الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتاوى في بورصة قطر

تميم منصور

2011 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



الشيخ القرضاوي جامح في قرض الفتاوى كما يقرض صغار الشعراء الشعر، لقد أصبح في حالة من الفلتان يسيح وينيح، يسبح في فضاء غيبوبته الشبه دائمة، ينثر مواقفه الدينية والسياسية على أنها أقوالاً مقدسة، بمناسبة وبدون مناسبة، إنه يرى بــ نفسه المهدي المنتظر ، كلماته تنزل من السماء وعلى العرب والمسلمين الأخذ بها، كل يوم يلّوح ويُسخر الدين في تعليقاته الجديدة المفاجئة رغم أنها لا تجاري العصر.
يقرض الفتاوى وهو يشعر بالأمان، فالأزهر يتواجد في الحجر الصحي والعقل العربي في إجازة، والجامعة العربية ما هي إلا إرسالية من إرساليات وزارة الخارجية الأمريكية وحليفاتها الأوروبيات، لماذا لا يشعر بأمان وهو ينعم في قصورة الفارهة في أمبراطورية قطر التي تعتبرها واشنطن امتداداً لإسرائيل وقاعدتها المفضلة في الخليج الأمريكي.
ما يطمئن الشيخ القرضاوي عندما يأتيه وحي الفتاوى أنها تصدر على وقع وأنغام هدير الطائرات النفاثة الأمريكية التي يشاهدها من شرفات قصره في قاعدة عيديد الجوية الأمريكية، وبمجرد صدور هذه الفتاوى تتلقفها الفضائيات العربية وفي مقدمتها فضائية الجزيرة وفضائيات النايلون اللبنانية والسعودية وبعض الفضائيات المصرية
لقد أصيب بالغرور عندما رد شباب الثورة في كل من تونس ومصر جزءاً من إعتباره بعد أن دعم هذه الثورات لغرض في نفسه، لكن ثبت بأن لسانه كان يساندهم ظاهرياً أما شعوره الحقيقي كان هناك في الزوايا المظلمة المعزولة والمحرومة أمام الكثيرين داخل مساجد القاهرة والخاضعة لسيطرة الإخوان المسلمين ، لقد شجعهم على إزاحة الثورة عن محاورها التقدمية والليبرالية والقومية بعد أن إعتبر شباب الثورة صبية منحرفين وعلمانيين.
سبق هذا الشيخ في مواقفه الظلامية استاذه متولي شعراوي عندما عينه السادات وزيراً للأوقاف مقابل دعم الأخير لصلح السادات الإنفرادي مع إسرائيل ، حينها أغرق شعراوي العرب والمسلمين بالفتاوى التي كفّر من خلالها كل القوميين والوطنيين الليبراليين والإشتراكيين العرب ، كما كفّر حركة التحرر العربية لأنها قالت للسادات لا، ومن فتاوى شعراوي المشهورة مبايعته التاريخية لأسرة أل سعود الباغية من خلال خطبته التي ألقاها يوم وقفة عرفة .
اليوم يقوم القرضاوي بأكثر من هذا الدور في محاربة كل القوى الوطنية التقدمية والليبرالية، لأنها تشجب الفكر السلفي الأخواني الوهابي .
لقد سمح لنفسه إصدار صكوك التكفير والغفران الديني والسياسي، بدأ هذه الصكوك بإعتبار عبد الناصر كافراً لا لسبب ما، بل لأن عبد الناصر حرر المرأة المصرية وأمم قناة السويس وحارب الإقطاع وأقام السد العالي، وأقام أول إذاعة للقرأن الكريم وجعل من الأزهر جامعة للفقه والشريعة والعلوم، مزج القرضاوي بين الدين والسياسة التي يؤمن بها، وإخترع لهذا المخلوط الجديد إسماً مميزاً هو الدين العقلاني، كأنه يوجد في الإسلام دين جنوني ودين عقلاني .
الدين العقلاني الذي إخترعه فهو الدين الإسلامي الذي ترضى عنه أمريكا وأوروبا وإسرائيل ، لقد طمأن هؤلاء الطغاة في أخر فتوى أصدرها بأن لا يقلقوا ولا يخافوا على مصالحهم النفطية وقواعدهم العسكرية وإتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في حالة وصول الإسلاميون إلى السلطة في مصر وتونس والمغرب وسوريا، فهذا إسلام أمريكا وليس إسلام إيران أو إسلام القاعدة ، أو إسلام القوى الوطنية التي ترفض إستغلال الدين لأهداف سياسية من منطلق أن الدين لله الوطن للجميع.
لقد حول القرضاوي قصره الذي تحميه الشيخة موزة في قطر منبراً للفتن، فهو يشجع على الإرهاب والقتل من خلال الفتاوى التي يصدرها كل يوم بإسم الدين، نذكر من هذه الفتاوى موافقته التي يصدرها كل يوم بإسم الدين ، نذكر من هذه الفتاوى موافقته على تجنيد الشباب المسلمين للقتال في صفوف القوات الأمريكية التي غزت العراق ودمرته وقتلت ما يزيد عن مليون عراقي وشردت خمسة ملايين من مواطنيه، أليست هذه الفتوى خدمة للسياسة الأمريكية الإسرائيلية السعودية في المنطقة؟ من الفتاوى العجيبة التي أصدرها تشجيعه على إبادة القائمين على الثورة في البحرين، لأن ذنب هؤلاء الثوار هو محاولتهم نقل نظام الحكم في دولتهم من عصور الظلمه إلى العصر الحديث، أما ذريعة القرضاوي لإبادتهم ادعاءه بأنهم من الشيعة ، فالقرضاوي يكفر جميع طوائف الشيعة رغم أنهم يشكلون حوالي 20% من تعداد المسلمين في العالم .
كلنا نذكر ما هو موقف القرضاوي من المقاومة اللبنانية فقد أباح دماء رجالها لإسرائيل ولحزب الكتائب اللبناني ومرتزقة سعد الحريري لأسباب طائفية معروفة.
أن موقف هذا الشيخ الحاضر الغائب في فكره لهو أخطر موقف معادٍ للعرب عرفته المنطقة منذ منتصف القرن الأخير، لا يختلف عن موقف نوري السعيد وموقف كميل شمعون عندما دعموا العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، القرضاوي يبايع الإرهابيين في سوريا غيباً وقد إدعى بأنهم لا يستخدمون السلاح وهذا مغايراً للحقيقة، إعتبر قتل الأبرياء وتدمير المنشأت في سورية ثورة سلمية ، الفتوى الثانية التي أصدرها وختمها بشمع فكره الظلامي إستعداده وموافقته على ابادة ثلث الشعب السوري (يعني قتل سبعة ملايين مواطن) على أن يحقق أحلامه بالقضاء على أخر قلعة ممانعة وقومية عربية.
لم تتأخر الفتوى الثالثة الصادرة من قصر الشيخة موزه من قبل القرضاوي، قال في هذه الفتوى بأنه يجيز ويبارك التدخل الأجنبي العسكري في سوريا، وهذا طبعاً إشارة لأسياده في واشنطن وباريس ولندن بأن يقوموا بتدمير سوريا كما دمروا العراق وليبيا، هذه الفتوى تكشف عن معدن القرضاوي الحقيقي وتؤكد أن فتاواه ومواقفه كالنقود المزيفة لا رصيد لها ولا مصداقية لها لا في الدين ولا في السياسة.
لقد حولت أمريكا وحلفائها قطر إلى سوق للبورصة البشرية، في هذه البورصة يتم شراء وبيع كل ذوي النفوس الضعيفة والمواقف الملونة من رجال دين وسياسيين وبعض الذين حملوا الفكر القومي في يوم من الأيام، وحتى الرياضيين سقطوا في شباك هذه البورصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر