الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدل الهويات في سقيفة العراق

دانا جلال

2011 / 12 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اجتمعوا في خيمة العراق، والعراق بالنسبة لهم خيمة و سقيفة. عاهرة بتراكمات رأسمالها المالي، وجوار لم يكن جواره و حواره التاريخي ابعد من رأس حربة، وساسة كانوا بالأمس ضمن الثورة، ولم يتغيب المُتدحرجين سلطويا ومطالبتهم بقسمة نبوءات العراق وعوائد بترولها، بين "شيوخ قبائل السياسة العراقية" بعد توسيعهم لحدود قبائلهم وطوائفهم بمرسوم الهوية.
حينما تتوسع حدود القبائل والطوائف، فالمشترك ينزوي في بقايا حلم مؤجل في بقايا وطن بجوار "سقيفة" لعملية سياسية انتجت المهازل بفصول المأساة، فمن يدُّلني على العراق؟.
ان تصبح الخلافات بين "ولايات طوائف العراق المتحدة " حول الميزانية و حدود المحافظات، على مصادر المياه وحقول النفط المشتركة اكبر واعمق من الخلافات بين دول منطقتنا، هو نتاج قسمة طبيعة لقسمة السقيفة. ويبقى حلم العراقي بتكرار الحدث التاريخي للسقيفة الاولى، حينما قال الخليفة الثاني مُعقباً في فلتة الاول بانه " فلتة وقى الله شرها"*.
ان يهرب سجناء، ونواب، وقاعدة، وقادة قتلة، ان يُعلن حرب الملفات ما ظهر وما بطن، ان يُهَّرِب قراصنة النفط ذهبنا الاسود ووزيرنا "الشهرستاني" يردد بان (عقود نفط كوردستان باطلة كزواج عتريس من فؤادة باطل وسرقة ايران لحقولنا بزواج متعة بائن)، ان يُتَّهم او يمارس نائب رئيسنا بارهاب الدولة ضد الدولة، ان يُسرق تاريخنا واثارنا، ان يعلن امي مستندا على امي الغار نفسه شرطيا الهياً ويأمر بالحشيش الايراني وينهي عن الزحلاوي العراقي، ان يستورد وزير دفاعنا طائرات ورقية للدفاع عن حدود من ورق، ان يستورد وزير الكهرباء لعب اطفال ماليزية بديلا عن "الميغاواط " على امل ان ينتهي عصر الشمعة و الفانوس العراقي، ان يمزج وزير تجارتنا العلف الحيواني بالطحين ويُقدم لشعب يعامل كالبقر، ان ننسى جرائم الدايني و الدليمي ونصدق وهم الشركات الوهمية التي سرقت ملياراتنا، ان يخجل المُرابي "شايلوك" من وزراءنا، وان يعتذر مسيلمة الكذاب من نوابنا، وتُهزم المافيات المتعددة الجنسيات امام قادتنا، نتاج طبيعي لسقيفة العصر . علنا نكرر ما قاله عمر بن ونقول بانها فلتة ديمقراطية بحدود سقيفة العولمة قد يقينا الله شرها.
ان نضع مراقد الائمة والاولياء في قائمة القسمة ونقاش السقيفة و محاصصات الساسة، ان يتنازع الوقف السني والوقف الشيعي على عائدية مرقد الامامين العسكريين في سامراء، فتلك هي النهاية، لان الخلاف والاختلاف انتقل من حاضر خرابهم وعتمة مستقبلنا الى الماضي الذي كان مشتركاً.
الائمة لا ينهضون من قبورهم ليعلنوا عائديتهم لهذا الوقف او ذاك، و قادتنا فلتة، فهل يقينا الله شرهم بعد ان انسحب شيخ سقيفتهم " الاميركي" من خيمة العراق؟.
حرب الملفات في العراق بدا بالانتقال صوب هرم السلطة، حرب ظاهره العدالة ودماء العراقيين، وجوهره اعادة جديدة لتوزيع السلطة والثروات، حرب ظاهره كالقشة التي ستقصم ظهر العراق وخفاياه لملمة فضائح الاخوة الاعداء بترحيل الملف لحقل الغامهم الذي سيفجر جغرافية وطن عرفناه باسم العراق .
التجربة العراقية اكدت بان رحيل الدكتاتورية بمعالجة قسرية " خارجية" سيخلف كارثة في كل مفاصل الحياة ان نتج عنه صراعا وتنازعا بين الهويات.
الكارثة العراقية تتمثل بطبيعة وجوهر الصراع المشوه، صراع اتخذ منحى صراع (سني – شيعي – كوردي) وممثليهم في البرلمان والعملية السياسية ( القائمة العراقية – التحالف الوطني- التحالف الكوردستاني)، ولئن تلك الكتل حملت راية المذهب والاقوام فإنها غير قادرة على الخروج من مازق خطابها الا بنفي ذاتها او الاستمرار بالكذب بانها قادرة على احتواء العراقيين وتجميع العراق.
لا خيار لهم، فالسقيفة برعاية "الشيخ الاميركي" ستعلن عن مخرجاً لحرب ملفاتهم، لان البديل هو "سلطة المذهب" الاحادية، سلطة لا يمكنها جمع فسيفساء العراق، اما خارج السلطة فإنها ستعلن "معارضتها المذهبية" و تخندقها المذهبي لنفي الاخر واعادة الحياة فيه. فالسلطة والمعارضة في ظل صراع الهويات والدين السياسي وجهان لعملة واحدة حين غياب او ضعف القوى الديمقراطية.
مخرج سقيفتهم سيعمق صراع الهويات ويبعد العراق عن العراق لحين الاعلان الرسمي عن " ولايات المتقاطعة العراقية".
البديل قبل دفن العراق في العراق هو" الهوية والخطاب الديمقراطي "، فالدين السياسي وخطاب الفكر العروبي قسم البلاد، وخارج قسمته عراقي يُنسَّف بمفخخة الارهاب واحلام مؤجلة في بقايا وطن متناثر.

(*) قال عمر بن خطاب: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة ولكن الله وقى شرها.( ذكره وباختلاف بسيط في الرواية كل من السيوطي في تاريخ الخلفاء ، وابن كثير في البداية والنهاية ، وابن هشام في السيرة النبوية ، وابن الأثير في الكامل ، والطبري في الرياض النضرة ، والدهلوي في مختصر التحفة الاثني عشرية والبخاري في صحيحه ، وأحمد في مسنده ، والحميدي والموصلي في الجمع بين الصحيحين وابن أبي شيبة في المصنف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اكدت بان رحيل الدكتاتورية بمعالجة قسرية
نبيل كوردي من العراق ( 2011 / 12 / 26 - 12:22 )
عزيزي كاكه دانا
وأنت سيد العارفين، كل ما تفضلت به حقيقه وواقع، ولكن الا ترى ان كل مايجري هو نتيجه لسبب، والسبب هو هيمنة البعث الفاشستي لثلاثة عقود ونيف
ماذا تتوقع كاكه دانا لبلد صعد فيه معتوهٌ جزار جرجر معهُ كل شذاذ الآفاق والمتخلفين من خريجي أبتدائية المستنقع العراقي في يوم وليله فصاروا ماريشالات ووزراء، اليس هذا بحد ذاته رسم لوحة مستقبل العراق القاتمه حيثُ أدركها كل واعٍ وكل مخلص
رحيل الدكتاتوريه كاكه دانا ما كان بأمكان العراقي زحزحتهُ فجاء الفرج على يد الأجنبي الأقوى
أي أمة يذلُ فيها مفكروها ويزجون في الغياهب كما كان ديدن الكتاتور وأزلامه المستنقعيين حتى أفرغ البلد هذا هو مصيرها وتلك حكمة فيلسوف عظيم حين تسقط العليه ويرتفع السافل يكون تحصيل حاصلها ما تفضلت به
لذلك لو كانت العمليه القيصريه بأسقاط الدكتاتور بأيدينا، كانت النتيجه ستكون أشد واقسى مما يعانيه العراق والعراقيين اليوم
شكراً لك مع تحياتي


2 - محبتي للنبيل الكوردي
دانا جلال ( 2011 / 12 / 26 - 12:51 )
نعم يا اخي النبيل فانت صادق واتفق معك جملة وتفصيلا.. المشكلة العراقية تتمثل بان العامل الخارجي وان كان وفق ديالكتيك التغيير هو ثانوي والداخي هو الاساس ، لكن القضية العراقية وفي اهم مفاصل ومنعطفات تاريخه نجد العامل الخارجي حاسما.... هل كان بالامكان اسقاط الفاشية بقوى )اتية؟ اتفق معك فالامر كان صعبا وخاصة بعد اغتيال ثورة ا)ار عام 1991 من قبل الكتاتور ال)ي تحالف مع الاميركان..
العامل الداخي ال)ي يسقط النظام سيحدد من الدور التشويهي للعامل الخارجي العالمي والاقليمي وه)ا ما اردت ان اطرحه.. محبتي الدائمة وجزيل شكري لمرورك الكريم

اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة