الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لإنقاذ سورية ... مطلوب مبادرة شعبية عربية

فهمي الكتوت

2011 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


من المفارقات الغريبة التي يشهدها الوطن العربي في هذه الايام، اصطفاف دول الجامعة العربية بكافة دولها ومكوناتها السياسية كافة الى جانب الشعب السوري في نضاله من اجل الحرية والديمقراطية، وعلى اهمية انحياز النظام العربي الى قضايا الحرية والديمقراطية- ان صح التعبير- الا ان ذلك يثير السخرية.. لان فاقد الشيء لا يعطيه، حبذا لو قامت دول الجامعة العربية بمراجعة ملفاتها الداخلية، المتعلقة بقضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، والتزمت بالمواثيق الدولية، باعتبارها حقاً من حقوق شعوب الارض، وذلك انسجاما مع الادعاء بمناصرة الشعب السوري. وهنا لا بد من التدقيق في الدوافع الحقيقية وراء الموقف الرسمي للجامعة العربية والقوى المحركة، خاصة وان شعوب الدول الاكثر تشددا في الجامعة العربية، تعاني اكثر من غيرها من الاضطهاد السياسي ومصادرة الحريات العامة والقمع والاعتقال والقتل والحرمان من التعبير السياسي. اما السؤال الاهم; هل اهتمام الادارة الاميركية وحلف الناتو نابع من الحرص على حرية وديمقراطية الشعب السوري، ام هي مناسبة لتمزيق سورية وضرب حركات المقاومة.
لقد عبرت الدول العربية عن موقفها بمقاطعة سورية تجاريا واقتصاديا، بحزمة اجراءات اتخذتها الجامعة العربية، من دون التدقيق في حجم الاضرار التي تنعكس على الاقتصاد السوري والشعب السوري، الذي سيدفع ثمنا باهظا لهذه القرارات، التي تضمنت وقف التعامل مع البنك المركزي والبنك التجاري السوري، ووقف المبادلات التجارية، وتجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية، الامر الذي يحرم سورية من استيراد السلع، كما يحرم الصناعات السورية من المواد الاولية، ويغلق الاسواق العربية في وجه المنتجات السورية، وينعش الاسواق الموازية غير الرسمية بهدف الحصول على العملات الاجنبية لتوفير بعض السلع بوسائل بديلة، ما يعرض العملة السورية الى المضاربات وانخفاض قيمتها، كل ذلك باتجاه خلق مقدمات مادية نحو انهيار الاقتصاد السوري، الامر الذي يعرض الشعب السوري والدولة السورية الى افدح الاخطار.
ان التوجهات والاجراءات التي بدأتها الجامعة العربية ضد سورية لا تعبر عن حرص عربي على مستقبل الشعب السوري او على مبدأ الحرية والديمقرطية، والخشية من ان تفضي هذه الاجراءات الفريدة من نوعها في الجامعة العربية الى شرعنة التدخلات العسكرية، وكان على الجامعة العربية ان تسلك طريقا آخر يسهم في تفكيك الازمة السورية بالوصول الى حلول سياسية عبر المفاوضات مع كافة الاطراف بهدف ردم الهوة وتحقيق الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، ووقف شلال الدماء، وقطع الطريق على التدخلات الاجنبية، وحماية الدولة السورية من الاختراق الصهيوني والتفتت الطائفي والمذهبي والحروب الاهلية. إن دعم الشعب السوري في نضاله من اجل الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية واجب وطني وقومي، كما ان حماية سورية من التدخلات الخارجية لإخراج الشعب السوري من محنته هو ايضا من اولى الواجبات القومية، لتجنيب سورية ما هو اسوأ.
لقد عبرت كل من لبنان والعراق عن عدم مشاركتهما بتنفيذ قرارات المقاطعة، كما طلب الاردن من الجامعة العربية استثناء قطاعي التجارة والطيران الأردنيين من العقوبات العربية على سورية. وبذلك يعتبر الاردن المتضرر الاول بعد سورية - وبعد خروج العراق ولبنان - من المقاطعة، حيث تعتبرسورية البوابة الرئيسية للتجارة الاردنية والمعبر الرئيسي للبضائع والمواد الاولية والمعدات الصناعية الواردة والصادرة الى لبنان وتركيا وشرق اوروبا، خاصة بعد اقامة " المنطقة الحرة السورية الاردنية " في جابر التي تصلها البضائع الواردة من الدول المجاورة ومن الموانىء السورية واللبنانية، ويمتلك التجار الاردنيون والسوريون المستودعات المجهزة في المنطقة الحرة لتأمين جزء مهم من احتياجات الاسواق الاردنية ، كما تعتمد عليها معظم الصناعات التحويلية الاردنية، والمقاطعة ستفرض تحويل مسار هذه المواد باتجاه البحر الاحمر ما يرفع تكلفة السلع التي سيتحملها المواطن الاردني. وسيعرض التبادل التجاري الاردني - السوري للضرر. لذا على الحكومة الاردنية ان لا تنزلق إلى أية مواقف معادية لسورية، وكان على الدبلوماسية الاردنية اتخاذ موقف مشابه لكل من العراق ولبنان، اما الآن لا بد من مراجعة حساباتها كي تكتشف حجم الخسائر التي تلحق بالاقتصاد الوطني خاصة والشعب الاردني عامة. وتعتبر الاردن ولبنان والعراق من اكثر الدول العربية استيرادا للسلع السورية حيث تقدرنسبة الصادرات السورية لهذه البلدان حوالي 62% من اجمالي الصادرات السورية للبلدان العربية، وتحتل العراق المرتبة الاولى.
وعلى الرغم مما وصلت اليه الازمة السورية من تعقيدات، الا ان الممكن الوحيد للخروج من الازمة البحث عن حلول سلمية، ليس لاهمية تحقيق هذا الهدف النبيل فحسب، بل تجنبا لحلول امنية وعسكرية مدمرة، ولاخراج سورية من محنتها، اضم صوتي الى اصوات الشرفاء في الوطن العربي بضرورة التحرك جديا والتقدم بمبادرة شعبية عربية تنهي الصراع المحتدم، وتكفل حقن الدم السوري، وتسهم بتحقيق الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية للشعب السوري، وتوصد الابواب في وجه التدخلات الاجنبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسنت ـ تحليل منطقي ورائع
فهد لعنزي السعودية ( 2011 / 12 / 10 - 03:42 )
ان الجامعة العربية هي جامعة عبرية تراسها دولتنا هما السعودية وجمهورية قطر العظمى وهاتين الدولتين هما اليد اليمنى لامريكا خاصة وللغرب عامة لتنفيذ الاوامر الموكولة لهما والهدف هو تفتيت سوريا خدمة لاسرائيل وحفاضا على المصالح الغربية والا كيف يطالبون سوريا بالاصلاح وهم اولى بالاصلاح في بلدانهم. انها لعبة مكشوفة ولكن من حفر حفرة لايذاء الناس وقع فيها.

اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ