الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما ضَــرَّ لو جاء المترشحُ العربي في الانتخابات بأقل من 99,99% ؟!

ابراهيم عباس نتو

2004 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


و أسفاه علينا في بلاد العرب..!

الآن و بعد أن سنحت الفرصة للمواطن العربي (الفلسطيني) -بعد الكثير من التلكؤ والتأخير و طول الانتظار- بعد أن سنحت فرصة تاريخية فريدة، و بعد نزاعات طويلة و فرص ضائعة و خسارات مؤلمة و احتقانات مريرة؛ ..الآن، و بعد أن جاءت الفرصة لأن يتقدم أكثر من متقدم مترشح عربي لسدة الحكم و الرئاسة،..أما آن الأوان في بلاد العرب أن تعطى "للديموقراطيا" و لو حتى نصف-فرصة؟

أليس من المنصف أن يجد الإنسان العربي فرصة حقيقية لممارسة شيء من المشاركة حتى ولو في نوع واحد من أنواع القرار المتصل بمصيره، الانتخاب.؟!



فعندما نسمع بإجراء "الانتخابات" في هذا القطر أو ذاك، فإنا نلاحظ في الغالب الأغلب المحاولة المستميتة تلو المحاولة.. للحيلولة دون توافر أكثر من مترشح واحد أحد! بل نجد أن لعدد من الجهات الخارجية أيضاً أصابعَ و ألسنةً تدفع إلى تأكيد أحادية و"وحدانية" الترشح(و كأنه ليس هناك من "جولة ثانية" تصفوية ربما يتمكن معها الناخب العربي من "تصفية" الاختيار بين أعلى اثنين من المترشحين.)



لقد سئمَ العرب فكرة "الزعيم الأوحد"، و مَجّوا تأليه الحاكم الجاثم. و في المقابل، يبدوا أنهم بدؤوا يستوعبون، بل و ربما من كثرة ما سمعوا وشاهدوا، أنهم بدؤوا يتشربون رؤية ما تتداوله وسائل الإعلام (خاصة المرئي منها) صفوف و طوابير "المقترعين"، و في رواية "الناخبين"، و في رواية أخرى، "المصوتين"؛.. تلك الطوابير بعد الطوابير المنتظرة بصبر و شوق "للإدلاء بأصواتهم" و لممارسة الحق المقدس لمحاولة تشكيل و لو جزء من مصائرهم.



إن من المحزن جداً أن نجد عدداً من الساسة و منظمي "الانتخابات" الشرقيين بعامة، و العرب بخاصة- لا يطيقون غير الرأي الواحد؛ و لا يرتاحون إلاّ لمسلسل الزعامة التسنمي الأحادي؛ و حتى حينما يسمح القائد للمقودين بالتصويت --و في رواية "بالاستفتاء"-- فإنه يود لو أن تأتي النتائج (مجللةً) بالإجماع التام.. أو –في أقل اعتبار- بمستوى 99.99% !.. حتى و لو ظل قبلها متسنماً كرسي الزعامة لعقود مستطالة و كأنها مستدامة.. و حتى لو استنفد قواه الجسمية وغير الجسمية، و حتى لو بلغ من السن عتياً، و حتى و لو ظهر للناس --بالصوت و أيضاً بالصورة-- أن فترة صلاحيته قد انتهت..



بالأمس تردد في وسائل الإعلام أن القائد الفلسطيني الشاب –و هو رهين المعتقلات الإسرائيلية مروان البرغوثي- أنه أقدم على الترشح للمنصب الرئاسي الفلسطيني؛.. ثم سرعان ما أشيعت الشائعات عن سحبه طلب الترشح؛.. ثم عاد مروان –و لو لفترة وجيزة-- فعقد العزم على المضي قدماً في الترشيح فكلف زوجته لتقوم بمهمة تقديم أوراق الترشيح (و كان ذلك في "الساعة الأخيرة"، حرفياً) قبيل قفل باب الترشح. ثم لقي ما لقيه من العنت و التوبيخ، و أيضاً المطالبة بالانسحاب من الحملة الانتخابية.. بل و حتى التهديد!



و أتت الضغوط من "الداخل"، و تكالبت عليها و معها من "الخارج" أيضاً ضغوط عربية و إسرائيلية و دولية، عليه و على غيره. فجاء في أحد عناوين الأخبار: "مصطفى البرغوثي مرشح الرآسة [هكذا] يتعرض لاعتداء ويدخل المستشفى." و يبدو فيما قيل هنا ان حادث الاعتداء جاء من العدو الإسرائيلي، فكان الدكتور مصطفى من بين العشرة الذين تقدموا للترشح و لاقى (عدد منهم) أنواعاً من الاعتداء، معظمها جاء من العدو الإسرائيلي.



ثم نجحت "الضغوطات"(بدأنا نلاحظ مؤخراً للأسف أن صار عندنا في هذا مضمار معانات المواطنين صيغة "جمع" جديدة لصيغة الجمع.."ضغوط"!) في الأسبوع الثاني من ديسمبر 2004م --للأسف الشديد- على "مروان" البرغوثي لسحب ترشحه في الانتخابات المقرر إجراؤها مع مطلع السنة القادمة في 9 من يناير 2005م، و ذلك بعد قيام زوجته (بعد أن كانت قد قدمت طلب الترشيح أصلاً نيابة عنه) ..بسحب الطلب بعد مضي أقل من أسبوعين.



فبهذا لم يعط أحد الشبيبة من كوادر القادة الواعدين، و لو حتى الفرصة ليحرك جزءاً من المياه الراكدة العربية بعامة و الفلسطينية بخاصة؛ و لو حتى ليثبت وجوده هو –و ليقول أنا لا أزال هنا..كإنسان؛ و لو ليأخذ فرصة ليثير انتباه وسائل الإعلام في العالم –بل و العرب، و أيضاً انتباه ممن تقادمت أخباره عندهم حتى من الفلسطينيين-- إلى وضع اعتقاله المتطاول و مسجونيته المريرة؛ و لو لتمكينه من أن يضع قدمه على سلم القيادة للأجيال القادمة بعد أن وصل عدد من القادة المسنين (ممن قضى نحبه و ممن ينتظر) فئة"لاختيارية"/ "الشُّـياب".. ممن قارب منهم مرحلة أرذل العمر و مستوى التكلس.



· ما ضَـرَّ لو ترشح أكثر من مترشح عربي؟.. و ما ضر لو حاول إنسان منافسة الزعيم الواحد الأحد؟

· ما ضر لو تسببت الحملة الانتخابية في إعطاء فرصة للنقاش..و لتبادل الآراء؟

· ما ضر لو احترمنا --و لو مرة- أنفسنا، و سمحنا للناس بالاختيار الحر؟



· و .. ما ضر لو جاء المرشح الأكبر بأقل من 99,99% ؟!!



إنه ليس من شأني التعرض حتى بالقول عمَن المرشحين يستحق أن يحقق تبوأ سدة القيادة الفلسطينية، فهذا هَـمُّ و شأنُ الفلسطينيين حصرًا؛.. و لكنه يحزنني، بل و يؤلمني --كمواطن في هذه الأمة-- أن لا تتوافر للمواطن فرصة حقيقية للتعددية الحقة؛ و أن لا يجد المرء..و لا يتمكنُ- من حق و فرصة الاختيار!



* عميد سابق في جامعة البترول..(الظهران، السعودية)



_____________

د. إبراهيم عباس نـَـتــُّـو

Dr. Ibraheem A. NATTO

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع