الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سليمان دوغة والأمازيغية .

الطيب آيت حمودة

2011 / 12 / 18
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


استمعت إلى شريط حواري مسجل من قناة (ليبيا ( tv ) حول الأمازيغية ، حضرها الإعلامي النشيط ( سليمان دوغة ) الذي يزعم أنه من الأمازيغ ، فدار النقاش حول مفهومي اللغة الوطنية والرسمية من الوجهة القانونية والفارق بينهما ، وأشار سليمان دوغة في مداخلته بأنه ضد ترسيم اللغة الأمازيغية وضد الأحزاب العرقية ، وضد رفع علم تامزغا الكبرى ، وأنه أنشق عن الحركة الأمازيغية بسبب تعارض الأفكار معها ، وكثير من اعتراضاته لم أستسغها فكريا ، وارتأيت الرد عليه لتبيان فوارق الإختلاف بين واقع الحال ومؤموله.

°°° اللغة عند الأمم .

اللغات تحيا وتنتعش بالإستعمال ، والخوف من انقراضها هو ما يدفع الأمم إلى تنشيط لغاتهم وتفعيلها عبر ترسانة من القوانين حماية لها ، فعندما نقرأ بأن "هردر" الألماني يرى أن: [لغة الآباء والأجداد مخزن لكل الذخائر ،والأفكار، والتقاليد ، ، وشخصية الشعوب تبرز في لغتها ، وروحه تكمن في لغة الآباء والأجداد] ، وعندما تسمع الرأي القائل : [ما من شعب أراد الحياة العزيزة الكريمة إلا وتمسك بلغته الأم أمام اللغات الغازية ] ، وعندما نعلم أن إسرائيل أقامت كيانها على إحياء اللغة العبرية، وهي لغة ميتة منذ ألفي سنة، فاعتمدتها في جميع شؤون حياتها تعليماً وإعلاماً وتواصلاً؛ حتى إن المؤتمرات الذرية والنووية تعقد باللغة العبرية لا بالإنجليزية! فاللغة الأصلية هي رمز كياننا وثقافتنا، والقلعة الحصينة للذود عن هويتنا وذاتيتنا الثقافية ووحدتنا القومية. ولقد سبق لجلبير كونت عضو الأكاديمية الفرنسية أن كتب في صحيفة لوموند (15/7/1978) مقالا بعنوان: "اللغة هي الوطنية" قال فيه: "إن اللغة هي الهوية الوطنية، إنها الوطن الحي المتدفق الذي يسكن قلب كل واحد منا."
فتلك الترنيمات والإشادات بشأن اللغة تصلح عند كل الأقوام بما فيها القوم الأمازيغي ، من خلال هذا السيل الجارف من الرأي الداعي إلى حفاظ الأمم على لسانها الأصلي ، حتى أن بعض الأمم كاليابان تنازلت عن كل شيء بعد هزيمته أمام الحلفاء إلا عن لغتها الأصلية التي عضت عليها بالنواجد خوفا من اندثارها .
لا جدال بأن اللغة هي محك الأمم ، وهي بطاقة هويتهم ، و ترجمان لمجدهم القديم والحديث ...فلا يمكن نشدان مجد داخل جبة لغة أخرى غير لغة القوم الأصلية .

°°° موقع اللغة الأمازيغية في الهوية .

لا أعتقد بأن تبني لغة أخرى غير لغة الأم بقادرة الإبانة عن إنيتنا وجهدنا ،بدليل أن أجدادنا الأمازيغ أبدعوا كثيرا في لغات الوافدين إليهم سامية كانت أو آرية ، غير أن جهدهم ُصب في بحر غيرهم فلا تظهر معالمه الخصوصية إلا كتوابع ولصقاء وهجناء ، فما دامت اللغة العربية هي وعاء ثقافتنا وعنوان هويتنا كما يرى البعض ، فهل في ذلك تميز لنا ؟ أم أننا داخل جبة غيرنا ، فإما أن نستقيم ونخضع لثقافتهم الوافدة أم أننا نحسب من أراذل القوم وخوارج الأمة ؟
ما أريد قوله هو أن ما يصدق على اللغتين العربية والفرنسية من عز ومنعة وانتشار ، هو ديدن اللغة الأمازيغية في بيتها وبين جيرانها، لماذا نكيل إذا بموازين خاسرة ، وننظر بنظرة السخط التي تبدي المساويء .

°°° هل أنا عربي أم أمازيغي ؟

عندما استمع في بلدي وقريتي لخطيب مسجد ، أ ومذيع تلفاز ، أو أقرأ مقال يقول في معرض حديثه ....أجدادنا العرب ؟ لا شك وأنه في مخياله ومخيال مستمعيه لا يقصد الأمازيغ ؟ بل يتجه شرقا حيث مركز العروبة الأصلي قبل الإسلام وبعده، ولا يتجه حيث هو مقيما ؟ ولا أدري إن كان - الطاهر الجزائري - الذي أفنى عمره وعقله في خدمة سوريا عندما يقول أجدادي هل يقصد في لبه كذلك العرب أم الأمازيغ ؟ وهل يقبلون منه أن يكون أمازيغيا في ديارهم العربية السورية التي رسخ مجدها وعزها (أنطون سعادة ).
هل نحن في شمال افريقيا عرب ؟ ، أم خليط من العرب والأمازيغ بيولوجيا ؟ هل هوية الشمال الإفريقي فعلا عربية ؟؟؟ أم أنها غير ذلك ، وهل اللغة العربية كافية لتحديد ملامح الهوية المغاربية ، وما هو المقياس الذي يمكن اعتماده في تأليف هذه الأمة ؟ لجعلها تحس أنها من طينة واحدة وإن تباينت في أصولها ولسانها .

°°° الأمازيغية هي انتساب للأرض ...وليست عرق .

أعجب من بعض غلاة القومية تصنيفهم للبشر على أساس سلالي ،منذ القديم والإنسان في حراك دائم بحثا عن مستقر أنسب له ولذويه ، فالأمازيغ لم يكونوا يوما دعاة عنصرية في تاريخهم الطويل ، ولم تكن لهم أرومة أصلا إلا ما صنعها لهم الخصوم بأنفسهم عبر ما ذكره ابن خلدون في تاريخه ، وابن حزم في جمهرته ، فهم تزاوجو ا واختلطوا بنسب متفاوتة مع كل الوافدين إليهم منذ عهد الفنيقيين إلى اليوم مثلهم مثل بقية الأقوام ، وكتب التاريخ تتحدث عن بلاد ( البربر) إلى وقت قريب ،فكل الوافدين يفترض أن يضحوا بقوميتهم الأصلبة بأن يلبسوا لباس ( الوطن الجديد )الذي اختاروه بإرادتهم ورغبتهم ، فالمهاجر الصعيدي لمصر ( القاهرة ) هو الذي يغير كثيرا من طباعه وقيمه ليندمج في مجتمعه الجديد ، وكثير من علماء الزمن الماضي والحاضر حملوا تسمية مواطنهم الأصلية وعرفوا بها مثل الونشريسي ، والغبريني ، والمشدالي والطوسي ، و النوبي ، و البغدادي ،.....
وبلاد الشمال الإفريقي لضعف أهاليه وسذاجة ساكنته كثيرا ما ( تفينقوا ،وترومنوا ، وتعربوا ،وتتتركوا ،وتفرنسوا ) بفعل سياسات الدول الهيمنة عليهم ، فكنا من باب الخضوع منتمين لغيرنا لا لأنفسنا ، فإذا قلنا بأننا عرب فذاك يعني كذلك أننا فينيقيين ورومان قبل أن نكون عربا ، وأصبحنا بعدها أتراكا وفرنسيين ، فقيم السلالة إذا غير سليمة ولا تعطي تصورا صادقا على واقع ا لحال .

°°° هل نحن عرب بسبب إسلامنا وثقافتنا العربية ؟

كل الكتب التي استقصيتها أثبتت أن الإسلام في جوهره محارب شرس لظاهرة انتحال النسب ، فقد ورد في الصريحين القرآني والسني ، ما يُحرمُ الإنتساب للغير ، فما بال أقوامنا الأمازيغ يتشبثون بالإنتساب للعرب والعروبة ؟ قد يقولون أن انتسابنا للعروبة نابع من انصهار ثقافي مع العرب ، نفكر نفس تفكيرهم ونقرأ القرآن بلغتهم ، ونقرض الشعر بلسانهم ، ونتذوق عذب حكمهم وتجربتهم ....وقد نتفوق أحيانا عليهم ..... هذا صحيح ، لكنه ليس مطلقا ففينا حقيقة نخب مثقفة مستلبة بقبلتين إما (عروبية مشرقية ) ، أو (فرنسية تغريبية ) ، فلم يبق إلا القليل منا قابع في جباله ووهاده ناطق بحرف الزاي ، وكثيرهم برطانة هي خليط من لسان الدين وتعابير المحليين والوافدين ، والغريب في الأمر أن رجالات الإصلاح عندنا كيالون بمكيالين فهم ينادون بالعروبة والتعريب غير أنهم يرسلون أبناءهم للدراسة بالفرنسية وفي فرنسا ذاتها ، كالبشير الإبراهيمي ، و علال ا لفاسي ، وتوفيق المدني وغيرهم كثير ، بغرض التنفذ في الحكم مهما كانت الأحوال .؟

°°° هل الإسلام يجعلنا عربا أقحاح ؟

نتمنى أن نكون كذلك ... ولكن كل الدلال القرآنية تشير أن الإسلام يلغي السلالة من تعاليمه ، فهو يخاطبنا باسم الإسلام والإيمان ، فما يقوله بعضنا (بأننا أمازيغ عربنا الإسلام ) أمر لا يستقيم ، فالتعريب ليس شرطا لدخول الإسلام ، و لا ذكرٌ للسان في إشراط الإيمان ، فلو كان ذلك صحيحا لتعرب الفليبينيون والهنود والبنغال والأتراك و زنوج افريقيا وإلا فإن إسلامهم باطل ؟؟؟ وصدق الله تعالى إذ قال :( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ويقول أيضا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ ،وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات : 11]
فإذا ربط الإسلام والإيمان بالعروبة أمر متجاوز ، فعدد المسلمين في العالم يزيد عن المليار والنصف ، والعرب لا يمثلون فيه سوى الخمس ، فهل يعني أن المسلمين من غير العرب مفروض عليهم التخلي عن جنسياتهم ويتعربوا ليصح إسلامهم ؟ فما النقصان في أن أكون (أمازيغيا مسلما )وبامتياز ؟ [ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ]، وقياسا بالقرآن قال ملأ ٌمن العرب لن يدخل الجنة إلا من كان عربيا ،قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .

°°° هل (الناطقون بالعربية ) من غير العرب عرب كذلك؟

الناطقون بالعربية من غير العرب يفوق تعدادهم العرب كثيرا ، فالأمازيغ وأهل النوبة والأقباط المسلمين ، والدروز والتركمان و الفرس أقوام ليست من أصول عربية لكنها تتقن اللسان العربي ، فهم (عرب مستعربة )بالمفهوم المشرقي ، فليس كل ناطق بالعربية بعربي ،وليس كل عربي بمسلم ، فهناك عرب نصارى في مصر وبلاد الشام والعراق ، وهناك غير عرب مسلمين .
وهو ما يوضح فرقا جوهريا بين السلالة والدين واللغة ، فالعرب قوم ، والإسلام دين ، والعربية لسان ، فالعربي مثلا يمكن أن يكون ضليعا في اللغة العربية لكنه ليس بمسلم ، وقد يكون مسلما في دينه عربيا في جنسه لكنه لايحسن العربية ، الأقوام الأخرى كذلك فالأمازيغ مثلا ليسوا عربا لكنهم أتقنوا اللغة العربية لكونها لغة دينهم ، فهم مسلمون ناطقون بالعربية ( تعربوا لسانا) لكنهم ليسوا عربا بيولوجيا ، وفيهم أقلية متمركزة في مناطق منعزلة حافظت على لسانها الأصلي القديم.
من خلال ذلك يتبين أن ليس كل من نطق بالعربية بعربي ، ويتضح أن عروبة الشمال الإفريقي زائفة وعنصرية ؟ لأن اللغة لا يمكنها أن تجنس الأقوام بجنسية غير جنسيتها الأصلية ، فلو كان ما يسعى إليه أحد دعاة القومية العربية ( ساطع ا لحصري ) صحيحا لكنَّا رومانا قبل أن نصير عربا ، ولكنا فرنسيين لكون أكثريتنا تصدح بلغة (موليير ) وتجهل لغتها الأمازيغية والعربية ، ولكان الشيليون و الكوبيون والمكسيكيون أسبانا بدعوى اللغة الأسبانية التي يتكلمون بها والتي جعلوها رسمية في بلدانهم ؟ .

°°° لماذا الأمازيغ ضد العروبة المؤدلجة ؟.

النخب المثقفة الواعية بالذات تستهجن الطرح العروبي في بلداننا ، لأن العروبة مصطلح غير بريء ، متعدد الفهوم ، زئبقي المعاني ، قد يُحسب أحيانا حضارة وثقافة ودين ، لكنه يستعمل كثيرا بطرق ايحائية لإشعار العامة بأننا من أرومة عربية ؟ وهو ما يؤجج الفكر القومي على أوسع نطاق ، والطرح الأمازيغي بإبانته لقوميته ما هو إلا رد فعل طبيعي على طغيان الفكر القومي العربي في ديار غير دياره .

°°° العروبيون... إنهم عنصريون فوق اللزوم .

ليس المقصود بالعروبيين كل العرب ، وإنما المقصودون هم الفئة المؤدلجة التي اتخذت من برنامج البعث العربي برنامجا لها في شمال افريقيا ، فبدل أن يجعلوا الإسلام قاطرة تجرنا جميعا ، جعلوه مقطورة تجري وراء قاطرة العروبة ، وصلت الوقاحة بهم أن جعلوا الإسلام لا يستقيم إلا بالعروبة يعني ( توأمة لا انفصال بينهما) ؟ كأن العالم لا يعرف ولا يميز بين الجنس والدين ؟ ، ولا يعلم بأن ثلث العرب ليسوا مسلمين ( ملحدين ، يهود ، ونصارى ) ؟ ، غير أن رغبتهم الجامحة في تذويب الأقوام الأخرى في قوميتهم يعني الإستقواء بعددهم وتعدادهم عند الحاجة إليهم ، ونزعها عندما تنتفي تلك الحاجة ، كما يفعل الأنجليز مع الرياضيين السود ، فهم بريطانيين عندما يفوزون بالميداليات والكؤووس ، وزنوج أوغاد عندما ينهزمون؟ .

°°° الأمازيغ في عمومهم بلا ضغائن .

علائق الأمازيغ بالوافدين سلسة ، غير أنهم تواقون لحكم أنفسهم بأنفسهم ، فهم ساعون إلى التميز دائما ، فكانوا دوناتيين في عهد الرومان ، وخوارج في عهد الإسلام ، ففي عهد الإسلام كان تطرفهم وجيها في محاربة الهيمنة والجبروت الأموي القادم باسم الإسلام ، فحدثت صدامات ما كان أن تحدث لو أن الوافد احترم حقوق أهل البلاد الأصليين بعد أن أصبحت بلادهم دارا للإسلام ،لا فارق بين ساكنته ، والأقوام الإسلامية ا لمثيلة بالأمازيغ حازوا على هويتهم الأصلية كاملة دون نقصان ( مثل الفرس والترك ) حتى الأكراد رغم تمزيق قومهم بين أربع كيانات سياسية( سوريا والعراق ، ايران وتركيا ) إلا أنهم أبرزوا تميزهم اللساني والقومي في انتظار تحقيق حلمهم في إنشاء وطن قومي لهم .

°°° الأمازيغية بين (التوطين) و (الترسيم ) .

وإن حدث تطور نوعي بشأن اللغة الأمازيغية بعد أحداث الربيع الأمازيغي ، حيث أنها عُدت بعد جُهد عناء على أنها ) لغة وطنية ) ، واعترف دستور المغرب برسميتها رغم محاولات توطينها دون الترسيم أسوة بالجزائر ، غير أن الضغط المطلبي مكن من ترسيمها بعبارات قابلة للتأويل ...؟
فالأمازيغية لا تحتاج إلى توطين ياسادة يا أفاضل، فهي أكثر وطنية من اللغات الوافدة المتداولة عندنا ، فقد تعربنا لسانا بعد قرون من إسلامنا ، قد تكون الهجرة الهلالية وأتباعها قد ساهمت في التعريب شيئا ما بعد أربعة قرون من انتشار الإسلام عندنا ، لأن حقائق التاريخ تثبت أن الأمازيغ كانوا يحسنون العربية أكثر من أعراب هلال وسليم الذين وصلوا إلينا على مذهب باطني قرمطي بلغة ذات رطانة ، فهنا عندنا دانوا بالمذهب المالكي وتعلموا العربية الفصيحة في زوايا المشدالية وتنبذار ويحي العيدلي وغيرها .... ، أما الفرنسية فقد حلت مرافقة للإستدمار الفرنسي منذ 1830 ، و تسيدت بتسيد فرنسا على البلاد التي حاربت الأمازيغية والعربية معا .
فعدُّ الأمازيغية لغة وطنية هي تحصيل حاصل ، فلغة )موليير الإستعمارية) عند أهالينا ونخبنا السياسية أكثر وطنية من اللغة الأصلية التي حسبوها لهجات ممزقة ، وأجهروا بقولهم أنها لغة بائدة ، فولا ترسيم العربية في الدستور في عهد بومدين لكان حالها حاليا مثل حال الأمازيغية ؟ .
فترسيم الأمازيغية يعني جعلها تتمتع بحقوقها مثل اللغات الوافدة ، فلولا ترسيم العربية مثلا في الدستور لما بلغت الشأو الذي بلغته في مدارسنا وكلياتنا ومحيطنا الإجتماعي ، ولما أخذت لنفسها مقعدا وثيرا في الوسط الثقافي والإعلامي ، ولا حظيت بالمكانة عند الساسة والإداريين ، ولما ُرصدت لها الأغلفة المالية والإعتمادات الكثيرة ، ناهيك عن الدعم اللوجيستي الديني والسياسي لها ، فهي اجبارية في التعليم والإدارة يعني ( لغة الدولة ) ، أما الأمازيغية فهي لغة وطنية لكنها لا يُعترف لها بنفس الحقوق التي تحصلت عليها العربية بقوة القانون ،والفرنسية فرضت وجودها بقوتها العلمية المتأثرة بمنعة الغرب وتفوقه العلمي والتكنولوجي ( لغة العلم ) ، اللغة الأمازيغيةفهي إذا في نظر بعضنا لاتصلح إلا للموت والقبر ووصمها بالجهوية ،والداعون اليها بالفتانين ،و كثيرا ما وُصف أهلها بالطابور الخامس و(أولاد فافا ) .
فترسيم الأمازيغية في الدستور يعني أن المواطن يتكلمها بحرية في وطنه ، تُحظى بأدوات الترقية ، من تقعيد وتأصيل وبعث لخطها الأصلي التفيناغي المتميز ، ولتكون لغة تفاهم أكاديمية ( معيارية) تضمن لها الرواج بين جميع لهجاتها بإنشاء أكاديمية خاصة بها تضمن لها المواكبة والإستمرار ، هذا في البداية ثم تتحول تدريجيا إلى لغة التعليم إلى جانب العربية ولغة التخاطب في جميع المحافل الوطنية ووسائل الإعلام ، فيتكونُ مواطن ٌ مغاربي أصيل بلغتين متكاملتين غير متنافرتين )عربية وأمازيغية ) يحس الجميع بأنهما لغتاه الوطنيتان والرسميتان فيدافع عنهما في كل الأحوال.

°°° علم (تامزغا الكبرى) .... اتهامات حوله باطلة .

علم تامزغا الكبرى الممتدة من واحات سيوة المصرية إلى غاية جزرالكناري جاء كرد فعل طبيعي على الطموسات التي تعرضت لها القضية الأمازيغية رغم نضالاتها المتكررة ، وهو رد فعل فاعل وممهاة للعرب فيما يعرف بالوطن العربي ،اقترحته الأكاديمية الأمازيغية في سبعينيات القرن الماضي ، وتبناه الكنغرس العالمي الأمازيغي المنعقد (بلاس بالماس ) 1998بعاصمة جزر الخالدات ( الكناري ) في ضيافة ساكنته (الغوانش الأمازيغ ) ،وهو ثلاثي الألوان بدلالات جغرافية الأرض ،( البحر (أزرق) والطبيعة (أخضر) والصحراء (أصفر) ، يتوسطه حرف ( الزاي ) بلغة تيفناغ كرمز هوياتي ثقافي .
ولا أعتقد بأن هذا العلم مسيء للبعد الوطني ، فهو رمز لقوم وأمة جديرة بالتميز داخل وطنها وإن فرقتها السياسات ومصالح الحكام ، فقد يأتي يوم تتوحد دولهُ مشكلة بلاد ( تامزغا الكبرى الإسلامية ) كقوة اقليمية متميزة تدافع عن مصالحها الحيوية برشدانية وذاتية تمليها حاجات نابعة من أصالة هذه الأمة المغاربية عبر تاريخها التليد الذي عاصر الأمم الأخرى فعلا وانفعالا ، ولا جرم في ذلك كما يحلوا للبعض شيطنته وتفتينه ، فجامعة العرب لها بيرقها ورمزها ، والإتحاد الأوروبي له علمه المميز ، وبريطانيا لها علم موحد في ظل وجود أعلام مميزة لمقاطعاتها (ويلز واسكوتلندا وايرلندا الشمالية )، بل يصل الحد إلى أن كل مدينة لها علمها ورمزها ولو هي داخل وحدة سياسية واحدة ؟

°°° العربُ...... والبعد الأمازيغي .

لا يمكن لعاقل أن ينكر وجود العرب في شمال افريقيا ، فهم حلوا ببلادنا بدأ من منتصف القرن الأول لهجري لنشر الإسلام ، فمنهم من استشهد ، وكثيرهم عادوا إلى أوطانهم بعد استكمال نشر الإسلام في عهد الوالي موسى بن نصير في أواخر القرن الأول للهجرة، وبقيت قلة منهم مستقرة ذابت في النسيج البشري للمكان ، سرعان ما دعمت بأمواج من قبائل هلال وسليم والمعقل بعد أربعة قرون من تمكن الإسلام ببلداننا، أي في حدود 450 للهجرة ، كما لا يمكن انكار تواجد عناصر من بقايا (آرية وافريقية ) كنتيجة حتمية لظروف سياسية واستعمارية عاشتها بلاد الأمازيغ , فادعاء العرب الأواخر بأنهم جاءوا لنشر الإسلام فذلكة وزيغ وبهتان ، لأن الهجرة الأعرابية الهلالية وأخواتها جاءت بعد أربعة قرون من انتشار الإسلام بين الأمازيغ ، فعندما حلوا تعلموا العربية الصحيحة وتمذهبوا بمذهب مالك بن أنس الذي انتشر بجهد الفقيه الأمازيغي يحي بن يحي الليثي المعروف باسم ( ابن كثير ) وهم كانوا قبلا باطنيين على مذهب القرامطة .
فالعرب الأقحاح قلة نتيجة اختلاطهم وتزاوجهم بالأمازيغ ، واللغة العربية المنتشرة بين الأمازيغ سواء أكانت أكاديمية أو عربية دارجة ليست معيارا صادقا لوصف المغارب (بالعروبة ،) فهم في حقيقتهم (أمازيغ ناطقون يالعربية ) نتيجة حبهم للدين وتفاعلهم الإيجابي مع الثقافة العربية ، والذين يحسون بأنهم عرب واجبهم تقديم التضحية الناجمة على هجرتهم ، فالمهاجر هو الذي يتخلى عن جزء من هويته كعربون تقدير للذين أووه أو استقبلوه .فالأقلية الوافدة هي التي تذوب في الأكثرية المقيمة في كل الأحوال والظروف.
فمهما يكن فإن الأمازيغ في عمومهم متدينون بالإسلام على مذهب مالك ، محبون للغة العربية مدافعون عنها ، يكنون التقدير والإحترام لإخوانهم العرب ، لكنهم غير مستعدين التخلي عن هويتهم الأصلية الأمازيغية التي تعاني الأمرين أمام الضربات المقلاعية للسلفية الدينية والأدلجة العروبية .

°°° خاتمة القول أن بلاد المغارب يجب أن تكشف عن حقيقة هويتها المحلية التي ليست بالشرقية تماما ، ولا هي تغريبية عموما ، فهي بهوية الأرض التي نسكنها جميعا بمختلف انتمائنا وتعدد لساننا وثقافتنا ، فجنسية الأرض ثابتة قائمة ،وكل العناصر الأخرى من لغة ومعتقد وثقافة تدور حولها دورة الكواكب حول قرص الشمس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قد أتفق معك، ولكن..
زكرياء الفاضل ( 2011 / 12 / 17 - 23:17 )
قد أتفق معك في بعض ما ذهبت إليه، بل وأدعمه، ولكن أعارض في البعض الآخر كذكر بعض الأقباط على حدة، وبذلك تجعلهم أقلية قومية في وطنهم، والحقيقة أن الشعب المصري في غالبيته أبناء مصر الفرعونية دخل منهم جزء كبير الإسلام وحافظ البعض على ديانته المسيحية ويعرفون اليوم بالأقباط. وكذلك الشعب السوري /أين هو الشعب الآشوري؟/ واللبناني والسوداني.. هذه شعوب عرّبت وليست بعربية الأصل وهذا يتجلى من خلال لهجاتها المحلية عبر الدراسات اللغوية. على سبيل المثال نحن المغاربة أسماء الحرف نبنيها على وزن تفعّالت وليس فعالة كما تقتضيه قواعد اللغة العربية أي نقول تنجّارت وتحدّادت ولا نقول نجارة وحدادة. وهذا يعني أننا ألبسنا الأمازيغية ثوبا عربيا شكلا وحافظنا على العمود الفقري أي اللغة التي هي فكر قبل كل شيء.
بالنسبة لإحياء العبرية فاسمح بالقول أن ما يعتبر معجزة اليوم هو مجرد هيكل لغوي للروسية بكلمات ومفردات دخيلة من العربية إلى حدود 1948، ثم من الأنجليزية والروسية والعبرية القديمة واللهجات المحلية كالإديش /خليط من العبرية والألمانية/ واللادينو/خليط من العبرية والإسبانية/. على اي الموضوع يحتاج إلى مقال لا إلى تعليق.


2 - القبط والأمازيغ سيان في الأمر .
الطيب آيت حمودة ( 2011 / 12 / 18 - 07:59 )
مرحبا عزيزي زكرياء الفاضل ....
أنا لم أذكر الأقباط في المقال إلا مرة واحدة عرضا ، وواقع حالهم لا يختلف عن واقع الأمازيغ إلآ فيما ندر .. فلا تقولني ما لم أقله بشأنهم ،فنحن نعلم مقدار براعة الفراعنة قديما ،ونعلم أن الأقباط مسلمون ومسيح هم الأصل في مصر ، والعروبة فيها ما هي لون انطلى عليها بفعل أدلجة ناصرية سادت لكنها بدأت في الإنمحاء والإنفساخ تدريجيا.
أما بشأن العبرية فليس العيب في انفتاحها على عوالم لغوية أخرى والإقتباس منها ، فالتأثر باعث على الثراء والنماء ، والعربية لو بقيت رهينة الربع الخالي بين أعراب نجد وخيبر ولم تحتك بعوالم لغوية أخرى من رومان وفرس وهند عبر جهود آل عباس خاصة المؤمون بدار حكمته التي ترجمت نفيس اليونان والهنود والرومان لما استقام عودها ولما قدرت على المنافسة، فالقرآن حسب ما يشير السيوطي يتضمن بين دفتيه على كثير من مصطلحات لغوية فارسية ومصرية ويونانية وحتى أمازيغية ، .


3 - إنما اختلافنا في الفروع
زكرياء الفاضل ( 2011 / 12 / 18 - 08:31 )
بالنسبة للعبرية يظهر لم تفهم قولي، فاللغة ليست هي المفردات والمصطلحات بل نسق رموز منبعث عن فكر معين تؤثر فيه البيئة المحيطة وطبيعة الحياة..إلخ لذلك العبرية اليوم في الواقع ليست تعبيرا حقيقيا لأصحابها. على أي ليس موضوعنا.
أما القرآن فالبطبع يحمل مفردات من بعض اللغات ومن ضمنها الأرمية وخناك توجه إلى شرح عبارة -حور العين- انطلاقا من الأرمية وهي تعني العنب /الأبيض/. وكذلك بالنسبة للحروف التي تبدأ بها بعض الآيات فمعناها بالأرمية يتوافق معها بينما لا نجد لها تفسيرا في العربية. عموما القرآن يحتاج إلى دراجة جديدة علمية بعيدا عن الدراسات السلفية.
إني وإن كنت مع من أنصار الأمازيغية ومع حقوق كل القوميات إلا أني ألاحظ استغلال قضية القومية من الإمبريالية لتفتيت الدول والسيطرة عليها وأنا يا صاح وإن كنت يساريا حتى النخاع إلا أني دولاني أي مصلحة الدول فوق أي اعتبار. وأقول الدولة لا النظام. لهذا أن مع مغربية الصحراء ولا أشاطر بعض الرفاق في رأيهم حول القضية.
تحياتي


4 - واوووو رائع ثانميرت
ميس اومازيغ ( 2011 / 12 / 18 - 10:57 )
ايها الرجل الطيب تقبل تحياتي/مقالة مضمونها وما انتهيت اليه في تحليلك يستحق ان يوزن بما وهو اثمن من الذهب.
ثانميرت استمر يا رجل انه واجب والطريق ما يزال طويلا لكن سيتحقق الهدف.


5 - ميس ن إيمازيغن
إسماعيل _ النمامشة ( 2011 / 12 / 29 - 10:20 )
لا أوافقك ال أي في قولك بأن الأمازيغ يمكن أن يكونوا قد اختلطوا لدرجة ضياع نسبهم الأمازيغي مع الوافدين.
أنتم في تيزي وزو تحافظون لوقت قريب على أنفسكم من الاختلاط و كانت هذه العادة عادة لكل الأمازيغ في النارد تجد عشيرة عربية متبربرة و من النادر أن تجد قبائل عربية أميزغية مختلطة.


6 - الناطقون بالعربية ليسوا كلهم عرب .
الطيب آيت حمودة ( 2011 / 12 / 29 - 10:57 )
غالبية الأمازيغ يا أخي اسماعيل انتحلوا النسب العربي رغبة أو رهبة، فأصبحوا عربا في لسانهم ، قد تتخيل أن كل ناطق بالعربية هو عربي ؟ وهذا خطأ شائع بيننا،
تفحص مقالنا (الناطقون بالعربية من غير العرب هل هم عرب فعلا؟ .


7 - وطن واحد
الشهيد كسيلة ( 2013 / 4 / 17 - 18:14 )
الاخ اسماعيل - النمامشة
من العيب ان تخاطب كاتب المقال بعبارة -انتم في تيزي وزو - لعلك لم تنتبه الى ان مثل هذا القول فيه اسلوب غير مستحب ... فالخطاب بين بين ابناء الوطن الواحد لا يكون بانتم ونحن
ومن ادراك بمكان اقامة كاتب المقال أم أنك لا تعرف من ذلك الاقليم تيزي وزو
تحياتي لك وللكاتب

اخر الافلام

.. الجزائر: نظام ري قديم للمحافظة على مياه الواحات


.. مراسل أوكراني يتسبب في فضيحة مدوية على الهواء #سوشال_سكاي




.. مفوضية الانتخابات العراقية توقف الإجراءات المتعلقة بانتخابات


.. الصواريخ «الطائشة».. الفاشر على طريق «الأرض المحروقة» | #الت




.. إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب -اليوم التالي- | #ر