الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويل للمنافقين

نادين البدير

2011 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



يستيقظ على موعد مع الأعلى. والأعلى هنا ليس الله أو الضمير. يستيقظ بلا رأى أو شعور. صباحه كمسائه لا نكهة لهما. ولا دور له بهما، لا يرسم أى ملامح لأيامه.

يبدأ الكتابة.. الكاتب المشهور والصحفى اللامع. يريد إنهاء قطعته اليومية. لكنه يتذكر موعده. ويتجه فوراً قبلة رب قلمه وعموده وتوزع الجريدة. ونقرأ العمود وبقية الأعمدة. نقرأ التطابق حد الكفر. وتتكشف شفرة بلهاء يفكها أى صغير. صفحات الحرية أصبحت مسرحا للعرائس المتحركة. كل العرائس كانت على موعد مع الكبير، وبعضها مازال ينافق حالماً بلقائه ذات يوم بعد كل حدث، بعد كل بيان، بعد كل خطاب.. تتفق الأقلام الصحفية على رأى واحد. من يصدق هذا الإجماع المخيف؟

من يصدق تفكيرهم الأوحد؟ كأن وحياً مر عليهم ليلاً فحفظوه وأعادوا صياغته، كل بطريقته، لينشروه صبحاً مقالاً يخدم الأعلى ويخون المواطن. أين شرف المهنة؟

لاتزال صحافتنا صحافة بداوة لم تنتقل للمدينة ولم يمارس عليها التوطين. لايزال الصحفى يظن نفسه شاعر البلاط القديم، مهمته مدح الخليفة وهجاء معاديه، أما الحقيقة فأبعد عن كل اهتماماته. مضحكون. يفاخرون بأنها دلائل وحدة وطنية. الوحدة الوطنية لا تظهر على صفحات الجرائد إنما هناك فى الشارع العام. الوحدة الوطنية تتجلى بين أفراد الشعب ووحدتهم مع أرضهم وتكاتفهم مع بعضهم، ولهذه قصص أخرى موجعة. أما التكاتف بين الصحفى والمسؤول فليس وحدة وطنية ولا هو مؤشر لأى وحدة . إنما هو عقد نفاق. وعقد نفاق مرحلى.

أحدث مثال هو بيان وقعته بعض الأقلام الناشطة السعودية عرف بـ(بيان القطيف)، فور ظهوره هجمت عليه الصحافة لتنتقده بصورة عاطفية رديئة، وأعلن سماحة المفتى نقده للبيان فهناك فى رأيه قنوات رسمية لإيصال صوت المواطن للمسؤولين دون تواقيع وفضائح. ألا يعرف سماحته أنه لا وجود هنا لمؤسسات مجتمع مدنى، فكيف سيصل الصوت للمسؤولين؟ وألا يعرف سماحته أنه لا مجال لكل الأصوات الحقيقية فى قناة الصحافة إنما أصوات قارعى الطبول، فكيف سيصل الصوت للمسؤولين؟

حين يتهجم الصحفى على المواطن دفاعاً عن موقف المسؤول، فهذا لا يعنى أننا نعيش وحدة وطنية إنما أزمة وطنية. فرقة بين الإعلام والشارع العريض، وقطيعة بين منبر المفترض أنه ملك لحق المواطن فى التعبير عن رأيه (أياً كان ذلك الرأى) فى ظل غياب كل الوسائل المدنية، لكن بدلاً من ممارسة هذا الدور الشريف تنتهك الصحافة عرض ذاتها وتبيح شرفها، فتصنف المواطنين وتطلق عليهم الأحكام بين خونة ومخلصين. تخذلهم، تزجرهم وتقمعهم، ثم تجلد صوت المواطن بسوط القلم. هذه هى المباحث الحديثة. معتقلات صحفية.

انتهى عهد اعتقال الصحفيين. صار الصحفى جزءاً من النظام وجريدته هى المعتقل. هنا يوأد الفكر وتشوه سمعة الحرية، وهنا يباع الإعلام بين مزادات البلاط.

الصحفيون العرب الذين مارسوا النفاق للمسؤولين القدامى، مازالوا موجودين. امتداحهم للثورات وشتمهم للرؤساء الراحلين لا يعنيان أنهم تحولوا عن خطهم وعادوا لشرف المهنة والوطنية، ما حدث عشية الثورة أنهم جددوا نفاقهم وحولوا وجهته فقط. هذه المرة سيولون وجوههم شطر الشعب. سيقرعون له الطبول، فالشعب اليوم هو (المسؤول). وفور شعور المنافقين بأن البساط بدأ ينسحب سيولون وجوههم شطر قبلة جديدة وسترون. يستيقظ ليكتب عموده ولا ينظر للمرآة، فتقاسيم مقاله كتقاسيم وجهه، صارت تحمل خليطاً مشوهاً من وجوه كل المسؤولين الذين مروا من هنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لك كل التقدير
مازن صلاح ( 2011 / 12 / 15 - 08:16 )
يا نادين العزيزة... هناك صحفيين ضمائرهم اسوأ بكثير من الحكام الطغاة فهم سيوف الطغاة و تاريخنا المعاصر فيه نماذج عدة من هؤلاء


2 - بعد عدة سنوات
Abbas mohammed ( 2011 / 12 / 15 - 08:20 )
اعتقد انك ستكونين احد الاسماء البارزه في المستقبل لتغيير النظام السعودي السلفي الوهابي الدوغماتي الذي يستخدم الدين وسيله وغطاء لقمع كل شيئ .مثلما استخدمت الدوله العثمانية وغيرها من الدويلات العربية والاعجمية التبريرات الدينية لاحتلال واستعمار العرب وسرقة خيراته ومصادرة حرية الناس وحقوقهم.


3 - مؤمنون، ليسوا منافقين
أحمد التاوتي ( 2011 / 12 / 15 - 08:42 )
سيدتي الكريمة، النفاق هو البقاء على المبدأ مع اظهار خلافه ، تقية او مراوغة الى انجلاء العاصفة ..و الحال فان الصحافة المذكورة ليست بهذا السياق.. الملاحظ انهم في ديمومة ايمانية غيبية شديدة الكثافة على عقولهم و هو حال كل المؤمنين
الذين لا تملك طبيعتهم البقاء لفترة وجيزة بدون ان تؤمن بقوة ماثلة.
أخلص تحياتي


4 - النقد الذاتي
عبد الله اغونان ( 2011 / 12 / 15 - 09:29 )
انت ايضا ياسيدة نادين البدير هل تملكين حرية القرار من موقعك كصحفية ومقدمة برنامج في قناة الحرة.ايمكنك استضافة محجبات او منقبات مضطهدات
او لهن ادوار ومسؤولية وابداعا
ارجو الا تقعي في ما تنتقدين عليه صحافيي السعودية خاصة


5 - واقع مؤلم
دانا جلال ( 2011 / 12 / 15 - 11:03 )
عشرة على عشرة ونجمة فوق، فهي مقالة معبرة عن واقع صحفيي الكوبونات النفطية في جملكيات( جمهوريات موروثة وملكيات ادعاء النسل الهاشمي) و محاولتهم لاعاقة حركة التاريخ


6 - انهيار المبادئ
د.فؤاد الكردي ( 2011 / 12 / 15 - 14:50 )
أحسنت سيدتي فمقالك هو الحق بعينه


7 - ماهى الحلول المتاحة؟
جاك عطالله ( 2011 / 12 / 15 - 15:16 )
من العار ان تترك الضارب والقاتل يضرب ويقتل - و تنتهر المضروب والمقتول ان يصرخ من الالم- انها قمة البجاحة وعدم الشعور والانفصال عن الواقع المقرف- مشكلة المشاكل ان المسئول والكبير والحاكم هو المشكلة الاساسية للمواطن و انتزاعه يتطلب ثورات شعبية والثورات الشعبية تسرق مرة اخرى من العسكر ومن القوى الدينية البدوية الفاسدة- فما هو الحل ؟؟ كل ثورة تتكلف دماءا غالية وتضحيات جسيمة وتقابل بالمزيد من اضعاف الشعب و افلاسه - ؟؟؟ فكيف نخرج من هذه الحلقة الجهنمية
ارجو ان تتحفينا بحلول بالمقال القادم


8 - عندما تُشرق الأشواك والأزهارُ تذبل
الحكيم البابلي ( 2011 / 12 / 15 - 22:31 )
السيدة الفاضلة نادين البدير
شخصياً لا أُلقي كل اللوم على حكامنا العرب ، بل الملوم الأول برأيي هو تلك الشريحة من المجتمعات التي تتمثل في : المنافقون ، الوصوليون ، الحربائيون ، الجلاوزة الصغار ، العضاريط ، منتهزي الفرص ، لابسي الأقنعة ، مقبلي المؤخرات ، البوصليون الذين يركضون خلف محصلة الربح والخسارة ... الخ
أغلب الأمراض التي تنخر مجتمعات العالم سببها هذه الشريحة الهدامة التي لا تعرف الخجل أو الإستحياء والتي تخلو قواميسها من مفردة : ضمير
وحتماً كل حاكم وظالم ومفتري وسارق وصاحب سلطة سيعتمد على هذه الشريحة الوسخة في تثبيت أعماله وسياسته ومظالمه
شخصياً اُطلق على الفرد من هذه الشريحة تسمية ( أبو زيد السروجي ) ، وهو بطل مقامات الحريري الشهيرة ، كان أفاقاً فصيح اللسان ، صاحب حيلة وأدب ، ذكياً لا ضمير له ، يجمع الأموال عن طريق الوعظ وإدعاء التقوى والفضيلة ، ثم يتمتع بغنائمه سراً بالإنهماك في اللذات والأطايبح
حتى موقع الحوار المتمدن لا يخلو من السروجيين الذين يميلون أينما تميل رياح القوة
الويلات كثيرة سيدتي ، لكنها لن تنال المنافقين كما في عنوانك ، هي للشرفاء فقط ، مع شديد الأسف
تحياتي


9 - خسي المنافقون وهم كثر
ذ محمد ساامي ( 2011 / 12 / 16 - 01:55 )

{إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون}
صذق الباري تعالى
وخسي المنافقون


10 - ليس في الإمكان
كامل النجار ( 2011 / 12 / 16 - 08:16 )
ليس في الإمكان أبدع من هذا المقال المختصر المفيد. الشجاعة الصحفية قد يكون لها ثمن باهظ. أرفع قبعتي احتراماً لك


11 - زهرة من وسط صحراء
على عمران ( 2011 / 12 / 16 - 11:51 )
الى الشابة الرائعة نادين
كتابتك تشفى جروحى
لك منى الف تحية وتحية


12 - رجال الدين اخطر افات مجتماعتنا
عرفة قاسم ( 2011 / 12 / 16 - 13:47 )
نفاق الحاكم ..المصلحة على حساب المبادىء الانسانية ..الذين يطبلون للجالس على الكرسى ومن يعطيهم الدراهم ..من يحللون كل جرائم السلطان ويحرمون حق المسكين فى الشكوى وحق الشعوب فى الثورة على الظلم والفساد ..انهم آفة كل عصر وكل مجتمع .ولكن مصيبة مجتماعاتنا الاكبر هى رجال الدين ومنتفعية الذين يبررون كل الجرائم -بفتوى تفصيل- حسب الطلب ..هؤلاء سيدتى هم الاكثر خطورة فى مجتماعاتنا العربية ..


13 - رومانيا -بوخارست
رياض صاحب ( 2011 / 12 / 20 - 20:17 )
.اكتبي فلابد ان ياتي اليوم الذي تنتصر فيه الاقلام الشريفه على فقهاء الظلام والمنافقين .

اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟