الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يالها من مزعطة!

علي بداي

2011 / 12 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



أستميح القارئ عذراً لأني ، إزاء إستهتار سياسيينا "بناة العراق الديموقراطي " بالحياة البشرية وما يتصفون به من صفات سادية، ومازوكية، ورغبة جامحة بالإنتقام ، ونزوع متوحش لرؤية مناظر الحطام والخراب والدم المسفوك ، وما يتشابك في أعماقهم من عقد عشائرية غير محلولة ، إزاء هذا كله لم أجد مايعبر عن حالتنا السياسية الراهنة غير كلمة " مزعطة" . و"المزعطة" مفردة معروفة للقارئ العراقي ، ربما كان من الصعب إيجاد مرادف عربي لها غيرمفردة " الولدنة" التي تعني إنعدام النضج بسبب حداثة السن والتجربة وربما البعد عن التفكير المنطقي السليم .
يتوجب علي ما مبدئياً ، أن أقول أن ليس لدي مايمنعني من تصديق التهم الموجهة الى "السيد الهاشمي" والتي عرضها الضابط الكبير في وزارة الداخلية بسطور قليلة إمتلأت بالأخطاء اللغوية ، ولكن ليس لدي مايمنعني كذلك من تصديق ذات التهم إذا وجهت الى "المالكي" أو "الجعفري" أو "المشهداني" فالمالكي كما هو الهاشمي كلاهما طائفي بإمتياز، والطائفي بالتعريف لايمكن أن يكون وطنياً إطلاقاً ، الطائفي إختار الطائفة بديلاً عن الوطن، وإختار الفكر الطائفي فضاءاً وعالما ً ليبرر له كل أفعاله، ويضفي عليها هالة القداسة ، ويدخلها ضمن حدود الواجبات الربّانية فيبعدها عن طائلة القوانين البشرية. لا إختلاف ،فالفعل الذي يرتكبه الهاشمي والذي يعتبره المالكي جرماً، يكتسب صفة القداسة من وجهة نظر الهاشمي لأنه موجه ضد " رافضي"، والفعل الذي يرتكبه المالكي والذي يعتبره الهاشمي جرماً يكتسب صفة القداسة من وجهة نظر المالكي لأنه يعتبره موجهاً ضد " ناصبي" . وهذه المعادلة القروسطية ليست بالجديدة على تأريخنا الدموي فهل يعتبر إرهاباً مافعله قادة المسلمين الأماجد أمثال خالد بن الوليد وأبو عبيدة أثناء حرب الفتوحات؟ وخالد القسري إثناء إستباحته المدينة ؟ وهل يعتبر إرهاباً مافعله حكام أمية بأتباع علي بن أبي طالب وبعدهم مافعله العباسيون ؟ الم يكن مافعله الأتراك بالبلغار واليونانيين سوى تكرار لما كان الصليبيون قد جربوه فأسالوا بحاراً من الدماء ؟ إنه الإنتقام ، مبرر وجود الفكر الديني ، الإنتقام من الآخر المختلف لأن "الله" يريد ذلك!
وإذا مارجعنا لعراقنا الحالي " الديموقراطي " فهو في الحقيقة بلد يقاد من قبل طائفيين لاعلاقة لهم بالمدنية ولا الحضارة فهم لم يتخرجوا من أحزاب عصرية ولم يمارسوا الحياة الحزبية المدنية بل قدموا من تجمعات دينية وطائفية مغلقة تُحكم وراثياً أو من قبل مرجعيات دينية لاعلاقة لها بأي برنامج تطوير وطني، وإذا كان من الصعب أن تطلب من حامل فكر ديني أن يكون أممياً وإنسانياً فإنها مهمة أكثر عسراً أن تطلب من " طائفي " أن يكون وطنياً ، إنها أمنية تشابه أن تطلب من دجاجة تجريب حضها في الطيران.. لم يكن لدي إذن أي وهم من قبيل أن تشهد فترة المالكي إزدهاراً إقتصادياً ، أو إستقراراً أمنياً تاماً ، لكني كنت أمني النفس بأمال متواضعة أهمها أن يشعر المالكي بثقل المسؤلية التي شاء القدر أن يضعها على كتفيه ويتخلص من بقايا مرحلة الولدنة التي صبغت تصرفاته في السنة الماضية فحين كان يختلف مرة مع "أياد علاوي" كان يأمر برفع كتل الكونكريت التي تحمي مقرات علاوي ، ومرة أخرى حين يغتاظ من دور الحزب الشيوعي وحزب الأمة في قيادة الإحتجاجات الشعبية كان يوعز لقواته بمحاصرة مقرات الحزب الشيوعي وحزب الأمة بحجة أن الحزبين يشغلان عقارات الدولة .
حين كنا " زعاطيطاً" وكنا نختلف مع بعضنا، كنا نسترجع ما كنا أعطيناه لبعضنا ونكشف تحت ضغط قصور الفهم والإنفعال الطفوليين ، عن الأسرار التي كانت بيننا ،لكننا كنا فيما بعد نندم ونحس ببعض الخجل، أتسائل الآن إن كان مادفع المالكي لإشهار تهم القتل وتوجيهها للهاشمي من على شاشة التلفزيون في هذا الوقت بالذات يشبه ما كان فعله مع علاوي والآخرين؟ أو يشبه تصرفه حين كان يلّوح بمذكرة الإعتقال ضد السيد "مقتدى الصدر" بسبب تهمة قتل السيد " مجيد الخوئي" ثم يسحب تلويحه حين تتوسط المرجعيات ؟ وأتسائل بدوري إن كانت أجهزة الدولة المخابراتية قادرة فقط على كشف مافعله "الهاشمي" وتعجز عن كشف من قتل وكيل وزارة الثقافة " كامل شياع" قبل سنتين ومن قتل المخرج "هادي المهدي" قبل شهور ومن يتصيد الكفاءات العراقية المتميزة بكاتمات الصوت منذ سنين ؟
الم يدرك المالكي بعد عمق الثغرات التي أحدثتها أحزاب الطائفيين في تركيبة المجتمع؟ الا يعرف أن الهاشمي ،حتى لو صح ما وجه اليه من تهم، هو منتخب "طائفياً" من قبل الآلاف ؟ مثله تماماً ؟ الا يعرف أن مجتمعنا واقف على فوهة بركان منذ إكتساح طاعون الأحزاب الدينية لحياتنا ؟ الم يكن بالإمكان تأجيل الكشف عن ذلك الى أن نتمكن من إتمام إحتفالنا بخروج قوات الإحتلال ؟ الى أن نبرهن للعالم أننا قادرين على العيش بدون إحتلال ووصاية وبند سابع؟ يالها من مزعطة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيه طيبه
محمد الفهد ( 2011 / 12 / 24 - 01:29 )
تحياتي لك منذ ان استولى الاسلاميون على زمام الحكم بدأت هذه السجالات تكبر يوم بعد الاخر انا اعتقد ماقاله المالكي حقيقه وصحيح عن تورط الهاشمي بهكذا امور ولكنها جزء قليل من الحقيقه او وجه واحد منها
لان الحقيقه الكامله الكل يتزعم عصابات القتل والانتقام والتدافع على المصالح الشخصيه وبالاخص السيد المالكي فهو يملك اجهزة الدوله ومسخرة تماما تحت امرته كالميليشيات الباقيه بالاحزاب المتغانمهاذن الحقيقه الكامله تقول كل الشخصيات الكبيره في العمليه السياسيهلهم سجل اجرامي ضد الاخر والان فقط الذي انفتح هو سجل الهاشمي والسجلات الاخرى سوف تفتح عند الطلب او تذهب مع ارواح من ذهبوا في مهب الريح

اخر الافلام

.. في ظل تعذر إقرار ميزانية 2025.. فرنسا تلجأ إلى -قانون خاص- •


.. هل تنجح المعارضة بطمأنة المجتمع الدولي لقيادة مرحلة إنتقالية




.. غارات إسرائيلية عنيفة على قطاع غزة تقتل عشرات الفلسطينيين


.. سكاي نيوز عربية ترصد تقدم دبابات إسرائيلية في الجولان




.. لماذا تحركت إسرائيل في سوريا بعد سقوط الأسد؟