الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناع أم غليون. المكان لا يتسع للجميع

جقل الواوي

2011 / 12 / 22
كتابات ساخرة


جاء في كتاب "المنمق في آخبار قريش" قصة لطيفة تقول بأن هاشم بن عبد مناف و أمية بن عبد شمس "تنافرا" الى الكاهن الخزاعي ايهما أنبل و أشرف و بعد أن قدم كل طرف مرافعته جاءت خلاصة حكم الكاهن الخزاعي كما يلي:

"والقمر الباهر والكوكب الزاهر والغمام الماطر وما بالجو من طائر وما اهتدى بعلم مسافر منجد أو غائر لقد سبق هاشم أمية إلى المفاخر أول منها وآخر".

أما في كتاب "المنمق في أخبار الإنتفاضة السورية" و هو كتاب مازال تحت التأليف فالمنافرة قائمة بين هيثم مناع و برهان غليون، و من سوء الحظ لا يوجد كاهن خزاعي ليحكم بينهما، و لكن المرافعات منشورة على الشاشات و على قماش المظاهرات و كذلك على صفحات الجرائد، في جريدة السفير قبل ايام يقدم هيثم مناع محاضرة على شكل "نصائح" في السياسة الخارجية و يدس هيثم مناع بين سطور محاضرته المذكورة ما يوحي بأنها خصيصا "للمبتدئين"، فيبدا بتوضيح بعض المنعكسات السلوكية التي تظهر على من تتلبسه مشاعر السلطة، ثم يسير مناع بتمهل ساخرا ممن أقام له الإعلام كرسيا عاليا فأنتشى صاحبنا و بدأ بتوزيع الحلوى و "السكاكر" كما يحلو له.ثم يطرح المناع "دسته" تساؤلات مهمه يمكن أن نخمن جوابها "شفهيا" بدون مشقة أو بحث .تحمل تلك التساؤلات لوم واضح "و تخطيىء" أوضح و الأهم من ذلك تحمل مرارة "قلة الحيلة".المعني هو المجلس الوطني و رئيسة برهان غليون .هذه كانت المقدمة و "بيت القصيد" ما تبقى من المقال و هو خمسة و ثمانون بالمائة منه كلام في السياسة و الدولة و الشرعية، نص ثمين و يمكن بسهولة فصلة عن المقدمة "إياها". ليشكل درسا هاما و ليس مجرد نصائح.

هيثم مناع بوجهه الطفولي يتبنى شبه إبتسامة دائمة تتراقص في كل مكان من وجهه، يتمهل في كلماته و كأنه يزن كل حرف ثم يرش النقاط فوقها ليكون في أقصى درجات الوضوح، لا تثق به بقدر ما تعطف عليه، تخاف عليه أن يذوب من فرط الرقه، متيم بحب الأقليات و قد يتعصب لها،يمارس "السياسة" بمنطق النقابي، لا يظهر عليه الحماس و لكنك تحس الصدق فيما يقول، لم تثنه بداياته "الدينية" عن إعتناق المذهب الشيوعي، و لكنه استقر اخيرا في أحضان حقوق الإنسان منافحا عن المظلومين و المسجونين، عبر الإعلام فقط، إنتاجه الفكري قليل و لا يوحي بالعمق يقدم رسالة في "الحقوق" عن الحسين بن علي بدون سبر تاريخي كاف للتحقق منها، موقفه الصلب من التدخل الخارجي مثير للإعجاب لا يملك تبريرا كافيا لرفضه و لكنه غالبا يرجع الى تكوينه النفسي المناهض للعنف بوجه عام، لا يبدو بأنه يتبنى بديلا عن التدخل الخارجي سوى شوى شعارات السلمية التي لوثها التظام ،لا يمكن لهيثم مناع أن يحظى بشعبية "أعضاء البرلمانات" اصحاب الحناجر النحاسيه ذات الرنين الخاص، و لكنه يمكن أن يكون مثلا أعلى لإمتلاكه هدوء الينابيع، يتكىء على تاريخ "تليد" من المعارضة "البيضاء" النبيله مع علمه بأنه يتعامل مع نظام ماكر عنيف، يعجبه منصبه "الرمانتيكي" و منطقه السلمي هو مستعد للمضي فيه ولو وضع النظام مدفعا في صدر كل متظاهر، لا يمتلك هيثم مناع "المكر الكافي" لتغيير مواقفه و لا حتى لتعديلها، و لكن لديه الصلابة ليتشبث بموقعه حتى آخر كلمة يمتلكها.

ليس لدى برهان غليون حاليا الوقت ليعطي الدروس او لكي يتلقاها حتى من هيثم مناع، فهو يحمل شهادات عليا في مجالات كثيرة، و قد ترك مهنة التدريس في الجامعة و لا تبدو بأن لديه نية في العودة إليها بعد أن نثر "خارطة طريق" سياسية لسورية قد تستغرق فترة رئاسية كاملة لتحقيقها،كما أن مشاغله كرئيس للمجلس الوطني تأخذ كل الوقت فهو يطير بين العواصم و يجوس في اروقة المؤتمرات مما يحد من قدرته على متابعة هواجس "من تأكلهم الغيرة". و "ينام" برهان غليون على تراث فكري عريض منثور فوق صفحات عدة كتب، منها "المسألة الطائفية و مشكلة الأقليات" كان يباع بستمائة قرش لبناني أو ما يعادلها نشره عندما كان بشار الأسد في الصف التاسع،يتحدث العنوان عن أقليات و طائفية و لكنه في المتن يتغزل "بالأديان" و يخص الإسلام بلمسة حنان ناعمة بما لا يتناسب مع علماني "قارح".أما في كتابه الآخر بيان من أجل الديمقراطية فقيمته تكمن في مقدمة الطبعة الخامسة منه و قد كتبت عام ألفين و سته يتحدث فيها عن الموجة الديمقراطية الرابعة و التي سيشكل العالم العربي بؤرتها و يشير الى دور الإعلام و الأنترنت و يشترط تخلي أمريكا عن النظم الإستبدادية التي تدعمها و الأمر الملفت للنظر بأن برهان غليون يقول"إن مسألة التحول الديمقراطي و ما تتضمنه من إنتقال من نظم واحدية مغلقة نحو نظم تعددية تنزع الى الديمقراطية هي التي ستحتل القسم الأكبر من السنوات الخمس أو العشر القادمة في البلاد العربية"، تنبىء دقيق و نظرة خارقة للمستقبل، و لكن هذا لا يعني بأن اسلوب برهان غليون في الكتابة مشوق لأنه في الحقيقة يبعث على الملل.

برهان غليون مظهره قريب من نجوم السينما شعره الأبيض يزيده "شبابا"، جلدة وجهه سميكة تحجب عنه "كاريزما" النجم التي تجذب المعجبين، عندما يتكلم بسرعة يتناثر الرذاذ الرطب في أرجاء المكان و قد يتلثم قليلا و لكنه سرعان ما يتمالك نفسه و يعود الى متانة حديث، تعتقد بأنه إرتجالي احيانا و قد تؤثر فيه شخصية محاورة،،في لقاءه مع أحمد منصور بدا مفككا، حتى كاد احمد منصور ان ياكله،تردد كثيرا و تلعثم اكثر ولم يكن مقنعا، أما في لقاءه مع مرسيل غانم فقد استفاد من ضعف حضور مرسيل فطفى على السطح وكان حاضرا أكثر، كرر كلماته بشكل اكثر تماسكا و ثبات، كثرة ظهورة تفيده و يبدو رجلا يستفيد من التجارب، يكثر من الإلتفات في الإجتماعات،تغيرت نوعية بذلاته بعد أن اصبح رئيسا للمجلس الوطني ظهرت أعلى قيمة، يتعامل معه زملاءه في المجلس بكل "ذكاء" يحرصون على ان يظهر و يبرز أكثر منهم .ترك مرتبة الأكاديمي و انتقل الى مصاف السياسيين، هجرة محفوفة بالألغام، و هو يبدو وحيدا بين مجموعة من المغمورين. و الخطورة تكمن في المغمورين.

في موقف تنافري من هذا النوع قد يصاب "القضاة" بالحرج لذلك يمكن ان نلجأ الى حكيم مجرب كهرم بن قطبة الفزاري حين قال في حكومته بين عامر بن الطفبل و علقمة بن علاثة و كلاهما عامري"أنتما كركبتي البعير يقعان معا و كلاكما سيد كريم و لم يفضل". ركبتا البعبير لازمتان كلاهما، و لكن دخول رجل نحيل و كأنه مصاب بسوء التغذية يدعى رياض الأسعد قد يجعل ركبتا البعير تصطكان قبل ان تقعا معا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء