الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين النصّ و الكتابة أو في اختلاف الشروحات و صراع التأويلات

عمر بن بوجليدة

2011 / 12 / 21
الادب والفن


أن يكون النص منطقة للتفكير ،فهذا معناه أنه يحتمل أكثر من قراءة وبالتالي فليس للنص من حدود ...إنه مجاوزة للتموضع والتشيؤ ونسيان الكينونة وتصحير الوجود ،فمجاله المطلق والحرية....إذ يشكل النص كونا من العلامات ...إنه يمرّ بفترات انتشار وانحسار...إنه فضاء لإنشاء المعنى والقيمة ...فهو العدول عن التورط في القراءة الأحادية ...إنه الإصغاء إلى الأصوات الخافتة ومراجعة الخطابات النقدية عبر تفكيكها ...ليرسم لها ضفافا ظلت فضفاضة ، تلتبس و تتمنع على الفهم ...مصورة بغموض العبارة ، وغريب الكـَلِم...
أمّا القراءة فإنما تنفتح على الاختلاف ، ومن ثمة فليس يوجد من يملك الحق بإطلاق في تأويل نهائي ، وليس يوجد من يمنح الحق أو يحجبه ...فالنص مشروع صيروري أو بعبارة لامعة ل"رولان بارت" نسيج من الاستعارات و المجازات و التعبيرات ...والمدهش من الحكايات والروايات والعجيب والغرائبي الذي ابتـُدِعَ وسُرِدَ . وبرهان ذلك اختلاف الشروحات وصراع التأويلات ، فأن نقرأ، يعني أن ننخرط في العالم و أن نحاول إعادة تشكيله و صياغته . في حين ارتبطت الكتابة بمفهوم الاستمرار و استخدم التدوين لقهر النسيان ،ترسيخا للمعنى ،و لئن كان النص مشروعا متعدد الاحتمالات فإنّ النص المدون و قد بات سلطة ، سيفرض تأويلا من خارج النص ،وهو ما من شأنه أن يخلق حدودا للتأويل .
فالقول القرآني مثلا: يفتتح تشكيله للذاكرة بعملية إقصاء الشفوي ، إذ سيمارس المكتوب استبدادا إزاء الشفوي وبالتالي فمن يمتلك الكتابة ، يمتلك السلطة ...لن يعود النص والحالة هذه ،إلا بؤرة للصراع بين إرادات القوة وهو ما من شأنه أن يجعل من الفلسفة تأويلا لا متناهيا ويجعل من الواقع نصّا مؤولا ،ذلك أنّ كل تأويل ، إنما هو تأويل ، لتأويل سابق ، فتتعدد معاني النص وتتنوع إمكاناته الدلاليّة بتنوع مقاماته اختلاف سياقاته .
وبهكذا تصور سيقرأ النص من جهة ما هو مساحات لفيوضات من المعاني وعوالم دلالية غايتها الإنصات إلى الآخر. هاهنا سنؤكد أننا نحلم بالانفلات من قبضة الرسمي ، إذ ينبغي أن نتذكر أن ذلك لا يتجسد إلا من خلال ملحمة هذيانية ...لا تتوقف ...ثورات ...في مواجهة حداثة بوليسية قهرية تسلطية ...تؤسس لها جماعات "رجعية"، بالتحالف مع "نخب" انتهازية ...حيث قمع الرغبة ...واستحضار عناوين العنف ومشتقاته...:أيها "المثقف" إن شيخوختك توازي شيخوخة ثقافتك وشيخوخة أدواتك و آلياتك ... وأساليبك ...التحليلية . ولقد نعلم أن الفكر الذي لا ينبني على الحس الإشكالي و البعد النقدي والذي لا تكون ثوراته ، محاولات متتالية في التسلل إلى مناطق سرية وتخوم ...في الثقافة قصية، يتكلس ويصاب بالجمود وتغلب عليه سلطة الوحي وعنف الخطاب ودغمائية التفكير ...فالفكر الذي يظل ثابتا يتعفن...
هكذا يكون من الأولى لنا أن ننتبه إلى النص في اتساعه وانشقاقه ، إذ لا يكون واحدا إلا قبل قراءته ، ولننظر إلى الواقع في تعدده واختلافه ولنكن مأخوذين بالفريد الذي ما يفتأ يعود ، ولننصرف إلى قراءة تتدبر تعريف لها جريء ،يتمثل محنة الكائن وحيدا ...أعزل ...منفردا ...غريبا ...أمام رعب الوجود...وهو ما من شأنه أن يجعلها بمنأى عن أن تكون مدخلا للاستبداد والإرهاب العقائدي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات