الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قل ما تريد، ونحن نفعل ما نريد.. قاعدة فات آوانها

مجدي مهني أمين

2011 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لا يزال النظام الحاكم يتعامل مع الشعب وكأن شيئا ما ينقص هذا الشعب كي يكون ندا للحاكم، لايزال النظام يتعامل مع الشعب بطرق تعرب عن خلل في النظام أو في العلاقة بين النظام والشعب، والأدهى خلل في فهم الشعب، بدءً بعبد الناصر مرورا بالسادات ومبارك وأخيرا المجلس العسكري، عبر عن هذا الخلل ولخصه في جملة واحدة "عمر سليمان" عندما صرّح أنه يؤمن بالديمقراطية لو كان الشعب مؤهل للديمقراطية: الشعب أمام النظام غير مؤهل للديمقراطية، يراه النظام شعبا تجمعه طبلة وتفرِّقه عصا، ولا يزال النظام عند هذا الرأي حتى بعد أنلم تستطع تفريقه لا العصا ولا القنابل ولا الرصاص ولا سقوط الشهداء والمصابين.

ولجأ النظام للتفرِّقة عبرالتنسيق مع التيار الديني وإطلاق السلفيين، بتصريحاتهم المخيفة، كي يرهبوا الشعب ويحدثوا الفرقة بين صفوفه، فإن لم تفرِّقه العصا، فليفرقه الدين إذن، وهذه مجازفة كبيرة أقدم عليها النظام دون أن يحسب العواقب، عندما لم يتخذ النظام نفس المسافة من كافة التيارات السياسية؛ مجازفة كبيرة تعمل في اتجاه تقسيم الوطن إلى شراذم صغيرة ، فكيف للنظام أن يقترف هذه المجازفة، ويطلق الدين لتفريق البلاد، أو بالحري لتقسيم البلاد هذه المرة، العصا أمرها سهل؛ العصا تفرِّق، تفرِّق مظاهرة، تجمع، اعتصام. أما الدين فإنه يقسم بلاد، يغير خرائط. مجازفة وخطأ كبير أن يعمل النظام بنظرية إما أنا أو الدين، أما العسكر أو الشيوخ. أو أن يعمل بنظرية العسكر والشيوخ.

فالنظام يتحالف مع الشيوخ ويطلق يدهم، فما معنى أن يظهر أمس 15 ديسمبر المهندس عبد المنعم الشحات في الفضائية المصرية، هذا الرمز السلفي الذي أثارت تصريحاته السلفيون أنفسهم، ثم ما معنى ان يلتف النظام على الشعب ويرفض تعديل الدستور، ويكتفي بمجرد أجراء تعديلات دستورية ، أشرف عليها ممثلون لتيار الإخوان المسلمين ، ويجرالشعب لاستفتاء حول هذه التعديلات، في مناخ انتخابي داعم للتعديلات، المجلس يدعمها لأن التعديلات تعني الاستقرار، والتيار الديني يدعمها ؛ "فنعم" للمؤمنين ولهم الجنة ، "ولا" للكفار ولهم النار. الاتفاق إذن بين النظام والإخوان أن يتم تعديل الدستور بعدما يتمكن الإخوان من البلاد، ويصلوا – بالانتخابات- إلى سدة الحكم ويقودوا هم عملية إعداد الدستور الذي يكرس للدولة الدينية ، على أن تُتْرك - في هذا الدستور - مساحة مميزة للمجلس العسكري.

وما أشبه اليوم بالبارحة، حين أجاز السادات المادة الثانية في الدستور مع تعديل في المادة 77 التي تتيح للرئيس الترشح "لمدد أخرى" دون تحديد لعدد هذه المدد، أي أنه أمتياز لأصحاب الدولة الدينية والعسكر ممثلين في الرئيس آنذاك.

واليوم قد يقال أن الشعب هو من سيأتي - من خلال الانتخابات- بممثليه للبرلمان. وهذا قول مغلوط، عندما نعلم ان الإخوان كانوا الفصيل المنظم القادر بسهولة أن يصل للحكم؛ منظم، ممول، مدعوم، قل ما شئت عندما تعلم أن الشرطة والجيش في إحدى اللجان هتفوا: إسلامية، إسلامية، عندما كان ممثلو الإخوان يوجهون الناخبين، خاصة من لا يعرف القراءة والكتابة، عندما كانوا يعملون داخل اللجان وعندما اعترض بعض الناخبين لدى القاضي قال لهم: "إن كنتوا شطار طلعوهم من اللجنة"، عندما صرف الإخوان على الانتخابات ببذخ متخطين السقف المقرر من أموال للدعاية، دون أن تعترض الدولة، ودون أن تسألهم عن مصادر هذه الأموال، والأمر لا يقل نشاطا مع السلفيين بتمويلاتهم الضخمة ونشاطاتهم مع اللجان أثناء سير العملية الانتخابية.

ثم هذه البطاقات الانتخابية التي وجدت ملقاة في القمامة، والبطاقات المسودة التي حاول أعضاء التيار الديني في إحدى اللجان أن يسلمها للقاضي كي يضعها بدلا من البطاقات الأصلية، دون أن يسأله أحد من أين حصلوا على هذه البطاقات، يعني فيه دعم لهذا التيار كي ينحج، يبقى كان معاهم حق أن قادوا الشعب لاستفتاء حول تعديلات، ثم لهذه الانتخابات البرلمانية ممولة من الخارج، والمدعومة من الداخل التي تكرس وصولهم للسلطة كي يرسوا دولتهم الدينية، ويحفظوا للمجلس المكانة التي يريدها في هذه الدولة.
المشروع يدار كي يهمش الشعب مرة أخرى، وكي يعيد الشعب مرة أخرى للمربع الأول، ففي عهد مبارك كانت القاعدة "قل ما تريد، ونحن نفعل ما نريد."

هنا استهانة بقدر الشعب، وقدرته على المواجهة وفكر ألغاز الإلتفاف، استهانة بقدرته رغم الأمية المتفشية والفقر المدقع أن يستوعب ويعي ويثور بل ويثأر لكرامته وتاريخه المهان، المهان في ثواره يسحلون ويقتلون ويلقى بهم في صناديق القمامة، ثواره، فتيان وفتيات. الشعب قد وعى العديد من الدروس، وإلا ما قام بثورته، والقائمون على النظام لم يعوا أن الشعب قد نضج وشب عن الوصاية ، ويريد دولة ديمقراطية بلا إلتفاف أو مواربة، عايز دولة يستحقها، ولن يتنازل عنها ، القائمون على النظام والمتحالفون معهم يؤخرون قيام هذه الدولة، فالشعب لن يتوقف والثورة مستمرة، وحتى لو نحج النظام في قمع الثوار قمعا كاملا، وأعاد الثوار لمنازلهم ، أو وضع رموزهم في السجون والمعتقلات، وحسم المسألة حسما تاما، فهذا ينبئ بثورات تلو ثورات تلو ثورات، الشعوب لا تستقر إلا بعد أن تستقر كافة حقوقها، وقتها تستقر الأنظمة تماما، وتتفرغ الشعوب والأنظمة لفعل واحد: التنمية وبناء المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في