الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة – قصة قصيرة

كامل السعدون

2004 / 12 / 26
الادب والفن


هو عمرٌ وود جميلٌ جمعنا منذ أيام السجن والنضال السري وصولا إلى مخيمات اللجوء في أكثر من بلد ، وأنتهاءٍ بالأقامة هنا في شمال العالم حيث القطب والثلج والشتاء الطويل .
رغم أنه تغير كثيراً وأنقلب على كثير مما جمعنا في السجون والمنافي ، فأن الود لم يضطرب بل تعزز أكثر .
هه ,,, حقيقة يثير أستغرابي هذا الرجل ...كنا نجلد من يختلف معنا وكأننا نملك الجواب ، حتى هو ذاته كان جلاداً ...لكنه سرعان ما ملّ لعبة الجلد وأنقلب إلى متفرج يواسي الأثنين معاً ...الضحية والجلاد بذات الآن...!
لم أكن أزوره....لم يدعني ولا أي من الشلة يوماً ...لكنه لم ينقطع عنا أبداً ...بل كان يسرف في الكرم حين يدعونا للغداء ...في المطاعم الراقية ...!
- هل يعجبك هذا الدور ؟
- أي دور ...؟
- المضيف المتنقل ...!
- اللعنة عليكم...وماذا أفعل ....خلقت هكذا ..." وقهقه بلطف "..... يا أخي على الأقل أنا لا أجلد نفسي ، ولكني أحاول أن أستكشف درباً ثالثاً بين الضحية والجلاد ...!
- هه ....أظنها وراثة ...." وسرحت عيناه في الأفق البعيد " ...سلفي ...عاش ومات وهو يجلد نفسه بينما القميئة تعد أنفاسه وتنتظر ....حتى أذنت له بالرحيل عند النفس السبعون ...!
- من ...؟
- أبي ..." رحمه الله ...كان يحلم ولكنه لم يجرؤ ..."
- بم...؟
- لا عليك ...ربما بأخرى ...ليست لديها هواية عدّ الأنفاس ...!

""""""

أيام عديدة مرت ولم أره ...ولا أي واحد منّا ...سامحها الله ..." الضئيلة " أو " آخر هزائمي " كما كان يدعوها في لحظات السكر ، صفقت الباب حالما رأت وجوهنا ....!
- وعثرت على العنوان ...
- - ماذا تفعل يا رجل ..." هتفت به قبل أن أعانقه
- أرعاها...
- ترعى ماذا ...في هذا القبو الغارق بالكتب ورماد السجائر...؟
- النبتة التي أود أستنباتها في...دمي ...
- محمود ...ما هذا الهراء ...
- أششششششششششش...لا تسمعك وإلا طردتك في الحال ...أنها ..." وغامت عيناه في الأفق البعيد إلى ما وراء الثلج الذي يصفع النافذة بقوة..."
ثم عاد لي أكثر ألقاً ..." لا هي لا تفعلها ,,,أنت لم تعرفها بعد ...إنها عذبة....جداً "
- محمود...هل أنت محموم....؟
- طبعاً لا ...هل بلغك عني يوماً أني أصبت بما تصابون به أنتم أيها المتشنجون " وقهقه بلطف " ثم تابع بجد..." ثق بما أفعل ...سترى..النتائج " ...أنتظر ...سأهيء لك شاياً بالنعناع...القهوة ممنوعة هنا ...ليس لنا إلا أن نطيع الحبيب ..."
ذهب إلى المطبخ ، فيما غرقت أنا في لجة الفكر...حبيب ...نبتة...شاي بالنعناع ...ماذا حل بصاحبي...لا ...أكيد الرجل تزوج ...لكن أين هي ؟ من ؟ ثم بهذه السرعة ؟ ولماذا لم يخبرنا على الأقل ...ربما كنا نساعد في شيئ...!!
- أتاني همسٌه الخافتٌ من المطبخ ...كان مشبعاً بالدفء والشفافية :
- تشربين هنا ...طيب حبيبي...حبة وحدة سكر كلمعتاد تفضلي ...
- محمود..." هتفت به برهبة حين عاد حاملاً قدحي الشاي " لم نتعرف على المدام...
- أي مدام…؟
- زوجتك الجديدة …؟
- ولكني لم أتزوج ….بعد…!
- ماذا ؟ ومن كنت تكلم أذن …حبة سكر ..تشربين هنا ,,,تفضلي …
- الم أقل لك …النبتة التي أود غرسها في دمي….؟
- محمود …هذا جنون …أنت تنتحر …
- أرجوك …" وأمتدت يده إلى زر شاشة حاسوبه العتيق …ضغط الزر فأنبلجت في الحال زرقةُ غمرت عتمة الغرقة بضوءٍ شفيف…!
- اليست جميلة…" تنهد بحرقة وتابع " ستكون أول أنتصاراتي …أبتسم لها …أنتظر سأرى ماذا سنأكل للغداء …!
وأنا أغلق الباب خلفي …سمعته يهتف بنشوة…لا حاجة للغداء حبيبي …لقد رحل …!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاسئلة المتوقعة فى امتحان اللغة العربية.. المراجعة النهائية


.. محمود رشاد مخرج -أم الدنيا-: الفنانة سوسن بدر مدرسة كبيرة في




.. محمد صابر عرب كان وزير ثقافة في أربع حكومات.. ولكن هل كان مح


.. أعظم لقطات السينما المصرية صورها سعيد الشيمي ??




.. إزاي تصور جوه الأتوبيس بكاميرا سينما.. مهمة مش سهلة خالص ??