الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعاون التكنولوجي العسكري بين ايران وروسيا يرعب اميركا

جورج حداد

2011 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


اعداد: جورج حداد*
تتخذ المواجهة بين الولايات المتحدة الاميركية والجمهورية الاسلامية الايرانية اشكالا اكثر فأكثر احتداما، وقد تجاوزت حدود المكاتب الدبلوماسية والستوديوهات الاعلامية واخذت تشارك فيها مباشرة قيادات السي آي ايه والبنتاغون والبيت الابيض. وبسرعة متزايدة تعود بنا هذه المواجهة الى الاجواء الكلاسيكية المعروفة عن الحرب الباردة بين اميركا والاتحاد السوفياتي السابق، مع فارق "بسيط" هو ان ايران تأخذ مكان الاتحاد السوفياتي هذه المرة. وفي الاسبوع الماضي اطل علينا احد ابرز وجوه الحرب الباردة السابقة، مستشار الامن القومي السابق في عهد جيمي كارتر (1977 ـ 1981) سبيغنيو بريجينسكي، ليحذر الولايات المتحدة من انها دخلت في علاقات صدامية عنيفة وكثيرة مع ايران، وان ذلك يمكن ان يقود الى حرب ذات نتائج "كارثية" حسب تعبيره، ويقول "احسب، انه يمكننا ان نتجنب الحرب، باستخدام تدابير "تقسيرية"، كالعقوبات مثلا، لاجل ان نجبر ايران على ان تتخلى عن برنامجها للتسلح النووي"، كما جاء في تصريح بريجينسكي امام المنظمة غير الحكومية المسماة "المجلس الاطلسي للولاات المتحدة الاميركية" في واشنطن. ونقلت هذا التصريح وكالة الصحافة الفرنسية.
ولكنه لاحظ انه بالرغم من ذلك "فبقدر ما يزيد استخدام الاكراه، فبهذا القدر، اذا لم يفعل الاكراه فعله، ينمو خطر الدخول في حرب. وهذا يحد بشدة من حقل المناورة امامنا".
وعبر بريجينسكي عن القلق الشديد من التصعيد "الخطابي" للتوتر بين الدولتين. وشدد على القول "لقد اتخذ عدد كبير من القرارات الصغيرة، التي تحد من حريتنا في العمل في المستقبل".
واعلن "اذا دخلنا في نزاع مكشوف مع ايران تحت اي شكل كان، فإن النتائج المترتبة علينا ستكون كارثية، كارثية جماهيريا وعلى نطاق عالمي".
وجاء تصريح بريجينسكي بعد قيام الاجهزة التكنولوجية ـ العسكرية المختصة في ايران بإهباط طائرة تجسس بدون طيار اميركية والسيطرة عليها وهي سليمة تماما. وأهبطت الطائرة على بعد 250 كيلومترا داخل الاراضي الايرانية. ومع ان الطائرة كانت في مهمة تجسس واضحة لا تحتاج الى اثبات، مما يشكل عدوانا سافرا وتعديا وقحا على السيادة الوطنية والامن القومي لايران، فإن الصبي الاسمر المهرج القابع في البيت الابيض والمسمى باراك اوباما لم يتورع، وعلى طريقة اذا لم تستح فقل ما شئت، من ان يطالب ايران باعادة الطائرة الى اميركا باعتبارها ملكية اميركية، تماما كالمجرم الذي سقط منه مسدسه في مكان ارتكاب الجريمة ويطالب اهل الضحية باستعادة المسدس باعتباره ملكا له. وهذا الطلب بحد ذاته، ومن رئيس الدولة الاميركية شخصيا يدل على مدى الانحطاط الاخلاقي والانساني والسياسي والحقوقي الذي بلغته السلطة الاميركية، حتى لا نقول اميركا كدولة وكشعب "ينتخب" مثل هذا الرئيس. كما ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قالت ان واشنطن سوف ترسل طلبا رسميا لاستعادة الطائرة. ولكن هيلاري، وعلى طريقة "يرضى القتيل وليس يرضى القاتل"، اضافت "انه نظرا للسلوك الحالي لايران، فاننا لا نتوقع حصول ذلك" (اي تلبية طلبها).
وردا على طلب اوباما اعلن وزير الحربية الايراني احمد وحيدي "ان طائرة التجسس الاميركية هي الان ملك ايران ونحن نقرر ماذا سنفعل بها"، و"بدلا من ان يعتذروا من الشعب الايراني، فإنهم (اي الاميركيين) يطلبون بكل وقاحة ان تعاد اليهم".
كما ادلى الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانباراست بتصريح جاء فيه "يبدو ان السيد اوباما ينسى انه قد تم خرق المدى الجوي الايراني عن طريق تنفيذ مهمة تجسسية"، و"كان الاحرى بالرئيس ان يعتذر وان يعترف بهذا الانتهاك".
وذكرت المصادر المطلعة ان طائرة التجسس بدون طيار التي أهبطت وعرضت على التلفزيون الايراني وهي سليمة تماما هي طائرة سرية للغاية من طرازRQ-170 Sentinel، وهي من احدث الموديلات التجسسية في الترسانة الاميركية، وتعتبر كنزا او منجما معلوماتيا مضادا للتجسس في يد المراجع المختصة الايرانية، مما يدخل القيادات العسكرية والامنية والسياسية الاميركية في بلبلة يصعب عليها الخروج منها في المستقبل المنظور.
وحادثة السيطرة على RQ-170 Sentinel ليست اول اختراق لقنوات الاتصال للطائرات الاميركية بدون طيار. ففي نهاية سنة 2009 تم العثور على اجهزة كومبيوترات محمولة عائدة لبعض الثوار العراقيين، كان يوجد فيها تسجيلات فيديو لمعلومات تم الاستيلاء عليها من طائرات التجسس الاميركية بدون طيار، وفهم من هذه المعلومات ان الثوار العراقيين كانوا يرون كل شيء تراه الطائرة وتصوره وبالتالي كل شيء تراه مراكز توجيه تلك الطائرات. ولهذه الغاية استخدم الثوار العراقيون البرنامج الكومبيوتري الروسي المسمى SkyGrabber. ويوصف هذا البرنامج بأنه برنامج لـ"صيد السمك بالقمر الاصطناعي". ويبدو ان طائرات التجسس الاميركية كانت "تعلق على الصنارة".
ويؤكد موقع الكتروني روسي ان طهران لديها مجمّع لمكافحة التجسس الراديو ـ تكنولوجي. ويقول هذا الموقع ان روسيا زودت طهران بمجمّع ارضي لمكافحة التجسس الراديوـ تكنولوجي من طراز 1L222 “AVTOBAZA”. ويسند الموقع تأكيده الى نائب مدير الدائرة الفيديرالية للتعاون العسكري ـ التكنولوجي كونستانتين بيريولين. وحسب الموقع المسمى Flightglobal فإن المجمّع الروسي المذكور يمكن ان يكون اداة مثالية لاختراق قنوات ادارة الطائرات الاميركية بدون طيار من طراز طائرة التجسس RQ-170 Sentinel التي أهبطت في ايران في 4 كانون الاول الجاري.
وحسب رأي بعض الخبراء فإن 1L222 “AVTOBAZA” هو جزء فقط من مجمّع متحرك من محطات التشويش الراديوي من طراز SPN-2 و SPN-4.
ويقول مصدر لم يكشف عن اسمه في موقع svpressa ان هناك امكانية تكنولوجية لفك شيفرة الاوامر في نظام ادارة طائرات التجسس الاميركية بدون طيار. ولكن محطة 1L222 “AVTOBAZA” كان يمكنها ان تستقبل فقط الاشارات الصادرة عن RQ-170 Sentinel. ولاجل ارسال اشارة الى نظام الاوامر للطائرة التجسسية، من الضروري وجود جهاز ارسال متخصص. وهو ما لم يكن يمثل معضلة حسب رأي هذا الخبير. ولهذا السبب فليس من المستبعد ان الايرانيين اعترضوا طائرةRQ-170 Sentinel واعطوها امرا لان تحط لدواع طارئة. وهذا ما يوضح كونها هبطت بدون ان تصاب بأية اضرار.
ونعود الى تصريح الثعلب الداهية العجوز سبيغنيو بريجينسكي، الذي يعتبر احد اكبر مهندسي ستراتيجية الهيمنة الدولية للقطب الاميركي الاوحد.
ان، على الاقل، سبيغنيو بريجينسكي، البولوني الاصل، ذا المعرفة الواسعة والعميقة بروسيا، يعرف تماما ان هناك الكثير مما ينبغي ان تخشاه اميركا وان ترتعد له فرائصها.
ان إهباط طائرة RQ-170 Sentinel يدل على ان اميركا فقدت احد اهم اشكال السيطرة الجوية في ايران، بل انه انقلب السحر على الساحر واصبح بالامكان محاربتها هي وحلفائها الستراتيجيين بسلاحها ذاته.
وهذه العملية المتطورة هي كرأس جبل الجليد، وهي تدل، فيما تدل على القدرات غير المحدودة لايران وعلى مدى عمق واتساع وارتفاع مستوى التعاون العسكري ـ التكنولوجي بين ايران وروسيا، مما تتوفر له كل الشروط الموضوعية والمصلحة المتبادلة لتطوير اكثر فأكثر، وفي مختلف المجالات، بما في ذلك مجال التسلح الصاروخي والنووي.
ومع اخذنا بالاعتبار الاختلافات القومية والدينية والسياسية والايديولوجية بين روسيا وايران، يمكننا القول ان هذا التعاون ليس شواذا وليس خروجا على القاعدة، بل من طبيعة المنطق التاريخي للاشياء. فالاتحاد السوفياتي السابق سبق ان تأسس ونشأ وانطلق على قاعدة التآخي بين الشعب الروسي ـ السلافي ـ المسيحي الشرقي وبين الشعوب الاسلامية في اسيا الوسطى. وحينما اهتزت هذه القاعدة بعد الاحتلال البريجنيفي لافغانستان، اهتز وسقط الاتحاد السوفياتي، وتنطحت الامبريالية الاميركية بدعم تام من الصهيونية العالمية لفرض هيمنها الآحادية على جميع شعوب العالم وفي مقدمتها الشعوب العربية والاسلامية.
واذا استثنينا نموذج الدولة العثمانية الجربانة، ووريثتها الدولة التركية الحديثة العثمانية الجديدة الاكثر جربا، التي سارت وتسير مغرِّبة بعكس المجرى التاريخي للشرق، فإن روسيا، بجبروتها وحضارتها العريقة الروسو ـ سلافية والمسيحية الشرقية، هي الاس الاساسي للشرق العظيم وقاعدة البنيان المرصوص للتآخي الاسلامي ـ المسيحي لشعوب الشرق، الذي تعمل على بنائه القوى الشرقية الواعية والثورية، الاسلامية والقومية والتقدمية، بمواجهة ستراتيجية الهيمنة الدولية للامبريالية الاميركية والغربية والصهيونية العالمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 12 / 16 - 19:02 )
الاستاذ حداد المحترم
تحيه وتقدير وشكر على هذه المعلومات القيمه

اخر الافلام

.. مشاهد تظهر فيضانا يغرق قرى في البوسنة


.. مظاهرة وسط العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية وا




.. انفجارات في الضاحية الجنوبية لبيروت


.. في اجتماع انتخابي له في كارولينا الشمالية .. ترمب يعد بتصنيع




.. مروحية إسرائيلية تقصف الحدود اللبنانية