الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الحكومة العراقية من الانتفاضة السورية والدم العراقي المراق

سربست مصطفى رشيد اميدي

2011 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


في 8 شباط 1963 قاد تحالف من حزب البعث والقوميين العرب انقلابا دمويا ضد حكم عبد الكريم قاسم ، بدعم واضح من الدول الإقليمية والغربية ، والتي عبر عنها بعد ذلك ( علي صالح السعدي ) أمين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث ( بأنهم جاؤوا إلى الحكم بقطار أمريكي ) . وان تاريخ البعث منذ ذلك الحين الحافل بتصفية المعارضين وعمليات الإعدام والتعذيب معروف للقاصي والداني. على الرغم من أنهم استبعدوا من الحكم في 18 تشرين الثاني 1968 ، ولكنهم عادوا للحكم في انقلابي 17 و30 تموز سنة 1968. وقد كان البعث بمثابة آفة الطاعون بالنسبة للعراق ، وان بعض أعراض هذه الآفة لا تزال مشخصة لحد الآن على الرغم من إنهاء حكم البعث في 9 نيسان 2003 .
وفي 8 آذار 1963 استولى أيضا على الحكم في سورية حزب البعث وما زال متشبثا بالحكم ، على الرغم من اندلاع انتفاضة جماهيرية عارمة ضد نظام بشار الأسد ، الذي استلم الحكم سنة 2000 بعد وفاة والده (حافظ الأسد ) الذي كان بدوره قد قاد حركة انقلابية سنة 1971 ضد الرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ سماها ب ( الحركة التصحيحية ) .
إن البحث في العلاقات السورية العراقية القلقة بعد سيطرة جناحي حزب البعث على مقاليد الأمور في الدولتين منذ سنة 1963، يحتاج إلى دراسات مستفيضة, بينما كان أبناء الشعبين السوري والعراقي هم دائما من يدفعون فواتير تسديد حسابات تلك العلاقة، التي غالبا ما كانت مبنية على الدسائس والمؤامرات، ولو انه كان يتخللها فترات توافق أو هدوء نسبي قصير.
هذه العلاقة دخلت مرحلة من التأزم والخلاف الحاد منذ تموز 1979 بعد سيطرة صدام حسين على مقاليد الأمور في العراق في مسرحية هزيلة وسيئة الإخراج ، وادعائه بوجود مؤامرة انقلابية ضده بدعم وتأييد من النظام السوري ،والتي على أثرها قام بتصفية كل من كان يعتقد أنهم قد يصبحوا خصومه في المستقبل .ومن نتائج هذا التأزم العديد من عمليات الاغتيال والتفجيرات في دمشق وحلب ، وبالمقابل احتضان النظام السوري للمعارضة العراقية وتقديم الدعم المادي والمعنوي باستمرار لهم .وبعد احتلال الكويت من قبل النظام العراقي في آب سنة 1990،فقد قرر الرئيس السوري السابق حافظ الأسد المشاركة في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لإخراج القوات العراقية من الكويت وإنهاء احتلالها .وذلك لإدراكه بان المجتمع الدولي عازم على إنهاء احتلال العراق للكويت ،ولضمان الدعم المالي والسياسي لنظامه من قبل دول مجلس التعاون الخليجي .وبرأينا لأدراك النظام السوري في حينه إن ابتلاع الكويت من قبل النظام العراقي ، فستكون ضم سورية هي الخطوة التالية لأطماع صدام حسين الشخصية للتربع على رأس هرم دولة تمتد حدودها من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج العربي .
وبعد سلسلة القرارات الدولية بحق النظام العراقي السابق بدأت هذه العلاقات تشهد تطورا بطيئا ، وكان الطابع الاقتصادي هو السائد فيها ، ولكن بعد تولي بشار الأسد السلطة في سوريا شهدت هذه العلاقات تطورا ملحوظا . حيث بدأت الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين في النظامين ،ووقعت الاتفاقيات الاقتصادية وتحولت تلك العلاقات من الجانب الاقتصادي إلى السياسي ، حيث أن الرئيس السوري بشار الأسد استقبل عددا من قادة النظام البائد في العراق مثل طه ياسين رمضان و طارق عزيز بعد أن كان والده يرفض استقبالهم من قبله . وقبل سقوط النظام العراقي السابق فقد دخلت إلى العراق مجاميع من المتطوعين العرب للدفاع عن النظام المنهار بلغ عددهم (7500) شخص حسب آخر تصريح لطه ياسين رمضان . وقد استمر النظام السوري بعد ذلك بالسماح لدخول الإرهابيين العرب عبر حدودها الطويلة مع العراق ،وذلك للقيام بعمليات إرهابية كثيرة وكبيرة راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأرواح البريئة للعراقيين ، وأيضا عدد أقل بكثير من الجنود الأمريكان . وأصبحت الأراضي السورية تستخدم كقاعدة لوجستية وتدريبية لمنظمة القاعدة وفلول حزب البعث في العراق ، ونظم فيها بعلم من القيادة السورية مؤتمرات للبعث وللمنظمات الإرهابية العاملة في العراق . وقد رأى أبناء الشعب العراقي توالي اعترافات عدد كبير من الإرهابيين المقبوض عليهم على القنوات التلفزيونية حول عملية دخولهم العراق عبر الحدود السورية ، وكذلك تدرب البعض منهم حول استخدام الأسلحة وعمليات التفجير وتفخيخ السيارات في معسكرات تدريبية في سورية ، وكان بينهم عدد من السوريين وربما من المخابرات أيضا .
إن الحكومة العراقية دأبت باستمرار باتهام النظام السوري بإيواء قادة من حزب البعث في العراق ، والسماح باستخدام أراضيها لدعم العمليات الإرهابية في العراق ، وفتح معسكرات تدريبية للإرهابيين بحجة مقاومة قوات الاحتلال ، مع أن الغالب الأعم من ضحايا الإرهاب كانوا ومازالوا هم أبناء الشعب العراقي بمختلف مكوناته وشرائحه .
كل هذا لا يعني براءة ذمة دول الجوار خاصة إيران من دعم العمليات الإرهابية في العراق ، وكذلك أعمال العنف الطائفية والتي تسببت في تهجير مئات الآلاف من العوائل من مدنهم وقراهم إلى مناطق أخرى أو إلى خارج العراق .
وقد كان يتوقع أو من الطبيعي بعد كل عمليات القتل للعراقيين بدعم دول الجوار وفي مقدمتهم سوريا ، وبعد اندلاع الاحتجاجات بوجه نظام بشار الأسد في آذار من هذا العام ، أن تقف الحكومة العراقية بجانب أبناء الشعب السوري المضطهد ، والذي يعاني الأمرين من نظام الحكم ، حيث إن آلة القتل للنظام وحسب إحصائيات منظمات حقوق الإنسان قد قتلت أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة من الشباب المنتفضين ، ومن بينهم عشرات الأطفال والنساء ، بالإضافة إلى سجن وتعذيب عشرات الآلاف من المواطنين السوريين ، لا بل قصف الأحياء السكنية بالدبابات والرشاشات الثقيلة لقمع وإسكات المحتجين .
ولكن خاب أمل أبناء الشعبين السوري والعراقي بموقف الحكومة العراقية حول وقوفهم إلى جانب النظام السوري ، وكذلك ضخ الأموال والبضائع إلى سورية باستمرار ، لا بل تشير بعض التقارير إلى دعم النظام بقوات غير نظامية بالتزامن مع دعم إيران وحزب الله اللبناني للنظام السوري المتهالك .
هنا يثير تساؤل أين ذهبت اتهامات المسؤولين في الحكومة العراقية للنظام السوري بدعم الجماعات الإرهابية في العراق ؟ وتسببهم في قتل عشرات الآلاف من العراقيين طيلة السنوات الماضية . هل هو الوفاء لعوائل الشهداء من جراء العمليات الإرهابية ؟
أم انه كانت اتهامات سياسية ولا تستند إلى أية أدلة أو براهين؟ وان كان هذا صحيحا فماذا كان موقف الحكومة العراقية ووزارة الخارجية في اتهام دولة جارة دون وجود أية حقائق تستند إليها هذا الاتهام ؟
وإذا كانت تلك الاتهامات صحيحة يحق لنا أن نتساءل ألا تقع إعمال الدعم ضمن أحكام المساهمة في الجريمة ؟ ألا تقع عملية التحريض والمساهمة في القتل ضمن أحكام القوانين الجنائية في كل دول العالم ؟
أيضا يحق لنا أن نتساءل هل هذا هو الاحترام للدم العراقي الذي سال كالأنهار ؟ نتيجة الإرهاب والاقتتال الطائفي التي كان نتيجة لذلك لا بل هدفا للإرهاب , وما هي مسؤولية الحكومة بخصوص الحفاظ على حياة وسلامة أرواح مواطنيها والحفاظ على ممتلكاتهم ؟
نعتقد انه من الخطأ الرهان على الطرف الخاسر ، ولا يمكن الوقوف بوجه مطالب الشعوب وحركة التاريخ مهما أوتي الحكام من قوة , ومهما حصلوا من الدعم من نظرائهم , لذلك فان كل المؤشرات المحلية والإقليمية والدولية تشير بوضوح إلى أن النظام السوري مصيره الزوال إن عاجلا أم آجلا . ولا يمكن لأحد أن يحدد بديلا عما تختاره الشعوب في شكل وتوجهات نظم الحكم المستقبلية .
لذلك آن الأوان أن تتوقف الحكومة العراقية عن دعم النظام السوري وان تقف بجانب أبناء الشعب السوري ،لان البقاء للشعوب والزوال مصير الحكام . أو على الأقل أن يقف موقفا محايدا بين النظام والشعب السوري المنتفض ، وذلك حفاظا على علاقاته مع إيران ، خاصة بعد إتمام انسحاب القوات الأمريكية من العراق . هذا الموقف سيكون على اقل تقدير احتراما لأرواح شهداء العراق من عمليات الإرهاب والدم العراقي المراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المصالح الضيقة
امين يونس ( 2011 / 12 / 20 - 09:58 )
عزيزي سربست
اؤيدك في مجمل ما ذهبت اليهِ . فقط اريد ان اُشير الى بعض التغيير في موقف حكومة اقليم كردستان بالنسبة الى الملف السوري ، وإرتباط ذلك بالمعادلات الكردية ، والتنافسات الحزبية المتشابكة
مع خالص الود


2 - تصحيح
ابو نور ( 2011 / 12 / 20 - 17:08 )
حافظ الاسد انقلب على نور الدين الاتاسي وصلاح شديد عام 1970 وهؤلاء هم الذين انقلبوا على امين الحافظ عام 1966 بمشاركه حافظ الاسد

اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر