الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشبيبة الكردية ومهامها المرحلية

زوهات كوباني

2011 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر الشبيبة من الديناميكيات الحيوية التي تلعب الدور الرئيس في الحراك الثوري في البلدان التي تعيش الأزمات والفوضى. فاذا ما القينا نظرة على التاريخ والتحوّلات الجارية فيه بشكل عام وتاريخ الثورات بشكل خاص، نرى ان الشبيبة هي التي كانت في مقدمة جميع الحركات، وقامت بدور القيادة في جميع التغييرات والتحوّلات التي جرت.

حركة حرية كردستان والتي تحولت الآن الى حركة جماهيرية مجتمعية شاملة، منتشرة في جميع أنحاء كردستان والعالم، وحققت الكثير من الإنجازات السياسية، الثقافية، النهضوية، المعرفية، الفلسفية، الايديولوجية، والتنظيمية للكرد، هي خير مثال على ما نذهب إليه.

فالديناميكية والطاقة الكامنة في الشبيبة تدفعها للتمرّد على الوضع القائم، المرفوض طبعاً، قبل الشرائح الأخرى. وتدخل في الحركة وتحاول خرق هذا الوضع، الواقع، وتغييره والبدء بالكثير من النشاطات العملياتية والتنظيمية دون كلل أو ملل. وهي، أي الشبيبة، ترفض القوالب المفروضة والمتصدئة والتي تتطلب التغيير حتماً. سواء أكانت تلك القوالب مفروضة من قبل الأنظمة، أو من قبل المجتمع بتقاليده وعاداته القديمة البالية والتي عفا عليها الدهر، وأصبحت تضرّ بالمجتمع أكثر مما تنفعه. أي أن الشبيبة تمتلك قوة حيوية وثورية متجدّدة دوماً. لذلك فهي تبدأ برفض القوالب وسياسات الظلم والقهر ومن ثم تعمل على تغييرها وإزالتها من خلال نشاطها الميداني الثوري.

وإذا نظرنا إلى تاريخ كردستان القريب فهو مليء بالعبر والدروس. فالشبيبة هي التي بدأت برفض السياسات الاستعمارية في المدارس والجامعات، وقامت بالدعاية ضدها وتشهيرها في كل المحافل، وخطت الخطوات نحو التنظيم والنشاط الميداني من أجل تحقيق أفكارها الثورية في الممارسة العملية. وهي التي تبنّت أفكارها بالمقاومة في السجون رغم سياسات القتل والتعذيب الوحشية التي لم يكن لها مثيل في التاريخ الإنساني. ورفعت شعار "المقاومة حياة"، وامتشقت السلاح وصعدت جبال كردستان، وأعطت الأعداء الدروس والعبر، وحطمت أسطورة العدو الخيالية التاريخية التي فُرضت عنوة، وكسرت عموده الفقري ومرّغت أنفه في التراب، وأرغمته على الاعتراف، رغما عنه، بهزيمته أمام مقاومة الشبيبة الكردية. وهي التي أنشأت جيش التحرير الشعبي الكردستاني المعاصر الذي كان حلماً للكرد عبر التاريخ بعد أن كان فاقداً الأمل بإنشاء هكذا مؤسسة تستطيع الصمود في وجه أشرس آلة قمع معاصرة، والمتمثلة في الجيش التركي، القوة الثانية في حلف الناتو. وهي التي ملأت كردستان بالمظاهرات والانتفاضات، ووصلت اليوم إلى غربي كردستان بجميع قراه وأحيائه ومدنه، وجعلته يلعب دوراً مركزياً، أساسياً، في دمقرطة سوريا، والإصرار على حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بإدارة نفسه بنفسه، عبر بناء وتشكيل المؤسسات الكردية الوطنية، الثقافية، الاجتماعية، السياسية، العملية والفنية. هذه هي حقيقية الشبيبة التي تصنع المعجزات رغما عن سياسات البطش والقتل والإرهاب، مفديةً بحياتها، ومسترخصة أياها، في سبيل تحقيق أهدافها في الحرية والديمقراطية والمساواة.

الأنظمة التسلطية تحاول دوماً الاستفادة من الشبيبة، واستغلالها، بشتى الوسائل الممكنة. هذه الأنظمة التي تسعى للحفاظ على القوالب المتخلفة القديمة هي في خوف دائم من الشبيبة. ولذلك تجدها في مسعى دائم لفرض تدابير صارمة تجاه الشبيبة والتشهير بها. ومحاولة جرها إلى دائرة صراعاتها بشتى الوسائل الممكنة. وبعض هذه الأنظمة تلجأ إلى أساليب الإغراء المالية. الأنظمة الديكتاتورية، وجميع الأنظمة التسلطية والقمعية والفاشية، وبسبب تخوفها من الشبيبة تعمل على نشر الفساد والانحلال الخلقي بينها، وذلك بهدف إبعادها عن مهماتها الأساسية والرئيسية. كذلك تعمل على تنظيم الشبيبة ضمن منظمات تخضع لهيمنتها كما فعل حزب البعث عبر تشكيل تنظيمات شبابية وطلابية وغيرها. هذه الأنظمة تعمل من أجل تقسيم الشبيبة إلى فئات متعارضة ومتناقضة وخلق العداء فيما بينها. لكنها بذلك تتناسى حقيقة هذه الشبيبة، والقوة الحيوية الكامنة لديها، وسعيها الدائم لخلق مستقبل مشرق يناسب وطموحاتها، وحرصها على لعب دورها الحقيقي تجاه القضايا التاريخية المصيرية.


السياسة القديمة – الجديدة التي تتبعها القوى المهيمنة هي سياسة فرق تسد. وهذه السياسية ربما نابعة من قناعة راسخة لديها باستحالة مواجهة القوة الحقيقية الكامنة في الشبيبة. ولهذا تعمل هذه القوى على الدوام لإلحاق ضربة قاصمة بهذه الفئة، وإلهائها بصراعات جانبية، تبعدها عن هدفها الأساس. وخاصة في مثل المرحلة الراهنة التي نمرّ بها، والتي نحن أحوج ما نكون فيها إلى الوحدة والالتحام ورصّ الصفوف. والآن هناك الكثير من التجمعات والتنسيقيات الشبابية الكردية التي ظهرت في غرب كردستان، وهي في حراك ميداني متواصل. ومكمن الضعف هنا هو الانقسامات الكثيرة بين هذه التجمعات الشبابية. فكل تجمع يسعى لتهميش الآخر، ويدّعي إنه القوة الأساسية المحرّكة للشارع. وهذا لا يصبّ إلا في خدمة مصالح القوى المعادية للشعب الكردي. لهذا فالمطلوب من الشبيبة الكردية أن تدرك هذه الحقيقة جيداً، وأن تعمل، درءاً للأخطار المحدقة بشعبها، على تحقيق وحدتها وإنهاء حالة الانقسام والتشرذم التي تعانيها. وهذه الوحدة إن تحققت ستؤثر على مجمل المشهد الكردي في غرب كردستان، وستكون عامل قوة وحسم لتحقيق جميع المطالب المشروعة للشعب الكردي في هذا الجزء من كردستان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون