الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفندم .. يافندم

مجدي مهني أمين

2011 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تتأكد أي ثورة من خلال ثقافتها، فالثورة حين تنجح ترسي ثقافة جديدة، ترسي مفاهيم ومصطلحات ولغة جديدة بين الناس.
ثورة يوليو ألغت الألقاب ، وصدّرت مفهوم "كلنا سيد في هذا الوطن،" وبالطبع جاء هذا المفهوم كي يسد فراغ غياب لقب الباشا والبيه؛ الألقاب التي كرست كل الشعب في خدمة مجتمع النصف في المائة. كانت الثورة تحاول أن ترسي ثقافة جديدة، واهتمت بالتعليم والانتاج كي تقرب المسافة بين الطبقات، وما بقى من فراغ ملأته الثورة بالأمن.

وتمادي دور الأمن وتنامى ، على حساب التعليم والانتاج، وفي تعاظم دور الأمن، تعاظمت مكانة رجل الأمن، فرويدا رويدا أصبح "باشا"، بل أصبح "باشا" فور التخرج من كلية الشرطة. ومرة أخرى عادت الألقاب، استردها رجال الأعمال المتحالفون مع النظام، وبقيت في أدبيات الشعب عبارات مثل : أنت زخر لنا ، ومرة أخرى - مع هٍرم ثورة يوليو- ضاعت مفاهيم المساواة، واسترد كافة المسئولون ألقاب معاليك، وباشا، وسعادتك، وبيه، والأمر لم يمنع من أن يحصل المسئول على تركيب مزجي من لقبين مثل: سعادة البيه، معاليك ياباشا، والقائمة طويلة... اليوم 14 ديسمبر في الفضائية المصرية كانت "معاليك" بتلف بين الصحفيين في حوارهم مع المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات.

معاليك تكرس المعنى أنه الأعلى، في حين أنه المسئول؛ مسئول اسم مفعول، والشعب سائل "اسم فاعل". ثورة الشباب تدعونا أن نتحرر من ثقافة التبجيل إلى ثقافة المساواة والاحترام المتبادل، المسئول مسئول أمام الشعب، في يده صلاحيات واخدها من الشعب، والشعب يسأله: عملت إيه بالصلاحيات لخدمة مصالح الشعب؟

في ثقافة التبجيل، يغيب العقل النقدي، و يتشوه النقد بين ما يجب وما لا يجب أن يقال ؛ وبين التلميح دون التصريح. في ثقافة التبجيل يغيب العقل فيسلّم الناس عقولهم لمن يعتقدون إنه أكثرهم علما ودراية، ثقافة التبجيل هي الأساس في ثقافة الصمت والخوف والتغاضي عن أخطاء المسئولين، أو حتى مجرد تنويرهم وتبصيرهم. أزاي واحد من الشعب ينور أو يبصِّر، أو ينتقد واحد مسئول؟ ليه هي الميه ممكن تجري في العالي؟

كان فيه فساد في عهد مبارك، لأنه كان فيه استعباد، كان فيه مسافة كبيرة بين المسئول والشعب، حوائط نفسية بين المسئول والشعب، حوائط فوق رأس الشعب، والمسئول فوق هذه الحوائط. الشعب لا يرى إلا الشعب تحت ظلام هذه الحوائط . والمسئول فوق، الدنيا أمامه فضاء، وفوق هذه الحوائط يرى المسئولون بعضهم البعض وهم يتحركون بحرية فوق رؤوس البشر، ولو واحد من الشعب شاف واحد مسئول، نجد أن هذا الواحد يصرخ بعلو الصوت : معاليك، معاليك... أو يوطي صوته حتى لا يؤذي سمع المسئول وهو يلهج بذات النداء: معاليك، معاليك...

ثقافة التبجيل هي الحائط الجاسم على صدور الناس، وجاءت الثورة كي تحررهم منه. زمان كنا كلنا "سيد" في هذا الوطن، طيب ينفع دلوقت نكون كلنا "أفندم" في هذا الوطن؟ المسئول يصبح افندم والسائل برضه أفندم، عايزين نتحرر من ثقافة التبجيل إلى ثقافة المساواة، فمع ثورة الشباب تبقى قاعدة المياه لا تجري في العالي، قاعدة افتراضية، لأنه مع الثورة ما بقيش فيه عالي.كلنا شعب ومسئولون أصبحنا على أرضية واحدة لنا نفس القدر من الاحترام المتبادل.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار