الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سالم جبران.. وداعاً

وليد ياسين

2011 / 12 / 20
الادب والفن


لا أملك في هذه الساعة التي صدمني فيها نبأ رحيل رفيق الدرب والحرف والمهنة، الشاعر الكبير سالم جبران، إلا البكاء على فقدان حلقة أخرى من حلقات شعراء المقاومة الذين نشأنا على أشعارهم وتفولذنا بكلماتهم فعلمونا حب الأرض، والتمسك بالوطن والحرف واللغة، علنا نواصل مشوارهم الطويل، في مواجهة مخططات قتل لغتنا وعروبتنا وفلسطينيتنا وجذورنا الممتدة عميقاً في هذه الأرض.
جاءني نبأ الصديق الراحل، متأخراً، في يوم غبت فيه بالذات عن متابعة الشبكة العنكبوتية، التي كادت تبقى وسيلة الاتصال الأسرع في عالم، بات فيه رفاق الأمس يرحلون عن الدنيا، دون أن يكون هناك من يهتم بإيصال الخبر إلى معارفه ورفاق دربه، وهذا، كما يبدو، يسري بشكل واضح على رحيل رفيق الدرب والحرف والمهنة، سالم جبران، الذي مات بصمت، بعيداً عن الدرب الطويل الذي قطعه في حياته، قبل أن ينقلب ظهر المجن ويضطر إلى الكفاح من أجل لقمة الخبز في مكان غير مكانه، بعد أن فقد، أو أُفقد مكانه الطبيعي.
تعرفت على سالم جبران وزاملته العمل في صحيفة الاتحاد لسنوات، حين كان محررا، ثم رئيس تحرير، وافترقنا بعد أن ترك كل منا موقعه هناك، وانطلق في طريقه بحثا عن لقمة الخبز الكريمة في مواقع، أقول للأسف إن بعضها لم يكن مواقعنا الطبيعية، وإنما كان مصدر معيشة ليس أكثر. لكني كنت أتابع أخبار سالم جبران من خلال بعض الأصدقاء من الأدباء والشعراء الذين زاملوه في الشق الآخر والأخير من حياته.. لكنها، واعترف بقصوري، لم تكن المتابعة التي كان يجب أن تكون، فالانشغال في أمور الحياة والعمل كثيرا ما عمق المسافة الفاصلة بيننا، وأكاد لا أذكر متى كانت المرة الأخيرة التي التقينا فيها، ربما كانت في سخنين، حين عمل في صحيفة بدأت بالصدور هناك، وكنت قد زرتها بطلب منه في حينه، لفحص إمكانية العمل معاً. أذكر أنني لم اتفق مع صاحبها في حينه، فغادرت بعد أن ودعت صديقي القديم سالم جبران، ويبدو أنه كان الوداع الأخير.
وعلى الرغم من ذلك الفاصل الزمني الذي أشعر أنه كان طويلاً، إلا أن اسم سالم جبران كان يشدني كلما واجهني في صحيفة أو على شبكة الانترنت.. والآن حين قرأت خبر رحيله، في ملاحظة سجلتها رفيقة درب قديمة، المحامية نائلة عطية، على شبكة الفيسبوك، ولم أكن أعرف بالخبر، تراكضت إلى صفحات الشبكة لأبحث عما دعا نائلة إلى تسجيل تلك الملاحظة، وبكيت.. لم أعرف كيف سالت الدمعة، لكني بكيت، وابكي الآن وأنا اخط هذه الكلمات، وأنا أعرف أنها أبداً لن تعبر عما أشعر به من لوعة لرحيل سالم جبران، الشاعر المكافح، الرقيق في معاملته للناس، الدمث، الرفيق والمرافق الذي لا زلت أذكر رحلتنا المشتركة إلى بلغاريا في عام 1985، كما لو كانت في الأمس القريب، لكثرة الحب الذي زرعه سالم جبران في نفوس كل من رافقه..
يا أبا السعيد، آه يا أبا السعيد، كيف تموت بصمت في بلد أحببته رغم كل جراحه، وصرخت يوماً حبك بكلمات كانت قليلة لكنها دوّت كالقنبلة:
كما تحبّ الأمّ طفلها المشوّها
أحبّها
حبيبتي بلادي
وداعاً يا أبا السعيد، واحمل سلامنا إلى رفاق الأمس الذين سبقوك.. إلى شعراء وأدباء المقاومة الذين ستجتمع بهم هناك.. فهنا على هذه الأرض التي أحببت، أتمنى أن تخلد ذكراك أبداً مثل رفاقك، وأن يعمل من يجب أن يعمل على تخليد هذه الذكرى، بعيدا عن تداعيات التشرذم الذي أصابنا..
الأجيال الجديدة قد لا تعرفك، لأنها لم تقرأ أشعارك ولم تنشأ على كلماتك وحبك لوطنك وشعبك.. وأتمنى أن يكون هنا من يهتم بأن يتعرفوا على ميراثك ويدرسوه، علّ كلماتك تفولذهم كما فعلت كلمات زياد ودرويش وحبيبي والعباسي وخميس وتوما، وكل رفاق دربك في عالم المقاومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال