الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا مصر؟

خالد عبد القادر احمد

2011 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن الجزم ان صراع الاجندات المصرية المحلية هو العامل الوحيد الذي يعبث بحالة الاستقرار فيها, فمن الواضح ان صراع الاجندات الاقليمية والدولية ينعكس فيها ايضا, مما يمكننا من القول ان مصر الان تعيش صورة من الصور التقليدية لتشابك الصراع السياسي العالمي والاقليمي التقليدي مع الحياة السياسية اللبنانية. حيث توازنات القوى المحلية خارج مسار وحدة التوجه القومي وفقدان الثقة والتقاطع مع تاثير الاجندات الاجنية, يخدم ذلك كله ضعف مؤسسة الدولة وفقدانها هيبتها,
ان ما يحدث في مصر الان لا يمكن تفسيره فقط بالتمايزات الثقافية لمصالح القوى السياسية المحلية, وانعكاساتها على صورة تفاوت انضباط مسلكياتها الديموقراطية, حيث من المفترض ان تضبط وتنظم المصلحة الوطنية العامة هذه المسلكيات الديموقراطية, خاصة ان العملية الفعلية لنقل السلطة من العسكري الى المدني بدأت بالانتخابات التشريعية, وبغض النظر عن المستفيد الرئيسي من نتائج الانتخابات, فهذا يعكس تفاوت نسب احجام ونفوذية القوى السياسية مجتمعيا, لكنه لا يقلل من الرمزية الديموقراطية التي منحتها لها سعة الاقبال الشعبي عليها وما تعكسه من حالة رضى مجتمعية واسعة ورئيسية عنها,
ان الخلاف الايديولوجي الحاصل على الوطني المركزي والاداري الديموقراطي, في الصيغة الدستورية, وفي كيفية التوصل اليها, ولا يجب ان تصل التجليات السلوكية السياسية له, الى صورة العنف التي هي عليه الان, وسيبقى تفسيرها بحدود دور العامل المحلي تفسيرا تهميشيا للحقبقة, فمن الواضح ان الاجندة الاجنبية الاقليمية والعالمية ليست معزولة عن الواقع المصري, ومن الواضح ان هذه الاجندات استطاعت ان تجير بعض الاجندات المحلية لصالحها في محاولة لضمان ان لا تكون حركة مصر في الصراع العالمي على تعارض مع نفوذ هذه الاجندات الاجنبية,
ان الصراع بين الاقتصاد الاسيوي والاقتصاد الغربي اخذ شكلا اقليميا خاصا صورته الصراع بين معسكر الموالاة ومعسكر الممانعة وهو وإن لم يكن على تلك الحدة في تونس واليمن وليبيا, الا انه على درجة عالية من الحدة الان في مصر وسوريا, ورغم ان لاقتصاد الاسيوي لا علاقات مباشرة له في الوضع المصري الا ان ذلك لا يغيب وجود علاقات قوية لحلفائه من معسكر الممانعة فيها, فهناك العلاقات الايرانية والسورية والصهيونية والتي يهمها ارباك التفاهمات الغربية المصرية خاصة الامريكية منها ان على مستوى تفاهماتها مع المؤسسة الرسمية او على مستوى القوى الدينية السياسية,
ان سكوت الموقف الغربي عن سقوط شعار الدولة المدنية وقبوله شعار الدولة الديموقراطية, كان ثمن تفاهماته مع المؤسسة العسكرية المصرية وقوى الدين السياسي, وها هي التصريحات الامريكية توالي الاعلان عن استعدادها للتعامل مع القوى التي ستفوز بالانتخابات التشريعية, ومن الواضح ان هذا الموقف ترفضه الاجندة الليبرالية المصرية, الامر الذي يسقط القوى الليبرالية في حبائل استغلال قوى معسكر الممانعة الاقليمية الصهيوني والايرانية والعربية للنفوذ الامريكي, فتعمل على اسناد ودعم وتقوية قدرة الليبراليين على منع استقرار الوضع المصري,
ان المستفيد الرئيسي من عدم استقرار الوضع المصري ليس الصيغة الدستورية المصرية ولا الحياة الديموقراطية فيها, ولو كان الامر بهذا الاتجاه لكنا اول المؤيدين لما يحدث فيها, غير ان المستفيد الحقيقي منها هو التحالف الصهيوني الايراني العربي, والذي يجعل من حالة عدم الاستقرار في مصر مجال مساومة على توجهات الولايات المتحدة الامريكية واوروبا في مواقع اخرى كموضوع اسقاط مقولة حل الدولتين في موضوع التسوية وموضوع استمرار اعتقال النظام السوري لمنهجية المقاومة ضد الكيان الصهيوني وموضوع عدم مهاجمة ايران عسكريا,
لم يكن غريبا اذن ان تحدث تغيرات ملتوية تبدو غير مفهومة في حراك الاصطفاف السياسي الاقليمي, كرفض ضم الاردن والمغرب لمنظومة مجلس التعاون الخليجي والاعلان في المقابل عن ترشيح مصر لذلك, وقبول جامعة الدول العرية ادخال تعديلات على بروتوكول مراقبة الوضع السوري مما سمح للنظام السوري بالموافقة والتوقيع عليه, الامر الذي يؤشر لوجود تنازلات غربية وامريكية تحمل ملامح هزيمة امام النتائج المخيبة لحربهم على العراق والتي صبت لصالح التحالف الصهيوني الايراني العربي, فمنحته قدرة على الصمود امام الهجوم الغربي بل والفرصة لتحويله لهزيمة لهم,
ان استمرار عدم استقرار وضع مصر الداخلي وحصارها الاقليمي بجناحيه الافريقي والعربي يستكمل برنامجيا وموضوعيا تعميق نتائج هزيمة عام 1967م, فيستكمل اخراج مصر السياسي من المواجهة مع الكيان الصهيوني باخراجها من المواجهة اقتصاديا واجتماعيا, وهو الامر الي سيفتح الافق واسعا امام الصهيونية لاستكمال تجسيد شعار اسرائيل الكبرى, فمر وان اخرجت عسكريا وسياسيا من المواجهة مع الكيان الصهيوني بعد اتفاقيات كامب ديفيد الا انها بقيت عائق القوة الرئيسية امام امكانية تحقيق الصهيونية لشعار اسرائيل الكبرى,
ان التحليلات التي تلغي تمايز المصالح الصهيونية الغربية كما تلغي تمايز المصالح العربية, وتسقط مشروع اسرائيل الكبرى حين تذكر وجود محاولة لتقسيم مصر الى عدد من الدويلات هي تحليلات ينقص من ارشيف ذاكرتها معنى تواتر وتراكم النجاحات والانجازات الصهيونية والتي انشات الان قيادة ما وراء البحار, لك الله يا مصر في ظل غياب الوعي الوطني عن ابنائك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح