الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدعة الاقلمة ودورها في تأجيج الخلافات السياسية

لؤي الخليفة

2011 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن عمليات الشد والحذب التي تشهدها العملية السياسية هذه الايام والاتهامات التي يكيلها هذا الطرف او ذاك للاخر وردود الفعل التي غاليا ما تتسم بمصالح شخصية بعيدة عن المصالح الوطنية , وتكرير سيناريوهات ضاق المواطن بها ذرعا , وبعيدا عن السادية التي راح بعض المسؤولين يمارسوها ضد ابناء شعبهم , غير مكتفين بحرمانه من ابسط حقوقه الانسانية ولا اقول الدستورية , ذلك ان الدستور في الاساس جاء هزيلا عليلا ... واخيرا وليس اخرا , بعيدا عن كل ما جعل المواطن عاجزا عن التمييز بين الغث والسمين او بين الصدق والكذب او العدو من الصديق ....
اقول بعيدا عن كل ذلك , فأن الاوصاع المعقدة التي تمر بها البلاد اليوم سببها الرئيسي هو الدستور اصافة الى التدخلات الاقليمية التي لا تريد عراقا قويا مزدهرا , بل عاجزا واهن القوى ... وما يجدر ذكره انه وقبل ان تتفجر الازمة الحالية كانت ثمة دعوات هنا وهناك للاقلمة مالبثت محافظة صلاح الدين ان اججتها بأعلانها المحافظة اقليما وزادت محافظة ديالى الامر سوءا يوم اعلنت هي الاخرى اقليمها , وليصاحب ذلك الانسحاب الامريكي وانهاء تواجده المشؤوم , هذا وغيره الكثير ادى الى اصطفافات سياسية غير مسبوقة ... واذا ما حصرنا الامر فقط بالاقاليم لوجدنا ان ثمة من كان وما يزال يدعو الى الاقلمة بناء على اجندات خارجية , واخر ارادها خيارا وطنيا ودستوريا وثمة من رفضها وعارضها خوفا من الانزلاق في متاهات التقسيم العرقي او الطائفي ... غير ان بدعة الاقاليم ,التي لم تأتي من فراغ باعتباره حق كفله الدستور , لم كل هذا التهافت نحوها وفي هذا الظرف بالذات ؟ .
ان نظرة هادئة وموضوعية لاوضاع البلد العامة وما يجري فيها من احداث منذ الغزو وحتى يومنا هذا , يرى انه وبعد سقوط النظام السابق وما رافقها من فوضى وعدم وجود اي سلطات او قوات امنية لاشهر عدة , كذلك تدخل الدول الاقليمية في الشأن الداخلي وما كان قد اعده المحتل لتدمير البلد ... كل ذلك وغيره الكثير , مهد الطريق لاناس اقل ما يقال عنهم انهم غير اكفاء لاستلام قيادة السلطة والدولة , وقيادتهم البلاد بعيدا عما كان يطمح اليه المواطن واعتمادها التضييق على الكفاءات والنخب الثقافية التي صار صوتها يخفت يوما بعد اخر ليتلاشى تماما سيما بعد الضغوط وعمليات التصفية والاغتيال التي طالت المئات منهم ليقبع في داره من لم يهاجر مبتعدا عما يمكن ان يناله من مخاطر ... وظلت البلاد تتجه نحو الاسوأ والمسؤواين عاجزين عن ايجاد مخرج للازمات المتلاحقة , بل انغمسوا في ملذاتهم والاستحواذ على الغنائم , فكانوا هم في عالم والمواطن في عالم اخر , يوم كان الارهاب يحصد منهم العشرات والعوائل تشرد وتزداد فقرا ... ورافق ذلك ظهور اسماء ومجاميع عديدة وراح يتنامى نفوذها مع الوقت حتى تاه المواطن وهو يريد معرفة اين تقف الحكومة واين يقف هذا المتنفذ وذاك الصعلوك ...
هذه الصورة القاتمة اضفت على الخارطة السياسية مشاكل جديدة لا حصر لها . فالمثقف انزوى بعد ان شهر الجاهل سيفه , والمواطن الغيور لم يستطع مقاومة التيار الجارف , فيما راحت الدول الاقليمية تغذي العمليات الارهابية واللعب على الورقة الطائفية والتي كان للمحتل دور فاعل في تأجيجها , ناهيك عن اؤلئك المرتزقة والخونة ممن كانوا رهنا لاشارات الخارج بغية تقسيم البلاد وتمزيقه وفق الطائفة والقومية , وهم يعلمون انهم يقفون فوق ارض صلبة ذلك ان الدستور هو من كفل حق اقامة الاقاليم , وقد تصاعدت هذه المطالب مؤخرا وبالذات بعد ان تيقنت دول الجوار ان العراق ينتظره مستقبل زاهر بعد عملية التنمية واستغلال موارده التي من شأنها ان تضعه في مقدمة الدول الثرية خلال ثلاث او اربع سنوات اذا ما احسن تنفيذها .
ان عراقا قويا مزدهرا لن يتحقق باقامة الاقاليم والدعوة الى تمزيقه بل بوحدة الوطن ومواصلة عماية البناء , سياسيا واقتصاديا وقيام حكومة وطنية قادرة على مواجهة التحديات وبناء قوات امنية مهنية بعيدة عن التسييس وتعزيز المسار الديمقراطي واقامة علاقات متكافئة مع جميع الدول وعدم السماح للتدخل في الشأن الداخلي ... وكي لا اجافي الحقيقة فان الدعوة الى الاقاليم ستكون خيارا وطنيا والية مشروعة في ظل الوحدة الوطنية لا من خلال الفوضى والشلل الذين شابا العملية السياسية او انطلاقا من مصالح قومية طائفية ممولة من الخارج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل