الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوساطة من دمشق الى ديالى

ساطع راجي

2011 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بينما كان المسؤولون العراقيون يتنقلون بين العاصمة السورية دمشق والعاصمة المصرية القاهرة حيث مقر الجامعة العربية للقيام بوساطة في الازمة السورية، في ذلك الوقت بالضبط، كانت محافظة ديالى اللصيقة بالعاصمة بغداد تعيش احتقانا وفوضى دفعت بالمحافظ وعدد من المسؤولين للهرب منها، وهذه المرة لا يمكننا لوم الحكومة والبرلمان العراقيين في عدم الاقدام على القيام بمبادرة للتوسط بين المتصارعين في ديالى بل على العكس قد يدفعنا الحال الى التمني لو إن اللجنة التي شكلها مجلس النواب وذهبت الى ديالى لو انها لم تتشكل او لم تذهب الى ديالى حيث تدهورت الاوضاع هناك بشدة مع انتهاء زيارة اللجنة، وهو ما يستحق أن يدعو السوريين في السلطة والمعارضة للقلق على أوضاعهم جراء الوساطة العراقية.
شهدت الحياة السياسية في العراق منذ عام 2003 الكثير من الوساطات التي انتهت غالبا نهاية مأساوية كان آخرها مثلا وساطة أحد النشطاء بين ائتلافي دولة القانون والعراقية لإنهاء أزمة تسمية وزير الدفاع وتعهد الوسيط بانهاء الازمة خلال 48 ساعة وقبل أن تنتهي المهلة قاطعت العراقية جلسات البرلمان بينما طالب رئيس الوزراء نوري المالكي بتنحية نائبه صالح المطلك.
الوساطة بصفة عامة تحتاج الى كثير من المقومات وأهم ما يحتاج إليه الوسيط الناجح هو التكتم والهدوء وعدم المبالغة في الطموحات والمسارعة الى التباهي بمنجزاته لأنه بذلك سيثير خصومه هو لافشال وساطته نكاية به لا بطرفي النزاع، هذا فضلا عن الصفات الشخصية للوسيط ولوضع الدولة التي تقوم بالوساطة وعلاقة الوسيط بطرفي النزاع أو المشكلة وتوقيت الوساطة، وهناك من يهرع دائما للقيام بدور الوسيط لإنه يعتبر الدور أمرا وجاهيا لا أكثر بغض النظر عن النتيجة لكن الدول والقوى والشخصيات المستقرة الواثقة من نفسها تحسب للوساطة ألف حساب قبل أن تقدم عليها لأن عدم التوسط في السياسة هو أفضل كثيرا من الفشل في التوسط، وهناك حالات وساطة ناجحة تستحق دراسة الساسة والدبلوماسيين.
وفي الوساطة العراقية داخليا كانت حالة ديالى كارثية تستحق مساءلة القائمين بتلك الوساطة عن التداعيات اللاحقة صحيح انهم ليسوا سببا لتلك التداعيات لكن لقاءهم بالاطراف المتصارعة واطلاعهم على الاجواء هناك كان كفيلا بتكوين فكرة لديهم على المسار الذي تتخذه الامور من احتلال الدوائر الرسمية الى قطع الطرق وفرض حظر التجوال ثم الاحاديث عن نزول المليشيات وهروب المسؤولين والاقتراب من حالة تفكيك وتقسيم المحافظة على أسس طائفية وعرقية، واذا لم تكن الوساطة قد نجحت فعلى الاقل كان يمكنها توفير قاعدة معلومات سياسية يتم بناء عليها إتخاذ التحوطات العاجلة لإيقاف الانهيار.
وفي الوساطة العراقية خارجيا، فإن الاقدام العراقي مستغرب لأنه جاء بعد أن ذهبت الازمة السورية في مسارات أعمق من قدرات العراق على توفير ضمانات فيها، حالة عدم الثقة بالوسيط من قبل احد طرفي النزاع واضح كما إن اللاعبين الاخرين المؤثرين في الازمة (الخليجي وبخاصة القطري والدولي بخاصة الامريكي والتركي) يمتلكون عناصر قوة تفوق ما يمتلكه العراق، وعلاقة العراق الباردة حينا والمتوترة حينا آخر بالخليجيين، ستكون عاملا سلبيا ليس على الوساطة فقط بل على الوضع السوري أيضا.
إذا كان هناك من يعتقد إن الوساطة العراقية في الازمة السورية ستكون فعالة فيرد عليه بالقول "الاقربون أولى بالمعروف وديالى أقرب من دمشق بكل المقاييس" ومن يظن إن الوساطة وجاهة تستحق بعض الانشغال يرد عليه بإن الستر نعمة لا يدركها إلا من تصيبه الفضيحة لو كان عنده حسن الإدراك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد