الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبيب تقي.. كثافة نصٍ يجمعُ بين جمالية اللغة والسخرية

صباح كنجي

2011 / 12 / 17
الادب والفن


حبيب محمد تقي – النصير جمال.. شاعرُ متمردٌ يميلُ لكتابة النص المكثف المختصر للتعبير عن موقفه مِمَا يحيط به.. ملتقطاً صوراً وحالاتٍ يستمدُها من عمق تجربته بين عالم الفكر والسياسة والمهجر، في لغةٍ مكثفةٍ تلجأ للسخرية وتشيعُ قدراً كبيراً من التساؤلات.. يصوغها نصوصاً شعرية تدفعُ بقارئها إلى التأمل والتوقف والمقارنة بين واقع وحال هزيل، وطموح برؤيا افتراضية لمستقبل أفضل، نابعة من تصورات جدلية تتوق للأجمل..
هذا الطموح الجامحُ للرؤيا المصطدم بالخيبة والانكسار المؤلم، يتحول إلى صور شعرية جارحة تتدفقُ ألماً وسخرية من أحداث مضت، أو إدعاء فاقد للمصداقية ثبُتَ بطلانه.. ادعاء مغلف بشعارات سياسية كاذبة، أو بتقوى دينية مزيفة..
هي مختارات من معين ينهلُ منه حبيب نصوصَ قصائده الناقدة.. الساخرة من الوجود.. لحالمٍ متمردٍ يغوصُ في أعماق اللغة ليختار الأجمل من العبارات ينثرها نسيجاً بشعر يحلقُ به في فضاء الكون. يضللُ ويحرك العواطف والوجدان ويدمجها بتكوين العقل والتفكير.. تدفعُ بقارئها للتمسك بقيم الحياة والأمل وتشحنه بطاقة إنسانية، ليكون قادراً على التمييز والإدراك، قبل أن يقرر خيارهُ ويحدد موقفه..
ليكون الخيار صحيحاً، يميل للغة مكشوفة محملة بالمعاني.. لغة محشوة بطاقة جذابة تجعلك تتدفأ بالنصوص.. تحسُ بها.. تميل لها.. بعد أن أصبحت بحاجتها..
هذه العلاقة بين اللغة والجمال، التي تميز نصوص حبيب تقي.. تجعلك مدمناً على التمرد.. هو تمرد واعي يبحثُ وسط الخراب والدمار عن فرصة لترميم الروح والنهوض للسير نحو مستقبل أفضل وأجمل، براية حاملة لشعر يضيء الدرب.. يختصر الوقت.. يحسم لك الموقف.. ليعطيك خلاصة تقيك عناء البحث وهدر المزيد من الزمن والجهد..
كما في قصيدة ( إزاحة تأتي بجراحة..!).. ليصبح العنوان جزء منها وهو أسلوبه في الكتابة، إذ يجعل العنوان جزء من التكوين الموسيقي لشعره،
إذ يقول فيها..
( لا حديث عن إزاحة
إلا بالجراحة.. )
أو في قصيدة.. هدام يرتدي اللثام..!.
(مسعور يبحثُ عن مقام
وهو يرتدي اللثام)
وهكذا في قصائده المكثفة.. (السلطان أبن الشيطان).. (راح عقيد وجاء يزيد..!)..
إذ يستوقفك لتتأمل طبيعة التغيير الشكلي، الذي لا يجلب إلا الاستبداد، إن لم يترافق معه متغيرات تطال جوهر الحدث الذي يتطلب التغيير ..
(صُهر الحديد
صبوه للعبيد
فقتلوا العقيد
....
الله اكبر يا سعيد!
راح عقيد، وجاء يزيد..)
تأمل يفضي لإدراك معمق لفحوى التغيير المطلوب نابع من تأصيل لتاريخ مستبد أصبح معرقلا للتقدم والتطور، يتناقل وينقل مع الأجيال ليراكم خيبتها وخرابٍ ينفذ سمومه في (تأويلات مُحكمة البهارات..!).. تكشف عن فحوى هواجسه..
(منبر سليط اللسان
يحدثنا نقلاً ، عن فلان
و فلان
منسوباً إلى علان
وعلان، فارق الأبدان
....
من طبخته، يذوقنا أعجازات
من سلطة، خزعبلات
طلاسم متبلات)
....
أو نصه الحصري بمناسبة انعقاد المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي الذي كتب فيه متشائماً.. لا يرى فيه أفقاً ومَعْبَراً لتجاوز التجغد..
(بعد أفول فتوته
مؤدلج، أعياه التوحد
لا تنفع فيهِ حقن التجدد
...
فشلها مضمون
في مؤتمرات، خارج السرب تغرد)
في الوقت الذي توقظ فيه قصيدة أبو جوزيف شعلة من الأمل والتحدي عبر ذكرى لمنحى رجل قاتل الحيف والاستبداد وترك بصمة تؤرخ لموقفٍ كثفه حبيب في مقاطع تقول..
(توما توماس
رجل وزنه ماس
...
قنديل الشمال
يحبس له الأنفاس
خصومه
تطأطأ له الرأس)
قصيدة تمدك بطاقة ثورية ترفض الاستسلام والخنوع والذل، لتواصل الدرب بوعي مدرك لطريق الخلاص، من خطوبٍ في مفترق طرق لا تحتمل الانتظار وتعينك على تتجاوز الخيبات والعثرات.. لتصنع مصيرك.. كما صنع الشاعر مصيره عبر مسيرة تحولات بين محطاته لأدراك الحرية.. التي يتمسك بها كشرط ووسيلة لضمان المستقبل عبر صناعته لمصيره.. يقول فيها:..
لو نهقوا
ونهقوا..
فسهام حروفكَ
في ساحة الوغى لا تميل
بوصلتها ضمير
لا يفقه بها الحمير
تتنفس من رئة التغيير
هاجسها الدفع بالتغيير
لصناعة المصير
ـــــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
منتصف كانون الأول2011
ـ القصائد المقتبسة.. من موقع الشاعر في الحوار المتمدن..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده