الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هدوء تأريخي في يوم الانسحاب

ساطع راجي

2011 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في يوم الخميس 15/12/2011 أعلن وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا انتهاء المهمة العسكرية الامريكية في العراق وانزل جنرالات الولايات المتحدة علم بلادهم من آخر قاعدة ورغم إن يوم اعلان الانسحاب الامريكي من العراق كان معلوما بشكل مسبق الا إن العراقيين لم يهتموا كثيرا بهذا اليوم، هناك اهتمام اعلامي لكن باستثناء التجمع الذي شهدته الفلوجة يوم الاربعاء، فإن مدن ومحافظات العراق لم تشهد شيئا وأكثر المطالبين الحاحا بالخروج الامريكي إلتزموا الصمت.
تجولت بنفسي ومع زملاء مساء الخميس في مناطق متفرقة من العاصمة ارتدنا اكثر من مكان وسرنا في اسواق مزدحمة كان الناس فيها يهتمون بأشياء متنوعة من المناسبة الدينية (شهر محرم) الى الاطعمة والبضائع لكن لا شيء يدل على الحدث التاريخي المهم في المدينة لافرح ولا قلق ولا حزن ولا أي شيء، سألت سائقا عن الامر فإتضح إنه غير مهتم والموضوع لم يخطر على باله، العاصمة هادئة والناس مسترخون والسلطات العليا في البلاد لم تحضر حفل الامريكان ولم يصدر اي مسؤول بيانا بالمناسبة، لم يوجه أحد كلمة للامريكان ولا للعراقيين على عكس ما فعله أوباما ثم بانيتا.
حتى وسائل الاعلام العراقية كانت اقل اهتماما بالموضوع من وسائل الاعلام الاجنبية، حيث سيطرت المظاهرات واقتحام المتظاهرين لمجلس محافظة ديالى وغياب المسؤولين هناك على أخبار الوكالات والفضائيات العراقية كما سيطر الشريط الذي يظهر أعضاء مجلس محافظة المثنى يشتبكون بالايدي ويتبادلون الشتائم خلال جلسة لمناقشة هروب المدان بقتل المحافظ السابق، وهناك النقاش الدائر حول الاقاليم، أشياء كثيرة تهم الاعلام ولا شيء منها يهم قادة البلاد ولا عامة الناس، هل دخلنا مرحلة اللامبالاة؟.
إذا إفترضنا إن هذه اللامبالاة هي حالة مؤقتة فيمكن أن نجد لها تفسيرات عدة أهمها الخوف بدرجة تدفع الى تجاهل الحدث رغبة في عدم التفكير بالمخاطر المحتملة، وكذلك عدم التوقع الى درجة التكذيب والاهمال، فهناك بين المواطنين من لا يهتم أصلا بوجود او غياب الامريكان بل ينصب اهتمامهم على تحسن ظروف الحياة واعتقد ان هؤلاء هم الاغلبية الصامتة التي لا تكاد تجاهر برأيها خشية على حياتها وهناك أيضا ساسة ومواطنون ارتبطت مصالحهم بالامريكان وهم حائرون في تدبير أمرهم ولا يمكنهم اعلان موقف صريح لا مع ولا ضد الانسحاب، كما إن عددا من المسؤولين يجدون أنفسهم اليوم أمام تحديات واستحقاقات تضيع أمامها حلاوة ما كانوا يتصورونه نصرا سيحسب لهم، والاهم إن المطالبين بالحاح عسكري وسياسي بخروج الامريكان سيدخلون مرحلة انعدام الوزن وإنكشاف النوايا، هؤلاء لا يريدون التصديق بخروج الامريكان ولذلك قاموا بهجمات تستهدف الامريكان في عمليتهم الانسحابية الخميس فتعرضت قاعدة أميركية تقع في الجانب العسكري من مطار البصرة لهجوم بأربعة صواريخ كاتيوشا رغم انها تكاد تكون الوحيدة للقوات الأميركية في البصرة ومن المقرر أن تخليها بعد أيام قليلة وهي محطة الامريكان الاخيرة في تحركهم من العراق نحو الكويت كما استهدفت عبوة رتلا أمريكيا في الطريق بين سامراء وبغداد وفي الأنبار دمرت آلية للجيش الأمريكي بصاروخ آر بي جيه كما أطلقت خمسة صواريخ كاتيوشا على القاعدة الأمريكية في مطار بغداد ليل الاربعاء الخميس، خارطة الاستهداف قائمة لتقول ان الامريكان مازالوا هنا وإن خصومهم موجودون أيضا، وهؤلاء الخصوم هم من سيعلن "ساعة النصر"، هم من سيطوي الصفحة ويفتح أخرى، والمشكلة الاولى انهم خصوم متخاصمون فيما بينهم ايضا.
هناك موعد قريب آخر لاستكمال الانسحاب حيث سيخرج آخر جندي امريكي يوم الاحد وقد يتم الثلاثاء الاعلان عن خلو العراق من القوات الامريكية ربما ستحتفل جهة رسمية ما وربما ستحتفل فصائل سياسية معينة لكن اللامبالاة ستسيطر على الاغلبية ليواصلوا هدؤهم التاريخي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المذبوحيـــــــن امريكيـــــــا
كنعــان شـــماس ( 2011 / 12 / 16 - 19:57 )
يا استاذ ساطع راجي اكثر القادة العراقيين يشعرون انهم مذبوحين امريكيا هل تريدهم يحتفلون واكثرهم يعرفون لو اشعلوا روسهم شموعا لن يصدقهم احد


2 - هل يعرف العراقي ماذا يريد؟
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 12 / 17 - 07:56 )
الم تشاهد العالم جموع العراقيين -حائرين-معقوفي ومشبوكي اليدين خلف ظهورهم يوم قيام القوات الامريكية بالصعود لتمثال الطاغية وتغطية راسه بالعلم الامريكي؟ لا تستغرب من عدم اكتراث العراقيين بالحدث المهم جدا وهي-انسحاب القوات المقاتلة الامريكية في العراق- الشعب العراقي كان متفرجا طول عقود الخمسين الماضية. الم يكون متفرجا ويقول هذه اختبار الله لنا خلال الثمان السنوات العجاف من المحرقة الايرانية العراقية؟ الم يقولوا الله يختبر صبرنا اثناء الحصار الاقتصادي الظالم؟ الم يصمتوا على استبداد الطاغوت وكانها كانت سنة الله ورسوله؟ الم يسكت العرقيين عن شتى انواع انتهاك البعث لحقوقهم باسم انها -الدولة- وغيرها كثير كثير. اعتقد سلوك العراقيين ناتج عن فرض الامر عليهم وليس عن قناعاتهم، وهل يعرف اليوم العراقي بنفسه ماذا يريد بالضبط؟ وهل يعرف ان يختار بمنتهى الوعي والحرية؟ اعتقد لو وجدنا اجابات مقنعة وشافية وصادقة لبعض وليس اغلب هذه الاسئلة عندها يمكننا معرفة لماذا العراقييون لم يكترثوا باهم واخطر حدث في تاريخ العراق الحديث وهي انسحاب -المحتل- المحرر- من البلاد وولوج عصر جديد لو ارادوا وعملوا لها


3 - رد
ساطع راجي ( 2011 / 12 / 17 - 14:58 )
أخي كنعان الاهتمام قد لا يكون إحتفالا هو مجرد اهتمام ولو من باب اسقاط الفرض كلمة تهنئة بيان يدعو للوحدة اي كلام من هذا الذي يقال في برقيات التهنئة والتعزية لكن حزب الله اللباني هو وحده الذي اصدر بيانا بالمناسبة حتى خصوم امريكا في العراق واشد المطالبين بتسريع خروج قواتها لم يحتفلوا لم يقولوا كلمة كان الخروج الامريكي اقل اهمية من فوز منتخبنا على المنتخب الاردني مثلا.
الاخ اسماعيل أنت تلقي بضوء مهم على السلوك والتفكير السياسي عند المواطن العراقي الذي اكتفى بالشكوى حتى في عصر الاعلام الجماهيري وزمن المواطن العادي

اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي