الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة ال- طزّ - في تصريحات زهير سالم

خوشناف حمو

2011 / 12 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في الثاني عشر من تشرين الثاني ( نوفمبر ) 2011 قام موقع كردووتش الالكتروني، بإجراء حوار مع السيد زهير سالم الناطق الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا ، تضمن رؤية الإخوان المسلمين تجاه المسألة الكردية في سوريا وبعض المسائل الأخرى .
بداية يجهد السيد زهير سالم نفسه في إبداء حرصه على بناء دولة القانون ، ويعلن أن من حق كل شخص يعيش في سوريا أن يتمتع بالحقوق ذاتها بمعزل عن كونه ( عربي أو كردي أو مسيحي أو سني أو علوي ) فالكل سواسية أمام القانون وفي معرض توصيفه للشعب الكردي ، يتحدث السيد زهير سالم عنه ليس بوصفه شعبا ذو شخصية مستقلة بل بوصفه جزء من أكثرية دون أن يحدد علنا ماهية هذه الأكثرية . ولكنه لا ينكر على الكرد بوصفهم أثنية ، استحقاق احترام خصوصيتهم الثقافية .
ونسجل هنا للسيد زهير سالم قدرته على التذاكي في محاولة الخلط المتعمد بين المسائل التي تطرح بوصفها علائم للمجتمع المدني المتبناة من قبل التيارات العلمانية على الساحة السورية وبين ما يخص طروحات المجتمع الأهلي ،فالتعاطي مع مسألة القوميات والأقليات وحلها في إطار يستوعب موضوعة الوحدة والاختلاف بشكل عصري وضمن سياق وحدة البلاد تتعدى مفاهيم الإسلام السياسي ، القائم على ربط الحلول بالأفكار المثالية الميتافيزيقية ، والاستهانة بذكاء الآخر في محاولة لفرض حلول ديماغوجية انطلاقا من فكر أحادي الجانب .
وفي الإشارة إلى رحابة الصدر وقبول الآخر يستشهد بأن (الكثير من رؤساء الجمهورية في سوريا كانوا أكراد دون أن يعترض أحد على ذلك. كما أن المفتى السابق لسوريا كان كرديا. الشيخ رمضان البوطي الذي تتلمذ عليه جيل من السوريين والسوريات يتحدر من عائلة كردية أيضا ) .
طبعا دون أن يضع هذه الشخصيات في سياقها الزمني، فمن المضحك المبكي ، فعلا أن يستشهد صاحبنا بالشيخ البوطي كرمز لقبول الآخر من قبل الإخوان المسلمين.مع العلم أن الآخر هنا هو نظام البعث القائم ، والسيد البوطي ( الكوسموبوليتي )الذي يتقبله كل من النظام والسيد زهير سالم ، هو من تبرأ منه الشعب الكردي ، بعدما وضع (كما يعرف الجميع) نسبه تحت قدميه منذ فترة ليست ببعيدة. وهو ذاته كان جزءا من المنظومة الدينية التي شكلت الغطاء الشرعي لاستبداد النظام وطغيانه . فكيف سمح السيد سالم لنفسه أن يجعل من القبول بالبوطي مؤشرا للانفتاح وقبول الآخر لدى الإخوان المسلمين ؟
ويضيف السيد سالم : (إذا اعتقد أحد أبناء الأقليات بأن له حقوقا تزيد عما يتمتع به أبناء الأكثرية فإن ذلك يدلّ على مشكلة في طريقة تفكيره. ليس لأي مجموعة أن تظن أنها تحتاج حقوقا تتجاوز حقوق المواطنة).
وهنا يفصح السيد سالم عن عفلقه الباطني الكامن تحت الجلد الديني ، كيف يمكن للكرد أن ينالوا حقوقا تتجاوز حقوق الآخرين ، وهم الأقلية ؟ وما هي هذه الحقوق التي يخشاها السيد سالم ؟
لنتناول الأمر بطريقة أخرى ، فإذا اعتقد العربي أنه جزء من الأمة العربية ( وهذا حقه الطبيعي ) فإن السيد سالم وعلى الرغم من تناقضه مع المشاريع القومجية التي طرحها القوميون العرب، لا يجد حرجا في التعايش مع الازدواجية المتناقضة المتمثلة ( بالمقدس في مقابلة المدنس) ، المدنس بوصفه المشروع القومي المدان من قبله مبدئيا ، وبوصفه صنيعة سايكس – بيكو ، والمقدس المتمثل بالمشروع الإسلامي السياسي ،يشفع له انتساب الرسول "محمد " للأمة العربية ، فالانتماء للعروبة هنا ميزة ، يكسبها مكانة غير متوفرة للقوميات الأخرى ، وهكذا نجد السيد الذكي يعود بنا إلى النقطة التي يلتقي فيها مع الفكر العفلقي برسالته الخالدة .
أما إذا أعلن الكردي ، أنه كردي ( بالإذن من السيد سالم وعفلقه الباطني ) ، وطالب بحقوق معينة على أرضية انتمائه هذا ، فهو يعاني من مشكلة في تفكيره كما يستنتج السيد سالم بنظره الثاقب . ذلك لأن الكردي المطالب بحق قومي إنما ينحاز للمدنس ( منتجات سايكس – بيكو ) دون أن يحوز على المقدس الذي لم تمنحه إياه صدفة الانتماء لقومية الرسول التي استحوذ عليها السيد سالم وإخوانه .
وليسامحنا السيد الذي مللت من تكرار إسمه ، المشكلة تكمن في أن الكرد السوريون يفخرون بانتمائهم القومي ذو المدلول "الإشكالي" .
ليس هذا فقط بل إنهم لن يرضوا بديلا عن ممارستهم لكل ما يترتب على هذا الانتماء من حقوق .
وقد ضمن الطرف الكردي مطالبه بوضوح في وثائق المؤتمر الوطني الكردي ، فقد نص بيانه الختامي مثلا على ما يلي:
( في المجال الكردي السوري : رأى المؤتمر أن الشعب الكردي في سوريا هو شعب أصيل ، يعيش على أرضه التاريخية ويشكل جزءا أساسيا من النسيج المجتمعي والوطني والتاريخي لسوريا ، وهذا يتطلب الإقرار الدستوري بوجوده كمكون رئيسي من مكونات الشعب السوري وثاني أكبر قومية فيه ، وإيجاد حل ديمقراطي عادل لقضيته القومية بما يضمن حقه في تقرير مصيره بنفسه ضمن وحدة البلاد ، كما رأى المؤتمر أن حل القضية الكردية يعتبر مدخلا حقيقيا للديمقراطية وامتحانا لقوى المعارضة السورية التي تسعى لتحقيق غد أفضل لسوريا على قاعدة أن سوريا لكل السوريين).
ومن الواضح أن شريكا في الوطن كالسيد سالم لن يهضم هذه الرؤيا بسهولة .
فها هو يعلن وقد أخذ منه الحماس كل مأخذ ، و في خطوة جريئة رفضه للاتفاقيات الاستعمارية والتشكيلات السياسية التي نتجت عنها :
(من غير المقبول أن نقول أن علينا تأسيس دول داخل الدولة . حتى سوريا ذاتها ليست دولة. فإتفاق سايكس-بيكو ليس مرفوضا من قبل الأكراد فحسب. العرب وكل السوريين يرفضونه أيضا. إننا على طريق تجاوز مرحلة سايكس – بيكو) .
وعبارة(دولة داخل الدولة ) هنا ، تعبر ولا شك عن تخوف "إخوانجي " من فكرة اللامركزية ، التي يجدها الكرد لازمة ضرورية كمدخل للدولة العلمانية .وككابح لأية محاولة استبدادية متفردة، هذه الحالة التي تطيح بفكرة "العثمانية الأردوغانية " إلى الحضيض ، وتعري التجربة الأردوغانية من مصداقيتها ، من خلال تسليط الضوء على فشلها الذريع في معالجة المسألة الكردية . وهنا تكمن أهمية الموقف من القضية الكردية كمحك حقيقي واختبار لمصداقية كل الأطراف الفاعلة في نظرتها نحو المستقبل .
و الشيخ زهير ،وحين يطلب منه تحديد موقفه بدقة من الاستحقاقات المتعلقة بالحالة الكردية يجيب على الشكل التالي:
• يسعى الأكراد للحصول على إقرار دستوري بحقوقهم الإثنية .
الجواب : عندما يتم ضمان حقوق المواطنة سيحصل الكل على حقوقهم .... لا يمكن أن يذكر كل ذلك في الدستور. يكفي أن نشرّع قانونا عاما للجميع
• هل سيسمح للأكراد برفع علمهم القومي إلى جانب العلم السوري؟
الجواب :أن الدولة لا ينبغي عليها رفع علم غير علمها.
• يرد في البطاقة الشخصية للمواطن الكردي أنه مواطن عربي سوري بالرغم من كونه كردي وليس عربي. هل سيبقى ذلك في سوريا الجديدة؟
هوية الأكثرية هي هوية الدولة .
• هل تتخلون عن تسمية «العربي» وتتحدثون عن الهوية السورية فقط؟
- لا لا. طز بالهوية السورية! نحن لا نعترف بسوريا هذه. من اختلق سوريا؟ أليست اتفاقية سايكس-بيكو.
أتحدث عن دولة إسلامية للجميع. للعرب وللأكراد والأتراك والشركس وكل من يعيش فيها.
ويمكن تلخيص تصورات الناطق الرسمي للإخوان المسلمين عن سورية المستقبل من خلال إجاباته السابقة وفق ما يلي :
هناك أكثرية ( تتمثل بالمسلمين السنة) ستمسك بزمام الأمور في دولة مدنية في سوريا المستقبل،
• لن تتخلى هذه الدولة عن هويتها العربية كونها ترتبط عضويا بالإسلام ، وعدا عن ذلك تعتبر أية مطالبة بتميز قومي أو إثني نوعا من الإشكالية الفكرية .
• لن ترفع بجانب علم الأكثرية أية أعلام .
• لن تثبت حقوق الكرد في دستور دولة المستقبل ، فيما إذا كان الشيخ زهير أو أحد أقرانه حاكمها .
• لن تذكر على الهوية الجديدة أية ملاحظة أو إضافة تميز المواطن الكردي عن العربي ، وسيكتفى بصفة الأكثرية .
يتمحور الحلم الإخوان المسلمين ، حول فكرة إقامة دولة إسلامية وسوف يسعون بموجب حقوقهم كأكثرية ( في الانتخابات المستقبلية )، إلى محاولة إزالة كل تبعات اتفاقية سايكس بيكو بما فيها "الهوية السورية " .
والحال فإنه يحق لنا ، أن نتساءل عن المساحة المشتركة بين التيار العلماني من جهة والإسلام السياسي في سوريا المتمثل بطليعته الإخوان المسلمون من جهة أخرى .
مع العلم أن الشعب الكردي في سوريا قد اختار لنفسه موقعا في صدارة القوى العلمانية وجعل من طريقة تحصيل حقوقه ضمانة لمقاومة فكرة الإقصاء والاستبداد والتفرد بالحكم في سوريا المستقبل.
فإذا كان من الصحيح أن سوريا بحدودها السياسية الحالية، لم تتشكل بإرادة شعوبها ، وإنما كانت نتاج سايكس-بيكو كما يقول زهير سالم ، إلا أن الصحيح أيضا ، أن الشعوب التي تضمنتها سوريا التاريخية كانت متجاورة ومتعايشة منذ آلاف السنين ، أي قبل قدوم الإسلام ذاته إلى المنطقة بعدة آلاف من السنين ، إن تجربة الشعوب المتجاورة في سوريا عريقة في التعايش ، والآثار التي تعود إلى تاريخ الشرق القديم ( من آشورية وأرامية وميتانية وحورية وغيرها ... ) خير دليل على ذلك .
والشعب الكردي في سوريا إذ يعلن صراحة وبشفافية عن رؤيته لحقوقه المنشودة في سوريا المستقبلية الحرة ، يعلن في عين الوقت حرصه على انتمائه الوطني وتمسكه بوحدة البلاد ، و سلامة أراضيها ، وهو لن يكون أسيرا لردود فعل متشنجة قصيرة النظر لآراء تنطوي على خلفيات تعكس عقلية العهود البائدة . فقد أكد االبيان الختامي للمؤتمر الوطني الكردي على :
(أن إنهاء الأزمة في البلاد يمر من خلال بناء دولة علمانية ديمقراطية تعددية برلمانية وعلى أساس اللامركزية السياسية ، بعيداً عن العنصرية ، دولة المؤسسات والقانون تحقق المساواة في الحقوق والواجبات لكل المواطنين وتحول دون عودة أي شكل من أشكال الاستبداد والشمولية).
وللحق أيضا فإن من حق الشعب السوري بكل أطيافه ، أن يتوقع من ثورته المباركة تجاوز الفكر القومي التسلطي الإقصائي الذي يبدو أنه لم يغب ، لا عن عقلية بعض العلمانيين الذين يطلون برؤوسهم بين الحين والآخر عبر وسائل الإعلام ، متكئين على إنجازات الثورة السورية المباركة، ولا عن تصريحات رموز التيار الإسلامي المتمرغة في وحول الوعود الأردوغانية .
ويحق لنا أيضا أن نتساءل بحذر عن فرص تلاقي أفكار السيد زهير سالم وأقرانه مع تصورات الشعب الكردي في سوريا عن ماهية سوريا المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل