الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا نحن في غزة !!!

مدحت ربيع دردونة

2011 / 12 / 22
كتابات ساخرة



ليس غريبًا أن يركز المسؤولون على الجوانب الإيجابية التي يرفل في نعيمها أفراد الرعية ، وليس غريبًا أن تشمل هذه النعم حياة الإنسان نفسه والإبقاء على رأسه منزرعًا بين كتفيه ، وكأن حماية المواطن من اللصوص وقطاع الطرق والفلتان الأمني عمل بطولي لم تسبقنا إليه أمة من الأمم ! أما تفاصيل الحياة وما يشوبها من فوضي وتجاوز لكل القيم والمعايير الإنسانية فهي أمر ثانوي ما دامت طوابير المتوشحين بالزي الأزرق يجوبون الشوارع والميادين ، وعلى المواطن أن يشعر بالأمن والأمان عند رؤيتهم وليس له بعد ذلك أن يتعرض لسوء الإدارة وضياع حقوق المواطنين والفوضى العارمة التي تعم المكان ويعاني منها المواطن أنى ذهب . نعم هذا هو المطلوب ، فنحن في غزة ننعم بالأمن والأمان بعد فترة من الفلتان الأمني التي تسبب فيها إبليس اللعين ! ولا ينقصنا سوى بعض الكماليات التي ترفض إسرائيل وصولها إلينا وإلا فقد الحصار جوهره ،
ومن وهذه الكماليات : المطالبة بتوفير رصيف يسير عليه المشاة بعد أن سطا أصحاب المحلات على الأرصفة المقابلة لمحلاتهم وتركوا المواطنين يتقافزون بين السيارات في مشاهد تذكرنا بمحمد صبحي في فيلم ( القاهرة ألفين ) هذا بالنسبة للكبار ، وعليك أن تتصور الأطفال العائدين من مدارسهم وهم في هذا المشهد بعد أن احتلت (الشاورما ) وعناقيد الموز وحاويات التفاح رصيفهم ! كل هذا يتم تحت نظر البلدية ، وربما بمباركتها بعد أن يدفع صاحب المحل مستحقات البلدية !
يحتاج المواطن إلى الحماية من الدبابير التي تلسع الناس من حيث لا يعلمون فلا يفيق إلا في سرير المشفى ، وهو يهلوس بلفظ ( فزبة ) أو بلفظ ( تكتك ) ! والجميع يعلم أن سائقي هذه المركبات لا يملكون رخصة قيادة ويمرون من أمام أصحاب الملابس الزرقاء ، وربما لوحوا بأيديهم وأطلقوا ضجيج المنبهات الصوتية علامة على سلام معاصر ، فيرد علية الشرطي بالطريقة نفسها عدا ( الزامور )
يحتاج المواطن إلى من يحميه من السيارات التي يسوقها الأطفال ، أو من يحملون أطفالهم في أحضانهم ويمرون من أمام رجال المرور ولا يوقفهم أحد ، ثم الحماية من الأجسام الحديدية المتهالكة المسماة مجازًا سيارات ، والتي لا تشبه السيارات إلا في اسمها ! ويعلم الجميع كيف تتم إجراءات الترخيص في دائرة المرور ، فلا فحص للسيارات ولا حتى النظر إليها ! فالمهم أن يدفع السائق الرسوم والسلام ! ثم حدّث ولا حرج عن السيارات الفارهة التي تجوب الشوارع بدون لوحات رقمية تحت نظر رجال المرور وغيرهم ! فمن هؤلاء بربكم ؟! هل هم رجال فوق القانون سالف الذكر ... ؟!
تسيل مياه الصرف الصحي ساعات طويلة فتغطي شارعًا بطول كيلو متر ، ويتطاير رذاذها من عجلات السارات على المواطنين وبسطات الشوارع ، ويغوص فيها أطفال المدارس ، ولا يصحو المسؤول الذي يظن أن جوهر عمله التواجد بالملابس الأنيقة في مكتبه إلا بعد أن تشرف المنطقة على الغرق .
إن السؤولية يا خلق الله ليست وجاهة ومكاتب فخمة وسيارات فارهة ، كما أنها ليست إضافة إلى السيرة الذاتية ووضع الاسم مع السابقين واللاحقين ، إن المسؤولية ببساطة هي عمل وجد واجتهاد وبذل الوسع والطاقة لخدمة المواطن لينال المسؤول أجره من الله أولاً ، ثم يحلل راتبه ثانيًا ، فإن لم يستطع أن يفعل ذلك فمن الدين أن يغادر هذا المنصب ، وألا يترك البلد تسير كيفما كان من أجل إطالة أمد وجوده في المنصب ! فهذا ما لا يرضاه الله ولا عباده !
وأخيرًا نقول ، إننا شعب محاصر ونعيش على ما تجود به أيدي الفرنجة وغيرهم من العرب الذين استبدلوا بنخوة المعتصم فتاتًا من ركاز بلادهم ، نعم ، هكذا نعيش في غزة ! ولكن ، كيف نبرر هذا السيل العرم من الإعلانات التي تصدح بها الإذاعات المحلية لأنواع العطور الفرنسية وأدوات التجميل ، والمطابخ المستوردة ، ووجبات الأطعمة الشهية ؟! أقولها بصدق : لقد عشت في مصر ردحًا من الزمن لم أسمع عن خراف محشية وأكتاف وأفخاذ وغيرها من المسميات التي نعرفها والتي لم نعرفها إلا في غزة !! وإذا تجاوزنا هذا وذاك فهل من المعقول أن يبكي جزء من هذا الشعب طوال الليل في الإذاعات ويجأرون بالشكوى طالبين ما يوفر لهم أدنى مقومات الحياة ، بينما آخرون لم يكونوا بالأمس شيئًا يرفلون في ملايين الدولارات ويركبون أرقي السيارات ويبنون أفخم العمارات ؟؟!! ألسنا شعبًا واحدًا ؟! رحماك يا رب ! هكذا نحن في غزة !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام هو الحل
الحكيم فارس ( 2011 / 12 / 22 - 15:08 )
عزيزي الكاتب هذا تنفيذ لشعارهم المضلل الاسلام هو الحل اذن هذه هي حلولهم


2 - تصوير حي
eman khader ( 2012 / 8 / 1 - 21:12 )
سلمت يداك استاذي الفاضل

اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي