الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اليسار العراقي وأهمية مساهمته في عملية التغير المنتظرة
رياض الأمير
2002 / 9 / 9اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في معركة
الشعب العراقي ضد النظام الدكتاتوري الدموي في بغداد، التقت المعارضة العراقية
بأطيافها المختلفة في عدة مؤتمرات مهمة في بيروت ( فندق البرستول) عام 1991 ومؤتمر
فيينا في حزيران عام 1992 ، وفي صلاح الدين في تشرين الأول من نفس العام وآخرها في
نيويورك عام 1999 وقبله المؤتمر التداولي في العام 1996. وغاب عن بعضها فصائل مهمة
من المعارضة العراقية مثل الحزب الشيوعي العراقي والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية
وحزب الدعوة والمجلس العراقي الحر وممثلين عن المستقلين والوطنيين الديمقراطيين.
وعدم المشاركة بني على أساس اجتهاد لم يبرره التأريخ ، وعلى الرغم من مرور فترة غير
قصيرة على انعقادها. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة وبعد مؤتمر نيويورك تثبتت زعامة
الولايات المتحدة الأمريكية وانفرادها بوضع سياسة العالم دون منازع التي عززتها
أحداث أيلول الماضي. وعلى الصعيد العربي بداية الانتفاضة الفلسطينية
واستمرارها للعام الثاني على التوالي وتغير التحالفات في داخلها وبشأنها. أما على
الصعيد العراقي جاءت السنوات الثلاث بزيادة معاناة الشعب نتيجة الحصار الذي سببه
النظام بسياساته العدوانية. ازدياد بطشه وعدم تطبيق أي من القرارات التي صدرت بحقه
من قبل مجلس الأمن بعد أن اندحار قواته من الكويت ووافق عليها بالكامل ، منها
القرار 688 حول حقوق الإنسان العراقي. فك عزلة النظام وبداية تأهيله حيث وصلت أعلى
مراحله في مؤتمر القمة العربية في بيروت في شهر مارس من العام الحالي عن طريق رشوة
أنظمة عربية "بالسوق الحرة " الذي استطاع النظام عن طريقها كسب تأيد مصر وسوريا
وغيرهما وأخيرا روسيا الاتحادية. وتأهيل النظام البعثي يعني زيادة معاناة الشعب
العراقي وإبقاء رموزه يتوارثون العراق كمزرعة خاصة. وعلى صعيد المعارضة العراقية في
الداخل تغيرت الصورة بشكل واضح، وعلى الرغم من بطش النظام ، في زيادة
وتيرة العمليات الموجهة ضد السلطة ورموزها مما كبدتها خسائر غير قليلة. وأخذت
المدن في الجنوب تشهد غياب قطعان البعث في الليل لقوة المقاومة للنظام. وعلى الرغم
من تلك النجاحات ليس هناك أفق يبشر بأن المقاومة الشعبية تستطيع إسقاط النظام
وتخليص الشعب من شروره. وفي شمال العراق توسعت إدارة الحكم الذاتي الكردي
ووصل بث قنوات الإذاعة المرئية من هناك إلى أرجاء العالم ومن بعضها تنشر صور
التقوقع القومي على خلفية علم وصورة ترافقها تصريحات، مرة موالية لنظام بغداد
ومرة لاغية وحدة الوطن العراقي ومرة خجولة من اجل إسقاط النظام لكن بعد إعطاء
ضمانات. والحرية التي يتمتع فيها الشمال تشهد انتعاش في وسائل الإعلام المختلفة من
صحف وراديو وتشكيل تنظيمات مختلفة. حتى وصلت جحافل تنظيم القاعدة وبمساعدة النظام
ودعمه إلى مناطق تشرف عليها إدارة السليمانية. ويهدف النظام من ذلك التهديد
المبطن لأحد الأصوات الكردية الداعية لوحدة العراق. أما في الخارج فجميع أطياف
المعارضة تستفاد من الحرية المتاحة في دول الغربة، ليس فقط في التنظيم، وإنما
في إصدار الصحف والنشرات المختلفة. واستفادت من التطور الكبير في ثورة المعلومات
بإصدار صفحات على شبكة الإنترنت. كما استمرت عملية تفريخ التنظيمات المعارضة ووصلت
حتى إلى العسكريين السابقين الذين يريدون أن يكون لهم موطئ قدم في عراق المستقبل،
وكأن العقود الأربعة الأخيرة غير كافية بإدارة البلاد والعباد عسكريا.
وامتداد آخر يظهر أن مؤشرات المساعدة الأمريكية لدعم المعارضة العراقية بدأت تأتي
مفعولها في إصدار صحيفة المؤتمر التي غدت منبر للعراقيين. وصوت العراق الحر
يقدم أصوات معارضة مختلفة للسامع العراقي وبداية بث تلفزيون الحرية. وأخذ
المؤتمر الوطني يطبع بصماته على الحياة السياسية العراقية. وان أي رفض أو تقليل من
أهمية المؤتمر كغطاء وطني يظم تحت مظلته أطياف من المعارضة العراقية ، خاصة وأن
المستقلين الوطنيين الديمقراطيين يمثلون وجهه الوطني يعتبر إساءة لتأريخ العراق
السياسي والحزبي والتنظيمي الذي يمتد لأكثر من ثمانية عقود من الزمان. وفي نهاية
السنوات الثلاث على مؤتمر نيويورك تؤكد الإدارة الأمريكية على أهمية إسقاط
النظام وإنهاء شروره ضد الشعب العراقي والمنطقة. وكانت زيارة وفد المعارضة
السداسي ، وعلى الرغم من بعض الاعتراضات ، لكنها مفيدة وتصب في مصلحة
الشعب العراقي وقضيته العادلة المتمثلة بإنهاء الحكم البعثي الصدامي الحالي في
بغداد وتخليص العراق من اعتى نظام دموي يعيشه العالم. ونتيجة لاجتماعات
واشنطن الأخيرة أثير موضوع إعداد مؤتمر جديد للمعارضة العراقية الذي يتمناه
العراقيون بأن يكون الأخير. والأمل أن يكون القادم للذين يشتغلون في السياسة تحت
قبة البرلمان العراقي الحقيقي في بغداد. يعتقد الكثير من العراقيين انه ليس كثيراً
عليهم في أن يتحمل اليسار العراقي (الحزب الشيوعي ومن خرج من رحمه من فصائل
ديموقراطية) دورهم في المساهمة بالتحضير والمشاركة فيه. أن العراقيين ، ولا يشك
أغلبيتهم بان لليسار العراقي وفي مقدمته الحزب الشيوعي الكثير مما يحسب له في
تنظيم العراقيين ورفع معنوياتهم النضالية والدفاع عن المصلحة الوطنية ، وعليه تحسب
السلبيات الكثيرة في تأريخه الطويل ،قبل الثورة وسنوات الثورة الأولى. أن بعض
الأحزاب والتنظيمات المعارضة كالحزب الشيوعي العراقي تمارس المعارضة في شقيين الأول
ضد النظام الفاشستي الصدامي في بغداد لأنه غدر به وأجهز على الكثير من
قادته وأعضاءه والثاني المعارضة ضد المعارضة الوطنية أيضا وكأن المعارضة يجب أن
تكون تحت قيادة حزب دون سواه. وكذلك بعض قوى اليسار العراقي تقوم بنفس الدور.
هذا لا يمنع الوطنين العراقيين من الجهر بأن العداء لليسار العراقي بشكل عام يجب أن
يستأصل كما سيستأصل ورم السرطان البعثي العراقي. إن هدف جميع فصائل المعارضة
العراقية واحد وإن اختلفت الوسيلة، هو إسقاط النظام الذي أسام كل الشرفاء من أبناء
العراق ومنهم الشيوعيين و الإسلاميين بنيرانه وبناء عراق ديمقراطي تعددي لا
مكان فيه للطائفية والعشائرية والمناطقية والتعصب القومي المبني على حساب المصلحة
الوطنية. ولأن المصلحة الوطنية فوق شعارات الحرب الباردة التي انتهت كما انتهى
الاتحاد السوفيتي فلا بد من إعادة التقييم في التحالفات والعمل المشترك مع جميع
أطراف المعارضة العراقية من اجل الوصول إلى ذلك الهدف سريعا ولإنهاء محنة
العراقيين. وان كانت التحالفات مجدية في بداية القرن الماضي للقيام بالثورة
البلشفية فهي الآن مجدية أيضا من أجل إنقاذ شعب مبتلى بعصابة لا ترحم. وكذلك
تحالفات الحرب العالمية الثانية لا زالت أسبابها عملية وواقعية بالنسبة للشعب
العراقي. وأن المعارضة العراقية الحالية بكل أطيافها هي حتما افضل واكثر أيمانا
بقضية الشعب العراقي ومستقبله من حزب البعث العراقي في سبعينات القرن الماضي. أن
العداء لأمريكا لربما ما يبرره أيديولوجيا من قبل الذين لا زالوا يعيشون حقبة
ستينات القرن الماضي. أما الآن وفي بداية الألفية الثالثة وانتصار أفكار آدم
سمث على نظرية "رأس المال" لكارل ماركس فلا بد من النظر إلى العالم بعيون تفرق
الألوان وتعرف الاتجاهات. فعلى سبيل المثال لا الحصر أن الشيوعيين واليسار بصورة
عامة قد تخلى حتى عن الكثير من أهدافه. ولم يعد الحزب الشيوعي الفرنسي يفرض صوته
على الخارطة السياسة في بلاده وانهزم مع كل الأحزاب اليسارية الفرنسية مجتمعة أمام
القوى المحافظة (اليمينية ). وفي إيطاليا وعلى الرغم أن اليسار موجود في الشارع
لكنه فقد قوته التي كانت في ستينات وسبعينات القرن الماضي. أما في دول أوربا
الشرقية فان الصورة تختلف تماما حيث غيرت الأحزاب الشيوعية في بعضها أسمها وانخفض
عدد أعضائها إلى نسبة وصلت إلى التسعين في المائة كما هو الحال في روسيا
الاتحادية. أما في الجمهوريات التي كانت جزء من الاتحاد السوفيتي تحول زعماء
الأحزاب الشيوعية إلى رؤساء جمهوريات لا يختلفون عن رؤساء جمهوريات العالم الثالث
كما في الكونغو أو في العراق والأحزاب الشيوعية فيها إلى أحزاب لا لون ولا طعم لها.
وفي الوقت الذي يرفض فيه أغلب العراقيين تلك الفتاوى الرجعية في تحريم التعاون مع
اليسار العراقي والحزب الشيوعي بالذات، وهو الحزب الذي قدم التضحيات من اجل العراق
، يتمنون في نفس الوقت من المنظمات اليسارية وتحديدا من الشيوعيين العراقيين
والتنظيمات اليسارية الأخرى أن لا يضعوا الشروط التعجيزية في العمل المشترك
في جبهة عريضة من اجل إنهاء الحكم الدموي الذي ينحر رقاب أبناء العراق والذي
شرد الملايين منهم وهدر إمكانات بلدهم المادية في حروب عبثية وعلى رفاهية الطبقة
الحاكمة. أن إنجاح المؤتمر القادم للمعارضة وتقديم صوت عراقي واحد للعالم وللولايات
المتحدة بالذات يصب في مصلحة العراق وشعبه. أن الأمل على التغير من الداخل هو حلم
غير واقعي. أن إسقاط نظام كالنظام الحاضر في بغداد الذي لا يعترف بأي معارضة لا
يمكن أن يتم دون مساعدة خارجية. ولتكن مصلحة العراق وشعبه هي الأساس، وحتى وان كانت
الوسيلة مختلفة. أن مجموعات المعارضة التي التقت أهدافها مع الإدارة الأمريكية في
إسقاط النظام الجائر هي جدار جيد يمكن تقويته. والمؤتمر القادم واللقاءات التي
تظم جميع الأطراف المعارضة مهمة وإسقاط النظام البعثي المارق لا يتم عن طريق وسائل
الإعلام وحدها لأنها غير قادرة للوصول إلى ذلك الهدف. وإن في التخاطب المباشر
والتحاور بين الأطراف المختلفة يمكن أن يحسن الوسيلة ويبقي على الهدف الذي يوحدها
والمتمثل في إنهاء النظام الديكتاتوري ومحنة العراق وإعادة الوحدة لأراضيه وشعبه.
أن الأمل الذي ينشده العراقيون في الداخل وفي الخارج كبير في أن يكون للمعارضة
العراقية صوت واحد والإسراع بإنهاء النظام الصدامي الجائر وتحرير العراق من
العبودية من أجل المباشرة في بناء عراق ديموقراطي تعددي خالي من العصبية الطائفية
والنعرة القومية. وصندوق الاقتراع هو الفصل في تحديد من هو الأقرب إلى طموح
العراقيين في تحقيق المستقبل المشرق لهم ومحو آثار جريمة العقود الأربع الأخيرة منذ
بداية انقلابات البعث التي جاءت بقطار أمريكي. والأمل في أن يزيل نفس القطار تلك
القاذورات التي سوف يكنسها مع شعبنا ويرميها في مزبلة التأريخ. ولسان حال الكثيرين
يقول: " لا عذر لمن يتقاعس عن تقوية الجبهة الوطنية المعارضة استنادا على أي حجة لا
تمت إلى واقع الحال الذي تعيشه القوى التي تريد بناء عراق جديد خالي من القهر
والعبودية بجميع أشكالها ".
كاتب عراقي يعيش في المنفى.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال
.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم
.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل
.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس
.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح