الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أميثاقُ شرفٍ لِمَنْ ليسوا بشرفاء قط ؟

مديح الصادق

2011 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


"" الشَّرَفُ: الحَسَبُ بالآباء، شَرُفَ يَشْرُفُ شَرَفاً وشُرْفَةً وشَرافةً، فهو شريفٌ، والجمع أَشْرافٌ. غيره: والشَّرَفُ والمَجْدُ لا يكونانِ إلا بالآباء.
ويقال: رجل شريفٌ ورجل ماجدٌ له آباءٌ متقدِّمون في الشرَف. قال: والحسَبُ والكَرَمُ يكونانِ وإن لم يكن له آباء لهم شَرَفٌ.
والشَّرَفُ مصدر الشَّريف من الناس.وشَريفٌ وأَشْرافٌ مثل نَصِيرٍ وأَنْصار وشَهِيد وأَشْهادٍ، الجوهري: والجمع شُرَفاء وأَشْرافٌ، وقد شَرُفَ، بالضم، فهو شريف اليوم، وشارِفٌ عن قليل أَي سيصير شريفاً؛ قال الجوهري: ذكره الفراء. . . "

هذا بعض مما جاء في لسان العرب عن الجذر ( شرف ) وهو ما أجمعت عليه معظم قواميس اللغة العربية؛ إذ نستدل منه على أن الشرف يعني علو المنزلة وأنه محصور بالآباء، ويمكن أن يكتسبه الأبناء - إن هم طلبوه - لذلك لم تحظَ أية مفردة مخصصة للمدح مثلما حظيت به مفردة ( الشريف ) بل أن استعارتها لغير ما وضعت له قد حفلت بها دواوين الشعر، وسِير القادة والزعماء وسادة القوم، ماقبل الإسلام وما بعده حتى لحظة كتابة تلك السطور، إذ فرغنا قبل قليل من قراءة خبر تناقلته المواقع الإعلامية، ووكالات الأنباء، وسارعت بعض الأقلام كي تصب ما أحضرته من تطبيلها لمن تشتهي، أو أنها مُبرمجة كي تهز الأرداف حالما تُقرع الدفوف؛ ذلك الخبر الذي أفاد بأن السيد مقتدى الصدر قد أرسل مبعوثيه إلى إقليم كردستان، وأماكن أخرى؛ لعرض ميثاق الشرف الذي أعده كي يوقع عليه قادة الكتل السياسية؛ إنقاذا للبلاد من الوضع المزري بعد انسحاب قوات الاحتلال من العراق، وما استجد من توجيه تهم دعم الإرهاب لقادة شركاء في العملية السياسية، تلك التي انعكست على جرائم بشعة أغرقت شوارع بغداد بالدماء، وأهلكت مساكين لا ذنب لهم سوى أنهم أحبوا الحياة، وما تركوا العراق

إن شعباً يُصلِّي الفجر مع دوي انفجارات، يتعطر بالبارود نيابة عن البخور، ويحمل أشلاء مقطعة بدلا من زهور الزينة، والهدايا بعيد الميلاد المجيد؛ لابد أن يكون مُهلِّلا، مُكبِّرا لتلك المبادرة الجليلة، خصوصا أن راعيها زعيم قائمة سياسية؛ إضافة لمركزه الديني المعروف، ناهيك عن مواقفه المعارِضة للاحتلال الأمريكي، والفساد الإداري للحكومة، والتوتر السياسي بين الفرقاء؛ لكننا نستأذن السيد الجليل فنبادره بالسؤال : مَن أعلمَكَ، ياسيدنا، أن الذين تسعى لربطهم في ميثاق شرف هم شرفاء ؟ وإن غضبتَ منّا فإننا نحاججك بما أجمعتْ عليه القواميس من مفهوم الشرف والشرفاء، وهل برأيك - وأنت القائد الحكيم - أن من تربى في أحضان الأجانب، وتم إعداده ليكون مطية ينفذ مشاريع الذين روَّضوه في اصطبلاتهم لبيع العراق، بكل ما فيه، وتقسيمه إلى ولايات حسب القومية والمذاهب، وهدر ثرواته، والمساومة على سيادته بتبعيته لدول الجوار، والصراع على الكراسي - وبيعها أحيانا - وإغراق البلاد في جهل وظلام وتخلف لم يشهده حتى في العصر الملكي، مع إفساح المجال للإرهاب البغيض كي يعشعش في صفوف شعب لم يألفه من قبل، مقابل بطالة، وشظف عيش لطبقات عانت الذل والهوان في عهد النظام المقبور، وقتل وتهجير للطاقات الوطنية والكفاءات ومكونات العراق الأصلية، وغير ذلك مما فاق طاقة التحمل والصبر؛ هل برأيك، يا سيد، أن الذين نويتَ أن تعاملهم معاملة الشرفاء تنطبق عليهم صفات الحَسَب، والمجد؛ التي أجمع عليها أولئك الذين تتبعوا مفردات اللغة العربية وما تعنيه من صفات سامية عليا، هي لا تنطبق أبدا على مثل هؤلاء

لا، يا سيدي، اسمح لي - رغم تقديري لما أنتَ عليه - أن أسرد لك حكاية من زمن كان فيه اللص يُسمى ( العجيد ) في اللهجة الشعبية العراقية، والقرية التي لا يوجد فيها مثل هذا ( العجيد ) تكون عرضة لسطو اللصوص مما جاورها من القرى، وفي كل مرة توجه التهمة ( لعجيد ) قريتنا بسرقة سجادة، أو لحاف، وأحيانا عجل - حاشاكم - يستلُّ نفسه منها مثل الشعرة من العجين؛ ذلك أنه يقبل بأداء القَسَم في حضرة سيدنا العباس، بعد أن يتطهر بالماء، بإشراف نخبة من الأخيار ( الشرفاء ) لكن ( مشحوت ) اعترف وهو على فراش الموت بأنه كان يقاسم ما يسرقه لواحد من أولئك ( الشرفاء ) الذين يراقبون نزاهة اليمين الذي يؤديه؛ مقابل أن يغض الطرف عنه وهو ( يُحدث على نفسه ) فيعتقد بأنه ( نجس ) ساعتها، وعليه فلن يمسه ضرر إن حلف كذبا؛ وعليه فإن الذين تنوي ربطهم بميثاق شرف، ممن يقودون إلى الهاوية هذا الشعب الجريح؛ عليهم أن يُطهروا أنفسهم من كل ما ارتكبوا من ذنوب، أولها خيانة شعبهم؛ بل الضحك عليه يوم تحدى الموت متوجها لصناديق الاقتراع، ولم يكن يعلم وقتها أن الذين اختارهم ما هم إلا عصابات منظمة لا يُطهرها ماء الرافدين بحاله، ولا تزيل نجاستهم أدعية، ولا تسابيح

سأوافقك الرأي - وربما أنضم لتيارك الصدري - إن أنت دعوت إلى إسقاطهم - وهم فعلا ساقطون - وحشَّدت أنصارك، ومن سيناصرونك؛ بلا سلاح، ولا ميليشيات، ولا عنف أو تخريب؛ كي يهتفوا للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، حرة نزيهة، فيها يقول الشعب قولا جديدا شجاعا، ليس كالذي قاله يوم خدَّره المشعوذون بالأحلام والخيال العذب، صحيح أن حرصكم على حقن الدماء، وتحنيب البلاد الكوارث والويلات هو الذي حدا بكم لأن تفعلوا ما أنتم فاعلون؛ لكنها شاخصة للعيان، ولا تحتاج أي دليل أو برهان؛ ذلك ألاَّ عهد لمن خان الأمانة، وباع أرضه مرتين، مرة لسيده المحتل مُباركا إياه، ساجدا له، ومرة يوم غضَّ الطرف - وهو المُنتَخَب المُختار - عما يجري من فساد، وظلم، وتكميم الأفواه، وتهميش الشرفاء الحقيقين، الحريصين على مستقبل الوطن، غير الطامعين بما أشغل القادة الذين ستُتعب نفسك حين تضعهم في عداد الشرفاء؛ فالشعب يعرفهم، ويعرفهم الشرفاء؛ بأنهم - قط - ما كانوا شرفاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - power
jaber ( 2011 / 12 / 25 - 12:48 )
KNOWLIEDGE IS POWER.


2 - كيف علمت ؟
أبو زينب ( 2011 / 12 / 26 - 19:46 )
الأفلام والمسرحيات تمثيليات ، لكل ممثل دور يلعبه دون إعتبار لشخصه ، فكم ممثل ( وديع في حياته الشخصية ) يكلف بلعب دور المجرم في التمثيل ويقوم بدوره جاعلاً بعض البسطاءمن الناس يكرهونه ليس في الفيلم أو المسرحية فقط بل يمتد إلى كرههم له ( خذ مثلاً الممثل المشهور المرحوم محمود المليجي ) وكذا العكس . ليس في الأفلام فقط بل في الحياة أيضاً . ( فالسيد الجليل ) الذي تخاطبه وتكبر عملته في تقديمه مبادرته إلى الشرفاء ، وددت لو أعرف كيف علمت أنه هو شريف في الأصل دون غيره . ما يحدث في العراق مسرحية وهؤلاء كلهم ممثلون يقومون بأدوار خصصت لهم لتكون محصلة التطاحن الظاهري بينهم ما يصبو إليه صانع المسرحية . إنها مسرحية ، لنا أن لا نكتفي بقراءة الظاهر منها بل نغوص في ما بين أسطرها عميقاً لنفهم ما ستؤول إليه النتيجة . إنهم جميعاً من طينة واحدة ، تلاميذ مدرسة واحدة ؛ خونة فاقدو الشرف ، بائعوا الوطن ، الأمل أن نعي الحقيقة ونعاملهم ، كلهم ، معاملة واحدة بما يستحقون ، كنسهم بحذاء أبي تحسين


3 - نعرفهم جيدا؛ لكن
مديح الصادق ( 2011 / 12 / 27 - 04:28 )
تحايا عطرة، لك أخانا الأستاذ أبا زينب المحترم، شكرا لمتابعتك وتعليقك
عزيزي، نحن نعرفهم جيدا، جميعهم من مدرسة واحدة، ومنبع واحد؛ وهم يتباينون بأشكالهم حسب طبيعة الأدوار المناطة بكل منهم - كما تفضلتَ - لكن الحقيقة التي تعيها أنت - بحكم فلسفتك العلمية - ويدركها ذوو البصيرة؛ أن وسيلة كنس هؤلاء بما كان بحوزة أبي تحسين؛ هي حين يقع بأسهم فيما بينهم، وتلك حتمية لابد منها، فهم يملكون مراكز القوى والقواعد المادية والميليشياتية، ولهم تأثيرهم في الشارع من منطلق عواطف الدين، ومهما كان ولاؤهم لهذه الجهة أو تلك؛ فهم حتما مختلفون متقاطعون لأن أطماعهم ليس لها حدود، وهم فاقدوا روح المواطنة؛ لأنهم عملاء، وليسوا بشرفاء؛ إلا أننا نلقي الحجة على من يظهر للعيان بأنه خير إخوانه؛ لنختبر ما إذا كان كذلك؛ أم أننا المُخطئون

اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام