الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة بعنوان ( مختار بلا ختم )

مدحت ربيع دردونة

2011 / 12 / 19
الادب والفن


وقف سمعان أبو حجر أمام المرآة يتأمل شعيرات شاربه المزروعة كالإبر الصينية ، يحاول إسدالها بسبابته وإبهامه فتعود إلى وضعها السابق ، يدنو بوجهه من المرآة ، يرفع شفته العليا ليتفحص أسنانه فيردها وخز الإبر لمنخريه، يتأمل تقاطيع وجهه ، يرتد رأسه ، يبتسم ثم يعبس . لا بأس ! فالكُبرة ليست بجمال الوجه ، فأنا أتمتع بجسم مصنوع تمامًا للوجهاء ! ثم إن كل المخاتير الذين رأيتهم في حياتي ليسوا بأجمل مني ! هز كتفيه وأدار ظهره للمرآة ليطمئن على ورائه ، أمسك بخاصرة عباءته وشدها إلى الأمام فرأى تقاطيع ظهره وما تحته ، دفع مؤخرته نحو المرآة ثم اعتدل ، أدار وجهه فجأة ، وصوّب بصره نحو مدخل الغرفة ، ولما اطمأن إلى أن أحدًا من أفراد عائلته لم ير ما يفعله تنحنح متظاهرًا الوقار . نعم لا يوجد في العائلة من هو أفضل مني لتولي منصب المختار ! لطالما حلمت بهذا المنصب وعملت له كثيرًا . صحيح أنني عاقّ لوالدي ، ولكنني دائم السعي لإصلاح ذات البين ، وبخاصة البين المتعلق بالمرأة وزوجها ! وعلى كل حال فإن غضب الوالدين سمة شائعة في هذا العصر ، فجميع من عرفتهم من الوجهاء لم يكونوا بأحسن مني في هذه الناحية .
إن هذا المنصب يعوضني عما فاتني من تعليم ، ويكسبني احترام الناس ، وعندها سأمشي في الشارع مزهوًا بنفسي وسيتسابق الناس على طرح السلام عليّ ، أما أنت يا دعّاس الأغبر ، يا من تنافسني على المخترة لن يكون أمامك إلا التسليم والطاعة ، وطلب الرضا مني ! لكن آآآخ !!! لا قيمة للمخترة إلا بالحصول على الختم ! فما السبيل إلى الحصول عليه ؟! هذا يحتاج مئات التواقيع من أفراد العائلة ، وإلى رضا السلطة عنك ! والأهم من ذلك وجود واسطة قوية ! من أين لي بهذة الواسطة ؟ ! إممم تذكرت ! لا يوجد واسطة قوية أكثر من جمعة أبو ريالة ! آآآه يا جمعة ! سميناك أبو ريالة لأن الرطوبة لم تكن تفارق شفتيك ، وكنا نتقزز من اللعب معك ، ونبتعد عنك فتحاول اللحاق بنا فنركلك بإقدامنا حتى لا تتسخ أيدينا ، أما اليوم فأنت مسؤول كبير ، وأنا في أمس الحاجة إليك ! سأناديك باسمك الحقيقي ( جمعة عبد الخالق ) أو حتى سيادة العقي... ؛ لأنك عندي الآن أهم من جمعة الشوان !!!
سحب سمعان شدقيه فتمددت الشفة السفلى في إشارة إلى تقلبات الزمن والرضوخ للأمر الواقع ، ثم انكب على تفحص أوراقه اللازمة للمخترة ، فقد عقد العزم على الذهاب إلى رفيق الطفولة ( جمعة ) وبينما هو منشغل في ذلك دخلت زوجته فانتفض واستدار ، فنظرت إليه قائلة :
ماذا تفعل يا سمعان ؟
-لا شيء ، لا شيء .
- أراك ترتدي الملابس الرسمية !
-لا ، لا ، كنت أقيسها فقط .
-حسبتك تجهز نفسك للذهاب إلى دعّاس ، لتبارك له بعد أن حصل على ختم المخترة .


دكتور / مدحت دردونة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي