الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن بحاجة الى يسار جديد؟

اسامة على عبد الحليم

2011 / 12 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ارتبط مفهوم اليسار بالتجربة الثورية فى اوربا, وكان يشير الى المجموعة التى جلست فى الجهة اليسرى من البرلمان الذى تكون بعد الثورة الفرنسية , والذى ايد عملية التحول تلقاء الجمهورية العلمانية, وقد انتقل هذا الارتباط الى البرلمان الانجليزى لفترة ثم اختفى بعد ان تحول اليسار الى مفهوم وتيار فكرى, رغم ان ترتيب الجلوس هذا مازال موجودا فى البرلمان الفرنسى حتى الآن
الصراع بين الليبراليين الاجتماعييين ( دعاة الحرية والعدالة الاجتماعية ) والاشتراكية الديمقراطيين ( اصلاحيون يرون ان الثورة يمكن ان تأتى عبر الانتخابات) وبين الاشتراكية الثورية( الشيوعية) صنف دائما على انه صراع فى اطار التيار اليسارى فى سبيل تحقيق مواقع ضمن خرائط الصر اع على السلطة فى العالم
ويبدو لى ان محاولة ايجاد تعريف شامل ومانع لهذا المصلح ستصدم مباشرة بمشكلة عجز العلوم الاجتماعية فى امام قضية المصطلحات, مايجعلها عادة تأتى عامة , فضاضة وليست منضبطة بشكل جيد
يمكن ان نقول ان التفريق بين اليسار واليمين ارتبط تقليديا بالنظرة الى الدولة فى علاقتها بالديمقراطية والاقتصاد ففى حين عبرت اليسارية تاريخيا عن افكار مثل الحرية، المساواة، الإخاء، و الحقوق، والتقدمية، والإصلاح، والعالمية والاشتراكية , كان اليمين دائما يعبر عن افكار الفردانية والملكية الخاصة لوسائل الانتاج وسياسات السوق
مشكلة اليسار السودانى تاريخيا فى انه انهزم امام التجربة السياسة , صحيح انه حقق بعض الإنجازات وقاد نضال الشعب السودانى فى كثير من المراحل ألتاريخية وأثمرت هذه الحقيقة ان كسب السودانيون حقوقا مهمة مثل مجانية التعليم والعلاج والوعى العام باهمية الديمقراطية , ولكنه ايضا سمح بضياع هذه ألمكتسبات وعجز فى كثير من الاحيان عن قراءة التحولات الاجتماعية هناك, وخصوصية المجتمع التى لم ينتبه لها الا مؤخرا فى انشغاله الدائم بالاشكالات النظرية التى تواجه مقولات الفلسفة وادواتها , بل ان الحزب الشيوعى ظل متمرسا خلف اسم الشيوعية حتى فى اسوأ لحظاتها بعد سقوط الجدار , رغم سوء سمعة هذه الكلمة فى مجتمع رعوى زراعى تقليدى, ودون ان يبرز مؤتمره الاخير اى اثر لما كان يتردد حول مراجعات نظرية تحدث منذ فترة العمل السرى, وفشل فشلا ذريعا فى تترجمه مواقفه لمصلحة متطلبات الانسان السودانى البسيط في كل انحاء البلد في حراكة اليومي , حاجته الى الخبز والماء والحرية,
ومع اعترافى بان هناك ظروف موضوعية اهمها غياب الحزب عن الساحة لفترات طويلة بسبب الانظمة ألشمولية لكن اهم الاسباب فى تقديرى هو اصرار هذا الحزب على عدم الاقتراب من السلطة عبر سلاح الانقلاب , ورغم ان الحزب الشيوعى قدم مساهمة مهمة فى مسالة شكل الدولة وطرح مشروع الدولة المدنية الديمقراطية كحل لمشكلات السودان , لكنه سيبقى حلا غير قابل للتطبيق مالم يأتى هذا الحزب الى السلطة, لكن الحزب يصر على انتهاج الخيار الاصلاحى الذى يمثله عادة تيار الاشتراكية الديمقراطية الذى لا يعتد كثيرا بالماركسية كمرشد نظرى للحزب فى حراكه وسط الجماهير!!
هل المح هنا بعض التناقض؟
التيار اليسارى (عموما) فى هذا السبيل تحالف مع احزاب اليمين فى تجربة التجمع الوطنى الديمقراطى ابان فترة الكفاح ضد الانقاذ بحماس شديد, واخطأ كثيرا بتجاهله لقوى الهامش فى الشرق والغرب الا فى فتره متأخرة , بعد ان اصبحت هذه القوى رقما مهما فى معادلة المعارضة والحكم, بل ان الحزب الشيوعى كان يتفاوض وينسق مع المؤتمر الشعبى منذ فترة مبكرة متجاهلا دور المؤتمر الشعبى فى كوارث السودان وهو تعاون مازال مستمرا حتى الان( انظر الى حوارى مع دكتور الشفيع خضر هنا
http://tamlat.blogspot.com/2007/09/25-2005-1983-1985.html
وهو يقول( نتعاون معهم ولا نغفر لهم)!!
ربما يمثل ماقدمت محاولة لنقد اليسار فى السودان, وكيف تحول الى تجمع من المثقفين لافائدة ترجى منهم لتحقيق اى تغيير على المدى القريب, مايدعونى للتساؤل حول ما اذا كنا بحاجة ليسار جديد؟
هل يمكن اعتبار القوى الجديدة فى قرفنا , وكفاية, والجبهة الديمقراطية وغيرها من حركات مواقع التواصل الاجتماعى, وحركات الشرق والغرب والوسط والشمال اساسا لتيار يسارى جديد يضمن فكرة بقاء الديمقراطية ويؤسس لسياسة ذات ابعاد اجتماعية واقتصادية عاجلة تضمن كرامة الانسان السودانى ؟
اهم الاسئلة التى تواجهنا هنا هو كيف تستطيع هذه القوى ان تصل الى شكل تنظيمى يملا فراغ غيبة اليسار التقليدى ويوازن بين خصوصية المجتمع السودانى وحاجاته الملحة فى مناهضة سياسات اللبرالية الجديدة , وافكار مدرسة شيكاغو الاقتصادية , دون ان نغرق فى مقولات نظرية تؤدى الى ما آل اليه امر اليسار القديم؟ يسار يطمح الى قلب النظام الرأسمالى الى اشتراكى دون ان يتحول الى جزء من منظومته, تيار قادر على شرح مدى التناقض الكبير بين الفكر الاقتصادى الليبرالى الحالى و الاسلام؟
هل تحمل الحركة اليسارية الحالية الداعية للتغيير اى مشروعات جدية حول التغيير؟ ام التغيير هو تغيير النظام, ومن ثم العودة الى حلقة الشيطان لندور فيها بين ديمقراطية فأنقلاب عسكرى وهكذا دواليك؟
لعل هذه محاولة للفهم ليس المقصود بها الا ان نزود انفسنا بالاسئلة دون اى انتقاص من دور الآخرين ولا مساهماتهم طالما ان النقاش حر , هنا على الاقل

مدون سودانى فىhttp://tamlat.blogspot.com/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت