الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقل الفلسفي الراهن وأهمية الاقتصاد والاقتصاد السياسي

محمد بوجنال

2011 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يعتبر الاقتصاد السائد اليوم،نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين هو ما يسمى" بالاقتصاد المرن". ومعلوم أن الاقتصاد عموما قد مر بمراحل منها مرحلة الاقتصاد البدائي الذي يهدف إشباع الضروريات المباشرة؛ لذا شهدنا عدم ظهور النقد وعندما ظهر في فترة ما من هذه المرحلة كالمرحلة الزراعية فقد بقي هامشيا حيث استمرت علاقات المقايضة المبنية على ما نسميه في الحقل الانتربولوجي"بالعلاقات الأولية" التي هي بالكاد العلاقات المبنية على قيم الدم والقرابة؛ أما النظام الإقطاعي فقد عامل الإنسان كعبد منتج لصالح السيد؛ وفي النظام الرأسمالي هيمن الرأسمال وفائض القيمة الرأسمالية وبالتالي تسليع الإنسان وكذا اعتماد التعاقد اللاشخصي محل العلاقات والكرامة الإنسانية. وهناك مسلمة واضحة تقول أن الرأسمال إما أن يتم استثماره بشكل متوحش في مشاريع معينة، وإما أن يتم إقراضه للغير وفق قاعدة نسبة الفائدة والربح المتوحشين وبطبيعة الحال على حساب الحاجيات الإنسانية. فالسوق الرأسمالي هو إنتاج السلعة وتحديد قيمتها وسعرها لا من أجل تلبية حاجيات الإنسان، بقدر ما أن ذلك يتم لأجل الحصول على الأرباح التي هي منطق الرأسمالية وبالتالي اتساع نفوذ السوق والمؤسسات البنكية حيث أهمية النقود المجردة التي ليست بمثابة سلعة ولا خدمة بقدر ما أنها عبارة عن "دال" أو علامة ترمز إلى قيمة مجردة؛ بل ونسجل أن هذا الاقتصاد المرن، مسجلا أعلى درجات التجريد قد أصبح دالا بدون مدلول حيث أن الهدف والغاية أصبحا هما تحقيق التراكم الذي أصبح الإنسان جزء لا يتجزأ منه. هكذا تحددت العلاقات الإنتاجية باعتبارها علاقات سلعية هدفها تراكم السلع والأرباح على حساب على حساب إنسانية الإنسان وحقوقه. لذلك قلنا وما زلنا نقول أن قوانين السوق هي قوانين لا إنسانية، قوانين تعتمد قانون" علة الوجود" الذي هو الإله الرأسمالي الذي هو السوق؛ وفي هذا الإطار تم استغلال اللغة أو قل علاقة الدال بالمدلول؛ فالدولة مثلا في نظر الفلسفة التجريبية الانجليزية هي الجهاز الذي له قدرة تحديد اللغة بمعنى أن الذي يحدد العلاقة بين الدال والمدلول هو عامل القوة؛ في حين أن الفلسفة الاداتية ترى أن الذي يحدد العلاقة تلك هو التشييء الضامن لارتفاع الأرباح والفوائد؛ أما الفلسفة البراغماتية فهي الفلسفة التي تدعو إلى ضرورة التكيف وبمرونة مع مقتضيات الواقع، مرونة تقبل وتتبنى تعريف الأقوياء للغة وإعادة التعريف ذاك كلما اقتضت الضرورة ذلك لتأخذ معنى جديدا وبمشروعية جديدة. هكذا يقول بعض الباحثين أن "فلسطين" أصبحت هي "إسرائيل"، و"الضفة الغربية" هي"يهودا والسامرة" بمعنى أننا أمام ما يسمى بفلسفة المطلق التي لا تؤمن ولا تعترف إلا بمنطق القوة والدوس على حقوق المواطنين والشعوب؛ فإرادة القوة هي التي تفرض السبب والنتيجة، والدال والمدلول وبالتالي هي مصدر الدلالة أو اللادلالة.
إذا كان هذا هو حال الفكر الغربي المحكوم بهاجس الرفع من الإنتاج والارتفاع السريع للأرباح والفوائد، فتسليع المجتمعات العربية أصبح من المسلمات التي يصعب التخلي عنها. فكلا المجالين: الاقتصاد والاقتصاد السياسي يتطلبان من الفكر الفلسفي العربي إعطائهما الأهمية القصوى تحليلا وتفكيكا وتقدا وتركيبا لأنهما العمود الفقري لفهم لغة آليات وقوانين تسليع المجتمعات العربية ومنعها بمختلف الوسائل سواء العسكرية أو الأمنية أو المؤسساتية أو التربوية من إمكانية تحقيق التراكم المعرفي أو الحصول على درجة ما من درجات الوجود التي تمكنهم من الانتقال من أدنى درجات الوجود إلى ما هو أرقى وأهم.
فالوضع العربي إذن تحكمه فلسفات من قبيل العقل ألأداتي والبراغماتي ونهاية التاريخ وغيرها التي أقل ما يقال عنها أنها فلسفات معادية لكرامة الإنسان ومنزعجة من آليات وأهمية الديمقراطية ما دام حصول ذلك يعني، وباللزوم، أزمة اللوبي الغربي. وبلغة أكثر دقة، فالتغيير لا يسمح له بالوجود خارج دائرة اقتصاد النظام الرأسمالي. ومن هنا فالفهم الدقيق لدلالة وتوجهات الحراك العربي يقتضي كذلك استدعاء مستويي الاقتصاد والاقتصاد السياسي؛ اقتصاديا المنطقة غنية: الأرض الزراعية، البحر الممتد، الفوسفاط الكثير، الذهب النفيس، النفط، الموارد الحيوانية، الموارد البشرية؛ هذا المستوى يرتبط عضويا وجدليا بمستوى الاقتصاد السياسي الذي مؤداه خلق وتأسيس البنيات التحتية والترسانات القانونية والتشريعية لحصول الإنتاج وكذا مقاييس توزيع الثروة وتحديد الأجور والأسعار والضرائب. ومن هنا أهمية الفكر الفلسفي في كشف حقيقة الآليات المتحكمة في تحديد دلالة وجود الإنسان العربي والتي نحددها باعتباره آليات منها المهيمن ومنها المسيطر.لذا نقول أنه كلما بقي نشاط ونظام المستويين محكوما بقواعد وقوانين دائرة النظام الرأسمالي، كلما تكلمنا عما سمته الرأسمالية ب"الربيع العربي" وهو تعبير يحمل دلالة إصرار العقل الغربي على احتواء الحراك العربي وفق القاعدة الفلسفية التي نسميها "بقاعدة الاستبدال"؛ وعلى النقيض من ذلك ، كلما تمكنت الفلسفة من تكسير الدائرة الاقتصادية والسياسية للنظام الرأسمالي كلما تكلمنا عن ما نسميه "بالثورة" العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا