الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات في العراق بين التراجيديا والمهزلة

سمير عادل

2004 / 12 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إذا أراد المرء مشاهدة فصل هزلي في خضم تراجيديا الأوضاع السياسية والأمنية في العراق، فيكفي أن ينظر الى المسرحية التي هي بعنوان الانتخابات المزمع تنظيمها في نهاية كانون الثاني من العام القادم. في هذا المقال سوف لا أشير الى الشروط والنقاط التي حددها حزبنا لإجراء الانتخابات، وحيث تناولتها وسائل الأعلام العالمية بل سأكشف فيه المهازل التي تجري في ظل هذه الانتخابات.
يقولون ستجري انتخابات حرة ونزيهة، فتعالوا نشاهد معا أحداث هذه النزاهة والحرية. قسمت مقاعد البرلمان عشية الانتخابات كما جاءت في سيناريو المحاصصة القومية والطائفية التي ثبتت في قانون الدولة الانتقالية وهي 120 مقعدا للشيعة و60 مقعد للسنة و55 مقعدا للأكراد وهكذا تستمر لبقية الطوائف والقوميات الأخرى. فإذا كانت الحصص مقسمة وموزعة قبل الانتخابات، يا ترى أي نوع من الانتخابات الحرة والنزيهة يتحدثون عنها. ولماذا المرء يجازف بحياته في ظل أوضاع أمنية منفلتة من عقالها إذا القرار اتخذ فوق أرادته لتنصيب برلمان وحكومة كارتونية تديم السيناريو الذي وضع بعد الاحتلال.
المهزلة الأخرى هو تأجيل الموعد النهائي لثلاث مرات للإعلان عن قوائم المرشحين. وكان أخره يوم 15 كانون الأول. وموعد الانتخابات هو 30 من كانون الثاني المقبل. أي لم تبق للدعاية الانتخابية أكثر من شهر ونصف مع اخذ بنظر الاعتبار موعد إغلاق باب الدعاية الانتخابية قبل أيام. فهل يكفي للمواطن الناخب هذه الفترة للتعرف على برامج الأحزاب المشاركة في الانتخابات، لو افترضنا تمتلك برامج أصلا! والخبر الأخر حول نزاهة الانتخابات هو تعيين 400 شخص من منظمة بدر العسكرية التابعة "للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق" في المفوضية العليا للانتخابات في مدينة البصرة للإشراف على حيادية الانتخابات. فيا لها من انتخابات حرة ونزيهة ستكون. والخبر الذي لا يقل سخرية عن الآخر هو ورود أنباء عن دخول مئات الآلاف من الإيرانيين الى العراق ومصادر أخرى تشير الى مليون إيراني، بتخطيط من الاطلاعات الإيرانية"وكالات المخابرات" للمشاركة في هذه الانتخابات. ولا ينكر المسؤولين الإيرانيين صحة هذه الأخبار بل يؤكدون عليها بأن هؤلاء هم عراقيين ولكنهم هربوا الى إيران خوفا من بطش نظام صدام حسين. ولكن يتسائل الإنسان البسيط لماذا يتزامن قدوم هؤلاء مع اقتراب موعد الانتخابات. وأي كانت صحة الأرقام أعلاه، ولكن هل ستجري انتخابات نزيهة وحرة وهناك مخابرات دول أخرى تحاول أن تضطلع بدور لها للتأثير على نتائجها وسلامة وامن الناخبين الذين سيشاركون فيها. أما الخبر حول انسحاب 20 من مرشحي السيستاني بقوة التهديد بالقتل في المدن الجنوبية في حالة مشاركتهم في الانتخابات، يبين عن عمق استتاب الأوضاع الأمنية التي تجري في ظلها اكبر عملية انتخابات حرة في العراق. وستجري الانتخابات في ظل قانون السلامة الوطنية وهو الاسم الحركي لقانون الطوارئ الذي أعلن عنه قبل معركة "شبح الغضب" وهي حرب الفلوجة، ومازال القانون ساري المفعول في المدن العراقية ما عدا كردستان العراق. فيتسائل المرء الذي قدم لمشاهدة هذه المسرحية هل هناك انتخابات حرة في العالم نظمت في ظل قانون طوارئ! أما الأخبار التي هي أجمل مما ذكرتها حول الانتخابات هي توقف شركة موبايل "عراقنا" عن العمل من فترة 4 كانون الثاني الى 30 منه. ويرى المحللون واتفق معهم لقطع الاتصال لما يسمونهم بالإرهابيين فيما بينهم والتأثير على نشاطهم المسلح. ويبين هذا الخبر عن مدى فعالية ونشاط الأجهزة الأمنية والعسكرية لتوفير السلامة والأمن للناخب مع استمرار قطع التيار الكهربائي لأكثر من 14 ساعة يوميا وتفاقم أزمة الوقود في عموم المدن العراقية دون استثناء حتى الفيدرالية منها. وكما قال احد المواطنين في بغداد: قل اعطني 10 آلتار دم فسأمنحها لك تبرعا الى عراق ما بعد التحرير ولا تقل لي اعطني لترا من البنزين.
وأخيرا سألتني إحدى الصحف ما رأيك في الأحزاب التي ستشارك في الانتخابات؟ أجبت بأن الأحزاب التي شاركت في مجلس الحكم والآن تشارك في المجلس الوطني والحكومة المؤقتة لها مصلحة في هذه المهزلة التي تحدثت عنها وهي إدامة وجودها في السلطة وإضفاء الشرعية على السياسة الأمريكية التي سلطت هذه القوى على رقاب الجماهير في العراق. ولقد قرر على بقائها كما ذكرت قبل قليل. أما الأحزاب الأخرى التي هي خارج دائرة الحكم فهي مظللة ومتوهمة حول هذه الانتخابات وتوقع ستنهي الاحتلال وتحسم الأوضاع السياسية في العراق. وفي الحقيقة إن هذا الموقف التي تتخذها هذه الأحزاب هو موقف استسلامي ويائس ويبين لا بصيص لأي أمل أو وجود أية آفاق واضحة أمامها سوى المشاركة في مهزلة الانتخابات لإثبات صحة أوهامها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -سأهزم دونالد ترامب مجددا في 2020-.. زلة لسان جديدة لبايدن |


.. في أول مقابلة بعد المناظرة.. بايدن: -واجهتني ليلة سيئة-




.. فوز مسعود بزشكيان بانتخابات الرئاسة الإيرانية بنحو 55% من أص


.. القسام تنفذ غارة على مقر قيادة عمليات لجيش الاحتلال بمدينة ر




.. -أرض فلسطين بتفتخر بشعبها-.. غارات الاحتلال لا تزال تحصد أرو