الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عُقدة البعث وفزّاعة عودته للسُلطة

مصطفى القرة داغي

2011 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


عُقدة البَعث وفزّاعة عودته للسُلطة هُما حالتان مُتشابهتان بالنتائج لكنهما مُختلفتان بالدَوافع والأسباب.فعُقدة البَعث هي مُتلازمة أصيب بها كثير مِن العراقيين خصوصاً أولئك المُنتمون لأحزاب سياسية عاصَرَت البَعث خلال مرحلة صُعوده، وخاضت مَعَه صِراعات مُتواصلة في ستينات وسبعينات القرن الماضي للإستيلاء على السُلطة، التي نجح البَعث بالإستيلاء عليها مَرّتين لأسباب لسنا في مَجال بحثها بهذا المقال، فيما فشَلت هي في ذلك. أما فزاعة عودة البَعث فهيَ كذبة تتشدّق بها وتُرَوّج لها شخصيات وأحزاب مُعيّنة ضِمن الطبقة السياسية التي هُيء لها حُكم العراق بعد2003 لتبرير فشَلها بأدارة البلاد مِن ناحية، ولكسب تعاطُف بُسطاء العُقول وضِعاف النُفوس مِن ناحية أخرى. ورَغم إختلاف الدَوافع بَين الحالتين، إلا ان النتيجة واحدة، لأن مَصالح المُصابين بعُقدة البَعث قد إلتقت بمَصالح المُلوحين بفزاعة عودَته للسُلطة، حتى باتَ بَعضُُ المُصابين بعُقدة البَعث ومِنهم مُثقفين وعّاظاً لسَلاطين أحزاب الإسلام السياسي التي في السُلطة ومَدّاحين لساسَتِها، مُتناسين ربما عَن قصد أن أغلب هذه الأحزاب لا تقِل سوءً براديكاليتها وشُمُوليتها عَن حزب البَعث إن لم تكن أسوَء، وهو مابات يَطرَح اليوم تساؤلاً مُهماً عَن حقيقة مُعارضة أمثال هؤلاء الذين يُسَمّون بالمُثقفين لنظام البَعث في السابق، وهل إن هذه المُعارضة كانت فعلاً ضد كتاتورية البَعث ولأجل الديمُقراطية؟ أم لأسباب أخرى كالتي بَدَأت تتكشف اليوم شيئاً فشيئاً؟
لقد باتَ التلويح بفزّاعة عَودة البَعث للسُلطة يُثير الضَحك والإستِهزاء لدى أكثر العراقيين، لكنه مازال يُثير الخوف لدى أولئك المُصابين بعُقدة البَعث. وآخر مَرّة تم التلويح بها بهذه الفزّاعة والتي لن تكون الأخيرة، ما أعلنه الحِزب الحاكم قبل فترة عَن إكتشافه لمُخطط يقوم به ضُباط وأكاديميين لقلب نِظام الحُكم وإعادة البَعث للسُلطة. تصَوّروا.. مَع كل هذه الأجهزة الأمنية والقوات الأمريكية في العراق، وبعد 8 سَنوات مِن سُقوطِه، لايَزال البَعث فعّالاً وقادراً على قلب نظام الحُكم والعَودة للسُلطة، فيا سُبحان الله، أي مَجنون يُفكر بالقيام بمِثل هكذا مُهمة إنتحارية فاشلة؟ قصة مُضحِكة، والأكثر إضحاكاً، ما ترَدّدَ عَن إكتشافها عِبر وثائق وُجدت بسَفارة العراق في ليبيا ومَعلومات إستخبارية سورية. فِلم هِندي مَع الإعتذار الشَديد للأفلام الهندية الأكثر رُقياً مِمّا يَنسُجه الخيال المَريض لساسَة العراق، لكنه فِلم مَرّ على بَعض مَن إستمتعوا بمُشاهَدَته وإنطلت عَليهم أحداثه الوَهمِيّة المُلفقة، وتنفسوا الصُعَداء لفشَل البَعث الذي تطارد كوابيسَه أحلامَهم بتحقيق مُخطّطِه، وفرحوا لنَجاح حكومة المالكي في كشفِه وإحباطِه قبل أن يَحدُث، فيا للغباء.
طبعاً الهَدَف مِن التلويح بهذه الفزّاعة في هذه المَرّة بات واضحاً، فعَن طريقها تمَكن حزب الدَعوة الحاكِم ورئيسه مِن ضَرب مِئة عُصفور بحَجَر واحد. فقد إستخدمَها كذريعة للتخلص مِمّن يُعارضونه ولا يَسيرون وفق هَواه وأجندَتِه المَشبوهة في مُؤسسات الدولة الأمنية والعلمية الذين لفِقت لهُم هذه التهمة الكاذبة وباتوا اليوم في غياهِب السُجون، كما فعَلت فِعل الشائِعة لتشويه سُمعة عَدُوّه اللدود الدكتور علاوي وقائمته التي أصابَها مِن طشّار الفزّاعة الكثير كونها مُتهَمة أصلاً بكذبة أنها بَعثية سُنيّة وتضُم بَعثيين مِمّا سَيُضعِف شَعبيتها ويُقوي شَعبية دولة القانون وسط مَن صَدّقوا هذا الهُراء والذين أعيد إستقطابهم طائفياً وهُم كثر، وأخيراً ساعَدَت في إحكام المالكي لقبضَته القوية أصلاً على أجهزة الدولة الأمنية ومُؤسساتها الأخرى مَع إقتراب الإنسِحاب الأمريكي وخلو الساحة العراقية له ولأعوانه وحلفائه ليفعلوا بها ما يَحلو لهُم.
لقد باتت إسطوانة البَعث المَشخوطة سَخيفة تنفِر الآذان عِند سَماعِها لكثرة ما ترَدّدت على ألسِنة مَسؤولي السُلطة ووعاظهم مِن مُدّعي الثقافة، الذين يُعيدون ويَصقلون بها دون كلل أو مَلل مُنذ 8 سنوات، وبَعضُهم كتبَ عَن المُؤامرة الأخيرة المَزعومة مُؤيداً السُلطة في كل إجرائاتها القمعية المُخالفة للقانون. فهَل فعَلوا ذلك لأنهم صَدّقو الأمر بسَذاجتِهم وعُقدِهِم؟ أم أنهم أرادوا الترويجَ له بين الناس ليُصبح حقيقة وأمراً واقعاً كونه مِن نَسج الخَيال المَريض لهُم ولأسيادِهم؟ طبعاً مايُهمهم حالياً هو النتائج الآنية للموضوع والتي تبدوا إيجابية بالنسبة لهم، أما نتائجُه المُستقبلية التي أعمى الحِقد والثأر عُقولهم وقلوبهم عَن رؤيتها، فهي وفق العقل والمَنطق ودورة التأريخ سَلبية وسَتنقلِب وبالاً عليهم بإذن الله. فهُم بعَمَلِهم الغبي هذا يُكرّرون ما فعَله البَعث منذ30عاماً، عندما جَعَل مِن حزب الدَعوة الذي لم يَكن سِوى تنظيماً لمَجموعة مِن الشباب المُتدَيّنين حِزباً للنِضال والتضحيات، بإتهامه حينها لكل مَن يُعارضه بأنه دعوَجي، فأضفى عليهم بذلك مَنقبة لم تكن لهُم وهي مُعارضته والوقوف بوَجهه والعَمَل على إسقاطه، وهُم اليوم يُكرّرون نفس الغلطة الغبيّة بإتهامِهم لكل مَن يُعارضَهم بأنه بَعثي ظناً مِنهم أن ذلك سَيُشوّه البَعث، لكن على العَكس فمُعارضَتِهم هي اليوم مَنقبة تُشَرّف مَن يقوم بها، وبالتالي فهذا الأمر سَيُعطي شعبية للبَعث بل وسَيُكسِبُه تعاطفاً مُضافاً للتعاطُف الذي يَكسَبه مُنذ 2003 بسَبَب سياساتهم الغبيّة في مُلاحقة جميع البَعثيين على الشُبهة دون تمييز، وتجريدِهم مِن أبسط حقوقهم في المُواطنة والإنسانية. عُموماً نقول لهم.. إذا كان البَعث قد إمتلك في زمانه وَرَقة توت العَلمانية التي سَترَت ولو جُزئاً ضئيلاً مِن عَورته السَيّئة، فإنكم وأحزابكم لا تمتلكون حتى هذه الورقة، وبالتالي فعَورتكم مَكشوفة وسَوئتكم واضحة وفضائِحُكم تزكِم الأنوف.

مصطفى القرة داغي
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ