الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمة القائد السياسي أن لا تكون له سمة

اسماعيل خليل الحسن

2004 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


استوقفني مقال المناضل الكبير عمر قشاش في موقع الحوار المتمدن, الموسوم بالعنوان ( أهم سمة للقائد في النظام السياسي) يتحدث فيه عن صفات و أخلاق القائد السياسي وهي , لا شك , صفات حميدة , وذكر ( أبو عبدو ) مثالا إيجابيا ـ بعكس الأمثلة السلبية التي يلاحظها في واقع سوريا اليوم ـ متمثلا برئيس سابق وهو المرحوم الدكتور نور الدين الأتاسي وقد كان بحق رجل مبادئ و على خلق رفيع و إن كانت تنقصه الكاريزما الشعبية وهي صفة ينبغي أن تعزز بقية السمات و الخصال ، و قد تعرّض الرجل لاعتقال طويل , ليس بسبب مسؤوليته عن هزيمة حزيران حيث كان أحرى به أن يقدم استقالته هو وأركان حكمه و ذلك أضعف الأيمان .



أذكر أنني سمعت شخصيا من المناضل الكبير حكايته عن لقائه بالرئيس السابق في القصر الجمهوري و ذلك في خلوة لنا معه في سجن عدرا حيث كانت بيننا وحدة معتقل ( مع تواضع شخصي و علو قامته) , و لكن: أن يمر الأمر على كونه حديث ذكريات فذلك شيء , و أن يدوّن في مقالة مكتوبة , دلالة على المثال الذي ينبغي أن يحتذى, فذلك شيء آخر ينبغي الوقوف عنده .



كتب ابن المقفع كتابه الأدب الكبير و الأدب الصغير ناصحا ومعلما أبا جعفر المنصور الكيفيّة التي ينبغي أن يكون عليها الحاكم , لكي يسوس الرعية , وجاء مكيافيللي بعده بقرون يعلّم أمير فلورنسا مبادئ الحكم وذلك في كتابه الأمير .



كنا دائما نمقت ابن المقفع و مكيافيللي وخاصة الأخير بسبب مبدأه الشهير ( الغاية تبرر الوسيلة ) حتى قرأت فكرة كتبها المرحوم ياسين الحافظ يسخر من المثقفين العرب معتبرا أن فكر مكيافيللي كان من الروائز التي قامت عليها الوحدة الإيطالية كما سخر منهم إذ ينتقدون الديمقراطية الغربية و في يدهم منها هباء .



نعود إلى المناضل أبو عبدو فهو يقول في مقالته آنفة الذكر أن سمات القائد السياسي ( هي: الصدق , والنزاهة , والأمانة , والأخلاق , والتواضع ,والدفاع عن الوطن , والحرص على المال العام للشعب.)



أليست هذه خصال ينبغي أن يتحلّى بها أيّ إنسان مهما علت مرتبته أو دنت ؟ , وهي سمات لا يشكر عليها لأنها واجبة عليه , وإن أعوزته هذه الصفات وضع نفسه تحت المسائلة القانونيّة عدا خسارته المعنوية لاحترام الرأي العام .



لنبحث إذن عن سمات أخرى تميز القائد السياسي عن سواه من عامة الناس, لكن عن أي قائد نتكلم ؟



لاشك أن القائد السياسي في دولة العشيرة أو القبيلة هو غيره في الدولة الحديثة , ففي الأخيرة حيت تتحكّم المؤسسات في مفاصل الدولة , لم يعد للمزايا الشخصية , كالحنكة و الدهاء و اللعب على حبال السياسة و الموازنة بين المتناقضات , لم يعد لها من دور أساسي , رغم ما لها من أهمية , في نجاح أو فشل رجل السياسة , فمنذ جورج واشنطن و إبرهام لنكولن و ولسون لم يعرف التاريخ الأمريكي رجال يمكن أن نقول عنهم أنهم عظماء , و أحيانا أسوياء , بل حلّت فكرة الرئيس النجم كما هو الأمر عند كيندي و ريغان و كلينتون و لا نعجب يوما أن تصعد مادونا إلى المكتب البيضاوي .



تعتبر سنغافورة البلد الأكثر نظافة في العالم و الأقل فسادا عدا عن كونها من النمور الصغيرة لكننا لا نعرف اسما واحدا لمسئول سنغافوري , سوى انها و مثيلاتها الآسيويات محكومات من قبل نخب وطنية تعرف كيف تدبر حالها , لتأخذ نصيبها من الكعكة العالمية , أما النخب لدينا فنسمع جعجعة و لا نرى طحنا حتى استحق العرب وصفهم كظاهرة صوتية .



عذر المناضل الكبير أنه كتب مقالته تحت تأثير الضغط الذي يولده الاستبداد السياسي على المجتمعات العربية بل و المشرقية قاطبة, لما للذات المتضخمة المتورمة , للقادة السياسيين و من دور محبط , يلغي بموجبه أي دور مهم , إن للإنسان الفرد أو للجماعات (سياسية كانت أو ثقافية) .



لو كان لنا نفس الدور الذي لعبه ابن المقفع و مكيافيللي في نصح القادة لنصحناهم بالأفكار التالية :

على القائد السياسي ألاّ يتوهّم أو توهمه بطانته أنّه قائد ضرورة تاريخية و أنه إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد و أن الحياة لا تجود بمثله إلاّ كل قرن و نيّف , و أن مهماته اليوم في دولة كبيرة و خطيرة كأمريكا تقودها مؤسسات و طغم مالية و سياسيّة, يمكن أن يقودها أي كمبيوتر.



سورية ـ الرقة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟