الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية العربية و الكردية /دعوة الى الخروج من شرنقة المفاهيم لبناء وطن متجدد

أحمد مولود الطيار

2004 / 12 / 26
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


كنت قد تناولت في مقال سابق نشر بعنوان " المعارضة السورية العربية و الكردية / ازدواجية الخطاب السياسي – تغليب القومي على الوطني "و هذا المقال يعدّ تكملة لما ابتدأته في المقال السابق .
تتجلى أزمة المعارضة السورية, ليس في عديدها القليل و ليس في رجالها الذين أصبحوا في العمر عتيا , بل أن العديد من طيفها , لم يستطع حتى اللحظة , أن يغادر شبكة العنكبوت , التي لا زال رهين خيوطها . لذلك لم يستطع الخروج من إسار مفاهيم وأيديولوجيات تلقت من سهام النقد, ما جعلها تترنح و تسقط مولية الأدبار إلى غير رجعة . و لازال البعض من هذه المعارضة , يكرر اسطوانة مشروخة عفّ عنها الزمن , يستجر خطابات و عنتريات الخمسينيات و الستينيات , محاولا حشر الواقع في النظرية , منطلقين في فهمهم للواقع بناء على مرجعيات شاخت و أدوات فكر و تحليل و نصوص مقدسة . بينما فهم الواقع يقتضي تجددا في الفكر و أدواته , فالعالم يتغير من حولنا , و الكل يتقدم و سيرورة الحياة مستمرة , يحاول الفكر فيها لا أن يعي التطور الواقع و حسب , بل أن يسبقه و يستشرف آفاقه .
إن التحولات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الفتوحات المدهشة في ميدان سيطرة الإنسان على الطبيعة من خلال العلم و المعرفة و ثورة الاتصالات, و تقدم مفاهيم جديدة لم تألفها منطقتنا العربية في الحقب الفائتة: احترام حقوق الإنسان و الجماعات و الديموقراطية والعلمانية.. , كل تلك التحولات الهائلة , أوقعت البعض أفرادا و أحزابا و نظما و طغم لصوصية متسلبطة , في حسابات حقل لن تنطبق على بيدرها .
لو حاولنا الدخول في التفاصيل أكثر, لربما ابتعدنا عن التعميم و عاينا الأمور عن كثب سنجد نماذج مفوّتة وقعت في فخ الايدولوجيا من حيث هي تركيب و تلفيق و عماء , من حيث هي نصوص قدست و رموز ألهت , لا من حيث هي منهج و تحليل و تركيب و نصوص متحررة من كل قيد و مفتوحة على كل اجتهاد و على الأفق الخصب الغير محدود بنظر, المعبأ بنسائم الحرية .
ففي جلسات الحوار العربي الكردي و التي بوشر بها عقب أحداث القامشلي المؤلمة , برزت نقاشات أقل ما يقال فيها أنها نقاشات بيزنطية , تصطدم بالجدار و الأنكى أنها لا تفتح أي ثغرة فيه , بل تفج الرأس فقط .
طبيعي جدا الاختلاف و التباين و التفارق و التناقض , كلها أمور مرافقة للوجود و الحياة و حقيقة الأشياء . لا يمكن لنا نشدان التغير و حث الخطى إلى أمام من دون الاختلاف و التباين , لا تقدم و لا ارتقاء من دون تفاوت و تناقض , سنن الكون و البشر .
المرض العضال لدى طيف هام من المتحاورين , قصر النظر عن الواقع و ما يمور تحته , و محاولة جلب الماضي ليكون بديلا للحاضر و المستقبل . و التستر بالقومي و الالتهاء به عن قصد بدلا من خوض غمار استحقاقات الوطني الملح . ننتقد الأصولية بكل تلاوينها و نقع في مطب رؤاها و تحليلاتها . نتمسك بالأفكار القومية و ندعو للوحدة العربية و لا نعير اهتمامنا , بأن الوحدة الوطنية , هي الأهم و هي الجسر الموصل إلى أحلامنا الوحدوية .
يدعو البعض إلى الدولة الوطنية الحديثة و لا يعمل على تثبيت دعائمها . يتلهّون بأحلام طوباوية لن ترى النور , طالما لا يفهمون الدولة , إلا أرضا و جغرافيا و نسوا و ضاعت بوصلتهم و بأن الدول الحديثة لا تشتق وطنيتها فقط من أكداس من الأراضي و الحجر, بل و على الدرجة ذاتها من المواطنة و سيادة القانون و الديموقراطية التي هي الضمانة الحقيقية للمساواة و الحرية .
جاء المتحاورون و في أذهانهم مرسوم سلفا , سلم الأولويات , غير عابئين بأن أولوياتهم و مفضلاتهم ليست مقدسة . الوحدة الوطنية الشعار و المدخل لتلك الحوارات , لكنه شعار و شعار فقط , فالهم و الاهتمام في الجانب العربي : الهم القومي . وفي الجانب الكردي : كردستان بأقاليمها الأربعة و تجاذبات الحالة الكردية في تركيا و العراق . نسي المتحاورون و غاب عن أذهانهم , أنهم يجتمعون عقب أحداث مؤلمة المساهم الأكبر في صنعها , نظام استبدادي لا يفرق بينهم , بل همه تفرقتهم و شرذمتهم . بدلا من أن يتصدر أعلى جدول أعمالهم, دحر ذلك الاستبداد و إقامة دولة المواطنة و القانون , تهنا في التفاصيل : " إن الجمهورية العربية السورية بكافة أبناءها تدين ........ " . (مقدمة البيان الذي يراد نشره إلى الرأي العام و لم ير النور )هنا عقدة النجار و تثلم منشاره .
رفض الأخوة الأكراد هذه التسمية و اقترحوا بدلا منها " الجمهورية السورية " . الأخوة العرب أصحاب شعار يمتد من " الخليج الثائر إلى المحيط الهادر " طغت أحلامهم القومية و عروبتهم المتأصلة و أصروا أن الاسم هكذا .. جزء مهم من الأخوة الأكراد أعلنوها مجلجلة قوية مدفوعين بنشوة انتصارات خارج حدودهم : لا والله لن نفوّتها و لن نقبل بهذا الاسم .و الخاسر الأكبر هو سوريا و سورية بالألف الممدوة و التاء المربوطة .
ضعنا بالتفاصيل و نسينا لماذا اجتمعنا , اختلط الحابل بالنابل , و الكل يشمر و يقدح زناد أفكاره بكل ما أوتي من حجج , يدحض بها ويفند حجج الطرف الآخر :
- نحن أغلبية و أنتم أقلية ......
- الجمهورية السورية في الأربعينيات و الخمسينيات هو الاسم المعتمد و البعث هو من أضاف "العربية " إلى العنوان .
- هذا حقنا و لو أجرينا استفتاء على هذا الاسم من جميع مواطني القطر لبقي على حاله , الجمهورية العربية السورية .
- ..................................................
- ...................................................
- .....................................................
خفت صوت العقل و المؤسف أن الأغلبية و الأقلية لدى جزء مهم يعمل في السياسة هي أغلبية إما قومية أو أثنية أو طائفية أو عشائرية , أما كمفهوم سياسي و إيديولوجي فغائبة و باعتقادي المتواضع أن هذا المفهوم هو ما يجب الاشتغال عليه من قبل كافة الأحزاب و المتحاورين , إن كنا فعلا جادين بادعائنا للديموقراطية , لأننا بتركيزنا على هذا المفهوم , نرسخ قيم و ثقافة الديموقراطية في ثقافتنا السياسية و ما عدا ذلك حسب الدكتور برهان غليون فأمامنا صدامات و صراعات دموية و تفتت و تذرر لن تفيد معها لا أغلبية و أقلية .
تمسك المتحاورون ب " ثوابتهم الوحدوية و القومية " ووصلوا بخلافاتهم إلى ما يشتهيه نظام الاستبداد السوري . أعلنوا بتحجرهم و تمسكهم بتلك " الثوابت " عن وقف أعمال الحوار .
و إلى إشعار أخر و حتى ينضج الجميع, باي باي وحدة وطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟