الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها

نهاد عبد الستار رشيد

2011 / 12 / 8
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


س1 : هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والأتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذه الثورات ؟ والى اي مدى ؟
ج1 :
نعم . كانت للقوى اليسارية في الثورات العربية مشاركة ملحوظة ، تختلف درجتها من قطر عربي الى آخر ، الا انها اتسمت بضعف المشاركة من جهة وتشتتها من جهة اخرى ، وبرغم ذلك ، فقد شاركت بعض القوى اليسارية والأتحادات الجماهيرية مشاركة فعالة في حركة ( كفاية ) في مصر .
الشباب ، هم الشريحة الأكثر انفتاحا على الثورة التقنية الرقمية التي جاءت بالقنوات الفضائية والأنترنيت التي جعلت العالم الواسع ( شاشة صغيرة ) بين يديك . واصبح بامكان الشباب من جيل الأنترنيت وغيرهم الأتصال بسهولة ببعضهم البعض اينما كانوا . يتبادلون فيما بينهم الأفكار التي سرعان ما تتبلور الى مبادىء للمطالبة بالحرية والعدالة والثورة على المجتمع المتخلف والتقاليد البالية والأنظمة الشمولية بعيدا عن متناول الأحزاب . ومن ناحية ثانية ، فقد تأثرت القوى اليسارية تأثرا سلبيا بعد انهيار المعسكر الأشتراكي الذي كان نموذجا يقتدى به ، فاصاب الأحزاب اليسارية بالأحباط ، وارتد الكثير من انصارها اعتقادا منهم بافول نجم الفكر الأشتراكي ، الذي اصبح في عداد الماضي مما زاد في اضعاف القوى اليسارية وتشتتهم .

س2 : هل كان للأستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في اضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية ؟
ج2 :
كانت الأنظمة الأستبدادية تمارس القمع مع جميع القوى المعادية لها ، الا ان نصيب القوى الديمقراطية واليسارية العلمانية منه كان أكثر مما أثر تأثيرا ملحوظا على اضعافها وتشتيتها ، كما حصل في العراق وسورية .
س3 : هل أعطت هذه الأنتفاضات والثورات دروسا جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها وابتكار سبل انجع لنضالها على مختلف الأصعدة ؟
ج3 :
نعم ، بلا شك . لقد أفرزت الثورات العربية دروسا قيمة يتعين الأستفادة منها ، ومن هذه الدروس على سبيل المثال :
أ ) ضرورة انهاء حالة التشتت التي لحقت بالقوى اليسارية والديمقراطية العلمانية وتوحيدها في جبهة موحدة على امتداد الوطن العربي لتشابه الأوضاع فيها ، واعداد برنامج لها وفق ظروف كل بلد عربي .
ب) الأعتماد على الشباب والمرأة والكسبة وذوي الدخل الواطيء كقاعدة أساسية لهذه الجبهة اليسارية والديمقراطية العلمانية ، باعتبارها تمثل نسبة كبيرة من المجتمعات العربية .
ج) يتعين أضفاء الروح الشبابية على تنظيمات هذه القوى من خلال احتواء الشباب واشراكهم في قيادة التنظيمات وصنع القرارات .
د) تشجيع الشباب والعناصر النسائية على التعبير عن آرائهم في قضايا الساعة من خلال نشر آرائهم ونتاجاتهم الأدبية والفنية والسياسية .
ه) كان لمواقف المجتمع الدولي والأتحاد الأوربي اكبر الأثرفي نجاح ثورات الربيع العربي ، لذا أرى من الضروري الأستفادة من هذا الدرس في التنسيق مع منظمات المجتمع المدني خارج الوطن العربي وكذلك توثيق الروابط مع المنظمات الدولية والأنسانية وتبادل الخبرات معها .
و) أثبتت الثورات العربية أهمية دور المرأة في تغيير المجتمع من خلال مشاركتها المباشرة والفعالة في الأحتجاجات السلمية في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن . وقد قدمت النسوة ضحايا كثيرة في هذا الطريق ، لذا أرى من الضروري احتواء العناصر النسوية الشابة في تنظيمات القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية بشكل أكبر وفسح المجال أمامها من خلال تأهيلها للعمل الحزبي على مستوى القاعدة والقيادة واشراكها في عملية صنع القرار .
س4 : كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الأستبدادية ؟ وما هو شكل هذه المشاركة ؟
ج4 :
تستدعي المشاركة الفاعلة للأحزاب اليسارية والقوى الديمقراطية العلمانية في العملية السياسية بعد الأطاحة بالأنظمة الشمولية ما يلي :
ا) احتواء أوسع الشرائح الأجتماعية من خلال توسيع القاعدة الجماهيرية للجبهة اليسارية والديمقراطية العلمانية عن طريق احتواء المرأة والشباب والكسبة وذوي الدخل الواطيء ، واشراكهم مشاركة فعالة في جميع أنشطة الجبهة والدفاع عن مطالبهم في برنامج شامل قابل للتطبيق على ارض الواقع في كل بلد عربي ، على أن يتم ربط فقرات البرنامج بالحياة اليومية والمهنية ، كالدفاع عن حق الخريجين في التعيين ، والمساواة بين الرجل والمرأة ، ومنع ظاهرة تعدد الزوجات والعنف الأسري ، وما الى ذلك . فمتى ما دخلت القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية في العملية السياسية بشكلها الموحد والمعبر عن طموحات الأغلبية الساحقة من المجتمع ، عندها يكون لها تأثير بارز في قيادة المجتمع والدولة ، فتكسب جزءا من الحاضر وكل المستقبل .

ب) اعداد ميثاق عمل وطني مع القوى المشاركة في السلطة يتضمن قبول برامج القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ووضع آليات واضحة لتنفيذها على أرض الواقع ومتابعة ذلك .
ج) الأستفادة من ثورة التكنولوجيا الرقمية وفسح المجال أمام المرأة والشباب للمشاركة في التعبير عن آرائهم وطموحاتهم وبيان مطالبهم الملحة من خلال الفيس بوك وتويتر وما الى ذلك .
د) التنسيق مع المنظمات الدولية الخاصة بالمرأة وحقوق الأنسان ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز دور القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية في الداخل والخارج .
ه) المشاركة في السلطة تستوجب مزيدا من الصبر ، فكلما اتسعت القاعدة الجماهيرية للقوى اليسارية والديمقراطية العلمانية تكون قد كسبت المستقبل القريب .
و) يجب ان يكون صراع القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية مع حركات الأسلام السياسي الأيجابي المعتدل حضاريا يتصف بالشفافية واحترام الرأي الآخر والأبتعاد عن جميع أشكال العنف ، والعمل على تحريم كل أنواع التثقيف بالعنف والكراهية والتحريض في الأعلام والمناهج الدراسية .
ز) العمل على تشكيل محكمة عليا مستقلة تكون مهمتها البت في قضايا التجاوزات والنزاعات . وتشكيل لجنة مشتركة من جميع القوى المؤتلفة لمتابعة موضوع التجاوزات واجراء ما يلزم .
ح) ايجاد جسور مشتركة مع قوى الأسلام السياسي الأيجابي المعتدل .
س5 : القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت . هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي ، مع البقاء على تعددية المنابر ، يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري ؟
ج5 :
نعم ، بكل تأكيد . فأنا أدعو بأصرار لتشكيل جبهة واسعة من القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية لأقامة نظام مدني علماني قادر على تحقيق مباديء الحرية والديمقراطية والأشتراكية ، والدفاع عن حقوق الأنسان ، وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة ، واحلال السلام في المنطقة والعالم .
هذه الجبهة عندما تحتوي الشباب والمرأة والكسبة وذوي الدخل الواطيء وتؤمن بتعددية المنابر ، ستكسب المستقبل بكل تأكيد .
س6 : هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الأنتخابية وتتصدر واجهة هذه الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع من الجماهير وآفاقا أوسع لأتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
ج6 :
يجب على الأحزاب اليسارية أن تتحلى بالمرونة في تنظيماتها وأهدافها وتتكيف لمختلف الظروف الطارئة ان أرادت الأستمرار في العمل . وينبغي عليها قراءة الواقع الراهن بدقة وتحليله والأستفادة من دروسه والتعامل مع متغيراته بما تتيح تجديد نشاطها وتعزيز دورها في المجتمع ، ومن أولويات ما يفرضه الواقع الحالي عليها ضرورة احتواء النساء بعدد أكبر في تنظيماتها واشراكها لا في قيادة حملاتها الأنتخابية فحسب ، بل ايضا في قيادة تنظيماتها والحق في اصدار القرارات ، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات والأحتجاجات السلمية .
س7 : قوى اليسار معوفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال ، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع ؟
ج7 :
من أجل تنشيط وتعزيز دور قوى اليسار في الدفاع عن حقوق المرأة داخل احزابها وعلى صعيد المجتمع ، ينبغي اتباع ما يلي :
ا) اقحام العناصر النسوية في نشاطات أحزاب قوى اليسار ، وتأهيلها لتولي مواقع قيادية فيها ، واعداد ناشطات ومحاورات للدعاية الأنتخابية وقيادة حملات توعية ، والمشاركة في المناظرات والندوات للدفاع عن المساواة واصدار قانون للأحوال الشخصية ، وتحريم تعدد الزوجات والعنف الأسري والقتل بدعوى الدفاع عن الشرف .
ب) تضمين برامج الأحزاب اليسارية فقرات واضحة تدعو للمساواة وحقوق المرأة الأخرى والسعي من أجل تنفيذها على أرض الواقع عبر الحملات المبرمجة في وسائل الأعلام والفيس بوك وتويتر .
ج) التنسيق مع المنظمات النسوية في الداخل والخارج لتبادل الخبرات وتعزيز دور المرأة الفاعل في المجتمع .
د ) اعداد ناشطات في حقوق المرأة للمساهمة في قيادة الحملات والتجمعات والمؤتمرات التي تعقد داخل البلد وخارجه ، اضافة الى تنظيم واعداد التجمعات الأحتجاجية .
ه ) المساهمة في نشر نتاجاتهن الأدبية والفنية والسياسية .
س8 : هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحد من تأثير الأسلام السياسي السلبي على الحريات العامة وحقوق الأنسان وقضايا المرأة والتحرر ؟
ج8 :
1) يكون بمقدور الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية الحد من تأثير الأسلام السياسي السلبي على الحريات العامة وحقوق الأنسان من خلال قيامها بتحديد جميع التجاوزات التي من المتوقع أن تنشأ عنها والتحاور مع قوى الأسلام السياسي وصولا لأعتبارها انتهاكات لحقوق الأنسان تقتضي العقوبة القانونية لمرتكبيها واحالتهم على القضاء .
2) المطالبة باصدار قوانين تكفل حرية التعبير وحرية الأعتقاد والحرية السياسية المتمثلة بالحق في الأنتخابات والترشيح وحق تقلد الوظائف العامة وحرية التنظيم والأحتجاج السلمي وحرية الفرد في اعتناق أي مذهب ديني يؤمن به أو عدم اعتناق اي مذهب اطلاقا ، ولا يحق للحكومة أو أي كيان آخر التدخل في هذا الموضوع أو تشجيع حركة دينية ضد اخرى ، وضمان جميع الحقوق المدنية وفقا للمواثيق الدولية ، وتشكيل لجنة مشتركة تتألف من القوى المؤتلفة في الحكم لمتابعة التجاوزات والأنتهاكات .
3) اصدار قانون الأحوال الشخصية لتثبيت حقوق المرأة في الزواج والطلاق والمساواة في الأرث .
4) التثقيف بحقوق الأنسان وقضايا المرأة من خلال حملات التوعية والمساهمة في الندوات وبرامج المرأة في القنوات الفضائية
5) محو الأمية بين صفوف كبار السن ونشر الوعي الحقوقي بين صفوف المرأة .
س9 : ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والأنترنيت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر ... الخ ، الا يتطلب ذلك نوعا جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العلمي والمعرفي الكبير ؟
ج9 : يتعين على قيادة الأحزاب اليسارية مواكبة التطور المتسارع في مجال التكنولوجيا الرقمية ، وعلى وجه التحديد ، الحاسوب والأنترنيت والفيس بوك وتويتر من أجل توظيفها لأعداد برامجها ، وخزن المعلومات ، والأتصال بشرائح الشباب والعناصر النسائية المختلفة المتواجدة على صفحات الفيس بوك وتويتر لكسبها وتثقيفها باهداف الأحزاب اليسارية ، اذ عن طريقها تسهل عملية التواصل مع الآخرين ، وبالأمكان الأعلان عن بعض النشاطات كالأجتماعات او التجمعات وما الى ذلك ، كما يمكن انشاء عدة مجموعات وفتح مواضيع للنقاش واضافة مقاطع فديو وروابط مفيدة . ولتنفيذ ذلك ينبغي اعداد الكادر الشبابي والنسوي المؤهل لهذه المهمة ، واقامة دورات تأهيلية في هذا المجال لبرمجة الحواسيب وفق متطلبات وبرامج قيادة الأحزاب اليسارية .
س10 : بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن ، كيف تقيمون مكانته الأعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر ؟
ج10 :
أصبح الحوار المتمدن عبر عشر سنوات من تأسيسه منبرا لشريحة واسعة من الكتاب والشباب نساء ورجالا ،يعبرون من خلال صفحاته الأكترونية عن آرائهم وتطلعاتهم وطموحاتهم المكبوتة . وأستطاع خلال هذه الفترة القصيرة من عمره أن يؤسس تقاليد حضارية للحوار وتبادل الآراء . وباعتباري من أنصار القوى اليسارية ، أجد فيه متنفسا لا يمكن الأستغناء عنه . لقد نجح هذا المنبر في اجتذاب كافة شرائح المجتمع ، وعلى وجه التحديد ، القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ، حيث قرّب من وجهات نظرها المتباينة ، وراح يدعو باخلاص لتوحيد صفوفها في جبهة واسعة تعبر عن طموحات الغالبية العظمى من ابناء الشعب لتأخذ دورها الفعال في قيادة المجتمع والدولة .
من قلب مفعم بالحب والمودة اقدم أحر التهاني للقائمين على هذه المؤسسة الفكرية بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيسها ، مثمنا جهودهم المتميزة واخلاصهم وتفانيهم لخدمة الأنسانية . وأتمنى لكادرها وكتابها ومفكريها رجالا ونساء مزيدا من النجاح والتقدم .
نهاد عبد الستار رشيد
قاص ومترجم وصحفي مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع سياسي أم إرهاب مقنع؟ ما وراء التغيير في هيئة تحرير الش


.. تحليل عسكري لمسار المعارك في سوريا بعد سيطرة المعارضة على مد




.. الاحتلال يفرض مخالفة على مركبة مقدسي بسبب أسماء أولاده


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حالة التأهب القصوى قرب الحدود مع سوريا




.. اللحظات الأولى لاستهداف إسرائيل مربعا سكنيا بحي الصبرة في مد