الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيش الاحتياط من البلطجية للحفاظ على الإنفلات الأمني

صالح سليمان عبدالعظيم

2011 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


فعلا الشرطة والجيش إيد واحدة في مصر، فهما من يقومان الآن بتأديب المصريين والتواطؤ عليهم. وهما من يقوما أيضا بقتل المصريين ليل نهار، وهما من يقوما بفبركة القضايا، والتنصل مما يقولانه، وهما من يسعيان سعيا حثيثا لقلب الموازين في مصر والعودة بها إلى ما قبل الخامس والعشرين من يناير. طبعا نحن نتحدث هنا عن القيادات سواء من الجيش أو الشرطة، فلا يمكن تصور شرطة كاملة فاسدة ولا يمكن تصور جيش كامل فاسد. لكن يوجد بالطبع قيادات فاسدة من هنا ومن هناك في كل مكان وفي كل المهن الأخرى.
ولكي تمارس هذه القيادات فسادها فبالتأكيد فإنهم يخلقون قاعدة ما من المستفيدين والمنفذين لأوامرهم بغض النظر عن شرعيتها ومدى تطبيقها للقانون. في رائعة "هي فوضى" ليوسف شاهين وخالد يوسف كان صول الشرطة "خالد صالح" يصول ويجول ويعربد كما يشاء تحت سمع وبصر القيادات الشرطية الأكبر، ولم يردعه سوى الشعب من الجماهير الفقيرة والمتوسطة في النهاية، وهي الجماهير نفسها التي لم يكن يتصور وزير الداخلية أو السيد المشير إمكانية أن تنل منهما وتنادي بعزلهما ومحاكمتهما.
والعلاقة بين الشرطة والجيش علاقة تابع بمتبوع، الشرطة أداة الجيش، وإذا لم تستطع القيام بهذا الدور يدخل الجيش بشرطته العسكرية ليمنح الشرطة ذلك الزخم من مهابة قلة الأدب والقمع والهيمنة. لكن كيف تقوم الشرطة والجيش بأدوارهما في قمع المصريين الآن، ومحاولة قتل الثورة المصرية؟ والأهم من كل هذا لماذا يقومان بذلك؟ ألم تتعلم الشرطة الدرس جيدا، وتعلم أنه يمكن كنسها ومحوها من الوجود بجرة شعب واحدة، ألم يتعلم بعض ضباط الشرطة المجرمين أن التعذيب والقتل والسرقة ورمي الجتت على الناس صباحا مساء وتحولهم إلى كلاب سلطة بالمعنى الحرفي من أجل القادة المستبدين أو الحاكم الفرعون يمكن أن يصل بهم في النهاية إلى التخلص منهم بفعل الجماهير الثوري كما حدث بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. والأهم من ذلك لماذا لم يتعلق الجيش ودعاة الإستراتجية منه الذين يفلقون رؤوسنا ليل نهار بأحاديثهم التليفزيونية الماسخة والتافهة على السواء.
الواقع أن بنية القهر والفساد والتعذيب في مصر بنية غائرة ومتجذرة ومتشابكة في الوقت نفسه، وهي بنية لعبت دورا كبيرا في تشكيلها أجهزة الأمن المختلفة شرطة وجيش ومخابرات إضافة إلى النخب السياسية والفكرية المختلفة بمن فيهم أساتذة الجامعات والصحفيين ورجال الدين وصناع الإستراتيجيا. والأهم من كل ذلك تلك القاعدة الواسعة من الفقراء البلطجية الذين ينتشرون في كافة مناطق مصر، وبشكل خاص في القاهرة والجيزة واالإسكندرية. فلم يكن من الممكن لجهاز الشرطة أن يقوم بعمله وفقا للأعداد الضعيفة من المتخرجين أو وفقا لإمكانيات الشرطة المتواضعة في التعلم والتدريب والفهم العميق لمعنى كلمة أمن وكيفية التعامل مع البشر إلا من خلال توفير كوادر موازية من المواطنين الفقراء الذين يعملون جواسيسا في المناطق الشعبية والجامعات والمصالح الحكومية، كما يمكن استخدام البعض منهم في التخلص من الخصوم أو في إشاعة حالة من الخوف لدى الآخرين بما يتم معه ضبط الأمن، والأهم من كل ذلك استخدامهم في الحدث الأهم لدى النظام السابق وهو الإنتخابات. ويتوفر لدى جهاز الشرطة أعداد هائلة من هذا النوع من البلطجية، والذين لديهم استعداد للخنوع ولعق أحذية الضباط والقيام بأي نوع من الخدمات لهم.
ويمكن لأي شخص أو ملاحظ الآن أن يرى تلك الأعداد الهائلة فقط من المصريين الذين يحتلون الشوراع ويحولونها إلى أماكن للسيارات الخاصة ويحصلون جهارا نهارا على مبلغ من المال نظير ذلك. كل ذلك يحدث على مسمع ومرأى من الشرطة. هؤلاء هم الوقود المستخدم من قبل الشرطة وربما الجيش الآن في المواجهات التي تحدث وييستشهد فيها الشيوخ والطلبة برصاص معلوم، يتحول هؤلاء الشهداء في النهاية إلى قتلى أو ليتحولوا إلى بلطجية وفقا للرواية الكاذبة والخسيسة من قبل الشرطة والمجلس العسكري.
ولا يعلم المرء متى يوقف المجلس العسكري والشرطة هذه التصرفات الدموية التي تصل لمستويات الإجرام الدموي لديكتاتوريات أميركا اللاتينية السابقة، وتصل لمستويات الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي، لكن الشيئ الذي سوف يستمر رغم أنفهما مظاهرات الثوار الذين لم تعد تخيفهم الشرطة ولا المجلس العسكري وجيشه ولا خسة البلطجية الفقراء صنيعة مبارك المخلوع وأجهزته الحقيرة.
كان كارل ماركس يتحدث عن جيش الاحتياط من الفقراء الذي يحافظ على قلة الأسعار لصالح الرأسمالية، أما هنا فنحن نتحدث عن جيش البلطجية الذي يحافظ على حالة الإنفلات الأمني ليحافظ على تطاول المجلس العسكري وقدرته على لي الأمور وتغييرها والكذب فيها واتهام الشهداء بالبلطجة وتبرئة المجرمين الذين يعرفهم بالإسم والسن والعنوان والسلاح الذي قاموا فيه بقتل الأبرياء من أبناء مصر المحترمين المخلصين الشهداء. على كل حال يبدو أنه لا الشرطة وعت الدرس جيدا ولا المجلس العسكري برموزه السعبينية تعي معنى السياسة وتتعامل مع الشعب وفقا لتعامل الثكنات العسكرية على الطريقة المصرية، وأخيرا لا يبدو أيضا أن التيارات الدينية التي ضُربت بالأحذية من قبل الشرطة والجيش على السواء واقتيدت نسائها إلى السجون في معاملات غير محترمة ولا إنسانية تريد أن تعي معنى الحرية والإنسانية.
في أحد التهكمات التي أطلقها أحد الظرفاء على مواقع الإنترنت على واقعة إنكار أن البنت المسحولة ليست سلفية أو إخوانية يقول الشاب "الشيخ ياسر برهامي السلفي قال فتاة التحرير ليست من السلفيين، ومحمود غزلان عضو مكتب الإرشاد قال فتاة التحرير ليست من الإخوان، ثم يردف الشاب قائلا: الحمد لله البنت طلعت شريفة." ورغم صدمة حديث هذين الشخصين إلا أنهما لا يعبران عن قيم الدين الحقيقية القائمة على العدل والمساواة والحرية، هم لا يعبرون عن قيم الدين التي تدعو لعدم قتل الآخرين غيلة وبهتانا، لكن قيمهم هي قيم الكرسي والمجلس والمنصب والبحث عن أية تأويلات دينية ساذجة تريح الضمير وتدغدغه.
الواقع أن تهكم هذا الشاب يلخص كل شيئ فالمعركة مع الشرطة والجيش معركة من أجل الشرف المرتبط بإعادة توزيع الثروة في مصر والتخلص من الفساد السياسي والإقتصادي الجاثم على صدورنا منذ عقود طويلة. وللذين لا يفهمون تلك الشراسة التي يتعامل بها الجيش والشرطة مع الشعب يجب أن يعوا تماما أن ما يحدث في مصر سوف ينتهي بمحاكمة هؤلاء وإعادة توزيع القوة من جديد، القوة التي تعني السياسة والثروة والاقتصاد، أي تجريد الكثيرين ممن سطوا علينا منذ عقود طويلة من الزمن. بالطبع لا يريد هؤلاء أن يتخلوا عما حصلوا عليه ظلما وإفتاتا، بالطبع لا يريدون لأولادنا وأحفادنا أن ينشئوا في بيئات صحية جديدة، يريدون لأبنائهم فقط أن يحكموا هذا البلد ويهيمنوا عليها. إنها معركتنا مع العجائز من رجال المجلس من أجل أولادنا وأحفادنا، من أجل المستقبل الخالي من تلك الوجوه السبعينية، الخالي من بلطجة المال، وقتل الشرفاء من الثوار بدم بارد، وسحل النساء بغطرسة العسكر وصفاقة الشرطة!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تكرار
نانسى نادر ( 2011 / 12 / 26 - 12:42 )
.أنى أقدر غضبك على ماحدث من قيادات الجيش
فكلنا شعرنا بخيبة امل وقلق على مستقبل اولادنا وأحفادنا
ومدى عجز الحكومة على حماية مواطينيهاحتى كلمة الجنزورى مثل شرف لاجديدوالمؤتمرالذى عقد مثل احداث ماسبيرو
فالغباء ان تكرار نفس الطريقة وتعطيك نفس النتائج
وشكرا


2 - تطعيم الغباء والإستهبال
هيــــــــام فــــــاروق ( 2011 / 12 / 27 - 21:53 )
نعم لم تستفيد الشرطة ولا الجيش من أى أحداث وكأنهما مغيبان تماما . لا ومصيبة المصائب أنهما يتخيلان أننا متعاطين تطعيم الغباء والإستهبال وربما تصوروا أننا مصابين بجنون البقر السياسى والدينى .. ولكن لا أرى حلا مناسبا لهذه المظاهرات أو تلك .. هل إحتجاجنا ليترك المجلس العسكرى السلطة .؟. لمن ؟ للتيار الدينى الذى إكتسح الساحة والذى أعلن من قبل عن أيديولوجيته ( لا ولاء للأوطان ) أو ( طز فى مصر ) ؟ وأيهما أفضل التيار الدينى أم العسكر ؟ الحقيقة ( أسخم من سيدى ألا ستى ) . أرى أنه إن لم تتحول مصر إلى دولة مدنية صرفة فلن تفلح أى ثورات يزعمونها ولا أى إحتجاجات من أى نوع . مع تحياتى وتقديرى

اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي