الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية نحو بر الأمان

زوهات كوباني

2011 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تمرّ سوريا وغربي كردستان بمرحلة تاريخية هامّة وبمنعطف جذري حسّاس سيسفران عن تحديد مصيرهما في القرن الواحد والعشرين من حيث الشكل السياسي للنظام وتحقيق مكتسباتٍ هامةٍ بالنسبة لوضع الكرد في سوريا وغربي كردستان، فالتطورات الحاصلة ستؤدي إلى نهاية الأنظمة الموجودة ولن يبقى نظامٌ كما كان في السابق ، فمن ناحية لم تعد الشعوب التي عانت من ظلم هذه الأنظمة قادرةً على العيش في هذا الوضع وتناضل من أجل تغييره ، ومن ناحية أخرى فإن هذه الأنظمة لم تعد تناسب النظام العالمي الجديد الذي يتحرك بمشروع شرق أوسطي كبير وتعمل على تغييره أي أنّ الأنظمة أصبحت بين فكي كماشة النظام العالمي من جهة والشعوب المناضلة من جهة اخرى . وهذا ما يُظهِرُ الأزمةَ والفوضى, ومن أجل التخلّص منها هناك صراعٌ بين قوى ثلاث, تقدّم كلُّ واحدةٍ مشروعها من أجل الحل، فالقوى العالمية تقدّم الحلَّ بالإسلام السياسي وتتخذ من تركيا كنموذج يحتذى بها وتعطيها دور القيادة في إدارة التغيرات، امّا الدول المحافظة الديكتاتورية التي تربعت على الحكم منذ عشرات السنين تصرّ في التعنت بالترهيب وتطبيق سياسة القتل والإرهاب إلى جانب تطوير الاتفاقات مع دول المنطقة والتعاون فيما بينهم وتقديم بعض التنازلات إلى الدول العالمية المهيمنة من أجل إطالة عمرها وإجراء بعض التغيرات الطفيفة التي لا تمسّ جوهر النظام, وأمّا القوّة الثالثة هي حركات الشعوب التي تحاول إنشاء أنظمة ديمقراطية تعددية بديلة تمكّن المجتمع- بجميع أطيافه وفئاته وأديانه - من التعبير عن نفسه ويكون سيّد قراره لا مكان فيه لهيمنة اللون الواحد واللغة الواحدة والعلم الواحد والدين الواحد والدولة الواحدة, ومن أجل ذلك تناضل الشعوب وتقوم بثوراتٍ شعبيةٍ معتمدةً على جميع ديناميكيات المجتمع وعلى رأسها الشبيبة والمراة ، فالصراع من أجل التغيير يدور بين هذه القوى الثلاثة وسيشتدّ الصراع فيما بينهم, والنتيجة ستكون وفقاً للنضالات المتصاعدة .
كلّ هذه القوى تريد أن تضع زمام الأمور في يدها، فدول الهيمنة العالمية التي لم تكن لها خطة الثورات والانتفاضات الشعبية وفوجئت بها, تحاول أن تضع زمام أمور الانتفاضة في يدها لتضرب عصفورين بحجر واحد, فمن ناحية ستقول للمنتفضين أنّكم حققتم ثورتكم, ومن ناحية أخرى تحاول القيام ببعض التغيرات الطفيفة لشكل الأنظمة دون مسّ الجوهر للاستمرار في هيمنتها عقوداً أخرى, كما فعلتها أبّان الحربين العالميتين الأولى والثانية عندما استخدمت ورقة التحرر الوطني والدولة القومية, واليوم تحرّك ورقة الليبرالية والمساواة والديمقراطية على شكل الإسلام السياسي .

تشكل سورية نقطة استراتجية في تطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير حيث أنّ شكل النظام السياسي في المنطقة سينطلق من هناك, نتيجة موقعها الاستراتيجي رغم صغر حجمها في الوطن العربي, وسيشتد الصراع على سورية بين الكثير من القوى ليس فقط الديناميكيات الداخلية بل الديناميكيات الخارجية أيضا تلعب دورها ، لذلك فمسالة سورية وحسم القرار لن تتوقف على الوضع الداخلي ومدى تصعيد النضال من قبل الديناميكيات الداخلية فقط بل هو مرتبط بالديناميكيات الخارجية وخاصة هناك الكثير من القوى العالمية والاقليمية تتقاطع مصالحها على سورية فهناك إيران والحركات المرتبطة بها في فلسطين ولبنان, بالإضافة الى روسيا والصين اللتين لا ترغبان بفقدان موقع سورية وهم يدركون جيداً أنه بفقدان سورية فإنهم لن يستطيعوا خلقَ ثقلٍ سياسيٍّ في المنطقة وأن نجاحَ المشروع الأمريكي والأوربي الذي أعطى الدور القيادي لتركيا من أجل تطبيق الإسلام السياسي كما حاولت في دول المنطقة الأخرى مثل تونس ومصر وليبيا ستكون هزيمة كبرى لهم ، لذلك فإن النتيجة ستتوقف على مستوى النضال والصراع المتطور فيما بين هذه القوى ومستوى جهوزية تلك القوى للمرحلة الجديدة.
في هذا الوضع يظهر في سورية صراع بين ثلاثِ قوى أيضاً, السلطة البعثية والإخوان المسلمون المدعومون عالمياً والقوى الديمقراطية, ولكن حتى الآن يبدو أن طابع القوى الديمقراطية على الثورة السورية ضعيفٌ من حيث تحريك القوى الديمقراطية والاثنية والدينية الديمقراطية وتشكيل جبهة عريضة على كامل الساحة ، وتنحصر دور الحركة الكردية في المنطقة الكردية وهي ليست بمستوى التأثير في صبغ التغيرات والانتفاضة بصبغتها حيث تفتقد الى الإبداع والاستمرارية والدائمية في النشاط الميداني العملي من حيث القيام بطليعة الثورة, ويظهر وكأن الصراع يكمن بين القوى السنية (الاخوان المسلمون ) والسلطة, وفي هذا الصدد فإن تركيا تلعب دوراً كبيراً من أجل وضع زمام المبادرة في يدها لفرض نموذجها كنموذج يحتذى به في المنطقة, لذلك فإنها تقيم الحسابات من الآن كي لا تتمكن الحركة الديمقراطية بشكل عام و حركة الحرية الكردستانية بشكل خاص من الاستفادة من هذه التغيرات وتعمل على شق الصف الكردي باستخدام الآلة الإعلامية المهيمنة بشكل كبير ومرعب, وتنشر سيلٍ من الدعايات المضادة هنا وهناك ضد حركة التحرر الكردية في غربي كردستان وهدفها أن تحاول إظهار حركة الحرية الكردستانية والنظام الأسدي في نفس الكفة تجاه وضع الثورة في سورية وكأنها تهدف إلى أن يتم تصفية الحركة مع تصفية النظام وهذا ما يؤثر على الإعلام العربي وحتى على قسمٍ من الإعلام الكردي أيضاً، ومن أجل تحقيق أهدافها في عزل حركة الحرية الكردستانية المتمثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي في غربي كردستان تحاول التاثير على قوى الجنوب واستخدام ورقة الاقليم من أجل الضغط على القوى الكردية الأخرى لتجريد الحركة كردياً وحتى عربياً, وما التحركات الاخيرة في جنوبي كردستان والدعايات المنظمة المنتشرة هنا وهناك ضد حركة الحرية في غربي كردستان إلا دليل على هذه الحقيقة . لذلك فإن حركة الحرية المتمثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي مضطرة للتحرك بموضوعيّة ورؤية كل هذه التطورات والمؤامرات, ورسم استراتيجياتها و تكتيكاتها دون إهمال وفقاً لذلك, لتستطيع أن تكون المُبادِرةُ في قيادة التطورات في سورية وغربي كردستان, و الإبداع في النضال والمرونة والحنكة السياسية في تشكيل التحالفات الموسعة سواء مع القوى الكردية أو مع الديناميكيات الشبابية الجديدة التي تتحرك على صعيد الشارع السوري كقوة جديدة وتفقد الى الاستراتيجية والأيديولوجية وهي بحاجة إلى التعبئة والتوجيه الصحيح . وكذلك اتخاذَ التدابير تجاه جميع الاحتمالات والسيناريوهات المرسومة بصدد سورية وغربي كردستان, ووفقاً لهذا ,فمن الضروري القيام برسم استراتيجية التحالفات والنضال سواء على الصعيد الكردي أو على الصعيد السوري مع القوى الديمقراطية بتشكيل جبهة ديمقراطية واسعة تشمل جميع الأحزاب والمنسقيات الشبابية وحركات المرأة والمؤسسات المدنية والحقوقية والثقافية والفنية تحت شعار الاتفاق مع كل صوت ينادي من أجل سورية ديمقراطية وكردستان حرة وبهذا سنتمكن من إيصال باخرة سورية وغربي كردستان إلى برّ الأمان ضمن هذه العواصف المتلاطمة في المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح