الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما لنا وزبيبة..

جمال الهنداوي

2011 / 12 / 19
الصحافة والاعلام


اقرب الى الصدمة منه الى الاستغراب والدهشة كان هو الشعور الذي استقبل به الوسط الثقافي العراقي البيان الرسمي الذي اعلن عن دفع العراق لخمسة ملايين دولار لفنان فرنسي "مغمور"ثمنا وديةً وترضية تجاه استخدام لوحته"المغمورة" كغلاف لباكورة الالهام الادبي الذي تفتق فجأة على ذهن وقلم صدام حسين..
وقد يكون المرد الاساس لهذه المشاعر هو في الانبثاق المفاجئ للقضية دون اي مقدمات او مسوغات تبرر التكتم على مجرياتها اوالاهمال –مع افتراض حسن النية-الذي رافق التعاطي مع الحالة اعتمادا على قسوة الحكم والارقام الفلكية التي ترتبت على العراق من جرائه والتأكيد اللاهث العاجل على تسليم المبلغ المطوب عدا ونقدا الى الفنان الفرنسي دون ان تتواتر على وسائل الاعلام مراحل القضية ومدى الجهد الذي بذل من قبل الدوائر القانونية والثقافية العراقية في التعامل معها ولا السر في الاريحية الشديدة في تسليم المبلغ والاعلان عنه بصورة توحي بكونه كان حتما مقدرا على الوزارة ولا راد له حتى ولو بالدعاء..
وقد يكون غياب التفاصيل التي عادة ما يكمن الشيطان في ثناياها يربك اي محاولة لمقاربة منطقية لقرار الحكم..ولكن هذا الغياب المقلق للتفاصيل وهذا الشيطان نفسه يجعلنا نتساءل عن ماهية المستمسكات التي تحدث البيان الذي اصدره مدير الدائرة الاعلامية في الوزارة عن ان الفنان قد قدمها و"اثبت امتلاكه للاصول الفكرية على حقوقه"من خلالها..وهل هناك اشارة الى قيمة ما للوحته المرمية على قارعة الشبكة العنكبوتية منذ ايام تفتح قريحة الرئيس السابق..وهل ان هذا المبلغ الكبير يعادل التسوية العادلة للضرر الذي اصاب الفنان من جراء وضع لوحته على غلاف الرواية العصماء..
وهذه القلة في التفاصيل..قد تكون هي العامل الوحيد الذي قد تلجم افكارنا عن التوجه نحو بعض الظنون الآثمة ..ولكنها لن تقوي على ان نرمي الجهة التي تولت الدفاع عن حق العراقيين في هذه الاموال بالغفلة والافتقار المرعب الى المهنية والتفريط بما كان يمكن تحويله الى مئات الكتب وعشرات العروض والاعمال الفنية واللوحات القيمة والى عدة جوائز تقديرية لكتاب وفنانين لا يشترط ان يكونوا مغمورين..
نسمع كثيرا وتأتي لنا الاخبار عن العديد من دعاوي التعويض المتعلقة بقضايا الملكية الفكرية التي تنظر بها المحاكم والتي غالبا ما تتم تسويتها خارج اطار النصوص القانونية بمبالغ تتماهى مع الغبن الواقع على الجهة المتضررة..وتقدير هذا الظلم عادة ما يكون مستندا الى قيمة المنجز والارباح المتحققة من جرائه والفوائد التي جنيت من قبل الجهة المستفيدة والتي كان للمادة مدار الخلاف تأثيرا مباشرا فيها..وبالتأكيد فان المسؤولية الجنائية والاخلاقية تقع على المؤلف او مصمم الغلاف او دار النشرولكن بقدر يتلائم مع المحصلة النهائية من العمل..ولكن قيمة التعويض الذي دفعته وزارة الثقافة عن يد وهي صاغرة تتجاوز كثيرا قيمة الكتاب الذي لم يطبع منه سوى بضعة آلاف فرض نصفها على المواطنين قسرا وترك الباقي ليتعفن في المخازن ونشر من قبل نظام ووزارة غير التي نعرفها الان ولم تكن تلتزم او حتى تأبه بالاتفاقات الدولية وحقوق الملكية مما قد يؤدي مثل هذا الحكم الى طابور من المطالبات تتعامل مع هذه القضية كسابقة لمزيد من احتلاب اموال العراقيين..
ثم مالنا وزبيبة..وماذا تمثل في المشهد الثقافي العراقي..وما مسؤوليتنا عن نزوة الادب التي اعترت صدام حسين كعارض للضجر المتوقع ما بين حرب وحرب..واذا افترضنا ان الرواية من بقايا ارث الاجداد ومن حبال المضيف للثقافة العراقية..هل ننتظر ان تتحرك جهاتنا الثقافي لمقاضاة شركة "بارامونت"الامريكية التي اعلنت صراحةً ان فيلمها الجديد"الديكتاتور"مؤسس على تلك الرواية ..
تساؤلات كثيرة..وعلامات استفهام اكثر تتناثر حول هذه القضية الاقرب الى الجرح..ولكن اليقين الوحيد الذي يمكن ان نستشفه منها..هو ان صدام حسين لم يكف عن ايذاء العراقيين حتى وهو في القبر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة