الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جحا وساميلا : قصة قصيرة

رياض خليل

2011 / 12 / 19
الادب والفن



سألت زوجة جحا ( اسمها ساميلا )الضيف: وماذا تشتغل يا.....
قاطعها جحا وهو يقهقه ساخرا : ياغبية .. لن تفهمي .. حتى لوأخبرتك ماذا يشتغل !
انزعجت ساميلا منه كالعادة ، وشعرت بالخجل والإحراج أمام الضيف الجديد ، وأرادت أن تعيد الاعتبار لشخصها ، فردت : يعني أنت الذي يفهم يا أبو فهمي !؟ غريب .. هذه أول مرة تعترف فيها بأن ثمة من يفهم ( وهي تشير للضيف )
قطع الضيف حديثهما مجيبا على سؤالها وفضولها بالقول: يامدام ساميلا ...
ردت ساميلا على الضيف بلهجة فوقية معاتبة وموضحة : آنسة من فضلك ..
اندهش الضيف ، وانعكس الاندهاش والاستغراب في عينيه وهو ينظر إلى مضيفه جحا ، الذي سارع إلى تأنيب زوجته مستنكرا غباءها : أنت آنسة ياآنسة ساميلا ؟! ، وتعجب الضيف منهما ، وهو يسمع حوارهما . لاحظ جحا أن الضيف مرتبك ، وأراد أن يصلح الموقف بينما كانت ساميلا تعلق: آنسة غصبن عنك وعن اللي ...
وقاطعها جحا : يا ...
وقاطعته مؤكدة : يكفي .. لاأريد أن إفهم ، لاأسمح لأحد أن يسخر مني
ورد جحا : أنت مدام .. يعني سيدة .. يعني ست .. يعني متزوجة ، والمتزوجة ينادونها : مدام .
وعلقت : طيب ، لماذا لا أكون مدام وآنسة بنفس الوقت ؟ ماذا في ذلك ؟
جحا : سودت وجهي ياساميلا الهبلة .. قال : ( هبلة .. ومسكوها طبلة )
ساميلا : أنا ؟ أنا ...
جحا : الان سيظن ضيفي الأستاذ زهير أنك حمارة .. ياسواد وجهك ياجحا المسطول
زهير: العفو .. لا .. لن أظن ولم أظن .. بالعكس أنتما كلاكما عبقريان .. ورائعان
ساميلا : زهير !؟ هل أنت زهير ابن أبو زهير؟
زهير : وكيف عرفت؟
جحا : ( في سره ) :" كنت أظن أنه أذكى مني " ، ولم يتمالك نفسه ، فقهقه ملء بطنه . واستغربت ساميلا والاستاذ زهير .. ورمقته ساميلا مستنكرة . فتوقف جحا عن الضحك بسرعة ملفتة ، وسأل مضيفه : هل أنت زهير ابن أم زهير ؟ وعاد ليغرق في الضحك حتى كاد ينقلب على ظهره . وصرخت به ساميلا : كفى ، عيب ، وعلق الضيف :
ولكن كيف عرفتما بالله عليكما أنني ابن أبو وأم زهير ؟ ، وسألته ساميلا :
- ولكن من هو أبو زهير ؟ ومن هي أم زهير ؟
ولم يتمالك جحا نفسه واستسلم للضحك وهو يتمتم : كنت أظن أنني غبي ، لكن زهير أغبى مني ، لو تبارينا بالغباء لخسرت المباراة .
وبدت الدهشة واضحة على وجه الأستاذ زهير . وصاح جحا معلقا وموجها الكلام لساميلا :
ياغبية ، أعرفك على ضيفي الأستاذ زهير ، وهل يعقل أن يكون الاستاذ زهير ابن أبو زهير أو أبن أم زهير ؟ إنه أستاذ .. أستاذ ، والأستاذ يعمل كاتب . انزعجت ساميلا من جحا ، وعلق الأستاذ : " بل أنا ابن أم زهير وأبو زهير " ، اندهش جحا ، وشمتت به ساميلا بنظرة ساخرة ، وأحس جحا بالإحراج ، وشتم نفسه بالقول:" ماأغباني "
وتساءلت ساميلا مستغربة مستفسرة : كاتب ؟ ! أم أستاذ ؟
أجاب الرجل : أنا ... ، وقاطعته ساميلا : تعلم الأولاد؟ ، ونفى بهزة من رأسه ورفع حاجبيه ، واستطردت وفي عينيها توجس :" الآن عرفت ، أنت مخبر ، كاتب تقارير تريد أن تتجسس علينا ، وأن تسمع ماتحت لساننا ، كان غيرك أشطر ، رح إلعب غيرها " ، وتدخل جحا : " ياساميلا ، الأستاذ زهير كاتب صحفي محترم ، في جريدة الليل ، " ، وسألت ساميلا : " جريدة الليل ؟ هل تصدر في الليل ؟ غريب ! " وأجابها الأستاذ :" إنه اسم الجريدة ، وأنا أعمل فيها " ، وسألته ساميلا : " ماهي قهوتك ؟ " ، ونهض الرجل معتذرا : آسف ، قهوتكم مشروبة ، لقد تأخرت ، تشرفت بمعرفتكما .
وتدخل جحا ، بعد أن نهض ليمنعه من المغادرة ، وقال وهو يمسك بتلابيبه : " لا والله ماحزرت ، لن أدعك تخرج قبل أن نتعرف على بعضنا ، وتخبرني ماذا كنت تريد مني " ، وأجلس جحا الأستاذ عنوة ، دفشه دفشا ، وطلب من ساميلا أن تحضر القهوة المرة للضيف ، واندهشت ساميلا مما رأت وسمعت ، ومضت إلى المطبخ لإعداد القهوة ، وبقي الضيف وجحا معا وحدهما ، فسأله الأستاذ زهير : خيرا ، ماذا تريد مني ؟ ، وأجاب جحا : أنا ؟ من قال إنني أريد منك شيئا ؟ ، بل أنت ماذا تريد مني ؟ ، وأجابه الأستاذ : أنا ؟ معاذ الله أن أريد منك شيئا ، وكيف أريد شيئا ممن تعرفت عليه للتو ؟ ، وعلق جحا : " طيب .. مارأيك أن تتوسط لي لأعمل عندكم بجريدة الليل ؟ ورد الأستاذ : لم لا .. يسرني ويشرفني أن تعمل معي في الصحافة ، ولكن أي نوع من العمل الصحفي تحبذ؟ وسارع جحا قائلا : رئيس التحرير .. مارأيك ؟ ارتبك الأستاذ وامتعض ، وبلع ريقه ، وتردد ، ثم جزم قائلا : مستحيل ، مستحيل .. ورد عليه جحا : إذن لماذا تشرب القهوة عندي ؟ هل تريد رشوة كبيرة ؟ ، وصاح الأستاذ وهو ينهض خائفا : مستحيل .. مستحيل ، وصاح به جحا : أتهزأ مني ؟ ألست قد المقام ؟ والرجل الضيف يتلفت خائفا ، ويتلمس طريقه للخروج ، ويقول في نفسه :" ماهذه البلوة التي ابتليت بها ؟ علي بالهروب ، يجب أن أنفد بجلدي من هؤلاء المجانين " وتابع بصوت مرتفع : مستحيل .. مجنون .. مجنون .. وفتح الباب ، ولحق به جحا ممسكا بياقته ، ويكيل له الصفعات على رقبته ، ويكيل له الشتائم : من المجنون ؟ أنا؟ معك حق .. أنا مجنون لأنني تكلمت معك ، وأدخلتك بيتي ، أيها المجنون المعتوه الذي لاأعرف ما اسمه .. ولا ابن من ؟ وسارعت الزوجة بالقهوة ، وسقطت الصينية من بين يديها وهي حائرة بما حصل ويحصل أما عينيها ، وهرعت إلى الباب ، حيث الرجل وجحا يتعاركان ويتشاجران ويتلاسنان ، فيما كان جمع متزايد من الجيران قد حضروا ليفهمو ا المشكلة ، وليخلصوا الرجل الزائر من بين يدي جحا ، الذي كان يصيح ، ويطلق من فمه كلمات وعبارات من الصعب تمييزها ، فيما كانت ساميلا تشده وتجذبه من ياقته من الخلف ، لتبعده عن الرجل ، وتدخله البيت ، وهو ثائر غاضب مزبد لاهث ، وأغلقت الباب في وجه الصخب والجلبة وعاصفة التساؤلات المزعجة التي لاتنتهي . وجلس جحا ، وجلست ساميلا إلى جواره تهدئه وهي تقول له : كم مرة قلت لك : لاتحط عقلك بعقل الأغبياء !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت