الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كان رب البيت بالدف ضارباً .... فما شيمة أهل البيت سوى الرقص والطربُ

غادة عماد الدين

2011 / 12 / 25
العلاقات الجنسية والاسرية


يُغيِّب البعض دور البيت في عملية التربية ويضعون اللوم على المدرسة والإعلام والمُجتمع فهل أنصف هؤلاء؟ هل سبق أن شاهدت الأطفال يلعبون لعبة "بَرّ – بحر"؟ في هذه اللعبة يقف أحد الأطفال أمام مجموعة منهم فإذا قال لهم بر فعليهم أن يقفوا وإن قال بحر فعليهم أن يجلسوا والفائز هو من لا يُخطئ. فيقوم هذا الطفل بلخبطة باقي الأطفال بحيث يجلس إذا قال بر ويقف إذا قال بحر أي عكس ما عليهم أي يفعلوا. فتجد أن الأطفال يعملون ما يعمل وليس ما يقول فيقعون في الخطأ. لعبة جميلة و تحمل معانٍ كبيرة. تُشير الدراسات إلى أنه خلال أي اتصال بين الناس فإن 55 في المائة من الاتصال يكون بلغة الجسد و38 في المائة من لحن الخطاب و7 في المائة من الكلمات المُستخدمة. فكيف يمكن أن نستفيد من هذه المعرفة في تربية أبنائنا؟
إن من أجمل ما يُمكن أن يعمله الوالدان لأبنائهما هو حسن العشرة فيما بينهم فالأبناء يُكتسبون من أفعال آبائهم أكثر مما يكتسبون من أقوالهم ونصائحهم وتوجيهاتهم. عزيزي الأب, كي تغرس المبادئ السامية في أبنائك كُن أنت أول المتمسكين بتلك المبادئ واعلم أن حبك واحترامك وإكرامك لأُمهم له أكبر الأثر على تنشئتهم. عزيزتي الأم, إن مُعاملتك الحسنة لزوجك والرفع من مكانته في البيت وأمام الأبناء له من الآثار الإيجابية على أبنائك وبناتك ما قد لا تُدركين فهلا أعطيتِ هذا الأمر اهتماما أكثر كي تسعدين وتقر عينك بفلذات كبدك؟
يقال قدوة وقدوة لما يقتدي به ويقال فلان قدوة يقتدى به .من يتأسى به في جميع أحواله
قال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
وعلى هذا فالأسوة هي القدوة
وتكمن أهمية القدوة في أسباب أوجزها في نقاط هي:
1) إن مستوى الفهم لدى الأطفال أدنى بكثير منه عند الكبار فتبقى الرؤية بالعين المجردة لواقع حي أهم من الكتاب، وأهم من أن تلقى دروس ومن غيرها من كثير من الوسائل.
2) إن القدوة الحسنة تعطي الطفل القناعة بأن هذه الفضائل ليست مجرد مبادئ مثالية نطمح إلى تحقيقها بل هي في متناول القدوة وشاهد الحال أصح دليل على ذلك القدوة .
3) إن الطفل أو الشاب عندما يرى سلوكاً أو عملاً حسناً يحمد عليه الإنسان فإن ذلك يثير في نفسه الاستحسان والإعجاب والتقدير لهذا العمل وهذا يدفعه إلى التقليد.
أن الطفل والشاب مدفوع برغبة خفيه لا يشعر بها نحو محاكاة من يعجب به دون أن يقصد وهذا التقليد غير المقصود لا يقتصر على السلوكيات الحسنة بل يتعداها إلى غيرها، ولذلك فإن من الخطورة بمكان ظهور المساوئ في سلوك القدوة لأنه يحمل بذلك أوزاره وأوزار من يقلده .
"لا تنهَ عن خُلُق وتأتي مثله
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ"
تَمثَّل الحكمة القائلة: "الولد سر أبيه"، فأي ولدٍ تُحب؟ وأي أولاد نحب أن يمثلوا أمتنا في المستقبل؟ ولا تظن أن الأبناء لا يقتدون، فهم يتتبعون سلوك الآباء بدقة لا نشعر بها، ويجعلون منهم مثالاً وأنموذجاً يحتدون به في حياتهم، وهم لا يقبلون منهم القول بلا فعل، والشعار بلا ممارسة، وإن لم نفعل فإننا سننشئ منهم جيلا متكلما من غير عمل، بطَّالاً سبَهْللاً، وتلك هي الكارثة.
"وينشــــأ ناشــــئ الفتـــــيان مــــنا
على ما كـــــان عـــــــوده أبــــوه"
ونرى كثيراً من الآباء يصطحبون أبنائهم الصغار معهم إلى المساجد وإلى أماكن المحاضرات وفعل الخيرات ليزرعوا في نفوس أبنائهم حب الخير والعمل به.
إلا أن كثيراً من الناس نراهم ينهون أبنائهم عن فعل السيئات وهم يعملونها، ويضربون على أيديهم لو سمعوا منهم كلاماً فاحشاً وهم (الآباء) أهل الفحش وتخرج من أفواههم ألفاظاً لو مزجت بماء البحر لمزجته وغيرته وفي نفس الوقت يريدون أن يكون أبناءهم من الصالحين.
وفي المقابل نرى كثيرٌاً من الآباء نحسبهم من الصالحين ومن أئمة المساجد بينما أبنائهم في خبر كان مع الشلل في الشوارع وفي المقاهي ضائعون لا يفهمون من الدنيا إلا ملذاتها.
وقد ذكر لي أحد المُتخصصين أن 90 في المائة من المشاكل السلوكية والنفسية التي عالجها لدى الأطفال لم يكن هناك حاجة فيها لرؤية الطفل، حيث تم علاج الأطفال من خلال تخليص الوالدين من تلك المشاكل. فهل يعني لكم هذا شيئاً عزيزي الأب وعزيزتي الأم؟ إن سلوك الشباب يُمكن أن يُقوَّم إذا استطعنا كآباء وكمربين كسب ثقتهم وتفهم وضعهم والإنصات لهمومهم ومشاركتهم أفكارهم دون انتقاد. والتوجيه بشكل لبق وبأقل قدر ممكن وليس الانتقاد وفصل سلوكهم عن ذاتهم، فلا نحكم عليهم من خلال سلوك معين مع الحرص على إيجاد رابط الحب والحنان بينكم، ففقدان الحُب في البيت يدفع الشاب والشابة للبحث عنه خارج البيت والشاب غير المُتوازن عاطفياً ونفسياً يكون صيداً سهلاً للمُنحرفين من مروجين وإرهابيين، فالشاب غير المُستقيم يُمثِّل حملاً أمنيا على الدولة ويستنزف طاقاتها.
إن ما نحصده بسبب عدم إعطاء الجوانب التربوية للأبناء حقها من الاهتمام في الوقت المناسب يُترجم على شكل سلوك نراه في بيوتنا وشوارعنا ومدارسنا. فهل من العدل أن نضع اللوم كله على شبابنا؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاشك ماذهبت اليه لايقبل الشك
سعد الشروكي ( 2011 / 12 / 26 - 13:37 )
سيدتي الفاضلة تحية الصباح والمساء لك موضوع رائع ذكرني ما قد انساه اثناء تعاملي مع اولادي .وانا شاكرا وقتك ولكن لماذا يا سيدتي حشر الدين في مقالة بحثية اجتماعية وليست دينية .وكاستشهادك بقوله تعالى................. ألم يكن الاتيان بمثل جتماعي او دارج او على الاقل عدم ذكر ما ذكر . لقداصبح لناحساسية لا ارادية تجاه الدين ومفرداته. الا يكفي ما في التلفزيون والراديو؟؟؟
ولك فائق الاحترام وكل عام وانت على هذه الصفحة . وبخير


2 - مقالة لطيفة ولكن
حسين قادر ( 2012 / 1 / 7 - 20:50 )
الكاتبة العزيزة الست غادة..تحية لك وبعد
المقالة لطيفة ومفيدة لكن العنوان وهو بيت من الشعر
العربي القديم لم تتم كتابته بالنص والذي أفقده الوزن كما قرأ من قبلنا
والبيت الشعري هذا يوضح بشكل لا نقاش حوله عن علاقة الأب كونه رب
الأسرة ببقية أفرادها وخاصة الأبناء سلباً أو إيجاباً وأنت بينتي ذلك مشكورة..لكن البيت الشعري هو :
إذا كان رب البيت بالدف ضارباً ... فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
وشكراً لك مجهودك القيم..


3 - شكر وتقدير
الاحسان ( 2012 / 1 / 8 - 06:46 )
سيدتي الفاضله شكراوتقدير لكي على توجيهاتك النافعه والضروريه في بناء الاسره السعيده

اخر الافلام

.. الدول العربية الأسوأ على مؤشر المرأة والسلام والأمن


.. إحدى الطالبات التي عرفت عن نفسها باسم نانسي س




.. الطالبة التي عرفت عن نفسها باسم سيلين ز


.. الطالبة تيا فلسطين




.. الطالبة نورهان الحسنية