الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن الراوندي مفسرا للقرآن

عادل بشير الصاري

2011 / 12 / 14
كتابات ساخرة


يعد أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق ( 210 هـ ـ250 هـ ) الشهير بابن الراوندي من أوائل مفسري القرآن ، فقد قام بتفسير بعض من آياته ، وعلق على بعضها الآخر بروح ساخرة ، وإذا كان المفسرون الآخرون قد رأوا في القرآن كلاما إلاهيا مقدسا لا يأتيه الباطل ، فإن ابن الراوندي تعامل معه على أنه كتاب بشري ملئ بالتناقض والتعارض بين آياته .
وتبدو شخصية ابن الراوندي من خلال تفسيره وتعليقاته على النص القرآني شخصية بسيطة وساذجة في بعض الأحيان ، لكنها في الواقع شخصية ذكية تتمتع بذكاء فطري ، حتى يخيل إليك ـ وأنت تقرأ تعليقاته ـ أنها لا تختلف عن شخصية الرجل العامي في ذكائه وتصوره وحكمه على الأشياء غير المألوفة ، أو الأشياء التي لا يحيط بها عقله ، وهو على النقيض من كافة مفسري القرآن الذين أفنوا أعمارهم في تفسيره ، مستعينين بكافة العلوم والمعارف ، حيث ضرب بها عرض الحائط كلها ، وأخضع النص القرآني لذائقته وعقله ، ومن خلال تفسيراته وتعليقاته يتبين أن ذائقة وعقل هذا الرجل لا يبعدان كثير عن ذائقة وعقول العوام والبسطاء والظرفاء والمتشككين في الأديان ، فقد أتى بما يتوائم معهم ، ويلذ لهم ، ويختلج في صدورهم ، وما يميزه عنهم هو باح بما يجول في خاطره وأعلن عنه جهارا ، لكنهم هم لم يفعلوا مثله ، فقد بقيت تلك الأراء حبيسة في صدورهم مخلفة حيرة وقلقا عميقين .
وفيما يلي مقتطفات من تفسيره وتعليقاته على بعض النصوص القرآنية :
1-نجد في كلام أكثم بن صيفي أحد خطباء العرب قبل الإسلام أحسن من (( إنا أعطيناك الكوثر )) .
2- قال معلقا على الآية (( إن كيد الشيطان كان ضعيفا )) ، أي ضعف به وقد أخرج آدم من الجنة ؟ .
3-قال معلقا على الآية (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) . إنما يكره السؤالَ رديءُ السلعة ، لئلا تقع عليه عين التاجر فيفتضح .
4- قال (( ولما وصف الجنة قال فيها أنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وهو الحليب ، ولا يكاد يشتهيه إلا الجائع ، وذكر العسل ولا يطلب إلا صرفا ، والزنجبيل وهو ليس من لذيذ الأشربة ، والسندس يفرش ولا يلبس ، كذلك الاستبرق وهو الغليظ من الديباج ، ومن تخايل أنه في الجنة يلبس هذا الغليظ ، ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الأكراد والنبط )) .
5- قال : إن الله أهلك ثمودا من أجل ناقة ، فما قدر ناقة ؟ .
6- أشار إلى أن الآية (( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله )) تعارض الآية (( لا يهدي من هو مسرف )) .
7- وأشار إلى أن الآية (( ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده )) تعارض الآية (( فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم )) .
8- قال : ومن فاحش ظلمه ـ يقصد الله سبحانه وتعالى قوله (( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها )) ، وبذلك يكون عذَّب جلودا لم تعصه .
9- أشار إلى أن الله لا يعرف الحساب ، فقد غلط في العد حين قال (( خلق الأرض في يومين )) ، ثم قال : (( وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام )) ، ثم قال : (( فقضاهن سبع سموات في يومين )) .
10- قال : ونرى الله يفتخر بالمكر والخداع في قوله : (( ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين )) ، ويفتخر كذلك بأنه يفتن بين خلقه في قوله (( كذلك فتنا بعضهم ببعض )) .
أخيرا ... أليست شخصية ابن الراوندي بسيطة وعفوية وظريفة جدا ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس