الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبضة رجل عجوز، قبضة شباب صاعقة

مجدي مهني أمين

2011 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


عندما نخطئ في التشخيص، فقد نتكلف الكثير، وقد نصل رغم التكلفة إلى عكس ما نريد، وهنا تكون أهمية الدراسة والتشخيص، وإلا خسرنا أموالنا وأنفسنا، بل وقد نخسر رصيدنا وتاريخنا وثقة الناس فينا، وهي أعز ما نملك، لقد أساء المجلس التشخيص، وأتى العلاج بعكس النتائج، ومن يناير وحتى الآن نجد العديد من مظاهر سوء التشخيص، يعقبها العديد من الإجراءات الخاطئة التي تودي بالبلاد وتقودها للهاوية التي لا يريدها أحد.

الظاهرة التي نحن بشأنها أن الشعب ثائر، من قبل يوم 25 يناير وهو ثائر، وكان النظام يقمعه، بالأمن المركزي مرة، والبلطجية مرات، واستطاع الشعب يوم 25 يناير أن يُحْكِمَ ثورته، حتى أضطر مبارك للتخلي عن السلطة، وتولى الأمر المجلس العسكري، تولاه كحامي للثورة، ثم تولاه كلية؛ ينهي ويأمر.وهنا بدأ سوء التشخيص: فكأن البلد عايزة قائد، والمجلس أصبح هذا القائد، وترضية للثوار فتح المجلس أمامهم أبواب الوزارة منقوصة الصلاحية، وعمل لهم مكاتب هناك، وبعد فترة اكتشف الشباب إن وجودهم زي عدمه، يقولون ولا أحد يسمع، لقد انفرد المجلس بالحكم، وقاد البلد عكس التيار، بدون دستور، وأصدر بدلا منه إعلان دستوري دون تصريح من الشعب، ولم يطهر الأمن، ولم يحاسب قتلة الثوار، وقدم الرئيس السابق للمحاكمة بعد ضغط شديد، ولم يقبل بمجلس مدني يشارك المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد في هذه المرحلة الإنتقالية الحرجة.

وعندما بدى تعثر وزارة الدكتور عصام شرف، قَبِل المجلس استقالتها ، ومخالفة لرأي الثوار فرض المجلس رئيس وزراء جديد، أقصد قديم لأنه ينتمي لنظام مبارك، يقترب من الثمانين من عمره، ورفض المجلس مجرد التفكير في إي من العروض التي قدمها الشباب بشأن الحكومة الانتقالية.

وفي اختيار الدكتور الجنزوري كان ايضا نوع من سوء التشخيص: فالدكتور الدكتور شرف(في هذا التشخيص) لم يكن قادرا على القيام بمهام الوزارة، دون التعرض في هذا التشخيص للجزء الخاص بنقص صلاحيات الدكتور شرف والتي كانت سببا أساسيا في عدم قدرته على القيام بمهامه، وهنا لو كنا قد أحسنا التشخيص، كنا قد نبقي على الدكتور شرف ولكن نمنحه صلاحيات كاملة، أو نأتي برئيس وزراء جديد بصلاحيات جديدة، الصلاحيات وليس الأشخاص كانت حجر الأساس في هذه الأزمة؛ أزمة فشل الحكومة في القيام بمهامها.

الشباب اعترض على الدكتور الجنزوري فهو لا يمثلهم، كما أن مسألة الصلاحيات بقت مبهمة، الدكتور الجنزوري أعلن كلام عام حول أنه قد حصل الكثير من على صلاحيات، يعني هنا يوجد اقتراب من المشكلة (نقص الصلاحيات) وعلاج هلامي للمشكلة، تسبقها مشكلة لم تلقَ أي اقتراب ألا وهي مشكلة عدم الحوار مع الشباب، أصحاب الثورة الحقيقيين، بل أن كل اللقاءات التي كانت تتم معهم كانت لقاءات تلقينية حول أفضال المجلس وانجازاته، أو في أحسن حالاتها سماع للشباب وبعدين المجلس يعمل اللي عايزه، النتيجة لم يتم تلبية أي مطلب حقيقي للشباب، بدءً بوضع الحد الأدنى والأقصى للأجور، أو تلبية طلبات المصابين، أو تطهير أجهزة الدولة من فلول النظام السابق، أو منع فلول الحزب الوطني من خوض الانتخابات، أو وضع جدول زمني لنقل السلطة، أو تكوين مجلس مدني يدير مع العسكري شئون البلاد:

- لا يوجد من يسمع واتكلم براحتك.

في هذه المرة وقف الشباب أمام مقر مجلس الوزراء معبرين عن رفضهم للجنزوري رئيسا للوزارء، في كل مرة لا يمل الشباب من المطالبة، ولكن المجلس هو من يتململ من هذه المطالبات، وهنا يتململ المجلس بشكل عملي؛ فسوء التشخيص يقود المجلس إلى أن صوت الشباب مزعج، ولا يتقدم المجلس خطوة ويحدد الأسباب ، بل يذهب مباشرة للحل الذي يتصوره ألا وهو إسكات هذه الأصوات، أو إزالة أصحابها من الطريق. وهنا وكأن المجلس قد اكتشف الثغرة، فكأن يد الرئيس المخلوع، يد عجوز، لم تضرب بالقوة الكافية لإسكات هؤلاء الشباب، وكأن التشخيص أن الرئيس السابق تهاون مع حركات مثل كفاية و6 أبريل وغيرها، ضرب بقبضة رجل عجوز، إذن فليضرب المجلس بقبضة شباب صاعقة، وليركز هذه المرة، ويضرب بقوة على النساء، حين لا يستطيع الشباب حمايتهم من تلك القبضات الحديدية.
وهنا كان أسوأ درجات التشخيص في أن هذا هؤلاء الثوار يحتاجون للردع، وما لم يستطعه مبارك، يستطيعونه هم؛ يسىطيعون إسكات صوت الثورة، وإعادة ثوارها مهزومين صامتين لمنازلهم، وهنا كان الاستخدام المفرط للقوة مرادفا لتشخيص يعوزه الكثير من التروي قبل الانجراف في هكذا حلول دموية، تشخيص خاطئ وعلاج موجع مؤلم، لم يكن أقل ألما من تصريحات اللواء عمار المتعثرة (راجع الرابط الأول)، ولا من حواره الجاف مع الصحفيين (راجع الرابط الثاني)، أو المشادة الكلامية بين دينا عبد الرحمن وأحد لواءات الجيش (راجع الرابط الثالث).

لم يكن في الحقيقة هذا البطش علاج، بل كان جريمة في حق الوطن والجيش والإنسانية، نكبة ونحن نرى هذه التجاوزات المفزعة، وهذه الأكاذيب الفجة لتغطيتها، نكبة أخجلتنا أمام العالم، لم يخفف منها إلا نساءنا من خرجن بالآلاف وخرج معهم الشباب ينددون بالمجلس وتجاوزات الجيش كي يردوا لنا الاعتبار في أن ثورتنا لم تخمُد، وأن نساءنا وشبابنا قادرون على مواجهة المجلس ووضعه في حجمه الصحيح أمام شعب الذي قرر أن يسترد حريته التي افتقدها عبر التاريخ ، أمام شعب قرر أن يلحق بالعالم الحر ويسترد كرامة مواطنيه بين سكان المعمورة، يستردها كاملة مهما كان الثمن. الحكمة تقتضي أن يدرك المجلس جدية هذا الشعب في دفاعه عن حريته وكرامته، فكلما اشتدت قبضة شباب الصاعقة كلما خسر الجيش شعبه، وهي خسارة فادحة، وكلما اتضح للشعب أنه على الطريق الصحيح، فعلى المجلس ألا يقف أمام التيار، وأن ينزل عند إرادة الشعب في العيش،والحرية، الكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية.

شكرا للفتيات اللاتي سُحِلْن، والنساء اللأتي خرجن اليوم 22 ديسمبر دفاعا عن فتياتنا، شكرا للشهداء والمصابين، فكلهن وكلهم أكدن وأكدوا الدرس، شكرا للجنود وشباب الصاعقة من بقوا أمام تظاهرة النساء قابعين وراء الأسوار، علهم يستوعبون الدرس ويدركون كم غرر بهم قادتهم، فشبابهم ولحم كتافهم دين في رقابهم من خير هذا الشعب، ولا يصح مطلقا أن يرفعوا عليه كعبهم، لا يصح مطلقا.

الروابط:
1- http://www.youtube.com/watch?v=B69BRpXdMfs
2- http://www.youtube.com/watch?v=qh3qw4KQCqs
3- http://www.youtube.com/watch?v=DTmsL73jgto








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار