الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة العارية

خيري حمدان

2011 / 12 / 8
الادب والفن


* * *
تَتَعَرّى الغابةُ السَوداءَ مِنْ أرْدِيَتِها الثَقيلَة
تَتَعَرّى
فَهَلْ اكْتَمَلَتْ مُؤامَرَةُ العَنْقاء في أثْناءِ الليلِ وعِنْدَ
الصَباح؟
تَتَعَرّى
الزوجةُ في حَضْرَةِ العِشيقِ، تَخْشى ناظِرَيْ
زَوجِها
قَدْ تُشْرِعُ الأسودُ بالتَجَوّلِ بَحْثًا عَنِ الفَريسَةِ
الوَحيدَةِ
في الغابَةِ السوداءَ حَيْثُ نَصَبْتُ خَيْمَتي
اخْتَزَلْتُ كُلَّ أضْحِياتِ العيدِ، قَدّمْتُ نفسي
طواعِيَة
قُرْبانًا
لِفَرَحٍ قادِمٍ، أو مَأتمًا يُقْصي السُحُبَ السوداءَ
بعيدًا
عَنْ هذا الحَقْلِ.
تَتَعرّى الغابَةُ السوداءَ، تُكَشّرُ الزواحفُ
والقَوارِضُ
عَنْ أنْيابِها
تَغْضَبُ وَتُزَمْجِرُ وَتَصيحُ، لا تُريدُ رُؤْيَةَ
السماءَ
عارِيَةً
مُجَرّدَةً مِنَ الأكَماتِ الثقيلة والظِلالُ تَحْجبُ
رائِحَةَ
المَوْتِ
أنا مُتَفائِلٌ بِحَجْمِ الانِتِحارِ المُقْبِلِ عِنْدَ المَحَطّةِ
المُقْبِلَةِ
رِحْلَةٌ
طالتْ حَتّى الرَبيعَ العَرَبّيّ الكالِحِ الرَمادِيّ
اللونْ
لا وُرودَ
مُجَرّدَ قُبورٍ مَفْتوحَةٍ مُشْرَعَةٍ، تُعْلِنُ عَنْ مُسابَقَةٍ
لابِتِلاعِ
المَوتى
أيُّ موتى! جَميعَ مَنْ سَقَطَ سَهْوًا أوْ بِرَصاصِ
حَبيبٍ غادِرٍ
لا موتًا مَجّانيًا بَعْدَ الذَبْحِ، مَنْ أرادَ دُخولَ الجنّةِ
فَلْيُعَرّي
روحَهُ الآثِمَةَ أمامَ الملأ وَلْيَعْتَرِفَ بِأخْطاءِ
أجْدادِهِ
مَنْ أرادَ دُخولَ جَهَنّمَ فَعَلَيْهِ أنْ يَلْتَزِمَ الصَمْتَ
وَيُعَرّي
الآخَرين، يُجَرّدُهُمْ مِنْ عَباءاتِ الحَرير
مَنْ أرادَ البَقاءَ مُعَلّقًا بَيْنَ أبْوابِ السَماءِ
فَلْيُعَرّي
حَبيبَهُ القادِمِ مِنَ الحُلْمِ نَحْوَ حِضْنِ الحَياةِ لَيْلاً
* * *
عِنْدَ الصُبْحِ يَصيحُ الديكُ بَحْثًا عَنْ عاهِرَة
نَسِيَتْ أن تَتَعَرّى بَعْدَ أنْ دَفَعَ النَزيلُ ثَمَنَ
جَسَدَهاأ
أخَذَتْ تَجولُ الشَوارِعَ بَحْثًا عَنْ رَجُلٍ
أسْمَرَ
هَرَبَ بَعْدَ أنْ قَطَفَ اللذَةَ مِنْ حَدائِقِها
لَمْ تَأبَهْ لأعْيُنِ المارّة، كانوا يَتَساءَلونَ عَنْ
أسْبابِ
الجُنونْ
لَمْ يَتَنَبّهَ أحَدٌ إلى أنَّ المُتَّهَمَ البَريءُ يَسيرُ إلى
جِوارِهِمْ
مُخْفِيًا عَوْرَتَهُ وَمِحْفَظَتَهُ.
* * *
الحُبّ مَجانيّ في بِلادِنا، وَالمَوْتُ أيْضًا بِحَجْمِ
الحُبِّ
لا تَنْسَ أنْ تُغْلِقَ الأبْوابَ خَلْفَكَ بَعْدَ أنْ تَعْبُرَ
طَبَقاتِ السماءِ العُلْيا
لا تَنْسَ أنْ تُغْلِقَ مَداخِلَ هاتِفِكَ المَحْمولِ
بَعْدَ الهَرَبِ مِنْ جابي الضَرائِب
وحارِسِ قَصْرِ العَدْل
والسَجّان
وَصاحِبِ الدُكّانَ في الحَيّ السَكنِيّ
حَيْثُ يَجوبُ جَسَدَكِ تائِهًا في حُمّى النَهارْ
لا تَنْسَ أنْ تَفْتَحَ قَلْبَكَ للمَلائِكَةِ والشُعَراء
فَهُمْ قادِرونَ عَلى قِراءَةِ حُلْمِك
وَالبَحْثِ عَنْ بَلْسَمٍ لِلنَزْفِ اليَسيرِ في صَمّامِ
الأمانِ
حاوِلْ أنْ تَموتَ قَبْلَ أنْ تُعْلِنَ الحَياةُ التَمَرّدَ على
كَيانِك
قَبْلَ أنْ تَنْطَفِئ شُموعُكِ
حاوِلْ أنْ تَموتَ وَتَصْعَدَ دَرَجَةً أخْرى
لِتَعيشَ في حَديقَةٍ أخْرى
حاوِلْ أنْ تَعيشَ بَعيدًا عَنْ الشِواطِئ الهادِرَة
البَحْرُ الأسْوَدُ لا يَعْرِفُ الراحةَ صَيْفَ شِتاء
والدانوبُ نَضَبَ
لَمْ تَعُدِ السُفُنُ التِجارِيَّة قادِرَة عَلى العُبورِ مِنْ
مَضائِقِهِ
المِياهُ مُلّوّثَة بإثْمِ الاغْتِسالِ
وَالجَسَدُ يَرْفُضُ التَطَهُرَ في النَبيذِ المَسْكوب
بِسَخاءْ
بَعْدَ الإضْرابِ الأخيرِ الذي أعْلَنَهُ
مُنْتِجو العِنَبِ
مَنْ يَشْتَري العِنَبَ حُصْرُمهُ خَمْرٌ
يَحْمَرّ شَقاوَةً حينَ تَمُرّينَ بِالقُرْبِ مِنْ
كَرْمِهِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم


.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع




.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية