بِقِيَم إيديولوجيا الليبرالِيّة المُنافِية للتحرّر الدّيمُقراطِيّ والإنعتاق الإجتماعِيّ وغاب عن فهم مُعظم الأصدقاء والرّفاق حجم الصّفعة التي تلقّتها واشنطن وأرِبَّائِها في عصرٍ إحتسبته لنهاية ثوراتٍ قامت فأطاحت بنشازِها لتنهض بأموال شعُوبِها وتدفع بتوابعها ووكلائها في المنطقة دفْعًا لتمويل أرصدة الإخوان ومُشتقّاتهم في أوقاتٍ كانت القُوى الثّورِيّة فيها مشغُولة وحبيسة حراكٍ آخر يستهدف تصفية ما يُمكن تصفيته من بقايا الأنظمة المُطاحِ بها مكانُها السّاحات والشّوارع ومقرّاتها لا تزال تُراوح بين مخافر الشُّرطة وأزقّة المُلاحقات وبعضها لم يخرج نِهائِيًّا من عباءة السّريّة فكُوفِئت قوى الردّة مرفوقة بنعّاقي الليبرالِيّة المقبُورة وجْهَا الورقة الخضراء الواحدة وإنحسرت قوى الثّورة الفعلِيّة من يسارٍ وأقصاه الماركسِيّ اللينينِيّ لتثبت في قواعدٍ تمتدّ بتكاثُفِ أخطاء حُكثومات اليوم التي تواجه شعُوبًا تعوّدت الهُتاف وصياغة الشّعارات ومركزة التحرُّكات وتُلامِسُ أيادِيها مُنظّماتِها المُجتمعِيّة المدنِيّة وأحزابها المُعبِّرة عن مطامحها في تصفيةٍ نِهائِيّةٍ للحساب مع التّفقِير المنهجِيّ والتّوظيف البورجوازِيّ اللقيط للمُقدّسات وترويج المال السِّياسِيّ.

هبّت نسماتٌ إذن كانت جديرة بتسمية الرّبيع العربِيّ وزعاماتُها من ذوِي الخلفِيّة اليسارِيّة بلا ريْبٍ وتكفِي الأسماء وتثبُّت قوائم الإعتقالات وأُصُول العديد من الشُّهداء وحتى دفاتر البوليس السّياسِيّ المُلقاة على أرصفة ما بعد الإطاحة للدّلالة على الطّابع اليسارِيّ لكُلّ الحراك بدون إستثناء ومن لهُ الحدّ الأدنى من المقدرة على تحليل مضامين الشّعارات المرفُوعة وإمتداد مقولات العدالة الإجتماعِيّة والتّغيير وحتّى مفهثوم الثّورة في حدِّ ذاته يتيقّن بالبصمات الرّاسِخة لليسار الحقِيقِيّ فيها وما إنعكاس مرآة الواقع العربِيّ على عُمّال وشُعُوب أوروبا و وولستريت بصرختها الشّهيرة إلاّ غيثٌ من فيض.
لا يُمكن قِيَاسَ تأثير وإمتداد الشّيُوعِيّين وعُمُوم اليسار في الشّوارع العربِيّة دون العودة لمُكوّناته وظُرُوفه التّاريخِيّة ورحلته الطّويلة مع القمع والتّصفِيات الجسدِيّة ومُعتقلات توابع وروث الإمبريالِيّة الحاكمة ؛ كما لا يُمكن قياس نبضِ الشّارع في أوّل مُناسبة وموعدٍ له مع الصّناديق في ظِلّ موجاتٍ من التّمويه وركض أولِياء المال السِّيَاسِيّ ومناخٍ من عدم إكتمال مهمّات الثّورة التي أُعِيقَت من بقايا الطُّغيان او من الإنقلابات على مساراتِها أو بمُخطّطات واشنطن ومن معها للحيلُولة دون تشكُّل أقطابٍ تحرُّرِيّةٍ جديدة فتدفع بمجلسٍ عسكرِيٍّ حينًا وتستقبلُ شيُوخ النّهضة بتصريحاتِهِم عن عدم إدراج التّجريم مع كلبة الحراسة في بنود الدّستُور المُقبِل أو بمُغازلاتٍ غير مباشرة مع حماس وبن كيران ومن حينٍ لآخر التُّرابِيّ ومعقل مكتب الإخوان في الدّوحة حاضنة قاعدة "العديد" الجَويّة وعبر مراكز بُحُوثِها وأعْفَنُها مركز راند (RAND-Qatar Policy Institute | RAND) الذي يدعمُ [الأبحاث الجادّة التي تخدم رسم السّياسات الأمريكيّة العامّة ، وتهتمُّ بتطوير سياسات مُؤثّرة تخدم المصالح الأمريكيّة وقِيَمها على المستوى العالميّ] وأنشأه البنتاغُون فطلع بتقرير عنوانُهُ دالٍّ يعكِس ويُفسِّرُ دعم إدارة المافيا الأمريكيّة للتّأسلم السّياسِيّ اللّقيط في وزاراته وكان بعنوان:"الإسلام الديمقراطي المدني: الموارد، الإستراتيجيات، الشركاء" بتاريخ سنة 2004 وأعدّتهُ الصّهيُونِيّة شيريل بينارد (Cheryl Benard) وفيه توصيات بدعم الإسلام السّياسِيّ لمُواجهة الأصولِيّة وتنامِي النّزعات الرّادِكالِيّة (اليسارِيّة على وجه الخُصُوص) ؛ ويعلم كُلّ من كان له أنشِطة ميدانِيّة ولا يضرطُ فقط عبر النت أنّ أبواب السِّفارات النهّابَة لم تُغلق في وجُوه أصحاب اللّحى ولا حتى أبواب الإليزيه والبيت البيضاوِيّ ورافقهُم مُتلبرلُون فاتهُم القِطار وأفلست دكاكينهم الحزبِيّة فأُغدِقت عليهم العطايا ودخلُوا إئتلافاتٍ عرَّت مصادر الإملاءات فإذا بترويكا في تونس وشبيهة لها في القاهرة وإذا بأفغانٍ عرب يجلسون مع حلف شمال الأطلنطي في الدّوحة وجماعات الإخوان رافدتهم تُفاوض في بروكسيل ولندن وإخوتهم من سُورِيا مدُّوا أياديهم منذُ زمنٍ للرّقطاء رايس وزوجة الرّئيس التّعيس كلينتون والنّتيجة محسُومة بإرتباط مع حال يسارٍ لا يزال يُضمِّدُ جِراحاته ويبني نفسه ويجمع شتات بعضِهِ البعض.

كُلّ المُؤشّرات تقول إنّ واقع الأقطار الشّاهِدة على ثوراتٍ لم يرتسِم بعد ؛ فميدان التّحرير القاهرِيّ وقُبالة المجلس التّاسيسِيّ في باردُو التونسِيّة وما بينهما من مصانع ومراكز محافظات وأمام المصالح الإدارِيّة تنتصب قوافل الإعتصامات والإضرابات ، وتكتُب الصُّحُف وتتقلّصُ هالات القداسة لتكشف عن جُوع البُطُون والوجه الآخر للديكتاتورِيّة وتفاهة المقولات العجفاء لليبراليّة المعزولة في المقرّات وخلف مقاعد مجالِس منبُوذة ، ولئِن تمكّنت قوى اليمين من إستثمار وُجُود اليسار في الميادين أيّام يناير/كانون الثّانِي وما بعده من سُقُوطٍ ومناورات ليتقدّم في الإنتخابات بماكينة إنتخابِيّة جمعت بين الدّعم الإعلاميّ الرّهيب والمال الطّائل للرّوث الأسود والتّصفيق الإمبريالِيّ وتحالُفات جُثث الليبرالِيّة،فيفُوز ظرفِيًّا ، فإنّ السُّلُطات الوليدة اللّقِيطة ستصطدِمُ بحدّة إحترابٍ طبقِيٍّ ووعي تراكم وشعاراتٍ إذا ما أُلقِيت لن تجِد صدًى ، وستهدِرُ جحافِل لم تُدرك ماهيّة لحظة وقوفها أمام الصّنادِيق مدى تأثيرها،لتُطيح بما زرعته على رُؤُوسها حُكُومات أوروبا وأمريكا،ودعايات إعلامٍ تجاهَل عمدًا قُوًى حرّرت الشُّعُوب إذ قادتها بمضامين ثورِيّة للخلاص من طُغاتِها فسقطت من جديد في حُفرة التّجويع المنهجِيّ والتّفقِير المُتواصِل لصندوق النّهب الدُّولِيّ والبنك الدولِيّ وأشباههما ؛ وأعتقد أنّه آنذاك ستكون تصفية الحساب نِهائِيّة خاصّةً إذا إقترنت بتدعيم القوى الشّيُوعِيّة لبُناها التّنظيمِيّة وإنغرست بإمكاناتٍ أصبحت مُتاحة بعد أن كانت مُستحيلة وإلتحمت بجماهير المُستضعفين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار